العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المخيمات والقرى في «خارطة المقاومة الفلسطينية»

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٢٠ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

لطالما‭ ‬كانت‭ ‬المخيمات‭ ‬في‭ ‬أقطار‭ ‬اللجوء‭ ‬وفي‭ ‬فلسطين‭ ‬وقود‭ ‬الثورة‭ ‬والمقاومة‭ ‬الفلسطينية‭. ‬ومع‭ ‬أننا‭ ‬نسجل‭ ‬بأحرف‭ ‬من‭ ‬نور‭ ‬وبأوضح‭ ‬وأقوى‭ ‬العبارات‭ ‬انخراط‭ ‬جميع‭ ‬المدن‭ ‬والبلدات‭ ‬والقرى‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬المقاومة،‭ ‬سواء‭ ‬الشعبية‭ ‬أو‭ ‬المسلحة،‭ ‬فإن‭ ‬فلاحي‭ ‬القرى‭ ‬الصناديد‭ ‬يأتون‭ ‬في‭ ‬الصدارة‭ ‬مع‭ ‬أهل‭ ‬المخيمات‭ ‬الأبطال‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬النضال‭ ‬والكفاح‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ولأسباب‭ ‬موضوعية‭.‬

‭ ‬طبعا،‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القواعد‭ ‬الجماهيرية‭ ‬للكفاح،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المناطق‭ ‬والعصور،‭ ‬تتشكل‭ ‬من‭ ‬الطبقات‭ ‬الكادحة‭ ‬والعمال‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭ ‬و«ليس‭ ‬لديهم‭ ‬ما‭ ‬يخسرونه‭ ‬سوى‭ ‬قيودهم‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭ (‬كارل‭ ‬ماركس‭).‬

‭ ‬واليوم‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬يضاف‭ ‬البؤس‭ ‬إلى‭ ‬القيد،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬هؤلاء‭ ‬المواطنين‭ ‬وعيا‭ ‬ناجما‭ ‬عن‭ ‬قيم‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬المحافظ‭ ‬والمتدين‭ ‬بما‭ ‬يفرزه‭ ‬من‭ ‬النزعة‭ ‬الوطنية‭ ‬والطاقة‭ ‬المجتمعية‭ ‬الإيجابية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحفزهم‭ ‬للنضال‭ ‬والمقاومة،‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬اقتربت‭ ‬منهم‭ ‬وشجعتهم‭ ‬قوى‭ ‬لصيقة‭ ‬أو‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬المحافظة‭ ‬والدينية‭ ‬تملك‭ ‬الخبرة‭ ‬والسلاح‭ ‬ولديها‭ ‬المال‭.‬

ومع‭ ‬تأكيدنا‭ ‬أهمية‭ ‬ودور‭ ‬مدينة‭ (‬جنين‭) ‬المتميزة‭ ‬في‭ ‬كفاحها،‭ ‬فإن‭ ‬المستهدف‭ ‬الأول‭ ‬كان‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ (‬مخيم‭ ‬جنين‭) ‬الذي‭ ‬لطالما‭ ‬كان،‭ ‬رغم‭ ‬مساحته‭ ‬الصغيرة‭ ‬وعدد‭ ‬سكانه‭ ‬المحدود،‭ ‬محطة‭ ‬مهمة‭ ‬ومحورية،‭ ‬منه‭ ‬تنشط‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المسلحة‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬موقعا‭ ‬مستهدفا‭ ‬تحاول‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬إخماده‭ ‬ومحو‭ ‬أثره‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭.‬

‭ ‬وهناك‭ ‬سبب‭ ‬آخر‭ ‬رئيسي‭ ‬وراء‭ ‬تحول‭ ‬مخيم‭ ‬جنين‭ ‬بالأخص‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬مواجهة‭ ‬مسلحة‭ ‬مع‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وهو‭ ‬عامل‭ ‬الاحتلال‭ ‬نفسه‭ ‬واستمرار‭ ‬اقتحاماته‭ ‬للمخيم،‭ ‬الذي‭ ‬يؤمن‭ ‬شبابه‭ ‬أن‭ ‬الاشتباكات‭ ‬المسلحة‭ ‬مع‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬حالة‭ ‬حتمية‭ ‬للنضال‭ ‬الفلسطيني‭. ‬وعند‭ ‬أهل‭ ‬هذا‭ ‬المخيم،‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المخيمات‭ ‬والقرى‭ ‬والبلدات‭ ‬والمدن‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بعامة،‭ ‬ثمة‭ ‬استخلاص‭ ‬مركزي‭ ‬قوامه‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬صراع،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬حلول‭: ‬إما‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬وإما‭ ‬مقاومة‭. ‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬حكومات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬متتالية‭ ‬يهيمن‭ ‬عليها‭ ‬اليمين‭ ‬المتزمت،‭ ‬ومع‭ ‬غياب‭ ‬الحل‭ ‬السياسي،‭ ‬يصبح‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‭ ‬المقاوم‭ ‬وصفة‭ ‬حتمية‭.‬

طبعا‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬فقراء‭ ‬المدن‭ (‬وشرائح‭ ‬منهم‭ ‬والطبقات‭ ‬الوسطى‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وغيرها‭) ‬لا‭ ‬يؤدون‭ ‬دورهم،‭ ‬لكن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬انخراط‭ ‬العائلات‭ ‬المعروفة‭ ‬بثرائها‭ ‬ووضعها‭ ‬الطبقي‭ ‬المرتاح‭ ‬لطالما‭ ‬كان‭ ‬انخراطاً‭ ‬محدوداً‭. ‬

وتكاد‭ ‬تكون‭ ‬القوى‭ ‬الكادحة‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬مشاركة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬الوطن‭ ‬وفي‭ ‬الطليعة‭ ‬منهم‭ ‬المخيمات،‭ ‬تليها‭ ‬القرى‭ ‬المستهدف‭ ‬مواطنوها‭ ‬من‭ ‬عصابات‭ ‬المستعمرين‭ ‬الصهاينة،‭ ‬والتي‭ ‬تواجه‭ ‬وحدها‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يصادرون‭ ‬أراضيها‭ ‬ويطوقونها‭ ‬ويحرقون‭ ‬أشجارها‭ ‬ويدمرون‭ ‬زيتونها‭ ‬ويمنعون‭ ‬قطافها‭.. ‬الخ‭. ‬

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬عدم‭ ‬استناد‭ ‬التنظيمات‭ ‬المختلفة‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬شكلها‭ ‬المقاومون‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ (‬والقرى‭ ‬والبلدات‭) ‬إلى‭ ‬هرمية‭ ‬منظمة‭ ‬وعلاقة‭ ‬أيديولوجية،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬تجمع‭ ‬شبان‭ ‬مسلحين‭ ‬من‭ ‬فصائل‭ ‬مختلفة‭ ‬لم‭ ‬يمنعهم‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭- ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬المشتركة‭ ‬والموحدة‭.‬

في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬فتح‭ ‬جبهة‭ ‬جديدة‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال،‭ ‬تتزايد‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬مدنها‭ ‬وبلداتها‭ ‬وقراها‭ ‬وخاصة‭ ‬مخيماتها‭. ‬

وفي‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأرجاء،‭ ‬تتعمق‭ ‬إرادة‭ ‬المقاومة‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬مواجهات‭ ‬وعمليات‭ ‬فردية‭ ‬وإطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬الحواجز‭ ‬العسكرية‭ ‬وعمليات‭ ‬دهس‭ ‬واستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬الأبيض،‭ ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬يتحسب‭ ‬قبل‭ ‬اجتياح‭ ‬أصغر‭ ‬الأحياء‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المناطق،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬شهدناه‭ ‬واضحاً‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬جنين‭ ‬الذي‭ ‬جدد‭ ‬إصرار‭ ‬الشباب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬الاشتباك‭ ‬والاستعداد‭ ‬للتضحية‭ ‬رغم‭ ‬استمرار‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإجرامية‭ ‬المعهودة‭ ‬والمعروفة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬الاغتيالات‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا