العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

هذا هو جوهر القضية

تحدثت‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬الضجة‭ ‬التي‭ ‬تثيرها‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬حول‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬لغزة‭ ‬جوا‭ ‬أو‭ ‬بحرا،‭ ‬وكيف‭ ‬تعكس‭ ‬تسترا‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وهروبا‭ ‬من‭ ‬إجباره‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬حرب‭ ‬التجويع‭ ‬الهمجية‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭.‬

القضية‭ ‬لها‭ ‬أبعاد‭ ‬أخرى‭ ‬خطيرة‭.‬

نعلم‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬إنكار‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بل‭ ‬الزعم‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شعب‭ ‬فلسطيني‭ ‬أصلا‭ ‬وهي‭ ‬تصريحات‭ ‬متكررة‭ ‬لقادة‭ ‬العدو‭ ‬منذ‭ ‬احتلال‭ ‬فلسطين‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬يقوم‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬قضية‭ ‬اسمها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أساسا،‭ ‬وأنها‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬الأحوال‭ ‬قضية‭ ‬أناس‭ ‬يستحقون‭ ‬مساعدة‭ ‬إنسانية‭.‬

بعبارة‭ ‬ثانية،‭ ‬في‭ ‬العقيدة‭ ‬الصهيونية‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬بأكملها‭ ‬هي‭ ‬لليهود،‭ ‬وليس‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭. ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬المخطط‭ ‬الصهيوني‭ ‬الدائم‭ ‬هو‭ ‬إبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تهجيره‭ ‬وطرده‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬أرض‭ ‬فلسطينية‭. ‬وما‭ ‬يفعله‭ ‬العدو‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬حلقة‭ ‬من‭ ‬حلقات‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬الثابت‭.‬

على‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬حديث‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬عن‭ ‬المساعدات‭ ‬لغزة‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬يخدم‭ ‬بالضبط‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬الصهيوني‭.‬

أعني‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬تصوير‭ ‬القضية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬فقط‭ ‬قضية‭ ‬مساعدات‭ ‬إنسانية‭ ‬لأهل‭ ‬غزة،‭ ‬وأنها‭ ‬تنحصر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحدود‭.‬

بالطبع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬التجويع‭ ‬الصهيونية‭ ‬وما‭ ‬يعانيه‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فإن‭ ‬قضية‭ ‬المساعدات‭ ‬لها‭ ‬أولوية‭ ‬كبرى،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬أصبحت‭ ‬مجرد‭ ‬مسألة‭ ‬إنسانية‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭ ‬ولا‭ ‬أقل‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬يحاولون‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬تصويره‭.‬

‭ ‬بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬يحاولون‭ ‬تصوير‭ ‬القضية‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الكافية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فقد‭ ‬انتهت‭ ‬الأزمة‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتنبه‭ ‬إلى‭ ‬هذا،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تصر‭ ‬دوما‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأوقات‭ ‬على‭ ‬جوهر‭ ‬القضية‭ ‬وما‭ ‬يرتبه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬وسياسات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭.‬

وجوهر‭ ‬القضية‭ ‬يتلخص‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬جوانب‭ ‬كبرى‭:‬

1‭ - ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬فورا‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬تحفظات‭ ‬أو‭ ‬شروط‭. ‬ليس‭ ‬مقبولا‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬العدو‭ ‬على‭ ‬ثمن‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يحتمه‭ ‬القانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭ ‬وما‭ ‬تعبر‭ ‬عنه‭ ‬إرادة‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭.‬

2‭ - ‬أن‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬الصهاينة‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبوها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحاكموا‭ ‬على‭ ‬جرائمهم‭.‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمين‭ ‬الصهاينة‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬شاركهم‭ ‬في‭ ‬جرائمهم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحملوا‭ ‬هم‭ ‬كلفة‭ ‬إعادة‭ ‬إعمار‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬دمروه‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وعودة‭ ‬كل‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬منازلهم‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يقدموا‭ ‬التعويضات‭ ‬لملايين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ضحايا‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭.‬

3‭ ‬‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ينتهي،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬حقوقه‭ ‬كاملة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭.‬

‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬القضية‭ ‬اليوم‭. ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تصر‭ ‬عليها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مواربة،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬متاهات‭ ‬الحديث‭ ‬الصهيوني‭ ‬الغربي‭ ‬المشبوه‭ ‬عما‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭.‬

هذه‭ ‬الجوانب‭ ‬الثلاثة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬البديهيات‭ ‬وهي‭ ‬أبسط‭ ‬ما‭ ‬يحتمه‭ ‬الاحتكام‭ ‬إلى‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬أنها‭ ‬لو‭ ‬فرطت‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬وانساقت‭ ‬وراء‭ ‬المخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬الغربية‭ ‬فسوف‭ ‬تدفع‭ ‬ثمنا‭ ‬فادحا‭. ‬الثمن‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬فقط‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬تصفية‭ ‬جديدة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولكن‭ ‬سيكون‭ ‬تدشينا‭ ‬لحقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬مخططات‭ ‬إبادة‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا