العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٩ - الاثنين ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التعاون الخليجي في مواجهة شح المياه

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٢٩ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

تتسم‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬بوقوعها‭ ‬في‭ ‬الحزام‭ ‬الصحراوي،‭ ‬مع‭ ‬قلة‭ ‬الأمطار،‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬أنهار‭ ‬عذبة‭ ‬بها‭. ‬ولثرائها‭ ‬النفطي،‭ ‬شهدت‭ ‬زيادة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬السكان‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬تقارب‭ ‬60‭ ‬مليون‭ ‬نسمة؛‭ ‬نتيجة‭ ‬تتابع‭ ‬موجات‭ ‬الوافدين‭ ‬للعمل‭ ‬فيها،‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬مواردها‭ ‬المائية‭ ‬المحدودة‭. ‬فيما‭ ‬أدى‭ ‬السحب‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬إلى‭ ‬تلوثها‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الملوحة‭ ‬فيها،‭ ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أنماط‭ ‬الاستهلاك‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بالإسراف‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الهدر‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬كان‭ ‬وزير‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬الإماراتي‭ ‬حينئذ‭- ‬‮«‬حميد‭ ‬بن‭ ‬ناصر‭ ‬العويس‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬أطلق‭ ‬تحذيرًا،‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬ستواجه‭ ‬خلال‭ ‬الـ‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬المقبلة،‭ ‬أزمة‭ ‬مائية،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تفادي‭ ‬إشكالية‭ ‬شح‭ ‬المياه،‭ ‬وأن‭ ‬العجز‭ ‬المائي‭ ‬سيصل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬إلى‭ ‬31‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬سنويًا،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬مستهل‭ ‬الألفية‭ ‬15‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب،‭ ‬وطالب‭ ‬بصياغة‭ ‬استراتيجية‭ ‬خليجية‭ ‬متكاملة‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬أهم‭ ‬عناصرها‭ ‬التوعية‭ ‬بضرورة‭ ‬وقف‭ ‬الهدر‭.‬

نفس‭ ‬هذا‭ ‬التحذير‭ ‬أطلقته‭ ‬دراسة‭ ‬للمعهد‭ ‬الفرنسي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬المياه‭ ‬والطاقة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬أخرى‭ ‬سابقة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬اتجاهات‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬عام‭ ‬2050‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أشارتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لن‭ ‬يصبح‭ ‬في‭ ‬مقدورها‭ ‬سوى‭ ‬إشباع‭ ‬23%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ثبات‭ ‬مواردها‭ ‬المائية‭ ‬الحالية‭. ‬ومع‭ ‬سعي‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬متكاملة‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬فإن‭ ‬قطاع‭ ‬الزراعة‭ ‬يستهلك‭ ‬نحو‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬استهلاك‭ ‬المياه‭ ‬فيها‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬كان‭ ‬إجمالي‭ ‬نقص‭ ‬المياه‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬12781‭ ‬مليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬سنويًّا‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الاستهلاك‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬يرتفع‭ ‬هذا‭ ‬النقص‭ ‬إلى‭ ‬25855‭ ‬مليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬سنويًا،‭ ‬فيما‭ ‬اعتمدت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لمواجهة‭ ‬العجز‭ ‬المائي‭ ‬عدة‭ ‬وسائل‭ ‬شملت‭: (‬معالجة‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر،‭ ‬قوانين‭ ‬تنظيمية،‭ ‬تقليص‭ ‬دعم‭ ‬المياه،‭ ‬وتعاون‭ ‬خليجي‭ ‬مشترك‭). ‬وقد‭ ‬مثلت‭ ‬مبادرة‭ ‬إقامة‭ ‬خط‭ ‬مياه‭ ‬مشترك‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان،‭ ‬مرورًا‭ ‬بالإمارات،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬ومشروع‭ ‬بنك‭ ‬المياه‭ ‬أو‭ ‬أسواق‭ ‬المياه‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تطبيقه‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬اتجاهات‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭.‬

واستفادةً‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬‮«‬الربط‭ ‬الكهربائي‮»‬؛‭ ‬بدأت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬فعلية‭ ‬نحو‭ ‬دراسة‭ ‬الجوانب‭ ‬القانونية‭ ‬والتنظيمية‭ ‬لمشروع‭ ‬الربط‭ ‬المائي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وحينها‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬توقع‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬بحر‭ ‬العرب‮»‬‭ ‬و«خليج‭ ‬عُمان‮»‬‭ -‬اعتبارا‭ ‬من‭ ‬2020‭- ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الروافد‭ ‬المائية‭ ‬لدول‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‮»‬‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬نقص‭ ‬إمدادات‭ ‬مياه‭ ‬الخليج،‭ ‬وحينها‭ ‬ذُكر‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬الربط‭ ‬المائي‭ ‬سيتم‭ ‬طرحه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مناقصة‭ ‬عامة‭ ‬أمام‭ ‬تحالفات‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬محلية‭ ‬وعالمية‭. ‬وكان‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭ ‬وخليج‭ ‬عُمان؛‭ ‬سببه‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬التحلية‭ -‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬السحب‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭- ‬ستصبح‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الصعوبة‭ ‬بعد‭ ‬25‭ ‬عاما،‭ ‬نتيجة‭ ‬الأملاح‭ ‬التي‭ ‬يعاد‭ ‬إلقاؤها‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬وأنها‭ ‬قد‭ ‬تتوقف‭ ‬تمامًا‭ ‬عند‭ ‬بلوغها‭ ‬85‭ ‬ألف‭ ‬جزء‭ ‬بالمليون‭.‬

وتنفيذًا‭ ‬لتوجهات‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬التشاوري‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬‮«‬الرياض‮»‬‭ ‬مايو‭ ‬2012؛‭ ‬لدراسة‭ ‬الربط‭ ‬المائي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬قرارات‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأعلى‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬في‭ ‬قمتهم‭ ‬الـ34‭ ‬بالكويت،‭ ‬والدراسات‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬مصدر‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭ ‬أو‭ ‬خليج‭ ‬عُمان؛‭ ‬تم‭ ‬تكليف‭ ‬شركة‭ ‬استشارية‭ ‬متخصصة‭ ‬لإعداد‭ ‬دراسة‭ ‬لهذا‭ ‬الربط،‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬شروط‭ ‬مرجعية،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬بالفعل‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المشاورات‭ ‬مازالت‭ ‬قائمة‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬أفضل‭ ‬الطرق‭ ‬للتنفيذ‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬متطلبات‭ ‬البيئة،‭ ‬فالمشروع‭ ‬حيوي،‭ ‬ويضمن‭ ‬توافر‭ ‬المياه‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكيات،‭ ‬أقر‭ ‬وزراء‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2014،‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬الربط‭ ‬المائي‮»‬،‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬كاستراتيجية‭ ‬تدعم‭ ‬التكامل‭ ‬بينها‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬قرار‭ ‬قادة‭ ‬المجلس‭ ‬بإعداد‭ ‬استراتيجية‭ ‬خليجية‭ ‬شاملة‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى؛‭ ‬لضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬المائي‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬كان‭ ‬التوجه‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬الربط‭ ‬ثنائيًا،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬متابعته‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للمجلس،‭ ‬وتحدد‭ ‬2018‭ ‬موعدًا‭ ‬أوليًا‭ ‬لبدء‭ ‬المشروع‭.‬

وكان‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬أقر‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬‮«‬37‮»‬‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2016‭ ‬بالبحرين،‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬المياه‭ ‬الخليجية‭ ‬2035‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬قامت‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للمجلس‭ ‬بإعدادها،‭ ‬وتؤسس‭ ‬لنظام‭ ‬مستدام‭ ‬وفعال‭ ‬وعادل‭ ‬وآمن‭ ‬للمياه،‭ ‬وارتكزت‭ ‬على‭ ‬خمسة‭ ‬مجالات‭ ‬أساسية‭ ‬هي‭: (‬تنمية‭ ‬واستدامة‭ ‬موارد‭ ‬الماء،‭ ‬استخدام‭ ‬موارد‭ ‬الماء‭ ‬بكفاءة‭ ‬وعدالة،‭ ‬تعزيز‭ ‬أمن‭ ‬إمدادات‭ ‬الماء‭ ‬البلدية،‭ ‬الحوكمة‭ ‬الفاعلة‭ ‬والتوعية،‭ ‬الكفاءة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستدامة‭ ‬المالية‭).‬

وفي‭ ‬الاجتماع‭ ‬الثلاثين‭ ‬للجنة‭ ‬التعاون‭ ‬الكهربائي‭ ‬والمائي‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2021،‭ ‬التي‭ ‬ناقشت‭ ‬مستجدات‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الموحدة‭ ‬للمياه؛‭ ‬تم‭ ‬طرح‭ ‬فكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬للربط‭ ‬المائي‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬هيئة‭ ‬الربط‭ ‬الكهربائي‭ ‬تضطلع‭ ‬بمسؤوليات‭ ‬توطين‭ ‬صناعة‭ ‬التحلية،‭ ‬والربط‭ ‬المائي‭ ‬الخليجي‭ ‬الثنائي،‭ ‬فيما‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬قطر‮»‬‭ ‬دعمها‭ ‬لمشروع‭ ‬الربط‭ ‬الخليجي‭ ‬الثنائي‭ ‬كخطوة‭ ‬رئيسية‭ ‬نحو‭ ‬مشروع‭ ‬الربط‭ ‬المائي‭ ‬الخليجي‭ ‬الشامل‭. ‬واستمرارا،‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬الأمانة‭ ‬العامة‮»‬،‭ ‬للمجلس‭ -‬في‭ ‬نفس‭ ‬الشهر‭- ‬أنها‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬بنود‭ ‬تطبيق‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الخليجية‭ ‬الموحدة‭ ‬للمياه‭. ‬وفي‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العام،‭ ‬ترأس‭ ‬‮«‬إبراهيم‭ ‬الكعبي‮»‬،‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للتخطيط‭ ‬والمشاريع‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬اجتماع‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للمجلس؛‭ ‬لمناقشة‭ ‬مقترح‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬الربط‭ ‬المائي‭ ‬الخليجي‭. ‬وفي‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬كان‭ ‬الاجتماع‭ ‬التاسع‭ ‬والثلاثون‭ ‬للجنة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬الخليجية،‭ ‬التي‭ ‬تطرق‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬وخطط‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المياه،‭ ‬وأنشطتها‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬واستدامة‭ ‬الموارد‭ ‬الجوفية‭.‬

وفي‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬لم‭ ‬تُختصر‭ ‬اتجاهات‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الشح‭ ‬المائي‭ ‬على‭ (‬اللجان‭ ‬المشتركة،‭ ‬ومشروع‭ ‬هيئة‭ ‬الربط‭ ‬المائي،‭ ‬ومشروع‭ ‬الربط‭ ‬المائي‭)‬؛‭ ‬لكنها‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬دراسات‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للمجلس،‭ ‬بشأن‭ ‬الخطوط‭ ‬الرئيسية‭ ‬لإعداد‭ ‬سياسة‭ ‬مائية‭ ‬مشتركة،‭ ‬وبرنامج‭ ‬عمل‭ ‬للإدارة‭ ‬المتكاملة‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬للمياه،‭ ‬يشمل‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬والأنشطة‭ ‬المشتركة،‭ ‬مثل‭ (‬إعداد‭ ‬التشريعات‭ ‬والقوانين‭ ‬المائية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وتوطين‭ ‬صناعة‭ ‬التحلية،‭ ‬وإدارة‭ ‬مكامن‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وإعداد‭ ‬خطة‭ ‬خليجية‭ ‬لطوارئ‭ ‬المياه،‭ ‬ومراقبة‭ ‬جودة‭ ‬مياه‭ ‬الشرب،‭ ‬وإعادة‭ ‬استخدام‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬المعالجة،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات‭ ‬وفقًا‭ ‬لخطة‭ ‬عمل‭ ‬وبرنامج‭ ‬زمني‭ ‬محدد‭).‬

وبالفعل،‭ ‬اعتمد‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬قوانين‭ ‬أنظمة‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬المياه‭ ‬السطحية‭ ‬والجوفية،‭ ‬وإعادة‭ ‬استخدام‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬المعالجة،‭ ‬وصناعة‭ ‬التحلية،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬اعتماد‭ ‬الشروط‭ ‬المرجعية‭ ‬لدراسة‭ ‬تصنيع‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬التحلية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬واستكمال‭ ‬الشروط‭ ‬المرجعية‭ ‬لإعداد‭ ‬دراسة‭ ‬شاملة‭ ‬عن‭ ‬الطبقات‭ ‬المائية‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬وسبل‭ ‬المحافظة‭ ‬عليها‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬الاستنزاف‭ ‬والتلوث،‭ ‬وإيجاد‭ ‬آلية‭ ‬مشتركة‭ ‬لإدارتها،‭ ‬وإعداد‭ ‬خطة‭ ‬استرشادية‭ ‬مشتركة‭ ‬لمواجهة‭ ‬الحالات‭ ‬الطارئة‭ ‬في‭ ‬المياه،‭ ‬مثل‭ ‬الكوارث‭ ‬البيئية‭ ‬أو‭ ‬الطبيعية‭ ‬أو‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬تخزينية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تقوم‭ ‬‮«‬الأمانة‭ ‬العامة‮»‬،‭ ‬بإعداد‭ ‬دراسة‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬نوعية‭ ‬وطبيعة‭ ‬الملوثات‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وإيجاد‭ ‬أفضل‭ ‬الحلول‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات،‭ ‬وتقليل‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬الشرب،‭ ‬كما‭ ‬يجري‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الطريقة‭ ‬المثلى‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬إعادة‭ ‬استخدام‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬المعالجة‭ ‬في‭ ‬مناح‭ ‬عديدة،‭ ‬وتحديد‭ ‬الضوابط‭ ‬والمعايير‭ ‬لهذا‭ ‬الاستخدام،‭ ‬وتقوم‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بالزراعة‭ ‬والبيئة،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الأمن‭ ‬المائي‭ ‬والغذائي،‭ ‬للارتباط‭ ‬الوثيق‭ ‬بينهما،‭ ‬والتأثيرات‭ ‬المتبادلة‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭.‬

وفضلاً‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الخليجي‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬شح‭ ‬المياه؛‭ ‬هناك‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭. ‬وفي‭ ‬يناير‭ ‬2017،‭ ‬وقعت‭ ‬‮«‬شركة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬القطرية‮»‬،‭ ‬و«مصدر‭ ‬الإماراتية‮»‬،‭ ‬اتفاقية‭ ‬تعاون‭ ‬مشترك‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تحلية‭ ‬المياه‭. ‬ويأتي‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬التعاون‭ ‬المائي‭ ‬الخليجي؛‭ ‬لأن‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬52%‭ ‬مياه‭ ‬محلاه‭ ‬في‭ ‬استهلاكها‭ ‬المائي‭. ‬وترتفع‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬في‭ ‬‮«‬قطر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬84%،‭ ‬فيما‭ ‬تبلغ‭ ‬في‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬‭ ‬نحو70%،‭ ‬وأدناها‭ ‬في‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬و«سلطنة‭ ‬عُمان‮»‬،‭ ‬40%‭.‬

وعلى‭ ‬هامش‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬العالمية‭ ‬للمياه‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬استضافته‭ ‬‮«‬أبوظبي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2018،‭ ‬وقعت‭ ‬‮«‬المؤسسة‭ ‬العامة‭ ‬لتحلية‭ ‬المياه‭ ‬المالحة‭ ‬السعودية‮»‬،‭ ‬و«شركة‭ ‬أبوظبي‭ ‬للطاقة‮»‬،‭ ‬و«جامعة‭ ‬خليفة‭ ‬للعلوم‭ ‬والتكنولوجيا‮»‬،‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬ثلاثية؛‭ ‬لدعم‭ ‬التعاون‭ ‬وتعزيز‭ ‬العمل‭ ‬المشترك،‭ ‬فيما‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬و«الإمارات‮»‬،‭ ‬أكبر‭ ‬منتجين‭ ‬للمياه‭ ‬المحلاه‭ ‬عالميا‭. ‬

واستمرارا‭ ‬لهذه‭ ‬الجهود،‭ ‬وقع‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الكويت‭ ‬للأبحاث‭ ‬العلمية‮»‬،‭ ‬و«المؤسسة‭ ‬العامة‭ ‬لتحلية‭ ‬المياه‭ ‬المالحة‭ ‬السعودية‮»‬‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬‮«‬مذكرة‭ ‬تفاهم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تحلية‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬أعمال‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬لمستقبل‭ ‬صناعة‭ ‬التحلية‭. ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الشهر،‭ ‬وقعت‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬و«سلطنة‭ ‬عُمان‮»‬،‭ ‬16‭ ‬اتفاقية‭ ‬ومذكرات‭ ‬تفاهم‭ ‬للتعاون‭ ‬المشترك،‭ ‬كان‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الماء‭ ‬إحداها‭. ‬فيما‭ ‬وقعت‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬و«سلطنة‭ ‬عُمان‮»‬،‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2023،‭ ‬‮«‬مذكرة‭ ‬تفاهم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والمائي،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬التعاون‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأنظمة‭ ‬المتكاملة‭ ‬للمياه،‭ ‬والآليات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬تشريعات‭ ‬وإطار‭ ‬مؤسسي‭ ‬وتشغيل،‭ ‬ومبادرات‭ ‬ومشروعات‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والمائي،‭ ‬وتطوير‭ ‬تقنيات‭ ‬الري‭ ‬المرشدة‭ ‬للمياه‭ ‬وتطبيقاتها‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الربط‭ ‬المائي‭ -‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬طريقه‭ ‬للتنفيذ‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭- ‬وفي‭ ‬مشروعات‭ ‬التحلية؛‭ ‬كانت‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬قضية‭ ‬الشح‭ ‬المائي‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬العرض‭ ‬لهذا‭ ‬المورد‭ ‬الحيوي‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬احتفالية‭ ‬العالم‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للمياه‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ (‬22‭ ‬مارس‭ ‬2023‭)‬،‭ ‬كانت‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬الطلب،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬إشكالية‭ ‬شح‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬وإلى‭ ‬هذا‭ ‬كانت‭ ‬احتفالية‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬جرت‭ ‬مناقشة‭ ‬أهم‭ ‬التحديات‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬وأساليب‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬العرض‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬الطلب،‭ ‬والكفاءة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستدامة‭ ‬المائية،‭ ‬ودور‭ ‬المشاركة‭ ‬المجتمعية‭ ‬في‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬

ولعل‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬يفسر‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬رسوم‭ ‬استهلاك‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بغرض‭ ‬تخفيض‭ ‬النفقات‭ ‬العامة،‭ ‬وموازنة‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬متوجهة‭ ‬إلى‭ ‬ترشيد‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الهدر‭ ‬فيها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا