زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
ثمن باهظ لمجاراة الموضة
كلما أبصرت فتاة ذات دبابيس مغروزة في لسانها ومنتصف أنفها وشفتها السفلى إلخ، أحس بقشعريرة غير حميدة، وعندما أرى شخصا وقد غطى الوشم (التاتو) أجزاء كبيرة من جسمه، أحس بأنه جدار في منطقة مهمَلة، وبهذا أوطئ لحكاية البريطانية جيسيكا كولينز البالغة من العمر 19 التي صارت نزيلة مستشفى في ميونيخ بألمانيا بعد تعرضها لحادث مروري كاد يودي بحياتها، فقد اصطدمت السيارة التي كانت تقلها بأخرى في حادث بسيط، وخرجت من الحادث وصدرها سليم، ورأسها سليم، ولكن ما ألزمها سرير المستشفى طوال أكثر من شهر هو أنها كانت تربط حزام الأمان في السيارة. ومن حقك ان تتساءل بالمصري: ودي تيجي إزاي؟ شخص يربط حزام السلامة والحادث بسيط، ومع هذا فهي نزيلة المستشفى منذ أكثر من شهر؟ فالمعلوم أنه عندما تصطدم مقدمة السيارة بجسم صلب ينقبض حزام الأمان ليمنع ارتطام رأسك حيث المخ، وصدرك حيث القلب، بالجزء الأمامي من السيارة، وخاصة اللوح الزجاجي الأمامي، وعندما اصطدمت سيارة جيسيكا بأخرى قام الحزام بواجبه خير قيام و... انقبض بقوة، وكانت جيسيكا قد غرزت في سُرَّتها زرا معدنيا جريا وراء موضة الأعوام الأخيرة بين الشباب بثقب الأذن والأنف والحنجرة والعنق واللسان والشفتين والسُّرَة -في أكثر من موضع أحيانا- لتثبيت أزرار وأقراط معدنية، بزعم أنها ضرب من الزينة. وفي حالة جيسيكا ضغط حزام السلامة على الزر الذي في سرتها، حتى صار خصرها مثل ربطة نعناع، ويبدو أن الزر كان طويلا بعض الشيء، فاندفع وانغرز في بطنها حتى اخترق عمودها الفقري مما استوجب وضعها في وحدة العناية الفائقة بالمستشفى في ميونيخ.
الغريب في الأمر أن بعض الشباب يثقبون مختلف أعضاء جسمهم ليغرسوا فيها سلاسل ومسامير باسم الحضارة ومجاراة الموضة و«روح العصر»، مع ان تلك الممارسات أصلا تعود الى العصور القديمة عندما لم تكن وسائل التجميل متوافرة، فكانت النساء على نحو خاص يجعلن من وجوههن شماعات يعلقن عليها حُليًّا معدنية، وإذا كان هناك من يرى أن الموضة تكون أحيانا بإحياء القديم او مجاراة ما يسمى المجتمعات البدائية، فما رأي الفتيات في تقليد نساء قبيلة السيرما في إثيوبيا حيث تتباهى المرأة بمط شفتها السفلى، بوضع طبق/صحن فيها، وعاما بعد عام تطول الشفة حتى تصبح قادرة على احتواء طبق قطره 20 سنتيمترا، وإذا تدلت الشفة السفلى حتى الصدر تعتبر المرأة السيرماوية قمة في الحلاوة والإثارة. وهناك المرأة الزرافة في بعض جزر المحيطين الهندي والهادي حيث تضع المرأة حلقات ضاغطة على رقبتها حتى تطول الرقبة ويبلغ طولها أحيانا 40 سنتيمترا.
ومن يثقبون مختلف أعضاء جسمهم يندمون لاحقا عندما تبقى تلك الأعضاء مشوهة مدى الحياة، بل ان البعض يدفع ثمنا باهظا فوريا لأن ثقب الجسم يتم في محلات «غير طبية» مما يعرضهم لفيروسات الكبد والإيدز وتسمم الدم وهذه جميعا أمراض قاتلة.. آخذا في الاعتبار أن أكثر أنواع الثقوب شيوعا -وهو ثقب الأذن- قد يؤدي إلى تقرحات تستمر ما بين 3 إلى 4 أشهر.. ثم إن الناس تتجمل لعيون الآخرين، ولم أسمع بأن هناك من لفت الأنظار بجمال أذنيه بقرط أو بدونه.. ولا أفهم لماذا تضع فتاة حلقة او زرا في بطنها طالما يفترض أنها لا تكشف بطنها أمام الآخرين. أما أغبى تلك الممارسات فوضع زر في اللسان، فيبدو صاحبه وكأن قطعة من البلغم علقت بلسانه، وهذا مثير للقرف وليس الاستحسان!
(على ذكر ميونيخ، ففي أواخر عام 2013 كان هناك مهرجان للبيرة في المدينة وجاء ريكاردو الايطالي من بلاده بسيارته ليستمتع بالبيرة ببلاش وظل يشرب نهارا بأكمله، وعندما أتى المساء، لم يعد يتذكر أين ترك سيارته، وقضى بضعة أيام يبحث عنها، وبعد أن يئس من العثور عليها عاد إلى إيطاليا، ولكنه تلقى اتصالا من شرطة ميونيخ بالعثور على السيارة في موقع قريب من مكان مهرجان البيرة فركب طائرة وسافر واسترد سيارته.. يعني إذا قال لك أحدهم إنه يشرب لـ«ينسى» فصدّقه!!)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك