العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التعليم من أجل الأمل

بقلم: فواز عقل {

الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

قرأت‭ ‬مقالات‭ ‬كثيرة‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التسامح‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والانتماء‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولكن‭ ‬قليلة‭ ‬هي‭ ‬المقالات‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأمل‭.‬

تهدف‭ ‬هذه‭ ‬المقالة‭ ‬إلى‭ ‬إلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬ربط‭ ‬الأمل‭ ‬بالتعليم‭ ‬وما‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الطغرائي‭:‬

أعلل‭ ‬النفس‭ ‬بالآمال‭ ‬أرقبها‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬

‭ ‬ما‭ ‬أضيق‭ ‬العيش‭ ‬لولا‭ ‬فسحة‭ ‬الأمل

وما‭ ‬قاله‭ ‬المتنبي‭:‬

ليس‭ ‬التعلل‭ ‬بالآمال‭ ‬من‭ ‬أدبي‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬

ولا‭ ‬القناعة‭ ‬بالإقلال‭ ‬من‭ ‬شيمي

وما‭ ‬قاله‭ ‬شاعر‭ ‬آخر‭:‬

لعمرك‭ ‬ما‭ ‬ضاقت‭ ‬بلاد‭ ‬بأهلها‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬

‮ ‬ولكن‭ ‬أحلام‭ ‬الرجال‭ ‬تضيق

الأمل‭ ‬هو‭ ‬وقود‭ ‬المستقبل‭ ‬وهو‭ ‬طريق‭ ‬المستقبل،‭ ‬وأينما‭ ‬تكن‭ ‬حياة‭ ‬يكن‭ ‬أمل،‭ ‬ومن‭ ‬تسلح‭ ‬بالأمل‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬المستحيل،‭ ‬وهنا‭ ‬أقول‭: ‬رغم‭ ‬الظروف‭ ‬القاهرة‭ ‬والأوقات‭ ‬العصيبة‭ ‬والأزمات‭ ‬المتلاحقة‭ ‬والنيران‭ ‬المشتعلة‭ ‬في‭ ‬زوايا‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬ورغم‭ ‬القلق‭ ‬والتشاؤم،‭ ‬فإن‭ ‬الأمل‭ ‬هو‭ ‬عكس‭ ‬الألم،‭ ‬ونحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تعليم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأمل‭ ‬وزراعة‭ ‬الأمل‭ ‬وملاحقة‭ ‬الأمل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشباب،‭ ‬وكلما‭ ‬شعر‭ ‬الطالب‭ ‬بالأمل‭ ‬زادت‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬وأصبح‭ ‬فاعلاً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الممارسة‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬الأمل‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تحديد‭ ‬الاتجاه‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتجه‭ ‬إليه،‭ ‬أي‭ ‬امتلاك‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة،‭ ‬وكما‭ ‬يقال‭: ‬يجمح‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رؤية،‭ ‬وماذا‭ ‬يتعين‭ ‬علينا‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المكان؟‭ ‬وما‭ ‬الخطوات‭ ‬اللازمة‭ ‬للتحرك‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح؟‭ ‬وكيف‭ ‬نعرف‭ ‬أننا‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المكان؟‭ ‬أي‭ ‬حققنا‭ ‬الأمل،‭ ‬وهناك‭ ‬دراسات‭ ‬مستقبلية‭ ‬لمساعدة‭ ‬الناس‭ ‬ليصبحوا‭ ‬أكثر‭ ‬نشاطاً‭ ‬في‭ ‬تصور‭ ‬المستقبل‭ ‬وتعليمهم‭ ‬إيجاد‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬تجعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬ممكن‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مصحوبة‭ ‬بالعمل‭ ‬والممارسة،‭ ‬وكما‭ ‬تقول‭ ‬مقولة‭ ‬قديمة‭: (‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬رؤية‭ ‬يهلك‭ ‬الناس‭)‬،‭ ‬وهنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نطلع‭ ‬على‭ ‬تجارب‭ ‬وأفكار‭ ‬المربين‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وكيف‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬بث‭ ‬روح‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬العصيبة،‭ ‬وهناك‭ ‬عوامل‭ ‬مبعدة‭ ‬للأمل‭ ‬كاليأس‭ ‬والإحباط‭ ‬والغضب‭ ‬والسخط‭ ‬والحرمان‭ ‬والخوف‭ ‬والقلق‭ ‬والمعاناة،‭ ‬ويأتي‭ ‬الأمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قراءة‭ ‬الإبداعات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬كالشعر‭ ‬والقصص‭ ‬والكتب‭ ‬والعلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مع‭ ‬أصحاب‭ ‬الإنجازات‭ ‬العظيمة،‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬أحد‭ ‬الشعراء‭:‬

أبارك‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬أهل‭ ‬الطموح‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬

‮ ‬ومن‭ ‬يستلذ‭ ‬ركوب‭ ‬الخطر

وقيل‭:‬

شباب‭ ‬قنع‭ ‬لا‭ ‬خير‭ ‬فيهم‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬

‭ ‬وبورك‭ ‬في‭ ‬الشباب‭ ‬الطامحين

إن‭ ‬الانتماء‭ ‬وشعور‭ ‬الإنسان‭ ‬بالارتباط‭ ‬بالمكان‭ ‬والهوية،‭ ‬والإكثار‭ ‬من‭ ‬التنوع‭ ‬والمشاركة،‭ ‬وتبادل‭ ‬قصص‭ ‬النجاح‭ ‬والحكايات‭ ‬الشعبية‭ ‬والتحديات‭ ‬المثيرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬المعلم‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬لأنها‭ ‬نتيجة‭ ‬تعليم‭ ‬أكثر‭ ‬شمولية‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تعودنا‭ ‬عليها،‭ ‬لأن‭ ‬المؤهلات‭ ‬السابقة‭ ‬لا‭ ‬تأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬التطورات‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معلم‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬الطلاب‭ ‬من‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬يعيشون‭ ‬فيه،‭ ‬وجعل‭ ‬التعليم‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬المتعلمين‭ ‬للدخول‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل،‭ ‬فالتعليم‭ ‬مثل‭ ‬الحرية‭ ‬يؤخذ‭ ‬ولا‭ ‬يمنح‭. ‬

إن‭ ‬أعظم‭ ‬طريقة‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تحطم‭ ‬بها‭ ‬أفكار‭ ‬أي‭ ‬جيل‭ ‬سواء‭ ‬الأيديولوجية،‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الأخلاقية‭ ‬أو‭ ‬المستقبلية‭ ‬ليس‭ ‬بنقض‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬أو‭ ‬تغييرها‭ ‬ولكن‭ ‬تحريفها‭ ‬عن‭ ‬مواضعها،‭ ‬ووضع‭ ‬تفسيرات‭ ‬جديدة‭ ‬لها‭ ‬وبث‭ ‬روح‭ ‬القلق‭ ‬وبث‭ ‬روح‭ ‬المعاناة‭ ‬والإحباط‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الزمان‭ ‬التي‭ ‬أتى‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬اليأس‭ ‬والإحباط‭ ‬هما‭ ‬الوسيلتان‭ ‬الجيدتان‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأمل،‭ ‬ونحن‭ ‬كعرب‭ ‬ما‭ ‬أحوجنا‭ ‬إلى‭ ‬تعليم‭ ‬يتجاوز‭ ‬الإحباط‭ ‬ويقود‭ ‬إلى‭ ‬الأمل‭. ‬يقول‭ ‬شوبنهاور‭ ‬المعروف‭ ‬كرمز‭ ‬للتشاؤم‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬انقطع‭ ‬الأمل‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬طعم‭ ‬للحياة‮»‬‭.‬

وهنا‭ ‬أقول‭: ‬‮«‬لا‭ ‬تدعهم‭ ‬يحبطونك‭ ‬ستأتي‭ ‬أيام‭ ‬أفضل،‭ ‬ابدأ‭ ‬اليوم،‭ ‬غامر‭ ‬اليوم،‭ ‬افعل‭ ‬شيئاً‭ ‬ما‭ ‬اليوم‮»‬،‭ ‬وأرى‭ ‬أن‭ ‬ربط‭ ‬الأمل‭ ‬بالتربية‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬تربوية‭ ‬لأن‭ ‬الأمل‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬محركا‭ ‬لحياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبناء‭ ‬الوعي‭ ‬وصمود‭ ‬الإنسان‭ ‬أمام‭ ‬نائبات‭ ‬الدهر‭. ‬وأقول‭: ‬إن‭ ‬الأفكار‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬الطالب‭ ‬ستكون‭ ‬المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬لكل‭ ‬نشاطاته‭ ‬الحياتية‭ ‬والأكاديمية‭. ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأفكار‭ ‬والمقولات‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الأمل،‭ ‬منها‭:‬

إن‭ ‬أروع‭ ‬هندسة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬جسراً‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬للناس‭.‬

إن‭ ‬الأمل‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭ ‬الشرور‭ ‬لأنه‭ ‬يطيل‭ ‬عذاب‭ ‬الإنسان‭.‬

الآمال‭ ‬العظيمة‭ ‬تخلق‭ ‬الأفكار‭ ‬العظيمة‭.‬

كل‭ ‬إنجاز‭ ‬عظيم‭ ‬كان‭ ‬حلماً‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬حقيقة‭.‬

إياك‭ ‬أن‭ ‬تقتل‭ ‬الأمل‭ ‬لدى‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬مهما‭ ‬كان،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يملك‭.‬

يصبح‭ ‬الإنسان‭ ‬عجوزاً‭ ‬حين‭ ‬تحل‭ ‬الأعذار‭ ‬محل‭ ‬الآمال‭.‬

عندما‭ ‬يغلق‭ ‬أمامنا‭ ‬باب‭ ‬من‭ ‬أبواب‭ ‬الأمل،‭ ‬قد‭ ‬تفتح‭ ‬لنا‭ ‬أبواب‭ ‬أخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬نراها‭ ‬لأننا‭ ‬نمضي‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬التحسر‭ ‬على‭ ‬الباب‭ ‬المغلق‭. ‬فتفاءل‭ ‬ولا‭ ‬تتحسر‭ ‬على‭ ‬الماضي‭.‬

يمكن‭ ‬للإنسان‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بلا‭ ‬بصر،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بلا‭ ‬أمل‭.‬

الفرص‭ ‬كثيرة‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تتسكع‭ ‬أمام‭ ‬الأبواب‭ ‬أبداً‭.‬

الأمل‭ ‬لا‭ ‬يخيب‭ ‬أبداً

إن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬عالمنا،‭ ‬وكل‭ ‬وسيلة‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬اختراع،‭ ‬وكل‭ ‬كتاب‭ ‬تم‭ ‬تأليفه،‭ ‬وكل‭ ‬إنجاز‭ ‬كبير‭ ‬أو‭ ‬صغير‭ ‬تم‭ ‬بفكرة،‭ ‬وكل‭ ‬إنجاز‭ ‬رائع‭ ‬كان‭ ‬حلماً‭ ‬في‭ ‬عقل‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‮»‬‭.‬

وأخيراً‭ ‬أقول‭: ‬نحن‭ ‬التربويين‭ ‬المحاورين‭ ‬لا‭ ‬نصنع‭ ‬فقط‭ ‬مستقبل‭ ‬الأجيال،‭ ‬بل‭ ‬نصنع‭ ‬الأمل‭ ‬والإلهام‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬الطلاب‭ ‬وعقولهم‭.‬

 

‭ ‬{‭ ‬خبير‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬التعليم‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا