العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مخلفات فضائية تسقط على رؤوس الناس!

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ٢٩ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

الثامن‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يوماً‭ ‬عادياً‭ ‬كسائر‭ ‬أيام‭ ‬السنة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأسرة‭ ‬أمريكية‭ ‬تسكن‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المنازل‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬نابلس‮»‬‭ (‬Naples‭) ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬غرب‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬الأمريكية‭. ‬ففي‭ ‬المنزل‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬بالتحديد‭ ‬كان‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬باستثناء‭ ‬أحد‭ ‬الأبناء،‭ ‬حيث‭ ‬فوجئ‭ ‬هذا‭ ‬الولد‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬وفي‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬والنصف‭ ‬بعد‭ ‬الظهر‭ ‬بسماع‭ ‬صوتٍ‭ ‬رعدي‭ ‬مخيف‭ ‬يزلزل‭ ‬المنزل‭ ‬من‭ ‬فوق،‭ ‬وعندما‭ ‬هدأ‭ ‬هذا‭ ‬الصوت‭ ‬الرعدي،‭ ‬وخف‭ ‬صداه،‭ ‬تحرك‭ ‬الولد‭ ‬فوراً‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬سريعة‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬المنزل‭ ‬ليعاين‭ ‬ويشاهد‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬غرفة‭ ‬من‭ ‬غرف‭ ‬المنزل‭. ‬فلما‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬الصالة‭ ‬ونظر‭ ‬إلى‭ ‬الأعلى‭ ‬رأى‭ ‬فُوهة‭ ‬واسعة‭ ‬وحفرة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬السقف،‭ ‬فلم‭ ‬يعلم‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬ولم‭ ‬يعلم‭ ‬مصدر‭ ‬الصوت‭ ‬الرهيب،‭ ‬ومن‭ ‬الذي‭ ‬صنع‭ ‬هذه‭ ‬الفوهة‭ ‬في‭ ‬جدار‭ ‬السقف‭ ‬وأحدث‭ ‬تدميراً‭ ‬جزئياً‭ ‬لأعلى‭ ‬المنزل‭.‬

ففي‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬نزل‭ ‬الخوف‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬الولد‭ ‬الصغير،‭ ‬وجثم‭ ‬على‭ ‬صدره‭ ‬الذعر‭ ‬الشديد،‭ ‬وامتلأت‭ ‬نفسه‭ ‬رعباً‭ ‬وإثارة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬شاهده‭ ‬أمام‭ ‬عينيه‭ ‬ولمسه‭ ‬بيديه،‭ ‬فهرع‭ ‬الصبي‭ ‬مرتعباً‭ ‬ومسرعاً‭ ‬للاتصال‭ ‬بأبيه‭ ‬‮«‬ألجندرو‭ ‬أوتيرو‮»‬‭ (‬Alejandro‭ ‬Otero‭) ‬ليفاجئه‭ ‬بهذا‭ ‬الخبر‭ ‬الغريب‭ ‬والمرعب‭ ‬والمقلق‭ ‬جداً،‭ ‬وبما‭ ‬جرى‭ ‬على‭ ‬المنزل،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬كالحلم‭ ‬والكابوس‭ ‬المرعب‭ ‬والغريب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصديقه،‭ ‬ولا‭ ‬يقدم‭ ‬أي‭ ‬تفسير‭ ‬منطقي‭ ‬وواقعي‭ ‬لما‭ ‬سقط‭ ‬على‭ ‬المنزل‭. ‬فلم‭ ‬يقع‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬هوليود‭ ‬الخيالية،‭ ‬ولم‭ ‬يتعرض‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬زمان‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬الغامضة‭ ‬والفريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭.‬

فجاء‭ ‬الأب‭ ‬مدهوشاً‭ ‬ومرتبكاً‭ ‬ومصدوماً‭ ‬مما‭ ‬سمع‭ ‬من‭ ‬ابنه،‭ ‬وقام‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬بالاتصال‭ ‬بالشرطة،‭ ‬واستغاث‭ ‬بهم‭ ‬ليحققوا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬المأساوية،‭ ‬ويقدموا‭ ‬تفسيراً‭ ‬علمياً‭ ‬لهذه‭ ‬الفوهة‭ ‬العميقة‭ ‬في‭ ‬جدار‭ ‬السقف‭. ‬فبعد‭ ‬وصول‭ ‬الشرطة،‭ ‬والتجول‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬وصالات‭ ‬المنزل،‭ ‬وجدوا‭ ‬جسماً‭ ‬معدنياً‭ ‬صغيراً‭ ‬أسطواني‭ ‬الشكل،‭ ‬وتظهر‭ ‬عليه‭ ‬آثار‭ ‬الحرارة‭ ‬العالية‭ ‬والانصهار‭ ‬المعدني‭ ‬الشديد،‭ ‬ولكن‭ ‬الشرطة‭ ‬لم‭ ‬تجازف‭ ‬بالاقتراب‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجسم،‭ ‬فلعله‭ ‬يكون‭ ‬ساماً‭ ‬وخطراً‭ ‬على‭ ‬الإنسان،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬كائناً‭ ‬فضائياً‭ ‬غازياً‭ ‬للأرض‭. ‬

فبعد‭ ‬الفحص‭ ‬الأولي‭ ‬الظاهري‭ ‬البسيط‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬انتابهم‭ ‬الشك‭ ‬والريبة‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الجسم‭ ‬المعدني‭ ‬الغامض‭ ‬لم‭ ‬ينزل‭ ‬على‭ ‬البيت‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬وأنه‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬الفضاء،‭ ‬ومن‭ ‬السماء‭ ‬العليا‭. ‬ولذلك‭ ‬تم‭ ‬أخذ‭ ‬كافة‭ ‬الاحتياطات‭ ‬اللازمة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الجسم‭ ‬المعدني،‭ ‬ونقله‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الجهة‭ ‬المختصة‭ ‬بشؤون‭ ‬الفضاء‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬الإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬للملاحة‭ ‬الجوية‭ ‬والفضاء‮»‬‭ (‬ناسا‭)‬،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬كنيدي‭ ‬للفضاء‮»‬‭ ‬في‭ ‬فلوريدا‭. ‬وفي‭ ‬15‭ ‬أبريل‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬وبعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬التحليل‭ ‬الشامل‭ ‬لهذا‭ ‬الجسم‭ ‬الفضائي،‭ ‬نَشرتْ‭ ‬‮«‬ناسا‮»‬‭ ‬تقريراً‭ ‬مفصلاً‭ ‬أكدت‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجسم‭ ‬المعدني‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬سبيكة‭ ‬معدنية‭ ‬فلزية‭ ‬شديدة‭ ‬القوة‭ ‬وتتحمل‭ ‬الحرارة‭ ‬العالية،‭ ‬وزنها‭ ‬1‭.‬6‭ ‬رطل،‭ ‬وطولها‭ ‬أربع‭ ‬بوصات،‭ ‬وقطرها‭ ‬1‭.‬6‭ ‬بوصة‭. ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬التقرير‭ ‬وهو‭ ‬مصدر‭ ‬هذا‭ ‬الجسم‭ ‬السماوي،‭ ‬حيث‭ ‬أفاد‭ ‬التقرير‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2021،‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬قام‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء‭ ‬في‭ ‬‮«‬سفينة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬باستبدال‭ ‬البطاريات‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تُزود‭ ‬المحطة‭ ‬بالوقود‭ ‬والطاقة‭ ‬وانتهت‭ ‬صلاحيتها‭ ‬ومدتها‭ ‬الافتراضية،‭ ‬بمجموعة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬بطاريات‭ ‬أيونات‭ ‬الليثيوم،‭ ‬مما‭ ‬استدعى‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬البطاريات‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تزن‭ ‬قرابة‭ ‬2‭.‬63‭ ‬طن،‭ ‬وحجمها‭ ‬كسيارة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وكان‭ ‬يُطلق‭ ‬عليها‭ (‬Exposed‭ ‬Pallet‭ ‬9‭). ‬وهذه‭ ‬المخلفات‭ ‬الكبيرة‭ ‬أُطلقت‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬لتسبح‭ ‬حول‭ ‬الأرض،‭ ‬بدون‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬بالدقة‭ ‬الشديدة‭ ‬مصير‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬ومستقرها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجسم‭ ‬الضخم‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬ثم‭ ‬يحترق‭ ‬كلياً‭ ‬أثناء‭ ‬دخوله‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬فيتحول‭ ‬إلى‭ ‬رمادٍ‭ ‬متناثر‭ ‬وينتهي‭ ‬أمره‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ضرر‭ ‬على‭ ‬البشر‭. ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬الحسبان،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬متوقعاً‭ ‬بأنه‭ ‬لن‭ ‬يحترق‭ ‬كله‭ ‬ويتحول‭ ‬إلى‭ ‬جسم‭ ‬صلب‭ ‬ينزل‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬سكان‭ ‬الأرض،‭ ‬وقد‭ ‬يلحق‭ ‬الضرر‭ ‬الجسدي‭ ‬بالبشر‭.   ‬

فهذه‭ ‬الواقعة‭ ‬غير‭ ‬المحسوبة‭ ‬وغير‭ ‬المسؤولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬علماء‭ ‬الفضاء،‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬حادثة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بالبشر،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬أجساماً‭ ‬ومخلفات‭ ‬فضائية‭ ‬تنزل‭ ‬على‭ ‬المنازل‭ ‬المأهولة‭ ‬بالسكان،‭ ‬وكادت‭ ‬تسقط‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الناس‭ ‬فتلحق‭ ‬بهم‭ ‬ضرراً‭ ‬وألماً‭ ‬شديدين‭. ‬فجميع‭ ‬الحالات‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توثيقها‭ ‬تؤكد‭ ‬سقوط‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬الصلبة‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المحيطات،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتضرر‭ ‬منها‭ ‬أي‭ ‬إنسان،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مرفق‭ ‬بشري‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬تثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬والشكوك‭ ‬حول‭ ‬وجود‭ ‬رؤية‭ ‬علمية‭ ‬واضحة‭ ‬لكيفية‭ ‬إدارة‭ ‬جميع‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬عن‭ ‬برامج‭ ‬الفضاء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬برامج‭ ‬إطلاق‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬بأحجامها‭ ‬المختلفة‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬تشغيلها‭ ‬وصلاحيتها‭. ‬ومن‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬أطرحُها‭ ‬شخصياً‭ ‬ولم‭ ‬أجد‭ ‬الإجابة‭ ‬الشافية‭ ‬والكافية‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬العلمية‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

أولاً‭: ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬حصر‭ ‬لنوعية‭ ‬وكمية‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬تحوم‭ ‬حالياً‭ ‬حول‭ ‬الأرض؟

ثانياً‭: ‬ما‭ ‬مصير‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات؟‭ ‬وكيف‭ ‬سيتم‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بهدف‭ ‬حماية‭ ‬سكان‭ ‬الأرض؟‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬خطة‭ ‬حالياً‭ ‬ومستقبلاً‭ ‬لإدارة‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات؟

ثالثاً‭: ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬دراسات‭ ‬قامت‭ ‬بإجراء‭ ‬التحليل‭ ‬الكيميائي‭ ‬لنوعية‭ ‬الملوثات‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬مدارات‭ ‬الأرض‭ ‬المنخفضة‭ ‬وفي‭ ‬السماء‭ ‬العليا،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬دخول‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬إلى‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬لتحترق‭ ‬فتلوث‭ ‬وتفسد‭ ‬نوعية‭ ‬هذه‭ ‬المدارات‭ ‬بالملوثات‭ ‬العضوية‭ ‬والعناصر‭ ‬الثقيلة‭ ‬السامة؟

رابعاً‭: ‬ما‭ ‬تصور‭ ‬علماء‭ ‬الفضاء‭ ‬بالنسبة‭ ‬للسفينة‭ ‬الدولية‭ ‬للفضاء‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬منذ‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬ولكنها‭ ‬ستُحال‭ ‬إلى‭ ‬التقاعد‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬عندما‭ ‬تنتهي‭ ‬صلاحيتها‭ ‬وينتهي‭ ‬دورها‭ ‬وعملها،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬حجم‭ ‬هذه‭ ‬السفينة‭ ‬كبير‭ ‬كحجم‭ ‬ملعب‭ ‬كرة‭ ‬القدم؟

خامساً‭: ‬من‭ ‬يملك‭ ‬الفضاء؟‭ ‬ومن‭ ‬يتحكم‭ ‬في‭ ‬إدارته؟‭ ‬فمن‭ ‬المفروض‭ ‬أنه‭ ‬ملكية‭ ‬عامة‭ ‬مشتركة‭ ‬لا‭ ‬سيادة‭ ‬لأحد‭ ‬عليه،‭ ‬ولا‭ ‬قرار‭ ‬فردي‭ ‬يُتخذ‭ ‬في‭ ‬غزوه‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬موارده‭.‬

سادساً‭: ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬ضمان‭ ‬سلامة‭ ‬الملاحة‭ ‬الجوية‭ ‬للطائرات‭ ‬المدنية‭ ‬خاصة‭ ‬التي‭ ‬تحلق‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬عندما‭ ‬تدخل‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬الأرضي؟‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬ضمان‭ ‬سلامة‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬تبحر‭ ‬في‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات،‭ ‬وسلامة‭ ‬المرافق‭ ‬البشرية‭ ‬البرية‭ ‬عندما‭ ‬تنزل‭ ‬بقايا‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬براً‭ ‬أو‭ ‬بحراً؟

إذن‭ ‬فما‭ ‬حدث‭ ‬للمواطن‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريداً‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬لأي‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بقعة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬أو‭ ‬البحر،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬تخبط‭ ‬الإنسان‭ ‬وعشوائيته‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مخلفات‭ ‬الفضاء‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬مشاهدتها‭ ‬وتحسس‭ ‬وجودها‭ ‬بسهولة،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنه‭ ‬مازال‭ ‬يقف‭ ‬عاجزاً‭ ‬أمام‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬المستدامة‭ ‬والجذرية‭ ‬لمخلفات‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬بين‭ ‬يديه،‭ ‬ويراها‭ ‬أمامه،‭ ‬وتنتج‭ ‬يومياً‭ ‬منذ‭ ‬مئات‭ ‬السنين،‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬منزلية،‭ ‬وصناعية،‭ ‬وزراعية،‭ ‬وتجارية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬المخلفات‭ ‬المشعة‭ ‬الصلبة‭ ‬وشبه‭ ‬الصلبة‭ ‬التي‭ ‬نجمت‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬نووية‭ ‬عسكرية‭ ‬وسليمة،‭ ‬والتي‭ ‬تخزن‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90‭ ‬سنة‭ ‬بصفةٍ‭ ‬مؤقتة‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬نووية‭ ‬كثيرة،‭ ‬وتُمثل‭ ‬قنبلة‭ ‬دمار‭ ‬شامل‭ ‬قد‭ ‬تنفجر‭ ‬في‭ ‬وجوهنا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭. ‬

فإذا‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬يقف‭ ‬حائراً‭ ‬وعاجزاً‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬مخلفات‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬فكيف‭ ‬سينجح‭ ‬مع‭ ‬مخلفات‭ ‬الفضاء،‭ ‬وأعالي‭ ‬السماء‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬عشرات‭ ‬أو‭ ‬مئات‭ ‬الكيلومترات‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الغموض‭ ‬والسرية،‭ ‬ونقص‭ ‬المعلومات‭ ‬الدقيقة،‭ ‬وقلة‭ ‬الخبرات‭ ‬المتراكمة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬الفضائية؟

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا