العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

فضيحة الديمقراطية الأمريكية

بقلم: فاروق يوسف

الثلاثاء ٣٠ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

استعاد‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬الأمريكان‭ ‬حضورهم‭ ‬المحترم‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬حين‭ ‬أجبروا‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬سحب‭ ‬ترشيحه‭ ‬وإحلال‭ ‬نائبته‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬محله‭.‬

الديمقراطية‭ ‬عمياء‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬أما‭ ‬بايدن‭ ‬أو‭ ‬نائبته‭. ‬ألا‭ ‬يملك‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬خيارا‭ ‬أفضل؟‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬خيار‭ ‬أوباما‭ ‬هي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬لعبة‭ ‬مكشوفة‭.‬

في‭ ‬مواجهة‭ ‬شعبية‭ ‬ترامب‭ ‬التي‭ ‬تزايدت‭ ‬بعد‭ ‬محاولة‭ ‬اغتياله‭ ‬وكان‭ ‬قبلها‭ ‬متفوقا‭ ‬على‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬استفتاءات‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬وجد‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬في‭ ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬إفريقية‭ ‬ردا‭ ‬مناسبا‭.‬

امرأة‭ ‬ومن‭ ‬أصول‭ ‬إفريقية‭ ‬وسيلتان‭ ‬للترويج‭ ‬لنهج‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬العالم‭. ‬تلك‭ ‬محاولة‭ ‬تهريج‭ ‬تناسب‭ ‬العقل‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يُعنى‭ ‬بالصورة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المعنى‭.‬

ولكنها‭ ‬محاولة‭ ‬شعبوية‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭. ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬الشعبوية‭ ‬كظاهرة‭ ‬سياسية‭ ‬قد‭ ‬أُلصقت‭ ‬بترامب‭ ‬باعتباره‭ ‬رمزها‭ ‬الأكثر‭ ‬وقاحة‭ ‬فإن‭ ‬خصومه‭ ‬فعلوا‭ ‬الأسوأ‭.‬

احتفظ‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬بالرئاسة‭ ‬ولايتين‭ ‬متتاليتين‭ ‬بعنوان‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭. ‬شاب‭ ‬ثري‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬افريقية‭ ‬كان‭ ‬أشبه‭ ‬بغلاف‭ ‬لمجلة‭ ‬موضة‭.‬

كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬هي‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه،‭ ‬لكن‭ ‬الظروف‭ ‬قد‭ ‬تغيرت‭. ‬الخصم‭ ‬مختلف‭. ‬شعبوية‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬التي‭ ‬تتكتم‭ ‬على‭ ‬أسرارها‭ ‬لن‭ ‬تنتصر‭ ‬على‭ ‬شعبوية‭ ‬ترامب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخشى‭ ‬الفضائح،‭ ‬بل‭ ‬تذهب‭ ‬معها‭ ‬إلى‭ ‬النهاية‭.‬

ترامب‭ ‬هو‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬مكياج‭ ‬فيما‭ ‬يصر‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬على‭ ‬الترويج‭ ‬لأمريكا‭ ‬التي‭ ‬تخدع‭ ‬شعبها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تخدع‭ ‬المليارات‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬هيمنتها‭.‬

كل‭ ‬الذين‭ ‬وقفوا‭ ‬ضد‭ ‬ترامب‭ ‬أثناء‭ ‬رئاسته‭ ‬الأولى‭ ‬يعرفون‭ ‬جيدا‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬صورة‭ ‬أمريكا‭ ‬الحقيقية‭. ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬يكرهون‭ ‬أن‭ ‬تمثلهم‭. ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬دائما،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬جمهوريا‭ ‬أو‭ ‬ديمقراطيا‭.‬

لقد‭ ‬ظُلم‭ ‬ترامب‭ ‬حين‭ ‬صار‭ ‬عنوانا‭ ‬للرذيلة‭ ‬والبذاءة‭ ‬والانحطاط‭ ‬الأخلاقي‭ ‬الأمريكي‭. ‬كان‭ ‬الأسوأ‭ ‬لأنه‭ ‬قال‭ ‬الحقيقة‭. ‬لم‭ ‬يخف‭ ‬ترامب‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬تفاهته‭. ‬وهي‭ ‬تفاهة‭ ‬كل‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭. ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬أقل‭ ‬ميلا‭ ‬للجريمة‭ ‬من‭ ‬سواه‭. ‬الجمهوريون‭ ‬الذين‭ ‬سبقوه‭. ‬ليندون‭ ‬جونسون‭ ‬وجورج‭ ‬بوش‭ ‬الأب‭ ‬والابن‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬اللعبة‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬الأمريكي‭ ‬قابلة‭ ‬للمفاجآت‭. ‬قد‭ ‬تنتصر‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬على‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭. ‬المزاج‭ ‬الأمريكي‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬ضمير‭ ‬مرتاح‭. ‬هناك‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬السلوك‭ ‬المرضي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يجاريه‭ ‬أي‭ ‬سلوك‭ ‬عدواني‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬تسفر‭ ‬عنه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬فإن‭ ‬أحوال‭ ‬العالم‭ ‬ستزداد‭ ‬سوءا‭. ‬لا‭ ‬ترامب‭ ‬ولا‭ ‬هاريس‭ ‬سيوقفان‭ ‬الحروب‭ ‬وبالأخص‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭. ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تنحرف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬سياستها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يهمنا‭. ‬ستبقى‭ ‬إسرائيل‭ ‬بمثابة‭ ‬الطفل‭ ‬المدلل‭ ‬الذي‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭.‬

ولكن‭ ‬الأسوأ‭ ‬في‭ ‬فضائحيته‭ ‬وهو‭ ‬ترامب‭ ‬سيكون‭ ‬الأفضل‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭. ‬لا‭ ‬لأنه‭ ‬يحب‭ ‬العرب،‭ ‬بل‭ ‬لأنه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الممكن‭ ‬والوحيد‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬أن‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬العالم‭.‬

لقد‭ ‬فعل‭ ‬ترامب‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يفعله‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬آخر‭ ‬للمنطقة‭ ‬حين‭ ‬أمر‭ ‬بقتل‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭. ‬أما‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لطمة‭ ‬لكل‭ ‬سياسات‭ ‬أوباما‭ ‬التي‭ ‬ألحقت‭ ‬الخراب‭ ‬بالمنطقة‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬لعبة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭ ‬فإن‭ ‬استبدال‭ ‬بايدن‭ ‬بهاريس‭ ‬يمثل‭ ‬لحظة‭ ‬استخفاف‭ ‬بجمهور‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬له‭ ‬رأي‭ ‬بالموضوع‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بايدن‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬شق‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬هاريس‭ ‬إلى‭ ‬الرئاسة‭ ‬حين‭ ‬اختارها‭ ‬نائبة‭ ‬له‭. ‬ولكن‭ ‬المرأة‭ ‬صارت‭ ‬صالحة‭ ‬للصراع‭ ‬بحكم‭ ‬وجود‭ ‬ترامب‭. ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الانتصار‭ ‬على‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬فكرة‭ ‬شعبوية‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬النسوية‭ ‬والعرق‭ ‬الإفريقي‭. ‬إنها‭ ‬فكرة‭ ‬لئيمة‭ ‬وخبيثة‭ ‬سيكون‭ ‬ترامب‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬فضحها‭ ‬بوسائله‭ ‬المبتذلة‭.‬

ولكن‭ ‬هل‭ ‬يحتاج‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬ترامب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى؟

لو‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كان‭ ‬مبنيا‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬لما‭ ‬احتاج‭ ‬أحد‭ ‬إلى‭ ‬سؤال‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭. ‬ولكن‭ ‬الخلخلة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬تضع‭ ‬رئيس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬منصب‭ ‬رئيس‭ ‬العالم‭. ‬فالعرب‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬القادم‭ ‬بالدرجة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬يفكر‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬خصومهم‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تضع‭ ‬أذنها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لتنصت‭ ‬إلى‭ ‬تحركات‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭.‬

بعيدا‭ ‬عما‭ ‬يفكر‭ ‬السياسيون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬نتائج،‭ ‬فإن‭ ‬نتائج‭ ‬صراع‭ ‬الثيران‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كانت‭ ‬سيئة‭. ‬لقد‭ ‬افتضحت‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭. ‬في‭ ‬الملايين‭ ‬التي‭ ‬تناصر‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬أحد‭ ‬يخلف‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬الترشيح‭ ‬للرئاسة‭. ‬ذلك‭ ‬وحده‭ ‬سبب‭ ‬لانتصار‭ ‬ترامب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا