قرأت مقالات كثيرة عن التعليم من أجل التسامح والديمقراطية والانتماء وحقوق الإنسان، ولكن قليلة هي المقالات عن التعليم من أجل الأمل.
تهدف هذه المقالة إلى إلقاء الضوء على ضرورة ربط الأمل بالتعليم وما أجمل ما قاله الطغرائي:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
وما قاله المتنبي:
ليس التعلل بالآمال من أدبي
ولا القناعة بالإقلال من شيمي
وما قاله شاعر آخر:
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها
ولكن أحلام الرجال تضيق
الأمل هو وقود المستقبل وهو طريق المستقبل، وأينما تكن حياة يكن أمل، ومن تسلح بالأمل لا يعرف المستحيل، وهنا أقول: رغم الظروف القاهرة والأوقات العصيبة والأزمات المتلاحقة والنيران المشتعلة في زوايا كثيرة من العالم العربي، ورغم القلق والتشاؤم، فإن الأمل هو عكس الألم، ونحن بحاجة إلى تعليم من أجل الأمل وزراعة الأمل وملاحقة الأمل من قبل الشباب، وكلما شعر الطالب بالأمل زادت قدرته على التعامل مع القضايا التي تحيط به وأصبح فاعلاً من خلال الممارسة التي تحدث الأمل عن طريق تحديد الاتجاه الذي يجب أن نتجه إليه، أي امتلاك رؤية واضحة، وكما يقال: يجمح التعليم من دون رؤية، وماذا يتعين علينا القيام به للوصول إلى ذلك المكان؟ وما الخطوات اللازمة للتحرك في الاتجاه الصحيح؟ وكيف نعرف أننا وصلنا إلى ذلك المكان؟ أي حققنا الأمل، وهناك دراسات مستقبلية لمساعدة الناس ليصبحوا أكثر نشاطاً في تصور المستقبل وتعليمهم إيجاد الطرق التي يريدون أن يكون عليها في المستقبل. أعتقد أن وجود رؤية واضحة تجعل أي شيء ممكن إذا كانت مصحوبة بالعمل والممارسة، وكما تقول مقولة قديمة: (عدم وجود رؤية يهلك الناس)، وهنا يجب أن نطلع على تجارب وأفكار المربين في مناطق كثيرة في العالم وكيف تمكنوا من بث روح الأمل في الأوقات العصيبة، وهناك عوامل مبعدة للأمل كاليأس والإحباط والغضب والسخط والحرمان والخوف والقلق والمعاناة، ويأتي الأمل من خلال قراءة الإبداعات الإنسانية، كالشعر والقصص والكتب والعلاقات الاجتماعية مع أصحاب الإنجازات العظيمة، وكما قال أحد الشعراء:
أبارك في الناس أهل الطموح
ومن يستلذ ركوب الخطر
وقيل:
شباب قنع لا خير فيهم
وبورك في الشباب الطامحين
إن الانتماء وشعور الإنسان بالارتباط بالمكان والهوية، والإكثار من التنوع والمشاركة، وتبادل قصص النجاح والحكايات الشعبية والتحديات المثيرة التي لا يستطيع المعلم القيام بها لأنها نتيجة تعليم أكثر شمولية من تلك التي تعودنا عليها، لأن المؤهلات السابقة لا تأخذ بالاعتبار التطورات الجديدة من خلال معلم قادر على نقل الطلاب من العصر الذي يعيشون فيه، وجعل التعليم أكثر قدرة على مساعدة المتعلمين للدخول إلى المستقبل، فالتعليم مثل الحرية يؤخذ ولا يمنح.
إن أعظم طريقة يمكنك أن تحطم بها أفكار أي جيل سواء الأيديولوجية، أو الاجتماعية أو السياسية أو الأخلاقية أو المستقبلية ليس بنقض هذه الأفكار أو تغييرها ولكن تحريفها عن مواضعها، ووضع تفسيرات جديدة لها وبث روح القلق وبث روح المعاناة والإحباط وفي هذا الزمان التي أتى على البشر قد يكون اليأس والإحباط هما الوسيلتان الجيدتان للوصول إلى الأمل، ونحن كعرب ما أحوجنا إلى تعليم يتجاوز الإحباط ويقود إلى الأمل. يقول شوبنهاور المعروف كرمز للتشاؤم: «إذا انقطع الأمل عن الحياة لم يعد طعم للحياة».
وهنا أقول: «لا تدعهم يحبطونك ستأتي أيام أفضل، ابدأ اليوم، غامر اليوم، افعل شيئاً ما اليوم»، وأرى أن ربط الأمل بالتربية هو ضرورة تربوية لأن الأمل قد يكون محركا لحياة الإنسان، وبناء الوعي وصمود الإنسان أمام نائبات الدهر. وأقول: إن الأفكار الإيجابية التي يحملها الطالب ستكون المحرك الأساسي لكل نشاطاته الحياتية والأكاديمية. هناك بعض الأفكار والمقولات التي تتحدث عن الأمل، منها:
إن أروع هندسة في العالم أن تبني جسراً من الأمل للناس.
إن الأمل هو أسوأ الشرور لأنه يطيل عذاب الإنسان.
الآمال العظيمة تخلق الأفكار العظيمة.
كل إنجاز عظيم كان حلماً قبل أن يصبح حقيقة.
إياك أن تقتل الأمل لدى أي شخص مهما كان، فقد يكون هذا كل ما يملك.
يصبح الإنسان عجوزاً حين تحل الأعذار محل الآمال.
عندما يغلق أمامنا باب من أبواب الأمل، قد تفتح لنا أبواب أخرى، ولكن لا نراها لأننا نمضي الوقت في التحسر على الباب المغلق. فتفاءل ولا تتحسر على الماضي.
يمكن للإنسان أن يعيش بلا بصر، ولكنه لا يمكن أن يعيش بلا أمل.
الفرص كثيرة ولكنها لا تتسكع أمام الأبواب أبداً.
الأمل لا يخيب أبداً
إن كل شيء في عالمنا، وكل وسيلة جديدة أو اختراع، وكل كتاب تم تأليفه، وكل إنجاز كبير أو صغير تم بفكرة، وكل إنجاز رائع كان حلماً في عقل الشخص الذي قام به».
وأخيراً أقول: نحن التربويين المحاورين لا نصنع فقط مستقبل الأجيال، بل نصنع الأمل والإلهام في قلوب الطلاب وعقولهم.
{ خبير في شؤون التعليم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك