العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المغزى التاريخي لرأي محكمة العدل الدولية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأحد ٠٤ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

رحب‭ ‬الخبراء‭ ‬القانونيون‭ ‬ومنظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬بالقرار‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬يوم‭ ‬19‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬بأن‭ ‬استمرار‭ ‬احتلال‭ ‬إسرائيل‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬‮«‬غير‭ ‬قانوني‮»‬،‭ ‬ومطالبة‭ ‬حكومتها‭ ‬‮«‬بالتوقف‭ ‬الفوري‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬أنشطة‭ ‬الاستيطان‮»‬،‭ ‬وسحب‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬بالفعل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الاستيلاء‭ ‬عليها‭ ‬بالقوة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬الآن‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬يشكل‭ ‬رأيا‭ ‬استشاريا‭ ‬غير‭ ‬ملزم،‭ ‬فإن‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬السابق‭ ‬لمنظمة‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‭ ‬‮«‬كينيث‭ ‬روث‮»‬،‭ ‬كتب‭ ‬عن‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬‮«‬هدمت‮»‬‭ ‬بها‭ ‬المحكمة‭ ‬أي‭ ‬حجة‭ ‬قانونية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬لتسويغ‭ ‬احتلالها‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬كما‭ ‬كتبت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬الحكم‭ ‬الدامغ‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الغرب‮»‬‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وتشويه‭ ‬سمعة‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬توقع‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وداعميها‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬سيتجاهلون‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬فعلوا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القرارات‭ ‬الأممية‭ ‬السابقة،‭ ‬ومنها‭: ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تدين‭ ‬انتهاكات‭ ‬إسرائيل‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬ذي‭ ‬مغزى‭ ‬لهذا‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬المحتلة‭ ‬سيكون‭ ‬محدودًا‭.‬

ولكن‭ ‬عندما‭ ‬يضاف‭ ‬ذلك‭ ‬القرار‭ ‬إلى‭ ‬الانتقادات‭ ‬الهائلة‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬بسبب‭ ‬حربها‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والتحقيق‭ ‬الجاري‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬تعرض‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬وقرار‭ ‬قضاة‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬بإصدار‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬دولية‭ ‬بحق‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬ووزير‭ ‬دفاعه‭ ‬‮«‬يوآف‭ ‬جالانت‮»‬‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬كما‭ ‬أقرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬يشكل‭ ‬تحديًا‭ ‬مهمًا‭ ‬آخر‭ ‬لـ«نفاق‮»‬‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬تناقض‭ ‬بين‭ ‬أقوالها‭ ‬وأفعالها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تقويض‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬العادل‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬الذي‭ ‬تتبناه‭ ‬تلك‭ ‬الحكومات‭ ‬نفسها‭ ‬لبقية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬

ووصف‭ ‬روث‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬بأنه‭ ‬رفض‭ ‬شامل‭ ‬للاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬دام‭ ‬57‭ ‬عامًا‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬ومرتفعات‭ ‬الجولان‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وسجلت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬كيف‭ ‬قررت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬إسرائيلي‭ ‬تقريبًا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يمثل‭ ‬انتهاكًا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭. ‬وأضافت‭ ‬‮«‬إيريكا‭ ‬جيفارا‭ ‬روزاس‮»‬‭ ‬مديرة‭ ‬البحوث‭ ‬وأنشطة‭ ‬كسب‭ ‬التأييد‭ ‬والسياسات‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬إثبات‭ ‬تاريخي‭ ‬لحقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬عانوا‭ ‬عقودًا‭ ‬من‭ ‬القسوة‭ ‬والانتهاكات‭ ‬الممنهجة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

إن‭ ‬حكم‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬جاء‭ ‬استجابة‭ ‬لطلب‭ ‬من‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬عبر‭ ‬قرارها‭ ‬77‭/‬247‭ ‬ووفقًا‭ ‬للمادة‭ ‬65‭ ‬من‭ ‬المحكمة،‭ ‬لتقدم‭ ‬رأيا‭ ‬استشاريا‭ ‬بشأن‭ ‬الأسئلة‭ ‬التالية‭:‬

‭ ‬1‭) ‬ما‭ ‬العواقب‭ ‬القانونية‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬انتهاكات‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستمرة‭ ‬لحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967؛‭ ‬بسبب‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬وضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية؟

‭ ‬2‭) ‬كيف‭ ‬تؤثر‭ ‬‮«‬سياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬الوضع‭ ‬القانوني‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬‮«‬التبعات‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تترتب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوضع؟

وفي‭ ‬استنتاجاتهم‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬نواف‭ ‬سلام‮»‬‭ ‬رئيس‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬متحدثًا‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬قضاة‭ ‬المحكمة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬والنظام‭ ‬المرتبط‭ ‬بها،‭ ‬يستمرون‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬قضت‭ ‬المحكمة‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ملزمة‭ ‬بإخلاء‭ ‬جميع‭ ‬المستوطنين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬تعويضات‭ ‬جراء‭ ‬ما‭ ‬ألحقته‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬بالفلسطينيين‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬رفض‭ ‬إسرائيل‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬كتب‭ ‬القضاة‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تدرس‭ ‬الوسائل‭ ‬البديلة‭ ‬وتتخذ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭.‬

وأوضح‭ ‬‮«‬روث‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬وفقًا‭ ‬لحكم‭ ‬المحكمة،‭ ‬فإن‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة‭ ‬لعام‭ ‬1949‭ ‬بشأن‭ ‬حماية‭ ‬الأشخاص‭ ‬وقت‭ ‬الحرب‭ -‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬عليها‭ ‬إسرائيل‭- ‬هي‭ ‬الوثيقة‭ ‬القانونية‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تدين‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وتنص‭ ‬بوضوح‭ ‬على‭ ‬أنه‭ (‬من‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬أن‭ ‬تنقل‭ ‬قوة‭ ‬احتلال‭ ‬سكانها‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬خاضعة‭ ‬لسيطرتها‭ ‬العسكرية‭)‬،‭ ‬ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬700‭.‬000‭ ‬مستوطن‭ ‬إسرائيلي‭ ‬يعيشون‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬تم‭ ‬إجلاء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬منها‭ ‬بالقوة؛‭ ‬فقد‭ ‬اعتبرت‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬انتهكت‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أضاف‭ ‬روث‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬أوضحت‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬المادة‭ ‬47‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬المحتل،‭ ‬ومن‭ ‬يرزخ‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحرم‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق،‭ ‬ووفقاً‭ ‬لروث،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬‮«‬حكيماً‮»‬‭ ‬للغاية‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬اختلال‭ ‬التوازن‭ ‬المتأصل‭ ‬في‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬سابقة‭ ‬أو‭ ‬مستقبلية‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والإسرائيليين‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬النقطة،‭ ‬فإنه‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬قانونية‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬وحكمها‭ ‬بعدم‭ ‬شرعية‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ــ‭ ‬علق‭ ‬روث‭ ‬على‭ ‬اعتراف‭ ‬المحكمة‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬فرض‭ ‬إسرائيل‭ ‬نظامًا‭ ‬للفصل‭ ‬العنصري‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬يتسم‭ ‬بـ«التمييز‭ ‬المنهجي‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وبدوره‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬سلام‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التشريعات‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والجيش‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬فصل‭ ‬شبه‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬بين‭ ‬المستوطنين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬كانت‭ ‬انتهاكًا‭ ‬واضحًا‭ ‬للمادة‭ ‬3‭ ‬من‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬لعام‭ ‬1965‭. ‬

ولكن‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬عمليات‭ ‬بناء‭ ‬مستوطنات‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬جديدة،‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬المستوطنات‭ ‬القائمة‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‮»‬‭ ‬ووزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬‮«‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬اعترف‭ ‬روث‭ ‬بأن‭ ‬قرارات‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬ليست‭ ‬‮«‬رصاصة‭ ‬سحرية‮»‬‭ ‬لإحلال‭ ‬السلام‭ ‬والعدالة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الضغط‭ ‬السياسي‭ ‬أمرا‭ ‬مطلوبًا‭ ‬لدعمها‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬جيفارا‭ ‬روزاس‮»‬‭ ‬قائلة‭ ‬إنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وخاصة‭ ‬حلفاء‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أن‭ ‬يتخذوا‭ ‬‮«‬إجراءات‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيها‭ ‬لضمان‭ ‬إنهاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬لاحتلالها‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ورغم‭ ‬ترحيب‭ ‬رئيس‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬‮«‬جوزيب‭ ‬بوريل‮»‬،‭ ‬بقرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬باعتباره‭ ‬متسقًا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬مواقف‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬وتعهده‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬الأخلاقي‭ ‬للدول‭ ‬الغربية‭ ‬أن‭ ‬تؤكد‭ ‬التزامها‭ ‬الثابت‭ ‬بقرارات‭ ‬المحكمة‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مضمونها،‭ ‬ورغم‭ ‬وجود‭ ‬اعترافات‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واشنطن‭ ‬بأن‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتعيق‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اختارت‭ ‬انتقاد‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مفترض‭ ‬أنه‭ ‬سيعقد‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الصراع‭ ‬الغير‭ ‬موجود،‭ ‬وأن‭ ‬تظل‭ ‬الداعم‭ ‬الرئيسي‭ ‬للتدابير‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وحاميها‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬عن‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

إن‭ ‬حقيقة‭ ‬رفض‭ ‬واشنطن‭ ‬لقرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬يسير‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب،‭ ‬وفقًا‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬روث‮»‬‭ ‬مع‭ ‬تجاهل‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭ ‬لقرارات‭ ‬سابقة‭ ‬للمحكمة‭ ‬ذاتها،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬عند‭ ‬رفضها‭ ‬هدم‭ ‬‮«‬جدار‭ ‬الفصل‮»‬‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬الذي‭ ‬اعتبرته‭ ‬المحكمة‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تتراجع‭ ‬عن‭ ‬قصفها‭ ‬وهجماتها‭ ‬البرية‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أمرتها‭ ‬المحكمة‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬بحماية‭ ‬المدنيين‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬منع‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬فرقًا‭ ‬مهمًا،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتحقيقات‭ ‬المتزامنة‭ ‬التي‭ ‬تجريها‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬الأخرى‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬هناك‭ ‬تقارير‭ ‬لوسائل‭ ‬إعلام‭ ‬إسرائيلية‭ ‬عن‭ ‬صدور‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬دولية‭ ‬بحق‭ ‬‮«‬نتنياهو‭ ‬وجالانت‮»‬‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬الأسابيع‭ ‬القادمة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أشار‭ ‬روث‭ ‬إن‭ ‬القرار‭ ‬دعوة‭ ‬افتراضية‭ ‬لـ«كريم‭ ‬خان‮»‬‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬لمحاكمة‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬وعليه‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬بالملاحقة‭ ‬القضائية‭ ‬لأعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬الذين‭ ‬يأذنون‭ ‬بتوسعها‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬سموتريتش‮»‬‭ ‬و«بن‭ ‬غفير‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬النهاية،‭ ‬يعترف‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬بأن‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2024‭ ‬‭ ‬بشأن‭ ‬عدم‭ ‬قانونية‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬ثقل‭ ‬رمزي‭ ‬في‭ ‬إدانة‭ ‬إسرائيل‭ ‬لانتهاكها‭ ‬المستمر‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬وسيلة‭ ‬لخلق‭ ‬تغييرات‭ ‬إيجابية‭ ‬تشتد‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬الراهن‭.‬

إن‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬واشنطن‭ ‬لفرض‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الطرق‭ ‬القانونية‭ ‬يشكل‭ ‬عقبة‭ ‬أساسية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأوروبيين‭ ‬الذين‭ ‬يقدرون‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقرارات‭ ‬الدولية‭ ‬قد‭ ‬أعربوا‭ ‬عن‭ ‬دعمهم‭ ‬لعمل‭ ‬المحكمة،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ (‬بروكسل‭ ‬ولندن‭ ‬وباريس‭ ‬وبرلين‭ ‬وروما‭ ‬ومدريد‭) ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬ببساطة‭ ‬النفوذ‭ ‬اللازمة‭ ‬لإجبار‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬ووقف‭ ‬الاستيطان‭ ‬وإخلاء‭ ‬المستوطنات‭ ‬والتي‭ ‬اعتبرت‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإنه‭ ‬بينما‭ ‬يصر‭ ‬روث‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬انتكاسة‭ ‬قانونية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬ألحق‭ ‬أضرارًا‭ ‬بسمعة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ودولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها،‭ ‬فإن‭ ‬أفعالها‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اعتبارها‭ ‬دوليًا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬انتهاكات‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬نتنياهو‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ليكونوا‭ ‬هدفًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬بالاعتقال‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬بسبب‭ ‬جرائمهم‭ ‬البشعة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبوها‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا