العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إلى أين تتجه التناقضات داخل حكومة الحرب الإسرائيلية؟

بقلم: عمر حلمي {

الاثنين ١٥ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

بين‭ ‬المصالح‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والحسابات‭ ‬الشخصية‭ ‬والحزبية‭ ‬هوة‭ ‬تتسع‭ ‬بشكل‭ ‬متدحرج‭ ‬يوميا،‭ ‬وارتفعت‭ ‬حدة‭ ‬التناقضات‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬حكومة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الكابينيت‮»‬‭ ‬ذاته،‭ ‬وبين‭ ‬الموالاة‭ ‬والمعارضة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وبين‭ ‬حكومة‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والشارع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وبين‭ ‬النخب‭ ‬الحاكمة‭ ‬ومستقبل‭ ‬الدولة‭ ‬والمشروع‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وبين‭ ‬الإدارتين‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والأميركية‭ ‬ومن‭ ‬خلف‭ ‬الأخيرة‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬الأوروبي‭ ‬الرأسمالي،‭ ‬وبين‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭ ‬ويهود‭ ‬العالم‭ ‬والرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬ككل‭.‬

منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لتشكيل‭ ‬مجلس‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بعد‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬التوافق‭ ‬موجودا‭ ‬بين‭ ‬مكوناته‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬تناقضات‭ ‬بين‭ ‬أركان‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬السادسة‭ ‬وتكتل‭ ‬المركز‭ ‬برئاسة‭ ‬جانتس،‭ ‬لكن‭ ‬اعتبارين‭ ‬دفعا‭ ‬الأخير‭ ‬للانضمام‭ ‬للحكومة،‭ ‬الأول‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬للدولة‭ ‬والمشروع‭ ‬الصهيوني‭. ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬دولة‭ ‬المشروع‭ ‬اهتز‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬الثاني‭ ‬رغبة‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬أنصارها‭ ‬داخل‭ ‬دائرة‭ ‬الحكم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬توجهات‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الانسجام‭ ‬والتكامل‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬موجودا‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬أركان‭ ‬الحكومة‭ ‬السادسة‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬متوافقين‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬واحدة،‭ ‬ليس‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬خلفه‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬وإنما‭ ‬سابق‭ ‬عليه،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬وتحديدا‭ ‬بين‭ ‬جالانت‭ ‬وزير‭ ‬الحرب‭ ‬وهاليفي‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ونتنياهو‭ ‬وأقرانه‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬تركيبة‭ ‬الحكومة‭ ‬والمهام‭ ‬المتداخلة‭ ‬بين‭ ‬وزرائها‭ ‬وخاصة‭ ‬بين‭ ‬وزير‭ ‬الحرب‭ ‬والوزير‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬المدنية،‭ ‬وبالتلازم‭ ‬معها‭ ‬بشأن‭ ‬آليات‭ ‬العمل‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬والقيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عموما،‭ ‬وفي‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وانعكس‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬بإقالة‭ ‬جالانت،‭ ‬ثم‭ ‬تم‭ ‬التراجع‭ ‬عنها‭.‬

أضف‭ ‬لذلك‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬مارس2024‭ ‬عندما‭ ‬عقد‭ ‬وزير‭ ‬الحرب‭ ‬اجتماعا‭ ‬للوفد‭ ‬المفاوض‭ ‬بحضور‭ ‬رئيس‭ ‬الموساد‭ ‬ومشاركة‭ ‬جانتس‭ ‬وآيزنكوت‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أخذ‭ ‬موافقة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬لاعتقادهم‭ ‬بأنه‭ ‬يحاول‭ ‬التسويف‭ ‬والمماطلة‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬التفاوض‭ ‬بهدف‭ ‬تعطيل‭ ‬المفاوضات،‭ ‬وحتى‭ ‬عندما‭ ‬سمح‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬الحكومة‭ ‬بسفر‭ ‬الوفد‭ ‬للدوحة،‭ ‬وضع‭ ‬خطوطا‭ ‬حمراء‭ ‬أكثر‭ ‬تشددا‭ ‬على‭ ‬ديفيد‭ ‬برينع،‭ ‬لرغبته‭ ‬بإدامة‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬لأن‭ ‬مصلحته‭ ‬الخاصة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬وارتباطا‭ ‬بتماهيه‭ ‬مع‭ ‬حلفائه‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير،‭ ‬وخياره‭ ‬الآيديولوجي‭ ‬الرافض‭ ‬لأي‭ ‬عملية‭ ‬سلام‭.‬

وتفاقمت‭ ‬التناقضات‭ ‬مع‭ ‬اشتعال‭ ‬نيران‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬مع‭ ‬سعي‭ ‬نتنياهو‭ ‬تحميل‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المسؤولية‭ ‬عما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬لتبرئة‭ ‬نفسه،‭ ‬وللمحافظة‭ ‬على‭ ‬بقائه‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الحكومة،‭ ‬وتمثل‭ ‬ذلك‭ ‬بالاختلاف‭ ‬حول‭ ‬مبادرة‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬هاليفي‭ ‬بتشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬تحقيق‭ ‬عسكرية‭ ‬حول‭ ‬الملف‭ ‬ذاته،‭ ‬حيث‭ ‬اعتبرها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الثلاثي‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬ووزير‭ ‬الأمن‭ ‬‮«‬الوطني‮»‬‭ ‬ووزير‭ ‬المالية‭ ‬منحازة،‭ ‬لأن‭ ‬قوامها‭ ‬من‭ ‬حلفائه‭. ‬وتلى‭ ‬ذلك‭ ‬مؤخرا‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬17‭ ‬مارس‭ ‬نية‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬ترفيع‭ ‬52‭ ‬ضابطا‭ ‬بينهما‭ ‬2‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬حساسة،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬داخل‭ ‬الحكومة‭ ‬وخاصة‭ ‬سموتريتش،‭ ‬الذي‭ ‬وجه‭ ‬‮«‬انتقادات‭ ‬شديدة‭ ‬اللهجة‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان،‭ ‬وأبدى‭ ‬معارضته‭ ‬لإجراء‭ ‬تعيينات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الجيش،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬سيطالب‭ ‬المجلس‭ ‬الوزاري‭ ‬للشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬أي‭ ‬حكومة‭ ‬الحرب‭ (‬الكابينيت‭)‬،‭ ‬وقف‭ ‬التعيينات‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬سموتريتش‭ ‬إن‭ ‬‮«‬على‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬عدم‭ ‬الانشغال‭ ‬بتعيينات‭ ‬غير‭ ‬ملحة‭ ‬بالجيش،‭ ‬فالقيادة‭ ‬الحالية‭ ‬للجيش‭ ‬التي‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬الفشل‭ ‬والإخفاق‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتولى‭ ‬تحديد‭ ‬شكل‭ ‬الجيش‭ ‬للمستقبل،‭ ‬نريد‭ ‬تعيين‭ ‬قيادة‭ ‬عسكرية‭ ‬تقود‭ ‬عملية‭ ‬إصلاح‭ ‬الجيش‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‮»‬‭.‬

واتسعت‭ ‬رقعة‭ ‬التناقضات‭ ‬مع‭ ‬دعوة‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬لجانتس‭ ‬لزيارة‭ ‬واشنطن‭ ‬دون‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وحتى‭ ‬انه‭ ‬جرى‭ ‬إبلاغه‭ ‬شفويا‭ ‬بالزيارة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عضو‭ ‬كابينيت‭ ‬الحرب‭ ‬عشية‭ ‬زيارته‭. ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬أخذ‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬قرارا‭ ‬بأبعاد‭ ‬رئيس‭ ‬تكتل‭ ‬المركز‭ ‬أي‭ ‬جانتس‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬المفاوضات‭ ‬بشأن‭ ‬تبادل‭ ‬أسرى‭ ‬الحرب،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منه‭ ‬لدفعه‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭. ‬مع‭ ‬أن‭ ‬خطوته‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬الاتفاق‭ ‬المبرم‭ ‬بينهما‭. ‬لكن‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬جانتس‭ ‬ليس‭ ‬بوارد‭ ‬مغادرة‭ ‬الحكومة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ورغبة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬التوافق‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬خطوته‭ ‬الدراماتيكية،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬خروجه‭ ‬منها‭ ‬إيذانا‭ ‬بفتح‭ ‬بوابة‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬والإطاحة‭ ‬برئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬وائتلافه‭.‬

أما‭ ‬التناقضات‭ ‬الأخرى‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬الشارع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ومع‭ ‬يهود‭ ‬العالم‭ ‬والإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬والرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي،‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬يعرها‭ ‬اهتماما‭ ‬طالما‭ ‬واشنطن‭ ‬تغطي‭ ‬جرائم‭ ‬حربه،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬التناقضات‭ ‬القائمة‭ ‬وهي‭ ‬حقيقية،‭ ‬وليست‭ ‬شكلية‭ ‬قد‭ ‬تعطي‭ ‬ثمارها‭ ‬في‭ ‬المدى‭ ‬المنظور،‭ ‬وكافه‭ ‬عوامل‭ ‬الاختلاف‭ ‬والتناقض‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وتدفع‭ ‬نحو‭ ‬انتخابات‭ ‬مبكرة‭ ‬بعد‭ ‬إتمام‭ ‬تبادل‭ ‬الأسرى،‭ ‬الذي‭ ‬أتوقع‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬أقرانه،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬رئيس‭ ‬تكتل‭ ‬مركز‭ ‬الدولة،‭ ‬عندما‭ ‬قال،‭ ‬سيتم‭ ‬التبادل‭ ‬رغم‭ ‬أننا‭ ‬سندفع‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظا‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬ما‭ ‬سيؤدي‭ ‬لفرط‭ ‬عقد‭ ‬الحكومة،‭ ‬حيث‭ ‬هدد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭ ‬بالانسحاب‭ ‬منها‭. ‬وإن‭ ‬غدا‭ ‬لناظره‭ ‬قريب‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا