العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

عندما يعاني الرجال.. تجارب واقعية

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٠٧ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

لا‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أدخل‭ ‬أو‭ ‬أتدخل‭ ‬في‭ ‬المشاكل‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬له‭ ‬ناسه‭ ‬ورجالاته‭ ‬وأهله،‭ ‬ولكن‭ ‬بعض‭ ‬الإخوة‭ ‬والأخوات‭ ‬يتصلون‭ ‬ويصرون‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬أنا‭ ‬الوسيط‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬أقوم‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بسماع‭ ‬مشاكلهم،‭ ‬فأجلس‭ ‬معهم‭ ‬لأستمع‭ ‬ثم‭ ‬بأسلوب‭ (‬الكوتشينج‭) ‬نحاول‭ ‬أن‭ ‬نتوصل‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬أو‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬تساعدهم‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬يعانونها‭.‬

وبعض‭ ‬المشكلات‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬بسيطة‭ ‬ويمكن‭ ‬حلها‭ ‬من‭ ‬جلسة‭ ‬واحدة،‭ ‬وبعضها‭ ‬تأخذ‭ ‬فترات‭ ‬طويلة،‭ ‬وبعض‭ ‬المشكلات‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬محلولة‭ ‬ولكن‭ ‬صاحب‭ ‬المشكلة‭ ‬يريد‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬ويفضض،‭ ‬فهو‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬تحتاج‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬شخص‭ ‬يستمع‭. ‬وسأحاول‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬أنقل‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬آلمت‭ ‬بعض‭ ‬الرجال،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬الاستئذان‭ ‬من‭ ‬أصحابها‭ ‬حتى‭ ‬تعم‭ ‬الفائدة‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬بعضها‭ ‬أو‭ ‬العديد‭ ‬منها‭ ‬تتكرر‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭.‬

المشكلة‭ ‬الأولى‭: ‬يقول‭ ‬صاحبها؛‭ ‬عقدت‭ ‬عقد‭ ‬النكاح‭ ‬على‭ ‬فتاة‭ ‬محترمة،‭ ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬كانت‭ ‬البنت‭ ‬محترمة‭ ‬جدًا‭ ‬وخلوقة‭ ‬جدًا،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬فيها‭ ‬جميل،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنها‭ ‬تحب‭ ‬سماع‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الفرق‭ ‬الموسيقية‭ ‬الغربية‭ ‬والشرقية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أستوعبها‭ ‬أنا،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬أستسيغها،‭ ‬وأشعر‭ ‬أن‭ ‬حب‭ ‬خطيبتي‭ ‬لهذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الفرق‭ ‬الموسيقية‭ ‬منقصة‭ ‬من‭ ‬رجولتي‭ ‬وكرامتي،‭ ‬فماذا‭ ‬يمكنني‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬حتى‭ ‬أجعل‭ ‬خطيبتي‭ ‬تترك‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الموسيقى‭ ‬والفرق‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أستسيغها؟

هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬تتكرر‭ ‬بصور‭ ‬كثيرة‭ ‬وبطرق‭ ‬وأنواع‭ ‬مختلفة،‭ ‬ففي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يكون‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬نعتقدها‭ ‬تافهة‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬لون‭ ‬تفضل‭ ‬وأي‭ ‬لون‭ ‬هو‭ ‬يفضل،‭ ‬وبعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يكون‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬الآراء‭ ‬والأفكار،‭ ‬فقد‭ ‬وجدت‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬أن‭ ‬الفتاة‭ ‬تطلب‭ ‬من‭ ‬أهلها‭ ‬أن‭ ‬يبلغوا‭ ‬الرجل‭ ‬أو‭ ‬الزوج‭ ‬أو‭ ‬الخطيب‭ ‬أن‭ ‬يحب‭ ‬فريد‭ ‬الأطرش‭ ‬لأنها‭ ‬تحب‭ ‬فريد‭ ‬الأطرش‭ ‬وإلا‭ ‬فإنها‭ ‬لن‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬الزواج،‭ ‬وكذلك‭ ‬بالنسب‭ ‬للفرق‭ ‬الرياضية‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

الغريب‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الاختلافات‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬جوهر‭ ‬الموضوعات،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬قشور،‭ ‬وأنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُحل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاختلافات‭ ‬بسهولة‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬أي‭ ‬تعقيد‭. ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬بمجرد‭ ‬الحوار‭ ‬والنقاش‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬أولويات‭ ‬الحياة‭ ‬بدل‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬البسيطة،‭ ‬فالحياة‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬يعيشونها‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬ومشقة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬الوالدين‭ ‬وحتى‭ ‬الزوج‭ ‬والزوجة‭.‬

المشكلة‭ ‬الثانية‭: ‬يقول‭ ‬صاحبها؛‭ ‬عقدت‭ ‬على‭ ‬فتاة‭ ‬مدة‭ ‬6‭ ‬أشهر،‭ ‬كنا‭ ‬خلالها‭ ‬نخرج‭ ‬ونذهب‭ ‬إلى‭ ‬المطاعم‭ ‬ونتنزه‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ونفعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬للخطيبين‭ ‬أن‭ ‬يفعلا،‭ ‬وبعد‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬طلبت‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬مقدمات،‭ ‬ووجدت‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬محادثتها،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬حظرت‭ ‬رقم‭ ‬تليفوني‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يمكنني‭ ‬أن‭ ‬أحادثها‭ ‬أبدًا،‭ ‬ذهبت‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬العمل،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬فائدة،‭ ‬حاولت‭ ‬محادثتها،‭ ‬ومحادثة‭ ‬إخوانها،‭ ‬والدها،‭ ‬وكل‭ ‬الأقربين‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬فائدة،‭ ‬والمهم‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬السبب‭.‬

وبعد‭ ‬مدة‭ ‬اتصلت‭ ‬بي،‭ ‬فرحت،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬فتحت‭ ‬عليّ‭ ‬مدفع‭ ‬رشاش،‭ ‬فصارحتني‭ ‬بكل‭ ‬عيوبي‭ ‬وكل‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬افتعلتها،‭ ‬وكل‭ ‬تفاصيل‭ ‬الشهور‭ ‬الستة‭ ‬التي‭ ‬مضت،‭ ‬وحاولت‭ ‬أن‭ ‬أقاطعها‭ ‬أثناء‭ ‬حديثها‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعطني‭ ‬فرصة‭ ‬للتحدث،‭ ‬وعندما‭ ‬انتهت‭ ‬أغلقت‭ ‬هاتفها،‭ ‬ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬حظرت‭ ‬رقم‭ ‬هاتفي‭.‬

ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬والدها‭ ‬ودخلت،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تحضر،‭ ‬جلس‭ ‬والدها‭ ‬معي‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬نصيب،‭ ‬نحن‭ ‬بانتظار‭ ‬ورقة‭ ‬الطلاق‮»‬،‭ ‬ذهلت،‭ ‬ماذا‭ ‬أفعل؟

عندما‭ ‬جلست‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الشخص،‭ ‬سألته‭: ‬هل‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬لك‭ ‬في‭ ‬الهاتف‭ ‬حقيقة،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنك‭ ‬كنت‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬افتعال‭ ‬المشاكل‭ ‬وأنك‭ ‬صاحب‭ ‬عيوب،‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬هي؟

قال‭: ‬أقسم‭ ‬بالله‭ ‬أني‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬أخطاء،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬حتى‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬النساء،‭ ‬ربما‭ ‬كانت‭ ‬أخطاء‭ ‬ولكن‭ ‬أنا‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬أنها‭ ‬أخطاء،‭ ‬أنا‭ ‬غليظ‭ ‬نوعًا‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬تعاملي،‭ ‬ليس‭ ‬مع‭ ‬النساء‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الناس،‭ ‬حتى‭ ‬‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأوقات‭ ‬‭ ‬مع‭ ‬اخوتي‭ ‬وأخواتي‭ ‬ووالديّ‭.‬

ثم‭ ‬سكت‭ ‬لحظة،‭ ‬وقال‭: ‬ولكني‭ ‬أريدها‭.‬

قمت‭ ‬بالاتصال‭ ‬ببعض‭ ‬الإخوة‭ ‬والأخوات‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬بعمل‭ ‬دورات‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الزوجية‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬عادة‭ ‬للعرسان‭ ‬الجدد‭ ‬حتى‭ ‬يلتحق‭ ‬بواحدة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الدورات،‭ ‬وبالفعل‭ ‬انتهت‭ ‬مشكلته‭ ‬وعادت‭ ‬إليه‭ ‬خطيبته،‭ ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬أب‭ ‬لطفلين‭.‬

المشكلة‭ ‬الثالثة‭: ‬يقول‭ ‬صاحبها؛‭ ‬طلبت‭ ‬زوجتي‭ ‬الطلاق‭ ‬بعد‭ ‬زواج‭ ‬دام‭ ‬15‭ ‬سنة،‭ ‬عشنا‭ ‬معظمها‭ ‬خارج‭ ‬البلاد،‭ ‬وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬قضيتها‭ ‬خارج‭ ‬البلاد،‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬السعادة،‭ ‬إذ‭ ‬إنني‭ ‬سأتمكن‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬بهدوء‭ ‬وسكينة‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬الغربة‭. ‬

وذات‭ ‬يوم‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬غادرته‭ ‬صباحًا،‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬زوجتي‭ ‬ولا‭ ‬أولادي،‭ ‬قلت‭ ‬في‭ ‬نفسي‭: ‬‮«‬حتمًا‭ ‬أنها‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬والدها‮»‬‭. ‬جرى‭ ‬الوقت،‭ ‬وجاء‭ ‬وقت‭ ‬المغرب‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تتصل،‭ ‬فبادرت‭ ‬بالاتصال‭ ‬بها،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬وجدت‭ ‬هاتفي‭ ‬محظورا‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الاتصال‭ ‬بها،‭ ‬استغربت‭.‬

فاتصلت‭ ‬بوالدها،‭ ‬فقال‭ ‬لي‭ ‬والدها‭ ‬إن‭ ‬‮«‬زوجتك‭ ‬تطلب‭ ‬الطلاق‮»‬،‭ ‬صاعقة‭ ‬ونزلت‭ ‬على‭ ‬رأسي،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬ذهبت‭ ‬من‭ ‬هول‭ ‬المفاجأة‭ ‬قلت‭ ‬‮«‬يا‭ ‬عمي،‭ ‬لا‭ ‬تمزح،‭ ‬فمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬مزاح‭ ‬فيها‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬أنا‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬والد‭ ‬زوجتي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬المزاح،‭ ‬فطلبتها‭ ‬على‭ ‬هاتف‭ ‬والدها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬رفضت‭ ‬أن‭ ‬تحادثني،‭ ‬فأغلق‭ ‬الخط‭.‬

يقول‭ ‬صاحب‭ ‬المشكلة،‭ ‬جلست‭ ‬على‭ ‬أقرب‭ ‬أريكة،‭ ‬وأنا‭ ‬أفكر‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬شريط‭ ‬سينمائي‭ ‬طويل‭ ‬يمر‭ ‬أمامي،‭ ‬‮«‬لم‭ ‬أكن‭ ‬سيئًا‭ ‬معها،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬مقصرًا‭ ‬لا‭ ‬عاطفيًا‭ ‬ولا‭ ‬ماديًا،‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬طلباتها‭ ‬مجابة،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬السهر‭ ‬إذ‭ ‬أخرج‭ ‬للسهر‭ ‬مع‭ ‬أصدقائي‭ ‬وأتركها‭ ‬مع‭ ‬العيال،‭ ‬وإنما‭ ‬كنت‭ ‬أشاركها‭ ‬كل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة،‭ ‬فقد‭ ‬كرست‭ ‬كل‭ ‬حياتي‭ ‬سواء‭ ‬عندما‭ ‬كنا‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬الإجازات،‭ ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬سعيدة‭ ‬معي،‭ ‬هي‭ ‬كانت‭ ‬تقول‭ ‬ذلك،‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬تمثل‭ ‬السعادة،‭ ‬أم‭ ‬كانت‭ ‬سعادتها‭ ‬مزيفة؟‭ ‬لا‭ ‬أعرف‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬كانت‭ ‬مستعصية‭ ‬جدًا،‭ ‬إذ‭ ‬إننا‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬السبيل‭ ‬للدخول‭ ‬مع‭ ‬الزوجة‭ ‬في‭ ‬حوار،‭ ‬لأنها‭ ‬أغلقت‭ ‬كل‭ ‬منافذ‭ ‬الهواء،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬بها،‭ ‬وما‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬دعتها‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بذلك‭.‬

طلبت‭ ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬أن‭ ‬يتريث‭ ‬ويترك‭ ‬الموضوع‭ ‬عدة‭ ‬أيام،‭ ‬ويحاول‭ ‬أن‭ ‬يتجاهل‭ ‬طلب‭ ‬أسرة‭ ‬زوجته‭ ‬الطلاق،‭ ‬ولكن‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬استمرت‭ ‬عدة‭ ‬أشهر،‭ ‬وفي‭ ‬الأخير‭ ‬اتصل‭ ‬والد‭ ‬الزوجة‭ ‬بالرجل‭ ‬ليهدده‭ ‬إن‭ ‬لم‭ (‬يطلق‭) ‬فإنهم‭ ‬سيلجؤون‭ ‬للمحاكم،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭: ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬سنعرف‭ ‬لماذا‭ ‬تريد‭ ‬الطلاق‭.‬

إلا‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬ينفذوا‭ ‬التهديد،‭ ‬فذهبنا‭ ‬نبحث‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬فتبين‭ ‬أن‭ ‬الزوجة‭ ‬أثناء‭ ‬فترات‭ ‬الغربة‭ ‬تعرفت‭ ‬على‭ (‬سيدة‭) ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬نفسها،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬السيدة‭ ‬تحرض‭ ‬الزوجة‭ ‬على‭ ‬التمرد‭ ‬على‭ ‬زوجها‭ ‬حتى‭ ‬يقدم‭ ‬لها‭ ‬المزيد‭ ‬والمزيد،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬المطالب‭ ‬أن‭ ‬يسجل‭ ‬البيت‭ ‬الذي‭ ‬يسكنون‭ ‬فيه‭ ‬باسمها،‭ ‬وإلا‭ ‬فإنها‭ ‬ترفض‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭ ‬ببعض‭ ‬الحجج،‭ ‬مثل‭ ‬أنها‭ ‬تكرهه‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أمور‭.‬

وبعدما‭ ‬انكشف‭ ‬المستور،‭ ‬وجدنا‭ ‬الحل‭.‬

المشكلة‭ ‬الرابعة‭: ‬يقول‭ ‬صاحبها؛‭ ‬رجعت‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬إلى‭ ‬المنزل،‭ ‬فوجدت‭ ‬جارتي‭ ‬الأرملة‭ ‬واقفة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬مع‭ ‬أولادها‭ ‬الأربعة،‭ ‬وكأن‭ ‬مصيبة‭ ‬وقعت‭ ‬عليهم،‭ ‬وكان‭ ‬الوقت‭ ‬الظهيرة،‭ ‬والشمس‭ ‬قاسية‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭. ‬فسألتها‭ ‬عن‭ ‬الموضوع‭ ‬استفهم،‭ ‬فقالت،‭ ‬إنها‭ ‬وأبناؤها‭ ‬كانوا‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬لأسباب‭ ‬معينة،‭ ‬وعندما‭ ‬وصلوا‭ ‬الى‭ ‬المنزل‭ ‬قام‭ ‬ابنها‭ ‬الكبير‭ ‬‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬بالكبير‭ ‬كفاية‭ ‬‭ ‬بمحاولة‭ ‬فتح‭ ‬الباب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المفتاح‭ ‬انكسر‭ ‬في‭ ‬القفل،‭ ‬وهو‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يفتح،‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬ماذا‭ ‬تفعل‭.‬

فهدأت‭ ‬من‭ ‬روعها،‭ ‬ثم‭ ‬طلبت‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬منزلي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استأذنت‭ ‬من‭ ‬زوجتي،‭ ‬وبعدها‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬صاحب‭ ‬ورشة‭ ‬نجارة‭ ‬فشرحت‭ ‬له‭ ‬الموضوع،‭ ‬ولكنه‭ ‬اعتذر‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬خبرة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬موضوع‭ ‬المفاتيح‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬لكنه‭ ‬أرشدني‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬الورش‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭.‬

وبالفعل‭ ‬اتفقنا،‭ ‬وانتهى‭ ‬العمل‭ ‬وفتح‭ ‬الباب،‭ ‬ودفعت‭ ‬له‭ ‬المبلغ‭ ‬المطلوب‭ ‬فغادر،‭ ‬اتصلت‭ ‬بزوجتي‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬المحمول‭ ‬وقلت‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬للجارة‭ ‬إن‭ ‬المشكلة‭ ‬قد‭ ‬حلت،‭ ‬وأنها‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬منزلها،‭ ‬وبالفعل‭ ‬جاءت‭ ‬وقدمت‭ ‬لها‭ ‬المفاتيح‭ ‬الجديدة،‭ ‬وانتهى‭ ‬الموضوع‭.‬

دخلت‭ ‬المنزل،‭ ‬ولكني‭ ‬وجدت‭ ‬أن‭ ‬زوجتي‭ ‬قد‭ ‬قلبت‭ ‬البيت‭ ‬رأسًا‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬وكل‭ ‬كلامها‭ ‬ينحسر‭ ‬في‭ ‬‮«‬لماذا‭ ‬تساعد‭ ‬هذه‭ ‬المرأة؟‭ ‬هل‭ ‬بينك‭ ‬وبينها‭ ‬علاقة؟‭ ‬اعترف‮»‬‭.‬

وبدأت‭ ‬غيرة‭ ‬النساء،‭ ‬فوالله‭ ‬اني‭ ‬ساعدتها‭ ‬لوجه‭ ‬الله،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬منها‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬جارة‭ ‬في‭ ‬مشكلة،‭ ‬فمن‭ ‬الشهامة‭ ‬أن‭ ‬أقوم‭ ‬بمساعدتها،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬زوجها‭ ‬المتوفى‭ ‬كان‭ ‬جارا‭ ‬وصديقا،‭ ‬فهل‭ ‬أخطأت؟‭ ‬وهل‭ ‬يحق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تزعل؟

هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬شائعة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬فيه‭ ‬الجار‭ ‬جاره،‭ ‬ولكنها‭ ‬تحدث‭ ‬بصورة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭.‬

واستكمالاً‭ ‬للمشكلة،‭ ‬خرجت‭ ‬الزوجة‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬زوجها،‭ ‬فطلبت‭ ‬من‭ ‬والدها‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬زوجها،‭ ‬فذهبت‭ ‬أنا‭ ‬كصديق‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬لزيارة‭ ‬الأب‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬ابنته،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬سمع‭ ‬نصف‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وعندما‭ ‬قام‭ ‬الرجل‭ ‬أو‭ ‬الزوج‭ ‬بشرح‭ ‬الموضوع‭ ‬بكل‭ ‬جوانبه،‭ ‬همّ‭ ‬الأب‭ ‬فابتسم،‭ ‬وقال‭ ‬للرجل‭: ‬‮«‬غادر‭ ‬أنت‭ ‬الآن،‭ ‬واترك‭ ‬لي‭ ‬الموضوع‮»‬‭.‬

وبالفعل‭ ‬صدق‭ ‬الأب،‭ ‬فبعد‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬الرجل‭ ‬وقال‭: ‬شكرًا‭ ‬لك،‭ ‬انتهت‭ ‬المشكلة‭.‬

وقلت‭ ‬في‭ ‬نفسي‭: ‬يا‭ ‬ليت‭ ‬كل‭ ‬الآباء‭ ‬هكذا‭.‬

المشكلات‭ ‬لا‭ ‬تنتهي،‭ ‬لكنها‭ ‬فقط‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الروية‭ ‬والهدوء‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الحلول،‭ ‬وخاصة‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الطرفان‭ ‬يريدان‭ ‬الحل،‭ ‬فالذين‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬الحل‭ ‬لن‭ ‬يجدوا‭ ‬الحل‭.‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا