العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

متى سيتعظ العالم؟

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ٢١ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

حكمةٌ‭ ‬تعلمناها‭ ‬ونحن‭ ‬صغار‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الابتدائية‭ ‬وهي‭ ‬تقول‭ ‬‮«‬الوقاية‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬العلاج‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬بصياغة‭ ‬أخرى‭ ‬‮«‬درهم‭ ‬وقاية‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬قنطار‭ ‬علاج‮»‬‭. ‬وهذه‭ ‬الحكمة،‭ ‬أو‭ ‬المثل‭ ‬والقول‭ ‬المأثور‭ ‬ومدلولاتها‭ ‬ومعانيها‭ ‬ليست‭ ‬حكراً‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬فهي‭ ‬بهذه‭ ‬الصياغة‭ ‬مغروسة‭ ‬أيضاً‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى‭ ‬الغربية‭ ‬والشرقية؛‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اتفاقاً‭ ‬دولياً‭ ‬واجماعاً‭ ‬كاملاً‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مراحل‭ ‬التاريخ‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬مفاهيم‭ ‬هذه‭ ‬الحكمة‭ ‬ومصداقيتها‭ ‬وواقعيتها‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الحكمة‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬حقيقة‭ ‬علمية‭ ‬منهجية‭ ‬تتبعها‭ ‬وتُدرسها‭ ‬الجامعات‭ ‬ومراكز‭ ‬الأبحاث‭.‬

فهذه‭ ‬الحكمة‭ ‬الدولية‭ ‬الجامعة‭ ‬تعْني‭ ‬وباختصار‭ ‬شديد‭ ‬أن‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬أية‭ ‬قضية‭ ‬تواجه‭ ‬الإنسان‭ ‬والمجتمعات‭ ‬البشرية،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬بيئية‭ ‬أو‭ ‬صحية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية‭ ‬تكمن‭ ‬أولاً‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬كافة‭ ‬الإجراءات‭ ‬والوسائل‭ ‬لمنع‭ ‬وقوع‭ ‬القضية‭ ‬من‭ ‬جذورها‭ ‬والوقاية‭ ‬منها‭ ‬قبل‭ ‬وقوعها‭. ‬كما‭ ‬تؤكد‭ ‬هذه‭ ‬الحكمة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬جدوى‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬لمواجهة‭ ‬أي‭ ‬قضية‭ ‬باستخدام‭ ‬مدخل‭ ‬العلاج‭ ‬عندما‭ ‬تنزل‭ ‬على‭ ‬البشر،‭ ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬نمنع‭ ‬أسباب‭ ‬وقوع‭ ‬القضية،‭ ‬ولم‭ ‬نحارب‭ ‬العوامل‭ ‬المؤدية‭ ‬إلى‭ ‬نزولها،‭ ‬فالعلاج‭ ‬حتماً‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬ولا‭ ‬يجدي‭ ‬ولا‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬من‭ ‬أساسها،‭ ‬فهي‭ ‬ستنزل‭ ‬مرة‭ ‬ثانية،‭ ‬وثالثة‭ ‬ولن‭ ‬تنتهي‭ ‬أبداً،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬كليا‭ ‬واستئصالها‭ ‬من‭ ‬جذورها‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬الأرض،‭ ‬وبأسلوب‭ ‬عصري‭ ‬حديث‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الحكمة‭ ‬هي‭ ‬طريقنا‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

فنحن‭ ‬نقف‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬قضية‭ ‬صحية‭ ‬عامة‭ ‬نزلت‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬البشري‭ ‬برمته‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬ومدن‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭ ‬انتشار‭ ‬مرض‭ ‬جدري‭ ‬القردة‭ (‬monkeypox‭) ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ومن‭ ‬جديد،‭ ‬وكأن‭ ‬الإنسان‭ ‬لم‭ ‬يتعلم‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬الماضية‭ ‬عندما‭ ‬عم‭ ‬البلاء‭ ‬أول‭ ‬مرة،‭ ‬واشتد‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المدن،‭ ‬ولم‭ ‬يتعظ‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬المرضى‭ ‬ومعاناة‭ ‬المصابين،‭ ‬ولم‭ ‬يستفد‭ ‬من‭ ‬آهات‭ ‬أسر‭ ‬ضحايا‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬المعدي‭ ‬العقيم‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬عزيزاً‭ ‬لهم‭ ‬فريسة‭ ‬لهذا‭ ‬المرض‭.‬

فنتيجة‭ ‬لتفشي‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬وانتشاره‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬116‭ ‬دولة،‭ ‬قررت‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يوليو‭ ‬2022‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬مرض‭ ‬جدري‭ ‬القردة‭ ‬بأنه‭ ‬يُعد‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬صحية‭ ‬عامة،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬المحصلة‭ ‬النهائية‭ ‬لعدد‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬99‭ ‬ألف‭ ‬حالة،‭ ‬انتقل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬208‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬مثواهم‭ ‬الأخير‭.‬

وقد‭ ‬اكتشف‭ ‬العلماء‭ ‬أول‭ ‬ظهور‭ ‬للمرض‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬55‭ ‬عاماً،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونجو‭ ‬حيث‭ ‬انتقل‭ ‬فيروس‭ ‬جدري‭ ‬القردة‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الفيروس‭ ‬الشهير‭ ‬الذي‭ ‬يسبب‭ ‬مرض‭ ‬الجدري‭ ‬من‭ ‬الحيوانات‭ ‬إلى‭ ‬الإنسان،‭ ‬ثم‭ ‬تطور‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحورات‭ ‬الفيروس‭ ‬وانكشاف‭ ‬سلالات‭ ‬جديدة‭ ‬تأقلمت‭ ‬وتكيفت‭ ‬مع‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبدأ‭ ‬ينتقل‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬إنسان‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬وفي‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬أفريقية‭ ‬غير‭ ‬الكونجو‭. ‬ومع‭ ‬الزمن‭ ‬ومع‭ ‬هذه‭ ‬التحورات‭ ‬في‭ ‬الفيروس،‭ ‬أصبحت‭ ‬له‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬العدوى‭ ‬السريعة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬وغزو‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تعرف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بوجود‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬المرضي‭ ‬المعدي،‭ ‬فانتقل‭ ‬إلى‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬والأمريكية‭ ‬وقارة‭ ‬آسيا،‭ ‬حتى‭ ‬شمل‭ ‬كل‭ ‬قارات‭ ‬الأرض‭.‬

وبعد‭ ‬قرابة‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2023،‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذا‭ ‬الفيروس،‭ ‬نجح‭ ‬المجتمع‭ ‬البشري‭ ‬جزئياً‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المرض‭ ‬وخفض‭ ‬أعداده‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مدن‭ ‬العالم‭.‬

ولكن‭ ‬لم‭ ‬تمض‭ ‬أشهر‭ ‬طويلة‭ ‬حتى‭ ‬أطل‭ ‬الفيروس‭ ‬برأسه‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وانكشف‭ ‬المرض‭ ‬مرة‭ ‬ثانية،‭ ‬ولكن‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬جديد‭ ‬أيضاً‭ ‬هو‭ ‬جدري‭ ‬إم‭ (‬Mpox‭).‬

فبدأ‭ ‬كالعادة‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونجو‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية،‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬17‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬مرضية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ ‬فقط،‭ ‬قضى‭ ‬منهم‭ ‬524‭ ‬نحبهم‭ ‬حتى‭ ‬15‭ ‬أغسطس‭ ‬2024،‭ ‬مما‭ ‬اضطرت‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬أغسطس‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬المرض‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬صحية‭ ‬عامة‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬لم‭ ‬يحصر‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬حيث‭ ‬أخذ‭ ‬يزحف‭ ‬رويداً‭ ‬رويداً‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬للقارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬مما‭ ‬دعا‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬إلى‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الفيروس‭ ‬كحالة‭ ‬طوارئ‭ ‬صحية‭ ‬دولية‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬أغسطس،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬قرابة‭ ‬15‭ ‬شهراً‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬الوباء‭ ‬الصحي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬المرض،‭ ‬فكان‭ ‬الزحف‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬السويد‭ ‬في‭ ‬قارة‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬أغسطس،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬قارة‭ ‬آسيا‭ ‬في‭ ‬باكستان‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬أغسطس‭ ‬من‭ ‬مرضى‭ ‬مصابين‭ ‬قادمين‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭.‬

فالفيروس‭ ‬الآن‭ ‬يعد‭ ‬أخطر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الفيروس‭ ‬الأولي‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬عامين،‭ ‬وأكثر‭ ‬عدوانية‭ ‬وأشد‭ ‬وطأة‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬وأكثر‭ ‬تنكيلاً‭ ‬بسلامته‭. ‬فالفيروس‭ ‬في‭ ‬الوباء‭ ‬الأول‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬النوع‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬مجموعات‭ ‬فيروسات‭ ‬جدري‭ ‬القردة‭ (‬clade‭ ‬II‭)‬،‭ ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬المتهم‭ ‬والمسؤول‭ ‬عن‭ ‬تفشي‭ ‬الوباء،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الفيروس‭ ‬لطيفاً‭ ‬بالإنسان‭ ‬وأكثر‭ ‬رحمة‭ ‬به‭. ‬ولكن‭ ‬الوباء‭ ‬الحالي‭ ‬سببه‭ ‬تحور‭ ‬وتغير‭ ‬في‭ ‬الفيروس‭ ‬القديم،‭ ‬ويقع‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬النوع‭ ‬الأول‭ (‬clade‭ ‬1b‭) ‬وبالتحديد‭ ‬سلالة‭ ‬جديدة‭ ‬قاسية‭ ‬ومعدية‭ ‬جداً،‭ ‬وتفتك‭ ‬سريعاً‭ ‬بصحة‭ ‬المصاب،‭ ‬فله‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬قتل‭ ‬نحو‭ ‬10%‭ ‬من‭ ‬اجمالي‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين‭.  ‬

ومن‭ ‬هذين‭ ‬الحالتين‭ ‬والكارثتين‭ ‬الصحيتين‭ ‬نرجع‭ ‬إلى‭ ‬الحكمة‭ ‬القائلة‭ ‬‮«‬الوقاية‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬العلاج‮»‬،‭ ‬ونؤكد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تبني‭ ‬مدخل‭ ‬الوقاية‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تستأصل‭ ‬أسباب‭ ‬المرض‭ ‬من‭ ‬شرايين‭ ‬المجتمع‭ ‬برمته‭ ‬حتى‭ ‬ننجح‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭ ‬جذرياً‭. ‬ففي‭ ‬كلتا‭ ‬الحالتين‭ ‬أجمع‭ ‬الأطباء‭ ‬وعلماء‭ ‬الفيروسات‭ ‬واتفقوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬لهذا‭ ‬المرض‭ ‬هو‭ ‬سلوكيات‭ ‬الإنسان‭ ‬الخاطئة،‭ ‬وممارساته‭ ‬الفاسدة،‭ ‬وأعماله‭ ‬اللاأخلاقية،‭ ‬والتي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الممارسات‭ ‬الجنسية‭ ‬المنحرفة‭ ‬بين‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬العلاقات‭ ‬الجنسية‭ ‬الشاذة‭ ‬بين‭ ‬الرجال‭.‬

فمع‭ ‬تأكيد‭ ‬الأطباء‭ ‬على‭ ‬سبب‭ ‬تفشي‭ ‬الوباء‭ ‬في‭ ‬الحالتين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬هل‭ ‬قام‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بمنظماته،‭ ‬وجمعياته،‭ ‬وآلياته‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬بأسلوب‭ ‬منهجي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬المنحرفة‭ ‬من‭ ‬شرذمة‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬نشرت‭ ‬العدوى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم؟

وهل‭ ‬تصدى‭ ‬المجتمع‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الناس‭ ‬ومنعهم‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬المشينة‭ ‬وغير‭ ‬الصحية؟‭  ‬

وبعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬هل‭ ‬تبنت‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬والجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بحماية‭ ‬صحة‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬منهجية‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الوباء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منع‭ ‬كافة‭ ‬العوامل‭ ‬والأسباب‭ ‬المؤدية‭ ‬له،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يخرج‭ ‬لنا‭ ‬المرض‭ ‬مرة‭ ‬ثالثة؟

ولكن‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬أراه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬عكس‭ ‬اتجاه‭ ‬الحكمة‭ ‬الصحية‭ ‬‮«‬الوقاية‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬العلاج‮»‬،‭ ‬فالأسباب‭ ‬المؤدية‭ ‬إلى‭ ‬جدري‭ ‬القردة‭ ‬يتم‭ ‬تشجيعها‭ ‬والتعاطف‭ ‬معها‭ ‬وملاطفتها‭ ‬تحت‭ ‬مبرر‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وما‭ ‬أشاهده‭ ‬أمامي‭ ‬هو‭ ‬الأخذ‭ ‬بيد‭ ‬التيار‭ ‬المنحرف‭ ‬وتحفيزه‭ ‬وتشجيعه‭ ‬على‭ ‬ممارساته‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬والذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انكشاف‭ ‬الوباء‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية،‭ ‬وإذا‭ ‬واصلنا‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬فيظهر‭ ‬وباء‭ ‬أكثر‭ ‬تدميراً‭ ‬لأمننا‭ ‬الصحي‭ ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‭. ‬

فكيف‭ ‬سننجح‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬جدري‭ ‬القردة‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬لا‭ ‬نقضي‭ ‬على‭ ‬أسبابه؟

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا