العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ماذا وراء قرار الكنيست حول الدولة الفلسطينية

بقلم: د. نبيل العسومي

الأربعاء ٠٧ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

صوت‭ ‬مؤخرا‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنسبة‭ ‬مرتفعة‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬برلماني‭ ‬برفض‭ ‬إنشاء‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لتقييد‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬ومنعها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬مستقبلية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬موافقة‭ ‬مبدئية‭ ‬أو‭ ‬فكرة‭ ‬الدولتين،‭ ‬مناقضا‭ ‬بذلك‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬القرار‭ ‬181‭ ‬ومرورا‭ ‬بالقرار‭ ‬193‭ ‬ووصولا‭ ‬إلى‭ ‬القرارين‭ ‬242‭ ‬و338‭ ‬وهي‭ ‬أساس‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬لحل‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الفاشي‭ ‬وغير‭ ‬العقلاني‭ ‬وغير‭ ‬المنطقي‭ ‬يتناقض‭ ‬كلية‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬المفاوضات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬في‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وأدت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1993‭ ‬والتي‭ ‬بنيت‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬مع‭ ‬تنازلات‭ ‬فلسطينية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬وسط‭ ‬سياسي‭ ‬يمكن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭ ‬الوطنية‭ ‬المشروعة‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭ ‬ذات‭ ‬السيادة،‭ ‬متضمنا‭ ‬أيضا‭ ‬حلولا‭ ‬ظرفية‭ ‬لقضايا‭ ‬اللاجئين‭ ‬وتبادل‭ ‬الأراضي‭ ‬ووقف‭ ‬الاستيطان‭ ‬وإخلاء‭ ‬بعض‭ ‬المستوطنات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬الأمنية‭ ‬والمالية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬ولكن‭ ‬كالعادة‭ ‬انقلبت‭ ‬القيادات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بكل‭ ‬توجهاتها‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعط‭ ‬سوى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬20%‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬المرعوبة‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬صغيرة‭ ‬ومخنوقة‭ ‬وتراجعت‭ ‬كليا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬منها‭ ‬سوى‭ ‬هيكل‭ ‬عظمي‭ ‬محدود‭ ‬في‭ ‬رام‭ ‬الله‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬جديد‭ ‬ولا‭ ‬مستغرب،‭ ‬فإسرائيل‭ ‬اليوم‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬والفاشية‭ ‬التي‭ ‬تشن‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ترفض‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا‭ ‬أي‭ ‬حلول‭ ‬سلمية‭ ‬وأي‭ ‬حلول‭ ‬وسط‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬لصالحها‭ ‬وذلك‭ ‬لثلاثة‭ ‬أسباب‭:‬

أولا‭: ‬الرعب‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مساحتها‭ ‬محدودة‭ ‬وحدودها‭ ‬فإن‭ ‬مواردها‭ ‬البشرية‭ ‬غير‭ ‬محدودة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يخيف‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬يخشى‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬بجواره‭ ‬خلال‭ ‬عشرين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬فلسطيني‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أحد‭ ‬أوجه‭ ‬الرعب‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تغذيته‭ ‬يوميا‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وعبر‭ ‬التحريض‭ ‬والخطط‭ ‬الفاشية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬يواف‭ ‬غالانت‭ ‬ووزير‭ ‬المالية‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬وهما‭ ‬يلخصان‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬الوجه‭ ‬الأكثر‭ ‬سوءا‭ ‬واستفزازا،‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬اليمين‭ ‬بأركانه‭ ‬المختلفة‭ ‬يؤيد‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭ ‬إبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإجباره‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬أرضه‭ ‬وتاريخه‭.‬

ثانيا‭: ‬حالة‭ ‬الضعف‭ ‬الكبير‭ ‬وغير‭ ‬المسبوق‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬العرب‭ ‬والقيادات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بمختلف‭ ‬أطرافها‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬عن‭ ‬الفعل‭ ‬وردة‭ ‬الفعل‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يشجع‭ ‬الصهاينة‭ ‬واليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬على‭ ‬التمادي‭ ‬في‭ ‬الترجمة‭ ‬السياسية‭ ‬والتشريعية‭ ‬لشعار‭ ‬الإبادة‭ ‬والترحيل،‭ ‬ولذلك‭ ‬جاء‭ ‬القرار‭ ‬مترجما‭ ‬لتحدي‭ ‬العرب‭ ‬والضمير‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬أهمية‭.‬

ثالثا‭: ‬إن‭ ‬الصراع‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭ ‬حاليا‭ ‬وحالة‭ ‬الانقسام‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وتداعياتها‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬أوضاع‭ ‬العالم‭ ‬جعلت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لا‭ ‬تحظى‭ ‬بأي‭ ‬اهتمام‭ ‬حقيقي‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الغربية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الشعبية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬فإن‭ ‬المنبر‭ ‬الرسمي‭ ‬الغربي‭ ‬المنخرط‭ ‬كلية‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬والاستعداد‭ ‬للحرب‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يعبأ‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أو‭ ‬بحقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تقدم،‭ ‬فإن‭ ‬الأجواء‭ ‬والعوامل‭ ‬الأساسية‭ ‬أصبحت‭ ‬تشجع‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتطرف‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وطرده‭ ‬من‭ ‬أرضه‭ ‬وسلبه‭ ‬حقوقه‭ ‬وحرمانه‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬أقرها‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭ ‬على‭ ‬أرضه،‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬غرابة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬الكنسيت‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الجديد‭ ‬القديم‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعالم،‭ ‬ان‭ ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬خارج‭ ‬القانون‭ ‬وتفعل‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭ ‬لا‭ ‬يعنيها‭ ‬لا‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬ولا‭ ‬الحقوق‭ ‬الإنسانية‭ ‬الأساسية‭ ‬لهذا‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المنكوب‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا