العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

أين هي رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي؟!

في‭ ‬احتفال‭ ‬كبير‭ ‬أقيم‭ ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عما‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬رؤية‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‮»‬‭.  ‬

جاسم‭ ‬البديوي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬قدم‭ ‬للرؤية‭ ‬بعبارات‭ ‬فخمة‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬خطط‭ ‬وأهداف‭ ‬استراتيجية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عهد‭ ‬بيننا‭ ‬لبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬مشترك،‭ ‬فلنكن‭ ‬جميعاً‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬خريطة‭ ‬طريق‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬يعمّه‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والاستقرار‭ ‬والازدهار‮»‬‭.‬

‭  ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬قرأت‭ ‬تفاصيل‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إعلانها،‭ ‬تساءلت‭: ‬أين‭ ‬هي‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي؟‭. ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نعتبره‭ ‬خططا‭ ‬ولا‭ ‬استراتيجية‭ ‬ولا‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭.‬

بداية‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬رؤية‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭. ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬تعبير‭ ‬فضفاض،‭ ‬ومجلس‭ ‬التعاون‭ ‬أكبر‭ ‬تجمع‭ ‬وحدوي‭ ‬عربي‭ ‬اليوم،‭ ‬وبالأصح‭ ‬هو‭ ‬التجمع‭ ‬الوحدوي‭ ‬العربي‭ ‬الوحيد،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬سياسية‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬القوي‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يرتبط‭ ‬به‭ ‬امن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭. ‬

على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬كي‭ ‬تكون‭ ‬الصورة‭ ‬واضحة،‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬طرحها‭ ‬تضمنت‭ ‬15‭ ‬بندا‭ ‬أهمها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: ‬

‭- ‬البناء‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬حلّ‭ ‬الخلافات‭ ‬عبر‭ ‬المفاوضات‭ ‬وبالطرق‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والحوار‭ ‬وعدم‭ ‬اللجوء‭ ‬للقوة‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬بها‭ - ‬تكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بدور‭ ‬ريادي‭ ‬فاعل‭ ‬لتجنيب‭ ‬المنطقة‭ ‬تداعيات‭ ‬الحروب‭ ‬ومعالجة‭ ‬الأزمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬وبذل‭ ‬المساعي‭ ‬الحميدة‭ ‬ودعم‭ ‬جهود‭ ‬الوساطة‭ - ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬تفعيل‭ ‬مبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية‭ ‬والجهود‭ ‬الدولية‭ ‬لإيجاد‭ ‬حلّ‭ ‬عادل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ - ‬دعم‭ ‬ضمان‭ ‬حق‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬للأغراض‭ ‬السلمية‭ - ‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬الذاتية‭ ‬وتعميق‭ ‬الشراكات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬ودعم‭ ‬آليات‭ ‬التعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬لتعزيز‭ ‬مفهوم‭ ‬ربط‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭-  ‬تعزيز‭ ‬جهود‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬بجميع‭ ‬أشكاله‭ ‬ومظاهره‭ -  ‬المطالبة‭ ‬بتجريم‭ ‬جميع‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بأعمال‭ ‬إرهابية‭ ‬بغضّ‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬انتماءاتها‭ ‬الحزبية‭ ‬أو‭ ‬المذهبية‭ ‬أو‭ ‬ارتباطها‭ ‬بمؤسسات‭ ‬الدولة‭ - ‬تعزيز‭ ‬الشراكات‭ ‬الدولية‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬واستقرارها‭.‬

على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬تمضي‭ ‬بنود‭ ‬الرؤية‭ ‬وتتضمن‭ ‬بنودا‭ ‬عن‭ ‬امن‭ ‬الطاقة‭ ‬والأمن‭ ‬المائي‭.. ‬وهكذا‭.‬

‭  ‬كما‭ ‬نرى،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬مبادئ‭ ‬عامة‭ ‬جدا،‭ ‬وهي‭ ‬مبادئ‭ ‬جيدة‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬عليها‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬جديد‭. ‬وثائق‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬وما‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الاجتماعات‭ ‬العامة‭ ‬للمجلس‭ ‬من‭ ‬بينات‭ ‬تتضمن‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭.‬

فما‭ ‬هو‭ ‬الجديد‭ ‬اذن؟‭.. ‬ما‭ ‬هي‭ ‬التطورات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬استدعت‭ ‬طرح‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭ ‬بالذات،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬ذلك؟‭.‬

الأمين‭ ‬العام‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬صحفية‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬فخورون‭ ‬

بما‭ ‬وصلنا‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تكاملنا‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والإعلامي‮»‬‭. ‬وقال‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬اليوم‭ ‬خصصنا‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬لنطرح‭ ‬أمام‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ما‭ ‬وصلنا‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تكاملنا‭ ‬الأمني‮»‬‭.‬

الأمين‭ ‬العام‭ ‬يقول‭ ‬ان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬طرح‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬يعرف‭ ‬العالم‭ ‬بمواقفنا‭ ‬ورؤيتنا‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬التطورات‭ ‬العاصفة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬المنطقة‭.‬

وهذا‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬هدف‭ ‬معقول‭ ‬جدا‭ ‬ومهم‭. ‬أي‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬ان‭ ‬يعرف‭ ‬العالم‭ ‬اليوم،‭ ‬أي‭ ‬موقف‭ ‬نتخذ،‭ ‬وأي‭ ‬استراتيجية‭ ‬نتبناها،‭ ‬وماذا‭ ‬سوف‭ ‬نفعل‭ ‬تحقيقا‭ ‬لرؤيتنا‭ ‬لأمن‭ ‬المنطقة‭.‬

لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭.‬

أعني‭ ‬ان‭ ‬العالم‭ ‬لم‭ ‬يسمع‭ ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬ولم‭ ‬يعرف‭ ‬أي‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬بالضبط‭ ‬يتبناها‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬أمن‭ ‬لمنطقة‭. ‬وبالتالي‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تصور‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬للرؤية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إعلانها‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬مواقف‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬

المشكلة‭ ‬اليوم‭ ‬ان‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬تمر‭ ‬اليوم‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬بتطورات‭ ‬خطيرة‭ ‬تعصف‭ ‬بأمنها‭ ‬فجرها‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وتطورات‭ ‬أخرى‭. ‬مستقبل‭ ‬المنطقة‭ ‬الأمني‭ ‬غير‭ ‬واضح‭ ‬المعالم‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬بمقدوره‭ ‬ان‭ ‬يجزم‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يحدث،‭ ‬والأوضاع‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭.‬

هذا‭ ‬وضع‭ ‬يتطلب‭ ‬أجوبة‭ ‬حاسمة‭ ‬عن‭ ‬تساؤلات‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬مطروحة‭ ‬ويتضمنها‭ ‬بالضرورة‭ ‬أي‭ ‬تصور‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬او‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة‭ ‬لأمن‭ ‬المنطقة‭.‬

لكن‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬طرحها‭ ‬لم‭ ‬تتضمن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجابات‭.‬

وهذا‭ ‬حديث‭ ‬آخر‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا