المتابع للمشهد البرلماني في مجمل جلسات مجلس النواب ومداخلات بعض الأعضاء عن المشكلات والقضايا التي تهم الناس يلاحظ تكرار نفس الأحاديث عن مطالب المواطنين والبحث عن حلول لمشكلاتهم مثل: (التقاعد وتحسين مستويات المعيشة والبطالة والإسكان).
هذه المطالب والتطلعات نجد انها شبه مكررة مع كل فصل تشريعي من دون الوصول إلى حلول نهائية للكثير منها، فلم يقدم المجتمعون تحت قبة البرلمان الحلول المنتظرة منهم لدى جمهور الناخبين؛ رغم أن النواب أشبعوا هذه المشكلات بحثاً ونقاشاً.
وقد أثر هذا الأداء لأعضاء مجلس النواب على مشاعر وتطلعات المواطنين وأفضى إلى مشاعر شعبية مفادها ان عددا من النواب ليسوا بالكفاءة التي كان ينتظرها جمهور المواطنين، ما أدى الى عدم قيام المجلس بالأدوار المنشودة منه.
ويتكرر هذا المشهد مع بداية جلسات الدورة الثالثة من هذا الفصل، حيث لم يطرأ تغيير ملموس على أداء النواب في تداولهم للمشكلات السابقة، كما أننا لا نرى في الأفق ما يوحي بأنهم في طريقهم إلى تطوير فاعليتهم والاستفادة من التجارب والدروس السابقة في الفصول التشريعية التي انقضت.
وتظهر الحالة التي أمامنا كما لو أن الأعضاء ليسوا في عجلة من أمرهم في حسم أي من تلك المشكلات، وأن نفسهم طويل لدرجة أن لديهم الاستعداد لمواصلة البحث فيها حتى إن استغرق ذلك منهم كل أوقات جلسات الفصل التشريعي الحالي وربما القادم أيضاً؛ وهو ما نتوقع ان يدفع كثير من النواب ثمنه غاليا في الانتخابات القادمة، فالمتوقع انهم لن ينالوا الثقة الشعبية مرة أخرى ولن يعاد انتخابهم وسوف تبحث جموع المواطنين عن وجوه جديدة املا في إحداث التغيير والبحث عن فاعلية أكبر وأكثر تأثيرا في الأداء البرلماني.
لهذه الأسباب، كانت ردود أفعال المواطنين – ولا تزال – نحو أداء أعضاء البرلمان في الدورتين السابقتين تتسم بالشعور بعدم الرضا. والراصد لتلك الردود سواء من خلال أحاديث المجالس أو الصحف المحلية أو السوشيال ميديا يلاحظ أن نسبة ليست قليلة من المواطنين يعبرون عن استيائهم من أداء بعض النواب، ويضيف هؤلاء بأنه ليس في مستوى تطلعاتهم وطموحاتهم وتوقعاتهم في معالجة معظم الملفات التي يأملون من النواب حلحلتها وإيجاد حلول لها ولذلك ظلت تلك الملفات حبيسة أدراج أرشيف مكتب مجلس النواب بالرغم من مرور عامين عليها. ولا تزال هذه الفئة من المواطنين وكاتب هذه السطور أحدهم عند رأيها بعدم امكانية توقع الكثير من الفاعلية في الأداء البرلماني خلال دور الانعقاد الحالي.
إن ما يثير الاستغراب هو إصرار بعض الأعضاء على تقديم أمور غير واقعية ولذلك لا غرو أن تصبح مادة للتعليقات المفعمة بالنقد بين الناس، كما أن البعض منهم يصر على طرح موضوعات هامشية بعيدة عن هموم وشجون المواطنين وفي بعض الأحيان لا تكون من ضمن اختصاصات مجلس النواب وهي أقرب إلى اختصاصات المجالس البلدية.
إن هذه الانتقادات لأداء أعضاء مجلس النواب تسللت إلى نفوس بعض النواب بدليل أن البعض منهم دخل على خط المواطنين في توجيه سهام النقد إلى أداء الأعضاء، والبعض يعتبر ذلك في إطار النقد الذاتي للمؤسسة التي ينتمون إليها. ويُعد هذا اعترافاً بضرورة تصحيح المسار حتى تحقق المؤسسة أهدافها.
إن قول بعض النواب أن الإشكالية تكمن في النواب أنفسهم وعدم قدرتهم على القيام بالأدوار المنوطة بهم هو اعتراف منهم بالتفريط في الأمانة التي تعهدوا بها أمام ناخبيهم.
وفي هذا السياق نشير إلى مداخلة النائب هشام العوضي في إحدى الجلسات التي وجه فيها سهام نقده وبصراحة أمام بقية زملائه في صيغة أسئلة استنكارية عن دور المجلس النيابي، بحسب تعبيره، قائلا: «شنو الانجاز اللي سويناه كنواب خلال السنتين احنا ولا سوينا شي، ثم تساءل: «هل رجعْنا 3% للمتقاعدين، هل تكلمنا في بدل التعطل 1%، هل تكلمنا في حل مشكلة الإسكان وختم كلامه أحنا النواب خلال السنتين ما سوينا شي».
إن موقف العوضي غير المعتاد في نقده لأداء المجلس لافت للأنظار، ولكن في الوقت ذاته نريد أن نذكره ونذكر أيضاً غيره من النواب بالأدوات التي منحها لهم الدستور واللائحة الداخلية للمجلس، والتي نعتقد أنها ليست في أولوية تفكيرهم، ولو أنهم قاموا بتفعيلها لتغير أداؤهم واستطاعوا تحقيق الانجازات التي ينتظرها المواطنون منهم، لكن الظاهر أنهم أهملوا تلك الأدوات واكتفوا بتكرار نفس الكلام والاقتراحات حول نفس القضايا واعتبروا ذلك يكفي لتجميل صورهم وتحسينها أمام المواطنين!
في هذا السياق تقفز إلى الذهن بعض الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة من النواب وهي: لماذا لا يفعْل النواب هذه الأدوات؟ ولماذا لا يصارح النواب الناخبين عن الصعوبات التي قد تحول دون استخدامهم لهذه الأدوات؟
في اعتقادي، لو أن النواب قاموا بذلك لتغيرت صورتهم أمام الناخبين وأصبح لهم دور أكثر فاعلية في ملامسة قضايا ومشكلات المواطنين وأسهموا في إنجاح دور المجلس النيابي في تحقيق أهدافه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك