العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قطبية التكنولوجيا وتحديات جديدة لأمن الشركات والدول

بقلم: د. أسعد حمود السعدون {

الجمعة ٢٦ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

شهد‭ ‬العالم‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬19‭/ ‬يوليو‭ /‬2024‭ ‬خللا‭ ‬تقنيا‭ ‬عطل‭ ‬حركة‭ ‬الطيران‭ ‬في‭ ‬مطارات‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وأربك‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬والبنوك‭ ‬وأسواق‭ ‬المال،‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬قارات،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬استراليا‭ ‬ومرورا‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬ودول‭ ‬أوروبية‭ ‬أخرى،‭ ‬وتركيا‭ ‬وماليزيا‭ ‬والهند‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وتباينت‭ ‬الاعتقادات‭ ‬والتحليلات‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬ما‭ ‬حصل،‭ ‬فمن‭ ‬اعتقد‭ ‬أن‭ ‬هجوما‭ ‬سيبرانيا‭ ‬منظما‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬الشبكات‭ ‬العالمية‭ ‬للمعلومات،‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬برامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬أخطأ‭ ‬طريقه‭ ‬ليدمر‭ ‬نظم‭ ‬الاتصالات،‭ ‬أو‭ ‬فيروس‭ ‬اخترق‭ ‬شبكة‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬العالمية،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأسباب،‭ ‬حتى‭ ‬أعلن‭ ‬السيد‭ ‬جورج‭ ‬كورتز‭ ‬رئيس‭ ‬شركة‭ ‬كراود‭ ‬سترايك‭ ‬الأمريكية‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬مساء‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ثغرة‭ ‬تقنية‭ ‬في‭ ‬تحديث‭ ‬إحدى‭ ‬برمجيات‭ ‬الشركة‭ ‬لمستخدمي‭ ‬نظام‭ ‬ويندوز،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تحديد‭ ‬المشكلة‭ ‬وعزلها‭ ‬وإعادة‭ ‬العمل‭ ‬للشبكات‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬للخلل‭ ‬التقني،‭ ‬والاعتذار‭ ‬لمن‭ ‬أصابهم‭ ‬ضرر‭ ‬جراء‭ ‬ذلك‭ ‬الخلل،‭ ‬وأعلنت‭ ‬شركة‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬التطبيقات‭ ‬والخدمات‭ ‬المتأثرة‭ ‬بالخلل‭ ‬التقني‭ ‬قد‭ ‬تعافت،‭ ‬وتم‭ ‬إجراء‭ ‬عمليات‭ ‬إضافية‭ ‬لتوفير‭ ‬الدعم،‭ ‬واسترداد‭ ‬جميع‭ ‬تطبيقات‭ ‬وخدمات‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬365‭ ‬المتأثرة‭ ‬بالخلل‭ ‬التقني‭ ‬المذكور‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تصريح‭ ‬رئيس‭ ‬شركة‭ ‬كرواد‭ ‬ستريك،‭ ‬وإعلان‭ ‬شركة‭ ‬مايكروسفت،‭ ‬قد‭ ‬انتهى‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬آثار‭ ‬عميقة‭ ‬وخسائر‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة،‭ ‬فمثلا‭ ‬تم‭ ‬إلغاء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬1000‭) ‬رحلة‭ ‬جوية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬العطل‭ ‬التقني،‭ ‬وانخفضت‭ ‬أسهم‭ ‬شركة‭ ‬كراود‭ ‬سترايك‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬20‭% ‬في‭ ‬التداولات‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬خسارة‭ ‬16‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬السوقية‭) ‬وتعرض‭ ‬مؤسسات‭ ‬صحية‭ ‬دولية‭ ‬كبيرة‭ ‬لأضرار‭ ‬بالغة،‭ ‬وتوقف‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفع‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المتاجر‭ ‬العالمية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬ستظهر‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬اختلال‭ ‬الثقة‭ ‬العالمية‭ ‬بالنظم‭ ‬التقنية‭ ‬المعاصرة،‭ ‬مما‭ ‬سيقود‭ ‬إلى‭ ‬أضرار‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬قريبا،‭ ‬بل‭ ‬فتحت‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬كما‭ ‬يقال،‭ ‬لتساؤلات‭ ‬وانشغالات‭ ‬عديدة‭ ‬رافقت‭ ‬الثورة‭ ‬التقنية‭ ‬في‭ ‬مراحلها‭ ‬المتقدمة‭ ‬الحالية‭ ‬وما‭ ‬أدت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تكامل‭ ‬وانفتاح‭ ‬البيانات‭ ‬والمعلومات‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي‭ ‬وإمكانات‭ ‬السيطرة‭ ‬والتوجيه‭ ‬من‭ ‬المنظومة‭ ‬المركزية‭ ‬القائدة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المصدر،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬وآثار‭ ‬خطيرة‭ ‬وانتهاكات‭ ‬لسيادة‭ ‬وخصوصية‭ ‬الشركات‭ ‬والدول‭ ‬والشعوب،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينجم‭ ‬عن‭ ‬هيمنة‭ ‬أقطاب‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬وشركات‭ ‬محدودة‭ ‬العدد‭ ‬على‭ ‬مصير‭ ‬المعلومات‭ ‬والبيانات‭ ‬للدول‭ ‬والشركات‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬كالهيمنة‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وتقنية‭ ‬الحوسبة‭ ‬السحابية،‭ ‬وإنترنت‭ ‬الأشياء،‭ ‬والبلوك‭ ‬تشين،‭ ‬والعملات‭ ‬الافتراضية،‭ ‬وجميع‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬العالمية‭ ‬لمجتمع‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬المنظومات‭ ‬التقنية‭ ‬الرقمية‭ ‬والافتراضية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬الهيمنة‭ ‬التقنية‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬معلوماتية‭ ‬إقليمية‭ ‬أو‭ ‬وطنية‭ ‬مستقلة‭ ‬بديلة‭ ‬أو‭ ‬رديفة‭ ‬للنظم‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البحث‭ ‬التقني‭ ‬والابتكار‭ ‬النوعي،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬لتكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحققه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬إلى‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي،‭ ‬وإرساء‭ ‬اقتصاد‭ ‬منتج‭ ‬وتنافسي‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬المعرفة،‭ ‬وإعداد‭ ‬وتأهيل‭ ‬موارد‭ ‬بشرية‭ ‬مواطنة‭ ‬لإدارة‭ ‬التقنيات‭ ‬المعاصرة‭ ‬والكشف‭ ‬عن‭ ‬الاختلالات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تصيب‭ ‬منظوماتها،‭ ‬وبما‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬احتكار‭ ‬وابتزاز‭ ‬دول‭ ‬وشركات‭ ‬بعينها‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬للمعلومات،‭ ‬وحماية‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الوطني‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬مدعومة‭ ‬بالرؤية‭ ‬التنظيمية‭ ‬والرقابة‭ ‬اللازمتين‭ ‬على‭ ‬آلية‭ ‬استخدام‭ ‬منتجات‭ ‬الثورة‭ ‬التقنية‭ ‬المعاصرة‭ ‬لتمكين‭ ‬تحقيق‭ ‬متطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا