العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تأثيرات خطيرة للتعديلات القضائية الإسرائيلية على الفلسطينيين

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٠٧ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

منذ‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬رئيسًا‭ ‬للوزراء‭ ‬وتحالفه‭ ‬مع‭ ‬القوميين‭ ‬والمتطرفين‭ ‬لتشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الأكثر‭ ‬يمينية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬بنهاية‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬شرع‭ ‬في‭ ‬إقرار‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التعديلات‭ ‬الداخلية‭ ‬المُناهضة‭ ‬للديمقراطية،‭ ‬وعمل‭ ‬على‭ ‬إنكار‭ ‬وتجاهل‭ ‬وانتهاك‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تسريع‭ ‬حملة‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الضم‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬عبر‭ ‬التوسعات‭ ‬الاستيطانية‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬والتهجير‭ ‬القسري‭ ‬للسكان،‭ ‬وحماية‭ ‬المستوطنين‭ ‬المتطرفين‭ ‬أثناء‭ ‬هجماتهم‭ ‬واعتداءاتهم‭ ‬على‭ ‬البلدات‭ ‬والقرى‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬صعدت‭ ‬من‭ ‬عملياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬العدوانية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وشنت‭ ‬عدوانًا‭ ‬واسعا‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬جنين‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭ ‬وقبلها‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬نابلس،‭ ‬وأدت‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات‭ ‬مجتمعة‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬213‭ ‬فلسطينيا‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

ومع‭ ‬إجراء‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬وشركائه‭ ‬في‭ ‬الائتلاف‭ ‬الوطني‭ ‬المتطرف،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‮»‬،‭ ‬و«بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‮»‬،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬المناهضة‭ ‬للديمقراطية،‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬الأجندة‭ ‬المتطرفة‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات؛‭ ‬فإن‭ ‬جهود‭ ‬نتنياهو‭ ‬كانت‭ ‬مستمرة‭ ‬لتجنب‭ ‬مساءلته‭ ‬عن‭ ‬تهم‭ ‬الفساد‭ ‬والاحتيال‭ ‬أيضا‭.‬

وبعد‭ ‬عرقلة‭ ‬خططهم‭ ‬بشأن‭ ‬التعديلات‭ ‬عبر‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الجماهيرية‭ ‬والإدانات‭ ‬الدولية؛‭ ‬وصفت‭ ‬‮«‬ألكسندرا‭ ‬شارب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬تصويت‭ ‬الكنيست‭ ‬لسن‭ ‬‮«‬تغييرات‭ ‬قضائية‭ ‬شاملة»؛‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬فوز‭ ‬تشريعي‭ ‬كبير‮»‬‭ ‬لنتنياهو،‭ ‬بعد‭ ‬تصويت‭ ‬64‭ ‬نائبا،‭ ‬ومقاطعة‭ ‬نواب‭ ‬المعارضة،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الائتلاف‭ ‬اليميني،‭ ‬قد‭ ‬كبح‭ ‬الآن‭ ‬سلطات‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬العليا‮»‬،‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬مع‭ ‬تداعيات‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬سكان‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

ووفقا‭ ‬لـ«ديفيد‭ ‬كوهين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بوليتيكو‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬التغييرات‭ ‬التشريعية‭ ‬ستجرد‭ ‬‮«‬بشكل‭ ‬أساسي‮»‬‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬من‭ ‬استقلاليتها،‭ ‬وتشوه‭ ‬سمعة‭ ‬المحاكم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمكين‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬تمرير‭ ‬تشريع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للقضاة‭ ‬مراجعته‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬توضيح‭ ‬‮«‬نادين‭ ‬إبراهيم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬افتقار‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬دستور‭ ‬مكتوب‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬كانت‭ ‬تاريخيًا‭ ‬‮«‬الضابط‭ ‬الوحيد‭ ‬على‭ ‬السلطتين‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‮»‬،‭ ‬و«الآلية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬للقضاة‭ ‬بعرقلة‭ ‬القرارات‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتعيينات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الالتفاف‭ ‬عليه‭ ‬بشكل‭ ‬‮«‬غير‭ ‬معقول‮»‬‭. ‬ولعرقلة‭ ‬سلطاتها‭ ‬قام‭ ‬الائتلاف‭ ‬بالاحتجاج‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2023‭ ‬لمنع‭ ‬المحكمة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬تعيين‭ ‬‮«‬أرييه‭ ‬درعي‮»‬،‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬شاس‭ ‬المتشدد‭ ‬في‭ ‬حكومته؛‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إدانته‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬بالتهرب‭ ‬الضريبي‭ ‬والاحتيال‭ ‬والفساد‭. ‬

وبحسب‭ ‬‮«‬رافي‭ ‬بيرج‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الجهود‭ ‬الإضافية‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬لتمرير‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬لتعزيز‭ ‬سلطتها‭ ‬التنفيذية‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬متنازعا‭ ‬عليها‭ ‬بشدة‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عودة‭ ‬هذه‭ ‬الإصلاحات‭ ‬السياسية‭ ‬أثارت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الجماهيرية،‭ ‬فإن‭ ‬إقرار‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬يُعد‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬دليل‭ ‬واضح‮»‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬الحالية‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬جرأة‭ ‬لتعزيز‭ ‬مصالحها‭ ‬الخاصة‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

ومع‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬شارب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لنتنياهو‭ ‬وحلفائه‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬تعيين‭ ‬أو‭ ‬فصل‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬يرغبون‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الاضطرار‭ ‬إلى‭ ‬الوقوف‭ ‬أمام‭ ‬أعلى‭ ‬محكمة‭ ‬في‭ ‬البلاد»؛‭ ‬فإن‭ ‬احتمال‭ ‬اختيار‭ ‬شخصيات‭ ‬أكثر‭ ‬تطرفًا‭ ‬في‭ ‬مناصب‭ ‬عليا،‭ ‬استنادا‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المناورات‭ ‬السياسية‭ ‬للتحالف،‭ ‬باتت‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬حقيقة‭ ‬مؤسفة‮»‬‭. ‬وعليه،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأشهر‭ ‬المقبلة‭ ‬ستشهد‭ ‬‮«‬عددًا‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل،‭ ‬وعمليات‭ ‬الفصل‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المدعية‭ ‬العامة‭ ‬‮«‬غالي‭ ‬ميارا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬أوضحت‭ ‬علنا‭ ‬أن‭ ‬محاكمة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬قضايا‭ ‬الفساد‭ ‬مع‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬انتهاك‭ ‬القوانين‭ ‬وتضارب‭ ‬المصالح‭. ‬

ومع‭ ‬إزاحة‭ ‬المعارضين‭ ‬واستخدام‭ ‬نفوذ‭ ‬القوميين‭ ‬المتطرفين‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء؛‭ ‬لتأمين‭ ‬مناصب‭ ‬رئيسية‭ ‬لهم‭ ‬ورفع‭ ‬الرقابة‭ ‬عن‭ ‬سلوك‭ ‬الحكومة؛‭ ‬فإن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬سيعانون‭ ‬‮«‬أشد‭ ‬المعاناة‮»‬‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬لاحظ‭ ‬‮«‬بيرج‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الإصلاحات‭ ‬القضائية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬‮«‬خلفت‭ ‬حالة‭ ‬استقطاب‭ ‬بإسرائيل‮»‬،‭ ‬وأطلقت‭ ‬‮«‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬الأزمات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البلاد‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬تهدد‭ ‬سلامة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬المساءلة‭ ‬لشخصيات،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬نتنياهو،‭ ‬وبن‭ ‬غفير،‭ ‬وسموتريتش‮»‬‭.‬

وحتى‭ ‬قبل‭ ‬تقييد‭ ‬سلطاتها،‭ ‬أصدرت‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬العليا‮»‬‭ ‬أحكامًا‭ ‬لصالح‭ ‬المستوطنين‭ ‬وضد‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للفلسطينيين‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬صوتت‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬على‭ ‬طرد‭ ‬1000‭ ‬فلسطيني‭ ‬من‭ ‬قرى‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬مسافر‭ ‬يطا‮»‬‭ ‬الريفية،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬انتقدتها‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‮»‬،‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬تترك‭ ‬عائلات‭ ‬بأكملها‭ ‬مع‭ ‬أطفالهم‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬في‭ ‬العراء‮»‬‭. ‬وقبلها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬صوتت‭ ‬أيضًا‭ ‬بالإجماع‭ ‬لصالح‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬المفرطة‭ ‬ضد‭ ‬223‭ ‬متظاهرًا‭ ‬فلسطينيًا‭ ‬سلميًا‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬ومع‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬وغل‭ ‬يد‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬ذي‭ ‬قبل،‭ ‬يزداد‭ ‬الضرر‭ ‬الحقيقي‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭. ‬وأشار‭ ‬المحللون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإصلاحات‭ ‬القضائية‭ ‬ستساعد‭ ‬في‭ ‬‮«‬مصادرة‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بحكم‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‮»‬،‭ ‬وتتيح‭ ‬لهم‭ ‬‮«‬سبيلًا‭ ‬مُختصرًا‭ ‬لضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إعلانها‭ ‬رسميًا‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ساروب‭ ‬إعجاز‮»‬‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬الأشخاص‭ ‬المحتجزين‭ ‬‮«‬رهن‭ ‬الاعتقال‭ ‬الإداري‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاكمة‭ ‬أو‭ ‬تهمة‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬أدلة‭ ‬سرية؛‭ ‬هو‭ ‬الأعلى‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‮»‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬وقد‭ ‬اشتد‭ ‬‮«‬القمع‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكومة‭ ‬يمينية‭ ‬متطرفة‭ ‬أكثر‭ ‬انتهاكًا‭ ‬للحقوق،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يُبقي‭ ‬احتمال‭ ‬تحسن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬‮«‬بعيد‭ ‬المنال‮»‬‭.‬

ومما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬تفاقم‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لحقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬إحجام‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاسبة‭. ‬وفي‭ ‬تناقض‭ ‬صارخ‭ ‬مع‭ ‬حرص‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬على‭ ‬انتقاد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تلتزم‭ ‬بالمعايير‭ ‬الدولية‭ ‬لسيادة‭ ‬القانون‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان؛‭ ‬فشل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬في‭ ‬تحميل‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭ ‬مسؤولية‭ ‬انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬توضيح‭ ‬‮«‬كيفين‭ ‬ليبتاك‮»‬،‭ ‬و«جنيفر‭ ‬هانسلر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬صريحًا‭ ‬في‭ ‬انتقاده‭ ‬لحملة‭ ‬الإصلاح‭ ‬القضائي؛‭ ‬فإن‭ ‬خطابه‭ ‬كان‭ ‬‮«‬هادئا‭ ‬للغاية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬تصويت‭ ‬الكنيست،‭ ‬نصح‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬بعدم‭ ‬‮«‬التسرع‮»‬‭ ‬في‭ ‬الإصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬المخطط‭ ‬له‭. ‬

واستمرارا،‭ ‬وردا‭ ‬على‭ ‬تمرير‭ ‬التصويت،‭ ‬وصفت‭ ‬‮«‬كارين‭ ‬بيير‮»‬‭ ‬السكرتيرة‭ ‬الصحفية‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬المعادية‭ ‬للديمقراطية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مؤسفة‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬هي‭ ‬الشريك‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأساسي‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬والجهة‭ ‬المانحة‭ ‬للدعم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمساعدات‭ ‬العسكرية،‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬بانيكوف‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬جهود‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬المحدودة‭ ‬لثني‭ ‬نتنياهو،‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬‮«‬بلا‭ ‬جدوى‮»‬‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تعاقبها‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬الغربية‭ ‬تقريبًا،‭ ‬بسبب‭ ‬الممارسات‭ ‬المناهضة‭ ‬للديمقراطية؛‭ ‬فقد‭ ‬سعى‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬لمكافأة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬حذر‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬الإصلاحات‭ ‬القضائية‭ ‬المقترحة،‭ ‬دعا‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬لزيارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بالمسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انتهاكاتهم‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬يستمروا‭ ‬في‭ ‬سياساتهم‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬إفلاتهم‭ ‬من‭ ‬العقاب‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تنادي‭ ‬بإعادة‭ ‬تقييم‭ ‬علاقة‭ ‬بلادها‭ ‬بإسرائيل،‭ ‬عقب‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاستفزازية‭ ‬الأخيرة‭ ‬للحكومة‭. ‬وتساءل‭ ‬‮«‬نيكولاس‭ ‬كريستوف‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬للتفكير‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬التدريجي‭ ‬من‭ ‬المساعدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬المستقبل؟‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬‮«‬دانيال‭ ‬كيرتزر‮»‬،‭ ‬السفير‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬مبلغ‭ ‬3‭.‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬بلاده‭ ‬سنويًا‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمنحها‭ ‬أي‭ ‬نفوذ‭ ‬أو‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬القرارات‭ ‬الإسرائيلية‮»‬؛‭ ‬حيث‭ ‬تنتهج‭ ‬سياسات‭ ‬نعارضها‮»‬،‭ ‬معترفا‭ ‬بأن‭ ‬أمريكا‭ ‬بدورها‭ ‬يُنظر‭ ‬إليها‭ ‬دوليًا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬داعم‮»‬‭ ‬للاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬يكتسب‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬زخمًا‭ ‬كبيرًا‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬كريستوف‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬انتهاج‭ ‬المنافسين‭ ‬لنيل‭ ‬ترشيح‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬للرئاسة‭ ‬لعام‭ ‬2020،‭ ‬‮«‬بيرني‭ ‬ساندرز‮»‬،‭ ‬و«إليزابيث‭ ‬وارين‮»‬،‭ ‬و«بيت‭ ‬بوتيجيج‮»‬،‭ ‬جميعهم‭ ‬الاقتراح‭ ‬بوضع‭ ‬شروط‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يظل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬‮«‬غير‭ ‬محتمل‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬جيريمي‭ ‬بن‭ ‬عامي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬جي‭ ‬ستريت‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مزيج‭ ‬من‭ ‬المشاحنات‭ ‬الحزبية‭ ‬والتدليس‭ ‬السياسي‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المشرعين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬قيام‭ ‬325‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬من‭ ‬الجمهوريين‭ ‬والديمقراطيين‭ ‬بتوقيع‭ ‬خطاب‭ ‬لمعارضة‭ ‬أي‭ ‬شرط‭ ‬للمساعدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭.‬

ومع‭ ‬عدم‭ ‬استعداد‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬و«الكونجرس‮»‬،‭ ‬لاتخاذ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الملموسة‭ ‬لمحاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬أفعالها،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬إعجاز‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬‮«‬ملزمة‭ ‬باتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬ضد‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬والاضطهاد‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الصمت‭ ‬والتقاعس‭ ‬والإنكار‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الموثقة‭ ‬‮«‬يشكل‭ ‬تحديًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬للنظام‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬

إن‭ ‬‮«‬الأيام‭ ‬المقبلة‭ ‬سوف‭ ‬تختبر‭ ‬استعداد‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬وحكومته‭ ‬لـ«تحدي‭ ‬الرأي‭ ‬العام‮»‬‭ ‬ودعم‭ ‬تعديلاتهم‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المتزايدة؛‭ ‬فإن‭ ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحالف‭ ‬كان‭ ‬منذ‭ ‬إنشائه‭ ‬‮«‬مستعدًا‮»‬،‭ ‬لفعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ضروري‭ ‬لتعزيز‭ ‬أهداف‭ ‬سياسته‭ ‬الخاصة‭ ‬والمصالح‭ ‬الذاتية‭ ‬لأعضائه‭ ‬وداعميه‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تمرير‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الإصلاح‭ ‬القضائي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الكنيست،‭ ‬قد‭ ‬أعقبه‭ ‬طعن‭ ‬قانوني‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬جودة‭ ‬الحكم‮»‬‭ ‬المؤيدة‭ ‬للديمقراطية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فقد‭ ‬طرح‭ ‬‮«‬بانيكوف‮»‬‭ ‬فكرة‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬ستتم‭ ‬متابعتها‭ ‬بالفعل،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬لإلغاء‭ ‬القانون‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬قدرة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬تعيين‭ ‬أعضاء،‭ ‬وسن‭ ‬السياسة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إشراف‭ ‬قضائي‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬البلاد؛‭ ‬فإن‭ ‬التداعيات‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬ستكون‭ ‬خطيرة،‭ ‬حيث‭ ‬ستفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬تصعيد‭ ‬أكثر‭ ‬حدة‭ ‬لعمليات‭ ‬التدمير‭ ‬والتهجير،‭ ‬والتوسع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬وتهويد‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭. ‬ومع‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬لمحاسبة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬وحكومته‭ ‬على‭ ‬أفعالهم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستنتج‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬سيشهد‭ ‬تفاقم‭ ‬الوضع‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا