العدد : ١٧٠٣٧ - الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٣٧ - الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كيف يمكن أن نعيد إلى اللغة العربية مكانتها اللائقة؟

بقلم: د. عمار علي حسن {

الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

لا‭ ‬يمكننا‭ ‬نكران‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬معقدة،‭ ‬بعضها‭ ‬مزمن‭ ‬وكان‭ ‬معروضًا‭ ‬ومعروفًا‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬حلًا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنين،‭ ‬وبعضها‭ ‬جديد،‭ ‬وصار‭ ‬مكشوفًا‭ ‬للأذهان،‭ ‬ولا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬جهد‭ ‬مضن‭ ‬حتى‭ ‬نقف‭ ‬عليها،‭ ‬ونشخصها،‭ ‬ونفكر‭ ‬في‭ ‬حلول‭ ‬لها‭.‬

فهناك‭ ‬مشكلات‭ ‬تتعلق‭ ‬بتطوير‭ ‬النحو‭ ‬بحيث‭ ‬يصبح‭ ‬أسهل،‭ ‬وهي‭ ‬مسألة‭ ‬بُحّ‭ ‬صوت‭ ‬الدكتور‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬وغيره،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تلافيها‭. ‬وبعضها‭ ‬يتعلق‭ ‬بإيجاد‭ ‬الألفاظ‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬تواكب‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬والحضاري،‭ ‬وما‭ ‬تلقيه‭ ‬العولمة‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬اللغات‭ ‬من‭ ‬مفردات‭ ‬ومفاهيم‭ ‬واصطلاحات‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تقريبا‭. ‬وبعضها‭ ‬يرتبط‭ ‬بإيجاد‭ ‬بلاغة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬التشبيه‭ ‬والاستعارة‭ ‬والمبالغة‭ ‬وصناعة‭ ‬الصورة‭ ‬وقدح‭ ‬الخيال‭.‬

وهناك‭ ‬مشكلة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالانسياق‭ ‬وراء‭ ‬الاشتقاق‭ ‬اللغوي‭ ‬لصنع‭ ‬تصورات‭ ‬ومسارات‭ ‬منهجية‭. ‬

وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬صار‭ ‬إحدى‭ ‬خصائص‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬العربية،‭ ‬فالباحث‭ ‬يبدأ‭ ‬دوما‭ ‬بالجري‭ ‬وراء‭ ‬دلالات‭ ‬الاشتقاقات‭ ‬اللغوية‭ ‬لمصطلحاته‭ ‬أو‭ ‬مفاهيمه،‭ ‬ويستعين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬بالمعاجم‭ ‬القديمة،‭ ‬ناسيا‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬يتغير‭ ‬أحيانا‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬السياق‭ ‬الاجتماعي‭.‬

ويزداد‭ ‬الأمر‭ ‬سوءًا‭ ‬حين‭ ‬يصبح‭ ‬النص‭ ‬اللغوي‭ ‬القديم‭ ‬محددا‭ ‬للتفكير‭ ‬الحديث،‭ ‬ينجذب‭ ‬إليه،‭ ‬ويدور‭ ‬في‭ ‬فلكه،‭ ‬وينتج‭ ‬به‭ ‬نماذج‭ ‬إرشادية‭ ‬وأنساق‭ ‬تفكير‭.‬

لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬بالطبع،‭ ‬فهناك‭ ‬جانب‭ ‬أعوص‭ ‬وأصعب‭ ‬يرتبط‭ ‬بوجود‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬نفسها‭. ‬فقد‭ ‬زحفت‭ ‬عليها‭ ‬اللهجات‭ ‬العامية‭ ‬بقسوة،‭ ‬ولم‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬حد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬متداولة‭ ‬شفاهة،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬سابقا،‭ ‬ثم‭ ‬بات‭ ‬أغلب‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬يعتمدها‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬آرائه‭ ‬ومواقفه‭ ‬وأفكاره‭ ‬ومشاعره،‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬أو‭ ‬الأدباء،‭ ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬نتابع‭ ‬ما‭ ‬يكتبونه‭ ‬بالعامية‭ ‬الفجة‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ونتعجب،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يكتبونه‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الحوار‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬اللهجات‭ ‬العامية‭ ‬المحلية،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الوصف‭ ‬والتصوير‭ ‬والتحليل‭ ‬والتخيل‭ ‬وإبداء‭ ‬الرأي،‭ ‬وإعلان‭ ‬الموقف‭.‬

وبعض‭ ‬اللهجات‭ ‬العامية‭ ‬المحكية‭ ‬لديها‭ ‬قدرة‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬وتجاوز‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬اللغة‭ ‬الفصحى،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬اللهجة‭ ‬المصرية،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬لهجة‭ ‬عامية‭ ‬واحدة،‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬بكل‭ ‬البلدان‭ ‬العربية،‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬استفحال‭ ‬اللهجات‭ ‬العامية‭ ‬واعتمادها‭ ‬بإفراط‭ ‬سيؤدى‭ ‬إلى‭ ‬التشويش،‭ ‬وربما‭ ‬قطع‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭.‬

وكان‭ ‬الأديب‭ ‬العالمي‭ ‬الكبير‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬واعيا‭ ‬لهذه‭ ‬المسألة،‭ ‬فكتب‭ ‬بلغة‭ ‬فصحى،‭ ‬وعاب‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يكتبون‭ ‬بالعامية،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ضرورة‭ ‬يتطلبها‭ ‬جريان‭ ‬الحوار‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬شخوص‭ ‬السرد‭ ‬وأبطاله،‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬يحجب‭ ‬أعمالهم‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬عن‭ ‬كثيرين،‭ ‬خاصة‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يلمون‭ ‬بالعامية‭ ‬المصرية‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬العرب‭.‬

ومثل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬قد‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬قصص‭ ‬يوسف‭ ‬إدريس‭ ‬على‭ ‬روعتها،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يضمنها‭ ‬لهجة‭ ‬عامية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭ ‬وهي‭ ‬قرية‭ ‬البيروم‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬محافظة‭ ‬الشرقية‭ ‬المصرية‭.‬

فبعض‭ ‬هذه‭ ‬الألفاظ‭ ‬قد‭ ‬غادر‭ ‬الآن‭ ‬بيئته‭ ‬المحلية،‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬ببيئات‭ ‬محلية‭ ‬مصرية‭ ‬أخرى،‭ ‬وما‭ ‬بالنا‭ ‬أكثر‭ ‬ببيئات‭ ‬عربية‭ ‬بعيدة‭. ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬منتبها‭ ‬إلى‭ ‬هذا،‭ ‬ولذا‭ ‬عاب‭ ‬على‭ ‬يوسف‭ ‬إدريس‭ ‬استعمال‭ ‬العامية‭ ‬في‭ ‬قصصه،‭ ‬وفعل‭ ‬الأمر‭ ‬نفسه‭ ‬مع‭ ‬غيره،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الكاتب‭ ‬المسرحي‭ ‬نعمان‭ ‬عاشور‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬اللهجات‭ ‬العامية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬صافية،‭ ‬مثلما‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬مثلًا،‭ ‬بل‭ ‬دخلت‭ ‬عليها‭ ‬أخلاط‭ ‬من‭ ‬لغات‭ ‬أخرى‭. ‬ويزيد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أجيالًا‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬المدارس‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬عربية،‭ ‬صارت‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬السليمة‭ ‬بالعربية،‭ ‬ولا‭ ‬الكتابة‭ ‬بها،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬يتواصلون‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬أو‭ ‬الفرنسية،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬يمزجون‭ ‬تحدثهم‭ ‬العربية‭ ‬بكلمات‭ ‬أجنبية،‭ ‬وبعضهم‭ ‬قد‭ ‬يستوقفك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ينطق‭ ‬الكلمة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬مثلا‭ ‬ليستوضح‭ ‬معناها‭ ‬بالعربية‭.‬

زاد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬اللغات‭ ‬الأجنبية‭ ‬ساحت‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬والشوارع،‭ ‬وراحت‭ ‬تزيح‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬أو‭ ‬تعمى‭ ‬عليها،‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬عدة،‭ ‬فلافتات‭ ‬المحال‭ ‬والحوانيت‭ ‬وأسماء‭ ‬الفنادق‭ ‬والملاعب‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬تكتب‭ ‬بالإنجليزية‭ ‬أو‭ ‬الفرنسية‭ ‬وغيرهما،‭ ‬وإن‭ ‬تواضع‭ ‬بعض‭ ‬التجار‭ ‬وأصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬فصاروا‭ ‬يكتبون‭ ‬اللفظ‭ ‬الأجنبي‭ ‬بحروف‭ ‬عربية‭.‬

على‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر،‭ ‬يعتني‭ ‬التعليم‭ ‬الديني،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسه‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬قلبه،‭ ‬التعليم‭ ‬الأزهري‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬عناية‭ ‬فائقة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬الملتحق‭ ‬بهذا‭ ‬المسار‭ ‬التعليمي‭ ‬عليه‭ ‬حفظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬وألف‭ ‬حديث‭ ‬نبوي‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬ألفية‭ ‬ابن‭ ‬مالك‭ ‬النحوية،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يطور‭ ‬عربيته،‭ ‬فيبتعد‭ ‬عن‭ ‬الألفاظ‭ ‬المهجورة‭ ‬أو‭ ‬المفردات‭ ‬التي‭ ‬تجاوزتها‭ ‬البيئة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والساكنة‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬القواميس‭ ‬والمعاجم‭ ‬القديمة‭. ‬

وحاول‭ ‬الأدباء‭ ‬والصحفيون‭ ‬أن‭ ‬يطوروا‭ ‬لغة‭ ‬بسيطة،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إفهام‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬القراء‭. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يتلقط‭ ‬ألفاظًا‭ ‬نظنها‭ ‬عامية‭ ‬ويلقيها‭ ‬في‭ ‬سطور‭ ‬نصوصه‭ ‬باعتبارها‭ ‬فصيحة‭ ‬بلا‭ ‬جدال،‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأديب‭ ‬يحيى‭ ‬حقي‭.‬

‭ ‬لكن‭ ‬المعنيين‭ ‬بتطوير‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬لتواكب‭ ‬التجدد‭ ‬والتمدن‭ ‬الذي‭ ‬يجرى‭ ‬بلا‭ ‬هوادة،‭ ‬لم‭ ‬يبذلوا‭ ‬الجهد‭ ‬الكافي‭ ‬الوافي‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تهيئة‭ ‬العربية‭ ‬لتسعف‭ ‬الناطقين‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬والمتعلمين‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬آرائهم،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬عوام‭ ‬الناس‭ ‬قد‭ ‬تجاوزوا‭ ‬ما‭ ‬تهديه‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬مؤسسات‭ ‬قائمة‭ ‬عليها،‭ ‬خصوصا‭ ‬مجامع‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬عربية‭ ‬عدة‭.‬

الأدهى‭ ‬والأمرّ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬كله،‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬ينتجون‭ ‬بلاغتهم‭ ‬الشفاهية‭ ‬المتجددة،‭ ‬بينما‭ ‬يصر‭ ‬أغلب‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬استعمال‭ ‬مجازات‭ ‬قديمة،‭ ‬كأن‭ ‬يقول‭ ‬أحدهم‭ ‬‮«‬القشة‭ ‬التي‭ ‬قصمت‭ ‬ظهر‭ ‬البعير‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬البعير‭ ‬هو‭ ‬وسيلة‭ ‬النقل‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬السيارات‭ ‬والقطارات‭ ‬والطائرات،‭ ‬أو‭ ‬يصف‭ ‬أحدهم‭ ‬وجه‭ ‬المليحة‭ ‬بالقمر،‭ ‬والشجاع‭ ‬بالأسد،‭ ‬أو‭ ‬يقول‭ ‬آخر‭ ‬‮«‬سبق‭ ‬السيف‭ ‬العذل‮»‬‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬أسلحته‭ ‬صار‭ ‬بعضها‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬الصوت‭.‬

يحدث‭ ‬هذا‭ ‬للفصحى‭ ‬بينما‭ ‬تحاول‭ ‬اللهجات‭ ‬العامية‭ ‬أن‭ ‬تلبى‭ ‬احتياج‭ ‬الناس‭ ‬عبر‭ ‬الاختزال‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬نحوية‭ ‬قد‭ ‬يصعب‭ ‬معها‭ ‬النطق‭ ‬السريع،‭ ‬كما‭ ‬تحلت‭ ‬العامية‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الخيال‭ ‬الشعبي‭ ‬عبر‭ ‬الشعر‭ ‬العامي‭ ‬والنبطي‭ ‬مثلا،‭ ‬وكذلك‭ ‬عبر‭ ‬الأمثال‭ ‬والحكم‭ ‬والقصص‭ ‬والسير‭ ‬والملاحم‭ ‬والأغاني‭ ‬والمواويل‭ ‬وغيرها‭.‬

إن‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬تعيش‭ ‬محنة‭ ‬شديدة،‭ ‬فها‭ ‬هم‭ ‬أدباء‭ ‬لا‭ ‬يجيدون‭ ‬كتابتها،‭ ‬وقضاة‭ ‬لا‭ ‬يحسنون‭ ‬نطقها،‭ ‬وران‭ ‬عليها‭ ‬جمود‭ ‬في‭ ‬النحو‭ ‬والصرف،‭ ‬وزحفت‭ ‬عليها‭ ‬اللهجات‭ ‬العامية،‭ ‬وتفوقت‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬مجازات‭ ‬مبتكرة،‭ ‬فيما‭ ‬يهملها‭ ‬تعليم‭ ‬أجنبي‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬اغترابها،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬اختلاط‭ ‬كتابتها‭ ‬ونطقها‭ ‬بكلمات‭ ‬من‭ ‬لغات‭ ‬أخرى،‭ ‬وبذا‭ ‬صارت‭ ‬لغة‭ ‬الضاد‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬شديدة،‭ ‬ويمضي‭ ‬عام‭ ‬تلو‭ ‬عام،‭ ‬ونفتحها‭ ‬كأي‭ ‬جرح‭ ‬جديد،‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يندمل‭ ‬أبدا‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬وباحث‭ ‬مصري

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا