العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

العدوان على غزة وأهمية الانتفاضات الطلابية في أمريكا

بقلم: عبد الله السناوي

الجمعة ١٠ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

بعد‭ (‬56‭) ‬عاما‭ ‬عادت‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬العريقة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬اهتمامات‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بإلهام‭ ‬الاحتجاج‭ ‬السياسي‭ ‬وتأثيره‭ ‬في‭ ‬مجريات‭ ‬الأحداث‭. ‬في‭ ‬عام‭ (‬1968‭) ‬ولد‭ ‬جيل‭ ‬أمريكي‭ ‬جديد‭ ‬يعترض‭ ‬ويحتج‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬فيتنام،‭ ‬ويرفض‭ ‬التجنيد‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬والتي‭ ‬يرتكبها‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬آلاف‭ ‬الأميال‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬داعيا‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬بعدما‭ ‬افتقدت‭ ‬ظهيرها‭ ‬الشعبي‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

الأجواء‭ ‬الغاضبة‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬نفسه‭ ‬تتكرر‭ ‬الآن‭ ‬تحت‭ ‬عناوين‭ ‬جديدة‭ ‬تستنكر‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والتجويع‭ ‬المنهجي‭ ‬بغزة‭ ‬المحاصرة،‭ ‬تطلب‭ ‬وقفا‭ ‬مستداما‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬ووقفا‭ ‬آخر‭ ‬لأي‭ ‬استثمارات‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬تدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬العسكرية‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬المطلب‭ ‬الأخير‭ ‬تطورا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭ ‬الأمريكية‭ ‬يضع‭ ‬مستقبل‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بين‭ ‬قوسين‭ ‬كبيرين‭.‬

‮«‬ليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬تجاهل‭ ‬جثة‭ ‬طفل‭ ‬بين‭ ‬ذراعي‭ ‬أمه،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬تجاهل‭ ‬الجياع‭ ‬وهم‭ ‬يتدافعون‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬رغيف‭ ‬خبز‭ ‬والرصاص‭ ‬يطلق‭ ‬عليهم،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬إزالة‭ ‬الحطام‭ ‬بعد‭ ‬تعرض‭ ‬شاحنات‭ ‬المساعدات‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬ومقتل‭ ‬عمال‭ ‬إغاثة‭ ‬إنسانية‮»‬‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬تلخيصا‭ ‬إنسانيا‭ ‬أوردته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬لدواعي‭ ‬الغضب‭ ‬السياسي،‭ ‬الذي‭ ‬اجتاح‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭.‬

في‭ ‬المرتين‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬الأزمان‭ ‬والعناوين،‭ ‬نصبت‭ ‬خيام‭ ‬في‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي،‭ ‬جرت‭ ‬صدامات‭ ‬واقتحامات‭ ‬واعتقالات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬زخم‭ ‬الغضب‭. ‬وفي‭ ‬المرتين‭ ‬امتدت‭ ‬التظاهرات‭ ‬والاحتجاجات‭ ‬من‭ ‬كولومبيا‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬جامعات‭ ‬النخبة‭ ‬الأمريكية‭.‬

نحن‭ ‬أمام‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬يصطدم‭ ‬مدفوعا‭ ‬بمثله‭ ‬العليا‭ ‬مع‭ ‬مؤسسات‭ ‬الحكم،‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ومجلسي‭ ‬الكونجرس‭ ‬والمدعين‭ ‬العامين‭ ‬وحكام‭ ‬الولايات‭ ‬مستندين‭ ‬إلى‭ ‬رؤساء‭ ‬الجامعات،‭ ‬الذين‭ ‬أخذوا‭ ‬يلوحون‭ ‬بالقبضة‭ ‬الأمنية‭. ‬

حسب‭ ‬قراءة‭ ‬‮«‬تشارلز‭ ‬بلو‮»‬‭ ‬في‭ ‬الـ«نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬الجيل‭ ‬الغاضب‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬فيتنام‭ ‬أنضجته‭ ‬حركة‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭.. ‬والجيل‭ ‬الغاضب‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬اكتسب‭ ‬وعيه‭ ‬من‭ ‬الحركات‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬كـ«احتلوا‭ ‬وول‭ ‬ستريت‮»‬‭ ‬و«حياة‭ ‬السود‭ ‬مهمة‮»‬‭. ‬بأثر‭ ‬ذلك‭ ‬الصدام‭ ‬تبدو‭ ‬أمريكا‭ ‬عند‭ ‬مفترق‭ ‬طرق‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬صراعاتها‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

سوف‭ ‬يأخذ‭ ‬الصدام‭ ‬مداه‭ ‬قمعا‭ ‬واعتقالا‭ ‬وإغلاقا‭ ‬إداريا‭ ‬وعقابا‭ ‬للأساتذة‭ ‬الذين‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬آرائهم‭ ‬بحرية‭.‬

أي‭ ‬صدام‭ ‬مع‭ ‬المستقبل‭ ‬خاسر‭ ‬مقدما‭. ‬هذه‭ ‬حقيقة‭ ‬مؤكدة‭. ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬غضب‭ ‬خارج‭ ‬سياق‭ ‬مجتمعه‭. ‬وهذه‭ ‬حقيقة‭ ‬أخرى‭. ‬وفق‭ ‬استطلاع‭ ‬أخير‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬فإن‭ (‬53%‭) ‬يعارضون‭ ‬إرسال‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لإسرائيل‭. ‬التطور‭ ‬لافت‭ ‬بذاته‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬أبدته‭ ‬المؤسسة‭ ‬التشريعية‭ ‬بجناحيها‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي‭ ‬من‭ ‬استعداد‭ ‬للمضي‭ ‬بعيدا‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬وغض‭ ‬البصر‭ ‬عما‭ ‬يحيق‭ ‬بأهالي‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬عذاب‭ ‬فوق‭ ‬طاقة‭ ‬بشر‭ ‬على‭ ‬التحمل‭.‬

كان‭ ‬دخول‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬المساجلات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الداخلية‭ ‬باتهام‭ ‬الطلاب‭ ‬بـ«معاداة‭ ‬السامية‮»‬‭ ‬صبا‭ ‬للزيت‭ ‬على‭ ‬النيران‭ ‬المشتعلة‭ ‬في‭ ‬الصدور،‭ ‬فهو‭ ‬بشخصه‭ ‬وتصرفاته‭ ‬وجرائمه‭ ‬يلخص‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يكرهه‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد،‭ ‬خاصة‭ ‬بأوساط‭ ‬اليهود‭ ‬الأمريكيين‭.‬

‭ ‬بالتزامن‭ ‬نشأت‭ ‬حركة‭ ‬احتجاج‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬السوربون‭ ‬الفرنسية‭ ‬ضد‭ ‬تورط‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬مانويل‭ ‬ماكرون‮»‬‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وتعرضت‭ ‬للقمع‭.‬

القمع‭ ‬هو‭ ‬المحرك‭ ‬الأول‭ ‬للتصعيد‭. ‬كلما‭ ‬أمعنت‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬القمع‭ ‬تزايدت‭ ‬مشاعر‭ ‬الغضب‭. ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يقرأون‭ ‬التاريخ‭ ‬يرتكبون‭ ‬الخطأ‭ ‬نفسه‭ ‬مرة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى‭. ‬

تلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬مقدمات‭ ‬موجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الحركات‭ ‬الطلابية‭ ‬بأنحاء‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬تكاد‭ ‬تقارب‭ ‬مستويات‭ ‬غضب‭ ‬شباب‭ ‬أواخر‭ ‬ستينيات‭ ‬وأوائل‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬في‭ ‬عام‭ (‬1968‭) ‬نشأت‭ ‬حركات‭ ‬وانتفاضات‭ ‬طلابية،‭ ‬أهمها‭ ‬وأكثرها‭ ‬دويا‭ ‬الفرنسية‭ ‬والأمريكية‭ ‬والمصرية‭. ‬اكتسبت‭ ‬انتفاضة‭ ‬مايو‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬تأثيرها‭ ‬الواسع‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬صاحبتها‭ ‬والرموز‭ ‬الثقافية‭ ‬والفكرية‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬فيها،‭ ‬ومن‭ ‬الأثار‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬ترتبت‭ ‬عليها‭.‬

لكل‭ ‬حركة‭ ‬طبيعة‭ ‬وأسباب‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬الأخرى،‭ ‬لكن‭ ‬يجمع‭ ‬بينها‭ ‬الغضب‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حولها‭ ‬وأمامها‭ ‬وخلفها‭. ‬انتشرت‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬مسرحية‭ ‬الكاتب‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬جون‭ ‬أوسبورن‮»‬‭: ‬‮«‬انظر‭ ‬وراءك‭ ‬في‭ ‬غضب‮»‬‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭ - ‬كأنها‭ ‬بدلالات‭ ‬عنوانها‭ ‬ثورة‭ ‬جامحة‭ ‬على‭ ‬الماضي‭ ‬بكل‭ ‬إرثه‭. ‬شاعت‭ ‬كتابات‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الألماني‭ ‬‮«‬هربرت‭ ‬ماركوز‮»‬‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬التاريخ،‭ ‬واحتلت‭ ‬صور‭ ‬الثائر‭ ‬الأممي‭ ‬‮«‬أرنستو‭ ‬تشي‭ ‬جيفارا‮»‬‭ ‬جدران‭ ‬المدن‭ ‬الجامعية‭ ‬رمزا‭ ‬للتمرد‭ ‬على‭ ‬سطوة‭ ‬النظم‭. ‬بدأت‭ ‬تظهر‭ ‬مجلات‭ ‬الحائط‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬الكليات‭ ‬الجامعية‭ ‬بأقلام‭ ‬‮«‬فلوماستر‮»‬‭ ‬وروح‭ ‬متمردة‭. ‬وقد‭ ‬استوحيت‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬الصين‭.‬

كانت‭ ‬مجلات‭ ‬الحائط‭ ‬في‭ ‬وقتها‭ ‬وظروفها‭ ‬ثورة‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬عما‭ ‬تختلج‭ ‬به‭ ‬النفوس‭ ‬دون‭ ‬رقابة،‭ ‬أو‭ ‬مصادرة‭. ‬ثورة‭ ‬أتاحت‭ ‬أوسع‭ ‬فرص‭ ‬ممكنة‭ ‬للحوارات‭ ‬المفتوحة‭.‬

‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬الغاضب‭ ‬تبدت‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬صدمة‭ ‬واسعة‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أحكام‭ ‬مخففة‭ ‬بحق‭ ‬المتسببين‭ ‬في‭ ‬هزيمة‭ ‬يونيو‭ (‬1967‭) ‬من‭ ‬سلاح‭ ‬الطيران‭. ‬خرجت‭ ‬تظاهرات‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬تحتج‭ ‬على‭ ‬الأحكام‭. ‬تطورت‭ ‬مطالبها‭ ‬إلى‭ ‬تعبئة‭ ‬موارد‭ ‬البلاد‭ ‬لخوض‭ ‬حرب‭ ‬تحرير‭ ‬سيناء‭ ‬المحتلة‭ ‬وتوسيع‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭. ‬وكانت‭ ‬التظاهرات‭ ‬الطلابية‭ ‬عام‭ (‬1972‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة،‭ ‬بحجمها‭ ‬وأثرها،‭ ‬إعلانا‭ ‬مدويا‭ ‬عن‭ ‬ميلاد‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭.‬

ارتبطت‭ ‬لحظة‭ ‬الميلاد‭ ‬مع‭ ‬نداء‭ ‬استعادة‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح‭ ‬ورفض‭ ‬المماطلة‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬الحرب‭. ‬كما‭ ‬ارتبطت‭ ‬بصورة‭ ‬‮«‬الفدائي‭ ‬الفلسطيني‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬وجد‭ ‬هويته‭ ‬في‭ ‬بندقيته‭ ‬ـ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أنشدت‭ ‬‮«‬أم‭ ‬كلثوم‮»‬‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬‮«‬نزار‭ ‬قباني‮»‬‭. ‬بدت‭ ‬الانتفاضة‭ ‬قوية‭ ‬ومباغتة‭ ‬كأن‭ ‬غضبا‭ ‬مكتوما‭ ‬قد‭ ‬انفجر‭.‬

بدأت‭ ‬الشرارة‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الهندسة‭ ‬وانتقلت‭ ‬بشرعية‭ ‬غضبها‭ ‬إلى‭ ‬كليات‭ ‬أخرى‭ ‬ومن‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬الأزهر،‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬جامعات‭ ‬ثالثة‭ ‬ورابعة‭ ‬وخامسة‭. ‬السيناريو‭ ‬نفسه‭ ‬يكاد‭ ‬يتكرر‭ ‬الآن‭ ‬بحذافيره‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا،‭ ‬إنها‭ ‬الروح‭ ‬الجامعية‭ ‬الشابة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬التالي‭ (‬1973‭) ‬تحركت‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬انتفاضة‭ ‬طلابية‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬استئناف‭ ‬لانتفاضة‭ (‬1972‭). ‬انتقلت‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الجديدة‭ ‬بأجوائها‭ ‬إلى‭ ‬الجامعات‭ ‬المصرية‭ ‬الأخرى‭ ‬تحت‭ ‬نفس‭ ‬المطالب‭: ‬تهيئة‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭ ‬للحرب‭ ‬وتوسيع‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭. ‬جرت‭ ‬تظاهرات‭ ‬واعتصامات‭ ‬وتكرر‭ ‬سيناريو‭ ‬اقتحام‭ ‬قاعة‭ ‬الاحتفالات‭ ‬الكبرى‭ ‬بقوة‭ ‬الأمن‭ ‬المركزي‭ ‬واعتقال‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الطلابية،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يجري‭ ‬الإفراج‭ ‬عنهم‭- ‬كما‭ ‬جرت‭ ‬العادة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭.‬

أطلقت‭ ‬اتهامات‭ ‬عشوائية‭ ‬تصف‭ ‬جماعات‭ ‬الشباب‭ ‬بـ«القلة‭ ‬المندسة‮»‬‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬تتهم‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬بأنها‭ ‬معادية‭ ‬للسامية،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬تقف‭ ‬وراءها‭!! ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬ادعاء‭ ‬لا‭ ‬دليل‭ ‬عليه،‭ ‬إذ‭ ‬تشارك‭ ‬جماعات‭ ‬يهودية‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬الاحتجاجات‭.‬

بأثر‭ ‬التضامن‭ ‬الجيلي‭ ‬وقوة‭ ‬الضمير‭ ‬الإنساني‭ ‬تمددت‭ ‬التظاهرات‭ ‬واتسع‭ ‬نطاقها‭ ‬واضطر‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬استبعاد‭ ‬اقتراح‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬باستدعاء‭ ‬الحرس‭ ‬الوطني‭ ‬لقمعها‭.‬

‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬مصادرة‭ ‬المستقبل‭ ‬ولا‭ ‬الحجر‭ ‬على‭ ‬الغضب‭ ‬ولا‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬دون‭ ‬ردات‭ ‬فعل‭ ‬غاضبة‭ ‬وعواقب‭ ‬وخيمة‭.‬

{ كاتب‭ ‬صحفي‭ ‬مصري

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا