العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

وحدة الصف العربي وعجز النظام الدولي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

تبدو‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬العربي،‭ ‬ضرورة،‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬أمام‭ ‬تحديات‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬طالت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬السياسية،‭ ‬والأمنية،‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والثقافية،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬فيه‭ ‬أيضًا‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬عاجزًا‭ ‬عن‭ ‬حسم‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭. ‬يدعم‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬امتلاك‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المقومات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬تتهافت‭ ‬عليها،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لأنها‭ ‬قلب‭ ‬العالم‭ ‬القديم،‭ ‬ومن‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬لكن‭ ‬لتأثيرها‭ ‬القوي‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬والسيولة‭ ‬الدولية،‭ ‬وحركة‭ ‬الاقتصاد‭.‬

وتاريخيًا،‭ ‬حققت‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬العربي‭ ‬إنجازات‭ ‬مشهودة،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬عاملاً‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثي‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬عام‭ ‬1956،‭ ‬ودعم‭ ‬الصمود‭ ‬العربي‭ ‬بعد‭ ‬نكسة‭ ‬1967،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الانتصار‭ ‬في‭ ‬1973،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوافق‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬بيروت‭ ‬1982،‭ ‬بشأن‭ ‬مسار‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وحلها‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬وانسحاب‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭ ‬واللبنانية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وجعل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬قضية‭ ‬العرب‭ ‬المركزية‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ساعد‭ ‬هذا‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أول‭ ‬مراحل‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬العربية‭ ‬الكبرى،‭ ‬وإطلاق‭ ‬الميثاق‭ ‬العربي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬2004،‭ ‬فيما‭ ‬مكن‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬المنظمة‭ ‬العربية‭ ‬للتربية‭ ‬والثقافة‭ ‬والعلوم،‭ ‬لتعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬كأحد‭ ‬أهم‭ ‬مقومات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي،‭ ‬وإنجاز‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬المهمة،‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك،‭ ‬كالاستراتيجية‭ ‬العربية‭ ‬للأمن‭ ‬المائي‭ (‬20202030‭)‬،‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬العربية‭ ‬للشباب‭ ‬والسلام‭ ‬والأمن‭ (‬2023‭ ‬2028‭)‬،‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬العربية‭ ‬للصحة‭ ‬والبيئة‭ (‬20172030‭).‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬أفسح‭ ‬غياب‭ ‬التوافق‭ ‬ووحدة‭ ‬الصف‭ ‬العربي،‭ ‬المجال‭ ‬للتدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬العربية،‭ ‬وانتعاش‭ ‬مشروعات‭ ‬الهيمنة‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬وإحداث‭ ‬الوقيعة‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬وخروج‭ ‬عدة‭ ‬ملفات‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك،‭ ‬لتصبح‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬قوى‭ ‬خارجية،‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مصالحها‭ ‬فقط،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬توافق‭ ‬أو‭ ‬تعارض‭ ‬هذه‭ ‬المصالح‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭. ‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬باتت‭ ‬عدة‭ ‬أزمات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬أزمات‭ ‬مزمنة،‭ ‬مضى‭ ‬عليها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عِقد‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬وافتقدت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أولى‭ ‬أساسيات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وهو‭ ‬الأمن،‭ ‬وخرجت‭ ‬من‭ ‬السياق‭ ‬العالمي‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭.. ‬فهل‭ ‬نستطيع‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬هذه‭ ‬التنمية‭ ‬المراد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مع‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬اليمن‭ ‬أو‭ ‬ليبيا‭ ‬أو‭ ‬العراق،‭ ‬إننا‭ ‬فقط‭ ‬نستطيع‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬عشرية‭ ‬سوداء‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬وأفقدتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عِقد‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬التنمية،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬التحدث‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬الذي‭ ‬مزقته‭ ‬الحرب‭ ‬بين‭ ‬قادة‭ ‬كانوا‭ ‬معًا‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬الحكم،‭ ‬أو‭ ‬الصومال‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬يعاني‭ ‬سطوة‭ ‬الإرهاب‭.‬

وفي‭ ‬14‭ ‬مايو،‭ ‬خلال‭ ‬الجلسة‭ ‬الافتتاحية‭ ‬لاجتماع‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬العرب‭ ‬التحضيري‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬الـ‭ ‬33‭ ‬في‭ ‬المنامة،‭ ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للشهر‭ ‬السابع‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬وعلى‭ ‬وقع‭ ‬توغل‭ ‬الدبابات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬رفح‭ ‬جنوب‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬رغم‭ ‬التحذيرات‭ ‬الدولية‭ ‬والعربية،‭ ‬جددت‭ ‬السعودية‭ ‬إدانتها‭ ‬للانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وقال‭ ‬وزير‭ ‬خارجيتها‭ ‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬فرحان،‭ ‬إن‭ ‬استمرار‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬عدوانها‭ ‬وخرقها‭ ‬لكل‭ ‬القوانين‭ ‬والأعراف‭ ‬الدولية‭ ‬دون‭ ‬مبالاة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬آليات‭ ‬المحاسبة‭ ‬الدولية؛‭ ‬فاقم‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الانتهاكات‭ ‬أضعفت‭ ‬مصداقية‭ ‬قواعد‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬ومؤسساته،‭ ‬وأظهرت‭ ‬العجز‭ ‬التام‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬صون‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الدوليين‭.‬

ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أنه‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬يصدر‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬قراره‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬25‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬حيث‭ ‬امتنعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬بعد‭ ‬ثماني‭ ‬محاولات،‭ ‬وبرغم‭ ‬الترحيب‭ ‬الدولي‭ ‬بهذا‭ ‬القرار،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬به،‭ ‬وعجز‭ ‬المجلس‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭.‬

ومن‭ ‬أصل‭ ‬193‭ ‬دولة‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وافقت‭ ‬153‭ ‬دولة،‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬12ديسمبر2023،‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وضمان‭ ‬وصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الاستثنائية‭ ‬الطارئة‭ ‬العاشرة‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأعمال‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬المحتلة‭ ‬وبقية‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭. ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬تقدم‭ ‬بمشروع‭ ‬القرار‭ ‬21‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬والتمسك‭ ‬بالالتزامات‭ ‬القانونية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬وأيضًا‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بهذا‭ ‬القرار،‭ ‬ولم‭ ‬تستطع‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فرض‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭.‬

وفي‭ ‬10‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬وبأغلبية‭ ‬143‭ ‬عضوا‭ ‬شاملاً‭ ‬12‭ ‬عاصمة‭ ‬أوروبية‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬أصدرت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة،‭ ‬قرارًا‭ ‬بأحقية‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬للعضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهو‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬موافقة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ستستخدم‭ ‬الفيتو،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقويضه‭ ‬كما‭ ‬استخدمته‭ ‬لحرمان‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬أبريل،‭ ‬ولدى‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬قام‭ ‬مندوب‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتمزيق‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أمام‭ ‬الجميع‭.‬

أما‭ ‬الفرع‭ ‬الثالث‭ ‬الرئيسي‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهو‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬ففي‭ ‬اليوم‭ ‬112‭ ‬للعدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬أصدرت‭ ‬قرارها‭ ‬بقبول‭ ‬نظر‭ ‬الدعوى‭ ‬التي‭ ‬رفعتها‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬معلنة‭ ‬فرض‭ ‬تدابير‭ ‬مؤقتة‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬لمنع‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬فهل‭ ‬التزمت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بهذه‭ ‬التدابير‭ ‬أم‭ ‬ضربت‭ ‬بها‭ ‬عرض‭ ‬الحائط،‭ ‬وقد‭ ‬شملت‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬ضحايا‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬حين‭ ‬صدور‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬قد‭ ‬قارب‭ ‬الـ‭ ‬100‭ ‬ألف‭.‬

لكن‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬تقف‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬كانت‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل‭ ‬الشعبي‭ ‬تنتفض‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬داعية‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬العدوان،‭ ‬برغم‭ ‬السيف‭ ‬المسلط‭ ‬عليها‭ ‬بدعوى‭ ‬معاداة‭ ‬السامية،‭ ‬حيث‭ ‬انتشر‭ ‬الحراك‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الطلابية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن،‭ ‬بشأن‭ ‬مساندة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ورأينا‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬امتناع‭ ‬واشنطن‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬لدى‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬مارس،‭ ‬كما‭ ‬رأيناه‭ ‬في‭ ‬تعليق‭ ‬بعض‭ ‬صادرات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع،‭ ‬تبدو‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬العربي‭ ‬ضرورة،‭ ‬بينما‭ ‬اتجهت‭ ‬قمة‭ ‬المنامة،‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التشاور‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار،‭ ‬وتعزيز‭ ‬المصالح‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المتغيرات‭ ‬المتصاعدة،‭ ‬وفي‭ ‬الاجتماعات‭ ‬التحضيرية‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬القمة،‭ ‬طغت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬أعمالها،‭ ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تواكب‭ ‬القمة‭ ‬ما‭ ‬يستشعر‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬بيت‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬أقصاه‭ ‬إلى‭ ‬أقصاه‭ ‬من‭ ‬غضب‭ ‬وحزن‭ ‬حيال‭ ‬هذه‭ ‬المأساة‭.‬

‮ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬العربي‭ ‬بشأن‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬قد‭ ‬تجلت‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬غير‭ ‬العادية‭ ‬بالرياض،‭ ‬والتي‭ ‬أنشأت‭ ‬لجنة‭ ‬وزارية،‭ ‬مكلفة‭ ‬بمتابعة‭ ‬التطورات‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬برئاسة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬فرحان،‭ ‬قامت‭ ‬بزيارات‭ ‬مختلفة‭ ‬لعواصم‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وآسيا،‭ ‬لحشد‭ ‬التأييد‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وتأكيد‭ ‬ضرورة‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬كما‭ ‬عملت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دفع‭ ‬الدول‭ ‬باتخاذ‭ ‬خطوة‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وبلورة‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬تجسيد‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وفيما‭ ‬تغيرت‭ ‬بوصلة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي‭ ‬تجاه‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وتدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والتوجه‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سياسي،‭ ‬وفيما‭ ‬تعتمد‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬خطة‭ ‬الاستجابة‭ ‬الطارئة‭ ‬التي‭ ‬أعدها‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬للجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬والتي‭ ‬تتناول‭ ‬التداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬للعدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬وتشمل‭ ‬برامج‭ ‬تتعلق‭ ‬بالاستجابة‭ ‬الطارئة‭ ‬والإغاثة‭ ‬الشاملة‭ ‬والإنعاش‭ ‬المبكر؛‭ ‬فقد‭ ‬بات‭ ‬العالم‭ ‬مستعدًا‭ ‬لمؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬بشأن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهي‭ ‬الدعوة‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬الاجتماع‭ ‬الاستثنائي‭ ‬لوزراء‭ ‬خارجية‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬لدوله‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي،‭ ‬والذي‭ ‬طالب‭ ‬بالوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬لتسوية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهو‭ ‬مؤتمر‭ ‬تشترك‭ ‬فيه‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬لهذه‭ ‬القضية،‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وفقًا‭ ‬لقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية،‭ ‬فيما‭ ‬أكد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬العرب‭ ‬تبني‭ ‬القمة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬العربية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬برعاية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬البحرين‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬الأغلبية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬حازتها‭ ‬مشروعات‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتضمنت‭ ‬عواصم‭ ‬أوروبية،‭ ‬ووجود‭ ‬137‭ ‬دولة‭ ‬تعترف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬نجد‭ ‬إشارات‭ ‬لإمكان‭ ‬نجاح‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬لتسوية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬الإعداد‭ ‬الجيد‭ ‬له،‭ ‬وإمكان‭ ‬خروجه‭ ‬بخارطة‭ ‬طريق،‭ ‬تعيد‭ ‬الاعتبار‭ ‬للشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬فيما‭ ‬يعزز‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬العربي،‭ ‬لتكون‭ ‬قمة‭ ‬المنامة‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬بين‭ ‬القمم‭ ‬العربية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا