العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

القطاع الخاص وتعزيز التعاون الاقتصادي الخليجي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ١١ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

فيما‭ ‬يتولى‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬معظم‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬غير‭ ‬النفطي،‭ ‬أخذت‭ ‬الحكومات‭ ‬تعول‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬تنويع‭  ‬هذا‭ ‬النشاط،‭ ‬وتحرير‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬المفرط‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬وصادراته،‭ ‬كما‭ ‬جعلته‭ ‬شريكًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬كانت‭ ‬تتولاها‭ ‬كالصحة‭ ‬والتعليم،‭ ‬ومن‭ ‬واقع‭ ‬المسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬أصبح‭ ‬يقوم‭ ‬بأنشطة‭ ‬ملموسة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬كرعاية‭ ‬الأيتام‭ ‬والمعوقين‭ ‬والمسنين‭ ‬ورعاية‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرياضية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬قوة‭ ‬دافعة‭ ‬للتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الخليجي،‭ ‬وتنظر‭ ‬شركاته‭ ‬في‭ ‬نشاطها‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الخليجي‭ ‬على‭ ‬اتساعه،‭ ‬ولهذا‭ ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬بدخول‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬أولى‭ ‬مراحل‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة،‭ ‬والدفع‭ ‬بالتجارة‭ ‬البينية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬ثم‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬وقرارات‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬بشأن‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬استكمال‭ ‬مراحل‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكاملة‭.‬

وقد‭ ‬سبق‭ ‬تأسيس‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬لغرف‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬والزراعة‭ ‬الخليجي،‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬نفسه،‭ ‬وعمل‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬في‭ ‬1979‭ ‬على‭ ‬تمثيل‭ ‬المصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لمؤسسات‭ ‬وأفراد‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ومنذ‭ ‬قيامه‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬المساهمة‭ ‬الفعلية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬أداء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الخليجي،‭ ‬وتيسير‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬بين‭ ‬دوله،‭ ‬وتيسير‭ ‬انتقال‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬بدون‭ ‬عوائق،‭ ‬وتفعيل‭ ‬المواطنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخليجية،‭ ‬وتنظيم‭ ‬ودعم‭ ‬الشركات‭ ‬والمشروعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المشتركة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬نواة‭ ‬حقيقية‭ ‬للعمل‭ ‬الخليجي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المشترك،‭ ‬وتكامل‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬وتنمية‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وقد‭ ‬تمثلت‭ ‬رؤية‭ ‬هذا‭ ‬الاتحاد‭ ‬منذ‭ ‬قيامه‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬وتسريع‭ ‬خطى‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬وحدتها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وهذه‭ ‬الرؤية‭ ‬منصوص‭ ‬عليها‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬ميثاق‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬فيما‭ ‬تمثلت‭ ‬رسالة‭ ‬الاتحاد‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬البيئة‭ ‬المناسبة‭ ‬لتطور‭ ‬أداء‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬الخليجي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬قدراته‭ ‬التنافسية،‭ ‬ليكون‭ ‬قاطرة‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬اقتصادات‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬والأداة‭ ‬النافعة‭ ‬نحو‭ ‬تكاملها‭ ‬ووحدتها،‭ ‬فيما‭ ‬تمثلت‭ ‬أهدافه‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكاملة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬دور‭ ‬الاتحاد‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬السياسات‭ ‬والتوجهات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬بما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬توافق‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬والتوجهات،‭ ‬والمتطلبات‭ ‬العملية‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المستجدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬الحالية‭ ‬والمستقبلة،‭ ‬وتعميق‭ ‬درجة‭ ‬اندماج‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬الخليجي،‭ ‬وتمثيله‭ ‬عربيًا‭ ‬وإقليميًا‭ ‬ودوليًا،‭ ‬وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬تنسيق‭ ‬السياسات،‭ ‬وإحداث‭ ‬التوافق،‭ ‬وتلبية‭ ‬متطلبات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬نشأت‭ ‬مجالس‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬الجانبين‭ ‬الخاص‭ ‬والحكومي،‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬والدول‭ ‬الأخرى‭ ‬الأعضاء‭ ‬فيه‭.‬

وفي‭ ‬بدايات‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬برز‭ ‬دور‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬لغرف‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬والزراعة‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬إبرام‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الموحدة‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬حيث‭ ‬وقع‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬بالرياض‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الثانية‭ ‬للمجلس‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والموحدة‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬1981‭ (‬أي‭ ‬بعد‭ ‬شهور‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬1981‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬مثلت‭ ‬إطارا‭ ‬شاملا‭ ‬ومحددا‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬زمني‭ ‬للتكامل‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬فرسمت‭ ‬الاتفاقية‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المشترك،‭ ‬وشملت‭ ‬البرامج‭ ‬التكاملية‭: ‬تحقيق‭ ‬المواطنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لمواطني‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬وفق‭ ‬خطوات‭ ‬متدرجة،‭ ‬بدءًا‭ ‬بإقامة‭ ‬منطقة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬ثم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬ثم‭ ‬استكمال‭ ‬السوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وانتهاءً‭ ‬بالاتحاد‭ ‬النقدي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬وإقامة‭ ‬المؤسسات‭ ‬المشترك‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك،‭ ‬وتقريب‭ ‬وتوحيد‭ ‬الأنظمة‭ ‬والسياسات‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬والتجارية،‭ ‬وربط‭ ‬البنى‭ ‬الأساسية‭ ‬لدول‭ ‬المجلس،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المواصلات‭ ‬والكهرباء‭ ‬والغاز،‭ ‬وتشجيع‭ ‬إقامة‭ ‬المشروعات‭ ‬المشتركة‭.‬

ومواكبة‭ ‬للتطورات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإنشاء‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬والسوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة‭ ‬والاتحاد‭ ‬النقدي،‭ ‬قامت‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬باستحداث‭ ‬نسخة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وأقرها‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬مسقط‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2001،‭ ‬وحين‭ ‬إصدار‭ ‬هذه‭ ‬النسخة‭ ‬كان‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الخليجي‭ ‬قد‭ ‬قطع‭ ‬شوطًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬منذ‭ ‬مارس‭ ‬1983،‭ ‬واستمرت‭ ‬مرحلتها‭ ‬نحو‭ ‬20‭ ‬عاما‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬2002،‭ ‬حيث‭ ‬حل‭ ‬محلها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬لدول‭ ‬المجلس،‭ ‬وخلال‭ ‬فترة‭ ‬منطقة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ (‬1983‭ ‬‭ ‬2002‭) ‬ارتفع‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬من‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1983‭ ‬إلى‭ ‬15‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬وتميزت‭ ‬منطقة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬بإعفاء‭ ‬منتجات‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬الصناعية‭ ‬والزراعية‭ ‬ومنتجات‭ ‬الثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬شريطة‭ ‬اصطحابها‭ ‬شهادة‭ ‬منشأ‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬الحكومية‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة،‭ ‬ويدل‭ ‬ارتفاع‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الخليجية‭ ‬من‭ ‬نمو‭ ‬في‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وتمايز‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭ ‬وأخرى،‭ ‬يسمح‭ ‬بقيام‭ ‬هذه‭ ‬التجارة،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬أساسًا‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬القائم‭ ‬بالنشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وتوجه‭ ‬نشاطه‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭  ‬الخليجي‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬لسوقه‭ ‬المحلي،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لدوره‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬دفع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬اتفاقات‭ ‬تجارة‭ ‬حرة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬تمثل‭ ‬الواردات‭ ‬منها‭ ‬مدخلات‭ ‬لنشاطه‭ ‬الإنتاجي،‭ ‬فعقد‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬اتفاقات‭ ‬تجارة‭ ‬حرة‭ ‬مع‭ ‬سنغافورة،‭ ‬ومع‭ ‬رابطة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬ومع‭ ‬باكستان،‭ ‬ومع‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وقيد‭ ‬الإجراء‭ ‬اتفاقات‭ ‬للتجارة‭ ‬الحرة‭ ‬مع‭ ‬تركيا،‭ ‬والصين،‭ ‬والهند،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الاتحاد‭ ‬أيضًا‭ ‬نشط‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬لغرف‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬والزراعة‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬وفي‭ ‬دورته‭ ‬الـ23‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬بالدوحة‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2002‭ ‬قرر‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬مباركة‭ ‬قيام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬وبداية‭ ‬تطبيقه‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬2003،‭ ‬ويعد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬هو‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬يستبعد‭ ‬فيها‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬واللوائح‭ ‬والإجراءات‭ ‬المقيدة‭ ‬للتجارة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد،‭ ‬وتطبق‭ ‬فيها‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬ولوائح‭ ‬تجارية‭ ‬وجمركية‭ ‬موحدة‭ ‬تجاه‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي،‭ ‬وتتبنى‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬نقطة‭ ‬دخول‭ ‬واحدة‭ ‬يتم‭ ‬عندها‭ ‬تحصل‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬الموحدة،‭ ‬ثم‭ ‬تنتقل‭ ‬السلع‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬دون‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬أو‭ ‬لوائح،‭ ‬وتعامل‭ ‬السلع‭ ‬المنتجة‭ ‬داخل‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬معاملة‭ ‬السلع‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتتحدد‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬الموحدة‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الواردة‭ ‬عند‭ ‬نقطة‭ ‬الدخول‭ ‬الواحدة‭ ‬بنسبة‭ ‬5%،‭ ‬كما‭ ‬أدى‭ ‬العمل‭ ‬بنظام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬بمعدل‭ ‬سنوي‭ ‬بلغ‭ ‬24%‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2003‭ ‬‭ ‬2013،‭ ‬فيما‭ ‬تجاوز‭ ‬هذا‭ ‬الحجم‭ ‬127‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بـ‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬ولاتزال‭ ‬هناك‭ ‬آفاق‭ ‬واسعة‭ ‬لزيادة‭ ‬هذه‭ ‬التجارة،‭ ‬مع‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬خطوات‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭.‬

ويسهم‭ ‬التشاور‭ ‬المستمر‭ ‬بين‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬الخليجي‭ ‬ممثلًا‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬والزراعة،‭ ‬ووزراء‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬في‭ ‬تذليل‭ ‬عقبات‭ ‬نمو‭ ‬هذه‭ ‬التجارة،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬التشاوري‭ ‬11‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬فيه‭ ‬مناقشة‭ ‬مبادرة‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الصناعة‭ ‬والتعدين‭ ‬والنقل‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬وتزيد‭ ‬من‭ ‬تعظيم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الصورة‭ ‬الذهنية‭ ‬الإيجابية‭ ‬عن‭ ‬المنتجات‭ ‬الخليجية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬زيادة‭ ‬المشاريع‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬الخليجي،‭ ‬وكذلك‭ ‬القطاع‭ ‬العام،‭ ‬واستغلال‭ ‬المناطق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخاصة‭ ‬البالغة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬منطقة‭ ‬بدول‭ ‬المجلس‭.‬

وقد‭ ‬أسفر‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والحكومات‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬مسيرة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬إجمالي‭ ‬المواصفات‭ ‬القياسية‭ ‬واللوائح‭ ‬الفنية‭ ‬الموحدة‭  ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬26‭ ‬ألفا،‭ ‬وقيام‭ ‬29‭ ‬مصرفا‭ ‬خليجيا‭ ‬بتأسيس‭ ‬فروع‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬فيما‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبي‭ ‬المباشر‭ ‬البيني‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬نحو‭ ‬61‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬2022،‭ ‬وحتى‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬المواطنين‭ ‬الخليجيين‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬غير‭ ‬دولتهم‭ ‬33‭ ‬ألف،‭ ‬واستفاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬32‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭ ‬خليجيي‭ ‬من‭ ‬الحماية‭ ‬التأمينية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬غير‭ ‬دولتهم،‭ ‬وصدرت‭ ‬إلى‭ ‬59‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭ ‬خليجي‭ ‬رخصا‭ ‬لمزاولة‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستثمارات‭ ‬والحرف‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬دولتهم،‭ ‬وتمكن‭ ‬558‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭ ‬خليجي‭ ‬من‭ ‬تملكه‭ ‬الأسهم‭ ‬في‭ ‬669‭ ‬شركة‭ ‬مساهمة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬غير‭ ‬دولتهم،‭ ‬برأس‭ ‬مال‭ ‬يبلغ‭ ‬نحو‭ ‬372‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وتمكن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬29‭ ‬مليون‭ ‬مواطن‭ ‬خليجي‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ (‬2022‭) ‬من‭ ‬التنقل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬بكل‭ ‬يسر‭ ‬وسهولة،‭ ‬كما‭ ‬تمكن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬159‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭ ‬خليجي‭ ‬من‭ ‬تملك‭ ‬عقارات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬غير‭ ‬دولتهم‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الماضية،‭ ‬ويدرس‭ ‬40‭ ‬ألف‭ ‬طالب‭ ‬وطالبة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬بدول‭ ‬المجلس‭ ‬الأخرى،‭ ‬واستفاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬362‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭ ‬خليجي‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الأخرى،‭ ‬فيما‭ ‬أطلقت‭ ‬هيئة‭ ‬والمعلومات‭ ‬والحكومة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مسح‭ ‬خليجي‭ ‬مشترك‭ ‬يستهدف‭ ‬المؤسسات‭ ‬والشركات‭ ‬الخليجية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ويقيس‭ ‬أثر‭ ‬القرارات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬عليها،‭ ‬كما‭ ‬يذكر‭ ‬أن‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الخليجية‭ ‬تستأثر‭ ‬بنحو‭ ‬10%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الواردة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬وتسهم‭ ‬الشركات‭ ‬العائلية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬بنحو‭ ‬60%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬غير‭ ‬النفطي‭ ‬فيه،‭ ‬كما‭ ‬توظف‭ ‬أكثر‭ ‬80%‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬العاملة،‭ ‬وتحتل‭ ‬موقع‭ ‬الصدارة‭ ‬بين‭ ‬أقوى‭ ‬100‭ ‬شركة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬قوتها‭ ‬المالية،‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬يذكر‭ ‬أن‭ ‬98%‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الخليجية‭ ‬هي‭ ‬شركات‭ ‬عائلية،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السعودي‭ ‬مثلًا‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬خليجي‭ ‬بما‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬20‭ -‬30%‭.‬

يبرز‭ ‬إذن‭ ‬دور‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬جهود‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وزيادة‭ ‬حجم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬غير‭ ‬النفطي‭ ‬ودوره‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الدفع‭ ‬بخطوات‭ ‬التكامل‭ ‬والتعاون‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والذي‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحته‭ ‬ومصلحة‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الخليجية،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬غريبًا‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬سياسات‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وفقًا‭ ‬لرؤاها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستقبلية‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬دور‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬تنظيمي،‭ ‬وترك‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬خاصة‭ ‬غير‭ ‬النفطي‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا