العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مفردات.. قطوفها دانية!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الاثنين ١٣ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

إنها‭ ‬مفردات‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬للنظرة‭ ‬العجلى‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬رصيد‭ ‬يمكن‭ ‬الاتكاء‭ ‬عليه،‭ ‬أو‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليه،‭ ‬فإن‭ ‬عطاءها‭ ‬غير‭ ‬مقطوع‭ ‬ولا‭ ‬ممنوع،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬غير‭ ‬مجذوذ‭.‬

مفردات‭ ‬نستطيع‭ ‬عند‭ ‬تدبر‭ ‬معانيها،‭ ‬وسبر‭ ‬أغوارها‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬

مقاصدها‭ ‬وغاياتها،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬أذهاننا‭: ‬هل‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬المفردات‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعاني‭ ‬أو‭ ‬الغايات؟

الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬هو‭: ‬نعم،‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬المفردات‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الرموز‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬للمثقف‭ ‬أن‭ ‬يستشعرها،‭ ‬ويجدها‭ ‬في‭ ‬مظانه‭.‬

الشمس‭.. ‬إلى‭ ‬ماذا‭ ‬ترمز،‭ ‬وإلى‭ ‬ماذا‭ ‬تشير‭ ‬من‭ ‬المعاني‭ ‬حين‭ ‬نقرأها‭ ‬كمفردة‭ ‬ليست‭ ‬متصلة‭ ‬بجملة‭ ‬معينة‭ ‬ولا‭ ‬بسياج‭ ‬معين‭ ‬لا‭ ‬أولًا،‭ ‬ولا‭ ‬أخيرًا‭.. ‬الشمس‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬الحرية‭ ‬بمعناها‭ ‬الشامل،‭ ‬والتي‭ ‬يتعطش‭ ‬إليها‭ ‬الناس،‭ ‬ويرجون‭ ‬أن‭ ‬تظلهم‭ ‬بظلها،‭ ‬وأن‭ ‬تطلق‭ ‬ألسنتهم‭ ‬من‭ ‬عقالها‭ ‬بالقول‭ ‬الحق،‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه‭.‬

أما‭ ‬القمر‭.. ‬فهو‭ ‬حلم‭ ‬الشعراء،‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬الضياء‭ ‬من‭ ‬الشمس‭.. ‬شمس‭ ‬الحرية‭ ‬إلى‭ ‬البسطاء،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬ترف‭ ‬الأغنياء‭.‬

والأرض‭.. ‬هي‭ ‬جذور‭ ‬وتواضع،‭ ‬والتواضع‭ ‬باب‭ ‬غير‭ ‬مطروق‭ ‬لقلة‭ ‬المتزاحمين‭ ‬عليه،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬الاستعلاء‭.‬

والجبال‭.. ‬هي‭ ‬الثبات‭ ‬على‭ ‬الحق،‭ ‬وتجشم‭ ‬الصعوبات‭ ‬لبلوغ‭ ‬الغايات،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمنيات‭.‬

والنجوم‭.. ‬هداية‭ ‬للتائهين‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭.. ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يظن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬الغلبة،‭ ‬فإذا‭ ‬الباطل‭ ‬زاهق،‭ ‬والحق‭ ‬تعلو‭ ‬راياته،‭ ‬وتنتصر‭ ‬جيوشه‭.‬

والوديان‭.. ‬يسر‭ ‬وسهولة‭. ‬والسماء‭.. ‬علو‭ ‬وسمو‭ ‬وارتقاء،‭ ‬وقد‭ ‬يظن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬بأنها‭ ‬بغير‭ ‬عمد،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬خلق‭ ‬السموات‭ ‬بغير‭ ‬عمد‭ ‬ترونها‭ ‬‮…‬‭) (‬لقمان‭ / ‬10‭).‬

والتراب‭.. ‬منه‭ ‬جاء‭ ‬الإنسان،‭ ‬وإليه‭ ‬يعود،‭ ‬ومنه‭ ‬يبعث‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وأنت‭ ‬أيها‭ ‬الإنسان‭ ‬حين‭ ‬تضع‭ ‬وجهك‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬تواضعًا‭ ‬لله‭ ‬تعالى‭ ‬يرفعك‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬إلى‭ ‬منازل‭ ‬لن‭ ‬تبلغها‭ ‬إلا‭ ‬به‭.‬

أما‭ ‬الهواء‭.. ‬ففيه‭ ‬سر‭ ‬الحياة،‭ ‬وبه‭ ‬يعيش‭ ‬الإنسان،‭ ‬ومن‭ ‬دونه‭. ‬يموت‭ ‬ويقبر‭.‬

والطعام‭.. ‬بقاء‭ ‬للإنسان،‭ ‬وبناء‭ ‬لماديته‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إشباعها‭ ‬بنهم‭.‬

والفجر‭.. ‬أمل‭ ‬وارتقاب،‭ ‬وتطلع‭ ‬إلى‭ ‬الغد‭ ‬المأمول‭.‬

والليل‭.. ‬راحة‭ ‬وسكن،‭ ‬يرتاح‭ ‬فيه‭ ‬البدن‭ ‬ليعيد‭ ‬دورة‭ ‬الحياة‭. ‬أما‭ ‬النهار‭.. ‬فنشاط‭ ‬وحركة‭ ‬وعمل‭ ‬لبلوغ‭ ‬الغايات،‭ ‬والمرجو‭ ‬من‭ ‬المقاصد‭ ‬المبتغاة‭.‬

والعمل‭ ‬الصالح‭.. ‬هو‭ ‬العنصر‭ ‬المكمل‭ ‬لمعادلة‭ ‬‮«‬الإيمان‭ ‬والعمل‭ ‬الصالح‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬بهما‭ ‬يسعى‭ ‬المؤمن‭ ‬إلى‭ ‬الخلود‭ ‬الذي‭ ‬وعدك‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬به‭ ‬يوم‭ ‬تلقاه‭.‬

والإخلاص‭.. ‬هو‭ ‬تجريد‭ ‬القول‭ ‬والفعل‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يشوبهما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬وريبة،‭ ‬وبالإخلاص‭ ‬ترقى‭ ‬المراتب،‭ ‬وتعلو‭ ‬الدرجات‭.‬

والخشوع‭.. ‬أقصى‭. ‬درجات‭ ‬ومراتب‭ ‬الطاعة‭ ‬لله‭ ‬تعالى،‭ ‬فإذا‭ ‬بلغ‭ ‬العبد‭ ‬هذا‭ ‬المقام‭ ‬الكريم،‭ ‬وتحققت‭ ‬له‭ ‬هذه‭ ‬المنزلة‭ ‬صار‭ ‬من‭ ‬عباد‭ ‬الله‭ ‬الصالحين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬خوف‭ ‬عليهم‭ ‬ولا‭ ‬هم‭ ‬يحزنون‭.‬

أما‭ ‬التوحيد‭.. ‬فهو‭ ‬القول‭ ‬الثابت،‭ ‬والحجة‭ ‬البالغة‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬وراءها‭ ‬زيادة‭ ‬لمستزيد‭.. ‬أما‭ ‬السجود‭.. ‬فهو‭ ‬قرب‭ ‬واتصال،‭ ‬وبه‭ ‬تتحقق‭ ‬المقاصد‭ ‬والأمنيات‭.‬

والكلمة‭ ‬الطيبة‭.. ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬الإسلام‭ ‬هي‭ ‬شجرة‭ ‬مثمرة‭ ‬أصلها‭ ‬ثابت‭ ‬لا‭ ‬تحركه‭ ‬العواصف‭ ‬والأنواء،‭ ‬وفروعها‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬عالية‭ ‬شامخة‭ ‬يتقرب‭ ‬العبد‭ ‬من‭ ‬عطائها‭ ‬إلى‭ ‬أصحاب‭ ‬الحاجات‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬المفردات،‭ ‬وشيء‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬عطائها‭ ‬يستشعرها‭ ‬المؤمن‭ ‬حين‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬دلالاتها،‭ ‬ويغوص‭ ‬في‭ ‬أعماقها‭ ‬ليكشف‭ ‬عن‭ ‬مخبوئها‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬قطوفها‭ ‬الدانية،‭ ‬وثمارها‭ ‬اليانعة،‭ ‬وفي‭ ‬الجعبة‭ ‬غيرها‭ ‬كثير‭ ‬يجده‭ ‬من‭ ‬يبحث‭ ‬عنه،‭ ‬ويقضي‭ ‬شطرًا‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬تتبعها،‭ ‬والوصول‭ ‬إليها‭.‬

تلكم‭ ‬هي‭ ‬العربية،‭ ‬وما‭ ‬تكتنزه‭ ‬من‭ ‬خير‭ ‬عميم،‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬المؤمن‭ ‬عند‭ ‬التأمل‭ ‬الذي‭ ‬يعقبه‭ ‬التدبر‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا