العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

أصناف جديرة بالكُره (2)

هناك‭ ‬صنوف‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬جديرون‭ ‬بالكره‭ ‬والاحتقار،‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬عرقهم‭ ‬او‭ ‬دينهم‭ ‬او‭ ‬معتقداتهم،‭ ‬بل‭ ‬بسبب‭ ‬سلوكهم‭ ‬الضار‭ ‬بهم‭ ‬وبالمجتمع‭ ‬من‭ ‬حولهم،‭ ‬وقلت‭ ‬بالأمس‭ ‬إنني‭ ‬أكره‭ ‬لاعب‭ ‬القمار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كرهي‭ ‬لمتعاطي‭ ‬المخدرات،‭ ‬وذلك‭ ‬لأنه‭ ‬يتعمد‭ ‬السطو‭ ‬على‭ ‬نقود‭ ‬تخص‭ ‬آخرين،‭ ‬أو‭ ‬يعرض‭ ‬رزقه‭ ‬ورزق‭ ‬أسرته‭ ‬للخطر،‭ ‬وأكره‭ ‬القواد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كرهي‭ ‬للعاهرة،‭ ‬ويقول‭ ‬علماء‭ ‬الاجتماع‭ ‬وعلماء‭ ‬الجريمة‭ ‬ان‭ ‬معظم‭ ‬العاهرات‭ ‬يجدن‭ ‬طريقهن‭ ‬الى‭ ‬التوبة،‭ ‬وإن‭ ‬القوادين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يقطعون‭ ‬عليهن‭ ‬طريق‭ ‬التوبة‭ ‬بالعنف‭ ‬الجسدي‭ ‬والترويع‭ ‬والابتزاز‭.‬

ومنذ‭ ‬ان‭ ‬وعيت‭ ‬الأشياء‭ ‬من‭ ‬حولي‭ ‬وأنا‭ ‬أكره‭ ‬المشعوذين‭ ‬والدجالين،‭ ‬وكتبت‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬النشوء‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬كان‭ ‬الدجالون‭ ‬فيها‭ ‬يعتبرون‭ ‬من‭ ‬اهل‭ ‬الكرامات‭ ‬والحظوة‭ ‬والبركات،‭ ‬وازددت‭ ‬تعاسة‭ ‬وغضبا‭ ‬عندما‭ ‬قرأت‭ ‬تقارير‭ ‬لمراكز‭ ‬بحثية‭ ‬محترمة‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬أهل‭ ‬الخليج‭ ‬ينفقون‭ ‬نحو‭ ‬خمسة‭ ‬بلايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬سنويا‭ ‬على‭ ‬الدجالين‭ (‬معظم‭ ‬تلك‭ ‬المبالغ‭ ‬دفعتها‭ ‬نساء،‭ ‬غالبا‭ ‬لمنع‭ ‬زوج‭ ‬من‭ ‬الاقتران‭ ‬بأخرى‭ ‬أو‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬عريس،‭ ‬أو‭ ‬طلبا‭ ‬للشفاء‭ ‬من‭ ‬علة‭)‬

وجلبت‭ ‬كراهيتي‭ ‬المعلنة‭ ‬للدجالين‭ ‬والمشعوذين‭ ‬عليَّ‭ ‬‮«‬اللعنات‮»‬‭ ‬فبسبب‭ ‬مجاهرتي‭ ‬منذ‭ ‬سن‭ ‬مبكرة‭ ‬في‭ ‬التشنيع‭ ‬بهم‭ ‬كان‭ ‬الدجالون‭ ‬المحليون‭ ‬والوافدون‭ ‬من‭ ‬غرب‭ ‬افريقيا‭ ‬يسمونني‭ ‬الولد‭ ‬المطموس‭ ‬والملعون‭ ‬والمسكون‭ ‬بالشياطين،‭ ‬وفي‭ ‬مدينة‭ ‬كوستي‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬السودان‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬رجل‭ ‬من‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬يجلس‭ ‬قرب‭ ‬طاحونة‭ ‬ويزعم‭ ‬انه‭ ‬يحصن‭ ‬الناس‭ ‬ضد‭ ‬السلاح،‭ ‬اي‭ ‬يزودك‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬حجاب‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ورقة‭ ‬عليها‭ ‬طلاسم،‭ ‬وملفوفة‭ ‬بالجلد‭ ‬فلا‭ ‬يخترق‭ ‬الرصاص‭ ‬او‭ ‬السكين‭ ‬جسدك،‭ ‬وذهبت‭ ‬اليه‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬وسألناه‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬تحصيننا‭ ‬ضد‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬السلاح،‭ ‬ففرح‭ ‬بنا‭ ‬وقال‭ ‬انه‭ ‬سيعطينا‭ ‬تخفيضا‭ ‬خاصا‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬‮«‬سعر‭ ‬الجملة‮»‬،‭ ‬فينال‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬حجابا‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬صنوف‭ ‬السلاح‭. ‬سألته‭: ‬هل‭ ‬عرضت‭ ‬خدماتك‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬السودانية‭ ‬لتحصين‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬ضد‭ ‬السلاح‭ ‬حتى‭ ‬ينهوا‭ ‬التمرد‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬البلاد‭ ‬وشرقه‭ ‬وغربه‭ ‬في‭ ‬يومين؟‭ ‬او‭ ‬يتوجهوا‭ ‬الى‭ ‬اسرائيل‭ ‬ويريحوننا‭ ‬منها؟‭ ‬كان‭ ‬رده‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬حَمَلة‭ ‬النياشين‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬محصنون‭ ‬بحجابات‭ ‬من‭ ‬إعداده‭ ‬وأنهم‭ ‬نالوا‭ ‬تلك‭ ‬النياشين‭ ‬نتيجة‭ ‬استبسالهم‭ ‬وقتلهم‭ ‬العدو‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬دون‭ ‬التعرض‭ ‬لإصابات‭! ‬هنا‭ ‬قدمت‭ ‬له‭ ‬اقتراحا‭: ‬يفترض‭ ‬أنك‭ ‬ستأخذ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬وبسعر‭ ‬الجملة،‭ ‬عشرة‭ ‬قروش‭ ‬لتحصيننا‭ ‬ضد‭ ‬السلاح‭.. ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نعطيك‭ ‬المبلغ‭ ‬كاملا‭ ‬وتحتفظ‭ ‬بحجاباتك،‭ ‬وتعطيني‭ ‬سكينا‭ ‬وأجربها‭ ‬على‭ ‬جسمك‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬فعالية‭ ‬التحصين‭ ‬وان‭ ‬باب‭ ‬النجار‭ ‬غير‭ ‬مخلع،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أخرج‭ ‬سكينا‭ ‬من‭ ‬كيس‭ ‬كان‭ ‬بقربه‭ ‬وهددنا‭ ‬باستخدامها‭ ‬لطعننا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬نغادر‭ ‬المكان‭ ‬على‭ ‬الفور‭!‬

في‭ ‬إحدى‭ ‬قرى‭ ‬محافظة‭ ‬الغربية‭ ‬بمصر،‭ ‬تتوافد‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬امرأة‭ ‬مسنة‭ ‬اسمها‭ ‬فوزية‭ ‬لها‭ ‬قدرات‭ ‬الالترا‭ ‬ساوند‭ ‬او‭ ‬السونار‭ ‬او‭ ‬الموجات‭ ‬الصوتية‭ ‬وتستخدم‭ ‬تلك‭ ‬القدرات‭ ‬لمعرفة‭ ‬جنس‭ ‬الجنين‭. ‬ويقول‭ ‬من‭ ‬يصدقونها‭ ‬إنها‭ ‬تعرف‭ ‬نوع‭ ‬المولود‭ ‬بمعادلة‭ ‬كالآتي‭: (‬عدد‭ ‬أحرف‭ ‬اسم‭ ‬المرأة‭ ‬الحامل،‭ ‬زائدا‭ ‬أحرف‭ ‬اسم‭ ‬والدتها،‭ ‬زائدا‭ ‬عدد‭ ‬ايام‭ ‬الشهر‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬فيه‭ ‬الحمل،‭ ‬زائدا‭ ‬عدد‭ ‬ايام‭ ‬الشهر‭ ‬الذي‭ ‬ستلد‭ ‬فيه‭ ‬وإذا‭ ‬جاء‭ ‬الناتج‭ ‬عددا‭ ‬فرديا‭ ‬كان‭ ‬المولود‭ ‬ذكرا‭ ‬واذا‭ ‬كان‭ ‬زوجيا‭ ‬جاء‭ ‬أنثى‭). ‬لم‭ ‬يسأل‭ ‬هؤلاء‭ ‬البلهاء‭ ‬الذين‭ ‬يستعينون‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬الجنسين‭ ‬أنفسهم‭: ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬معادلة‭ ‬تحديد‭ ‬جنس‭ ‬الجنين‭ ‬معروفة،‭ ‬ويستطيع‭ ‬شخص‭ ‬معاق‭ ‬حسابيا‭ ‬مثل‭ ‬جعفر‭ ‬عباس‭ ‬حلحلتها،‭ ‬فما‭ ‬حاجتكم‭ ‬الى‭ ‬فوزية‭ ‬أو‭ ‬زكية‭ ‬الذكية؟‭ ‬أما‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يحيرني‭ ‬أكثر‭ ‬فهو‭ ‬لماذا‭ ‬أصلا‭ ‬يذهب‭ ‬زوج‭ ‬وزوجته‭ ‬او‭ ‬زوجة‭ ‬بمفردها‭ ‬الى‭ ‬اختصاصي‭ ‬تشخيص‭ ‬بالموجات‭ ‬الصوتية‭ (‬التي‭ ‬نسميها‭ ‬التلفزيون‭) ‬لمعرفة‭ ‬نوع‭ ‬الجنين؟‭ ‬الحمل‭ ‬حصل‭ ‬وخلاص‭.. ‬ولا‭ ‬سبيل‭ ‬لتغيير‭ ‬جنس‭ ‬الجنين‭ ‬فما‭ ‬الفائدة‭ ‬المرجوة‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ذكرا‭ ‬ام‭ ‬أنثى؟‭ ‬أم‭ ‬ان‭ ‬المسألة‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬إن»؟‭ ‬هل‭ ‬ذلك‭ ‬لتجهيز‭ ‬‮«‬اسم‮»‬،‭ ‬وكأنما‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬تسخين‭ ‬الفرن‭ ‬لعدة‭ ‬شهور‭ ‬للخروج‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬مستوي‭ ‬ع‭ ‬الآخر»؟‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬منعوا‭ ‬استخدام‭ ‬الموجات‭ ‬الصوتية‭ ‬لمعرفة‭ ‬جنس‭ ‬الجنين‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬يكتشفن‭ ‬انه‭ ‬أنثى‭ ‬يقمن‭ ‬بإجهاضه‭.. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإنني‭ ‬اتساءل‭ ‬مجددا‭ ‬لماذا‭ ‬تدفع‭ ‬الشيء‭ ‬الفلاني‭ ‬لمعرفة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬سترزق‭ ‬بولد‭ ‬أم‭ ‬ببنت‭ ‬والمولود‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬جنسه‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬لحمك‭ ‬ودمك‭ ‬وستحبه‭ ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬شخصا‭ ‬سويا؟

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا