يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
سوريا.. إلى أين؟
سيكون علينا في الوطن العربي أن نناقش مطولا الأسباب التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا بهذا الشكل الدرامي الذي لم يتوقعه أحد.
هذا ليس من أجل ترف التحليل السياسي في حد ذاته وإنما من المفروض أن نستخلص في الدول العربية الدروس التي يجب أن نتعلمها من هذا السقوط. هذا إذا كانت الدول العربية حريصة أصلا على أن تتعلم مما يجري لنا.
لكن القضية الكبرى اليوم هي: أي مستقبل ينتظر سوريا بالضبط بعد السقوط؟ وإلى أين تتجه؟. حتى اللحظة لا أحد يملك إجابة عن هذ السؤال والصورة تبدو غامضة تماما.
بعيدا عن مظاهر الابتهاج التي عمت سوريا بعد السقوط، وبعيدا عن تكهنات بعض المحللين أو المسئولين في العالم، يمكن القول بشكل عام إن هناك عدة عوامل هي التي سوف تحدد الإجابة عن السؤال، هي على النحو التالي:
أولا: إن الجماعات والمنظمات المعارضة التي دخلت دمشق ومن المفترض أن تتولى السلطة في سوريا وعلى رأسها «جبهة تحرير الشام» هي في أغلبها خرجت من رحم تنظيمي «داعش» و«القاعدة» ولطالما تم اعتبارها جزءا من التنظيمين.
في الفترة الماضية تم تصوير هذه المنظمات، وبالذات من جانب الإعلام الأمريكي، على اعتبار أن قادتها وعلى رأسهم الجولاني قد تغيروا تماما وتخلوا عن الأفكار الإرهابية المتطرفة وأصبحوا معتدلين يؤمنون بالتعدد.. إلخ.
هل هذا صحيح؟.. هل أصبح هؤلاء فجأة معتدلين يؤمنون بالمدنية وتخلوا عن أفكارهم في غضون أيام فقط؟
حتى لو كان هذا صحيحا في الفترة القليلة الماضية، فإن الأمر مختلف عندما يكونون في السلطة فعلا. هل سيكونون معتدلين فعلا يؤمنون بالتعايش، أم سيسعون إلى تطبيق أفكارهم السابقة؟. في هذه الحالة، أي في حالة أن يعودوا إلى انتماءاتهم القديمة فإن سوريا يمكن أن تتحول إلى قاعدة للتطرف والعنف ومصدر تهديد للدول العربية.
ثانيا: إن منظمات وجماعات المعارضة السورية التي من المفروض أن تحكم سوريا بينها خلافات كثيرة جدا كما هو معروف، سواء من حيث الأفكار والمواقف والسياسات والانتماء الأيديولوجي، وسواء من حيث ارتباطاتها الخارجية.
كل هذه المنظمات والجماعات ترتبط بدول وقوى أجنبية متباينة المواقف والمصالح والأهداف وتتلقى منها التمويل والتسليح.
السؤال هو: هل تستطيع هذه القوى والجماعات حين تكون في السلطة أن تصل إلى صيغة مشتركة للحكم تتوافق عليها وتلتزم بها؟ وهل تستطيع أن تصل إلى صيغة لتقاسم السلطة أصلا؟
إذا لم يحدث هذا، فمن الوارد جدا أن تندلع صراعات مسلحة بين هذه المنظمات والجماعات من أجل السلطة والنفوذ، وهو صراع إذا اندلع سيمتد حتما إلى المجتمع كله، بكل ما يعنيه ذلك من احتمالات اندلاع حرب أهلية.
ثالثا: من المعروف أن سوريا مستباحة منذ سنين طويلة من دول أجنبية عدة.. من تركيا، وإيران، وأمريكا، وروسيا، وإسرائيل.
سوريا ساحة نفوذ وصراع بين هذه الدول، ولكل منها أجندتها وأهدافها الخاصة في سوريا، ولديها قواتها العسكرية على الأراضي السورية وقوى سورية موالية لها.
السؤال هو: كيف سيكون الصراع على الأرض السورية بين هذه الدول بعد سقوط النظام؟
جزء أساسي من مستقبل سوريا سوف يتحدد بناء على هذا. والخطر هنا هو أن تقرر هذه الدول أن أفضل سبيل لحماية ما تعتبر أنها مصالحها هو التقسيم الفعلي لسوريا بينها. ولو حدث هذا فمن الممكن أن تتفتت سوريا إلى دويلات.
هذه بعض الجوانب الأساسية التي بناء عليها سوف يتحدد مستقبل سوريا. هناك جوانب وقضايا مهمة أخرى لا بد أن نتطرق إليها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك