العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

فُرِجت فقد شرّقنا وغرّبنا

هناك‭ ‬إجماع‭ ‬بين‭ ‬العلماء‭ ‬بأن‭ ‬آدم‭ ‬وحواء‭ ‬ونسلهما‭ ‬الذي‭ ‬عمّر‭ ‬الأرض‭ ‬أفارقة‭ ‬في‭ ‬الأصل،‭ ‬وهاجر‭ ‬بعضهم‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الهلال‭ ‬الخصيب‭ (‬شرق‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬هناك‭ ‬انتشر‭ ‬بنو‭ ‬البشر‭ ‬شرقا‭ ‬وغربا،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬علم‭ ‬الجينات‭ ‬ينصفنا‭ ‬ويفتح‭ ‬لنا‭ ‬سبل‭ ‬الرقي،‭ ‬بل‭ ‬والتطلع‭ ‬إلى‭ ‬عضوية‭ ‬حلف‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وبارك‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬البروفيسورة‭ ‬أورنيلا‭ ‬سيمينو‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬بافيا‭ ‬الإيطالية،‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬أدلة‭ ‬قاطعة‭ ‬بأن‭ ‬الشعوب‭ ‬الأوروبية‭ ‬تنحدر‭ ‬من‭ ‬أصلاب‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية،‭ ‬بل‭ ‬بالتحديد‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬فحول‭ ‬هاجروا‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحجري،‭ ‬ومن‭ ‬المنطقي‭ ‬استنتاج‭ ‬أن‭ ‬أولئك‭ ‬العشرة‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬العقول‭ ‬المتفتحة‭ ‬وتعرضوا‭ ‬لمضايقات‭ ‬أمنية،‭ ‬بتهمة‭ ‬استخدام‭ ‬الغابساب‭ ‬والحجنجر‭ ‬لإثارة‭ ‬الفتن،‭ ‬فتركوا‭ ‬الجمل‭ ‬بما‭ ‬حمل‭ ‬وفروا‭ ‬بعقولهم‭ ‬تاركين‭ ‬إيانا‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحجري‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ (‬الغابساب‭ ‬هو‭ ‬واتساب‭ ‬ذلك‭ ‬الزمان،‭ ‬وكان‭ ‬يستخدم‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬ذبذبة‭ ‬أشجار‭ ‬الغابة،‭ ‬والحجنجر‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬المسنجر‭ ‬في‭ ‬زماننا‭ ‬هذا،‭ ‬وكان‭ ‬يعني‭ ‬التراسل‭ ‬وبالتحديد‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه‭ ‬بإلقاء‭ ‬الحجارة‭).‬

وبالتأكيد‭ ‬فإن‭ ‬أولئك‭ ‬العشرة‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬العرب،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬العربي‭ ‬يهوى‭ ‬التناسل‭ ‬والتكاثر‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬ومن‭ ‬غيره‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬ينجب‭ ‬بكثافة‭ ‬تجارية‭. ‬وياما‭ ‬قلت‭ ‬إن‭ ‬العربي‭ ‬إذا‭ ‬وجد‭ ‬البيئة‭ ‬المناسبة‭ ‬يبدع‭ ‬ويتفوق‭: ‬انظروا‭.. ‬هؤلاء‭ ‬عشرة‭ ‬رجال،‭ ‬وجد‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬‮«‬تستأهل‮»‬‭ ‬فأنجب‭ ‬منها‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬خرجوا‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬ساخطين‭ ‬ومحبطين‭ ‬هو‭ ‬أنهم‭ ‬غرسوا‭ ‬في‭ ‬أبنائهم‭ ‬وأحفادهم‭ ‬كرها‭ ‬شديدا‭ ‬للعرب،‭ ‬ويفسر‭ ‬هذا‭ ‬الجحود‭ ‬والعقوق‭ ‬الذي‭ ‬نلمسه‭ ‬في‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬فبرغم‭ ‬أنهم‭ ‬منا‭ ‬وفينا‭ ‬فإنهم‭ ‬يطيقون‭ ‬العمى‭ ‬ولا‭ ‬يطيقوننا‭. ‬ولهذا‭ ‬تصفق‭ ‬حكوماتهم‭ ‬اليوم‭ ‬للمجازر‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬العِزّة‭.‬

المهم‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬فرجت‮»‬‭ ‬فطالما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬صلة‭ ‬دم‭ ‬وقرابة‭ ‬بيننا‭ ‬والأوروبيين،‭ ‬ولأن‭ ‬الدم‭ ‬أثقل‭ ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬فمن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬قلوب‭ ‬الأوروبيين‭ ‬ستحن‭ ‬علينا،‭ ‬ويصبح‭ ‬بيننا‭ ‬تطبيع‭ ‬وتكامل،‭ ‬ونتيجة‭ ‬ذلك‭ ‬سعادة‭ ‬ما‭ ‬بعدها‭ ‬سعادة‭ ‬حيث‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬مقدور‭ ‬العربي‭ ‬أن‭ ‬يسافر‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬دون‭ ‬تأشيرة‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬زوجة‭ ‬من‭ ‬بنات‭ ‬العم‭ ‬ما‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬النسل،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬قرابتنا‭ ‬لأهل‭ ‬أوروبا‭ ‬تضع‭ ‬علينا‭ ‬قيدا‭ ‬أخلاقيا‭ ‬ثقيلا‭: ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬والجماعة‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬بلادهم‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬لممارسة‭ ‬الأنشطة‭ ‬‮«‬المعهودة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬تشدنا‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬ويا‭ ‬ويل‭ ‬إسرائيل‭ ‬إذا‭ ‬تطاولت‭ ‬علينا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يعترف‭ ‬الأوروبيون‭ ‬بوشائج‭ ‬القرابة‭ ‬بيننا‭ ‬ويصبح‭ ‬لنا‭ ‬ظهر‭ ‬أطلسي‭.‬

ولي‭ ‬رجاء‭ ‬أرجو‭ ‬ألا‭ ‬يخيب‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ينسى‭ ‬العرب‭ ‬أنني‭ ‬تنكرت‭ ‬كثيرا‭ ‬وطويلا‭ ‬لانتمائي‭ ‬إليهم،‭ ‬بترديد‭ ‬أنني‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العرقية‭/‬الإثنية‭ ‬نوبي‭. ‬سامحوني‭ ‬يا‭ ‬جماعة،‭ ‬والله‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أعرف‭ ‬أنكم‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬العز‭ ‬والحسب‭ ‬الأوروبي‭ ‬العتيد،‭ ‬ولا‭ ‬تنسوا‭ ‬أنني‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تنكري‭ ‬لانتمائي‭ ‬العرقي‭ ‬للعرب‭ ‬فإنني‭ ‬ظللت‭ ‬مهموماً‭ ‬بهمومهم‭ ‬وأفرح‭ ‬لأفراحهم‭ (‬هذه‭ ‬كذبة‭ ‬مكشوفة‭ ‬فالفرح‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬طريقه‭ ‬قط‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬العربي‭) ‬المهم‭ ‬المسامح‭ ‬كريم،‭ ‬واجعلوني‭ ‬عربياً‭ ‬بالتجنس‭ ‬وأنا‭ ‬أساعدكم‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬غزو‭ ‬أوروبا‭ ‬لأنني‭ ‬خبير‭ ‬بأحوالها‭ ‬وشؤونها،‭ ‬وكعربون‭ ‬فإنني‭ ‬أنصحكم‭ ‬بعدم‭ ‬نقل‭ ‬بعض‭ ‬إنجازاتكم‭ ‬الحديثة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭: ‬بلاش‭ ‬تنقلوا‭ ‬الفول‭ ‬والكبسة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬ويكفي‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬ذينك‭ ‬الشيئان‭ ‬بنا،‭ ‬وقد‭ ‬اكتشف‭ ‬الأطباء‭ ‬مؤخرا‭ ‬أن‭ ‬الجنون‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬أبقار‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬في‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬تعاطيها‭ ‬للفول‭ ‬الذي‭ ‬يولد‭ ‬غازات‭ ‬تصعد‭ ‬إلى‭ ‬الدماغ‭ ‬فتصيبه‭ ‬بالخلل،‭ ‬أما‭ ‬الكبسة‭ ‬أو‭ ‬المكبوس‭ ‬فتسبب‭ ‬ازدواجية‭ ‬الرؤية‭ (‬دبل‭ ‬فيجن‭) ‬فلا‭ ‬يعود‭ ‬أكلها‭ ‬يميز‭ ‬بين‭ ‬الحقيقة‭ ‬والوهم،‭ ‬لأنها‭ ‬تكبس‭ ‬على‭ ‬الدماغ،‭ ‬وتعطل‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإبصار،‭ ‬والكسكسي‭ ‬المغربي‭ ‬والمنسف‭ ‬الأردني‭-‬الفلسطيني‭ ‬هما‭ ‬في‭ ‬التحليل‭ ‬الأخير‭ ‬كبسة‭ ‬فتجنبوهما‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭!‬

وقرابة‭ ‬الدم‭ ‬مع‭ ‬الأوروبيين‭ ‬سـ«تفكنا‮»‬‭ ‬من‭ ‬صداع‭ ‬الشقيقة‭ ‬الذي‭ ‬لازمنا‭ ‬قرابة‭ ‬80‭ ‬سنة‭... ‬عليك‭ ‬نور‭.. ‬باي‭ ‬فلسطين‭.. ‬هاي‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وشواطئ‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لذ‭ ‬وطاب،‭ ‬نبلبط‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬ملامة‭ ‬أو‭ ‬عتاب،‭ ‬ونرتاح‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬محو‭ ‬الأمية‭ ‬العربية،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نضطر‭ ‬إلى‭ ‬تحويلها‭ ‬الى‭ ‬‮«‬عبريبية‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا