العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مبادرات التشجير وزيادة الرقعة الخضراء

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

عُرفت‭ ‬البحرين‭ ‬بواحة‭ ‬النخيل‭ ‬وينابيع‭ ‬الماء‭ ‬العذب،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬الزحف‭ ‬العمراني‭ ‬وتقلص‭ ‬الرقعة‭ ‬الخضراء‭ ‬وتنامي‭ ‬وسائل‭ ‬التصنيع‭ ‬والإنتاج‭ ‬المصاحبة‭ ‬للتنمية‭ ‬العمرانية‭ ‬والبشرية‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التلوث‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي،‭ ‬وللحد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التلوث‭ ‬تبنت‭ ‬حكومة‭ ‬البحرين‭ ‬عدة‭ ‬مبادرات‭ ‬منها‭ ‬تشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإنتاج‭ ‬ومدى‭ ‬مطابقتها‭ ‬للاشتراطات‭ ‬والمعايير‭ ‬الدولية،‭ ‬وتبنت‭ ‬مبادرات‭ ‬لزيادة‭ ‬زراعة‭ ‬الأشجار‭ ‬والمسطحات‭ ‬الخضراء‭ ‬ودعم‭ ‬المشاريع‭ ‬الزراعية‭ ‬المختلفة،‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬النفايات‭ ‬بطُرق‭ ‬آمنة‭ ‬بيئيا،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬أحدث‭ ‬توازنا‭ ‬ملحوظا‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬البحرينية،‭ ‬بل‭ ‬وأعادت‭ ‬اللون‭ ‬الأخضر‭ ‬إلى‭ ‬شوارعنا‭ ‬وزادت‭ ‬من‭ ‬جماليتها‭ ‬وتأثيرها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الأجواء‭ ‬المحيطة،‭ ‬والراحة‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬تضفيها‭ ‬هذه‭ ‬الأشجار‭ ‬إلى‭ ‬نفوس‭ ‬المارة‭ ‬الذين‭ ‬يمتعون‭ ‬أنظارهم‭ ‬بذلك‭ ‬التنسيق‭ ‬والترتيب‭ ‬الجمالي‭ ‬للأشجار‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬امتداد‭ ‬الشوارع‭ ‬وعلى‭ ‬جانبيها،‭ ‬والتشجير‭ ‬كذلك‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬تنقية‭ ‬الهواء وزيادة‭ ‬نسبة‭ ‬الأكسجين،‭ ‬وله‭ ‬دور‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬امتصاص‭ ‬الملوثات‭ ‬والأكاسيد‭ ‬الضارة؛‭ ‬مثل‭ ‬أكاسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬وغاز‭ ‬الأمونيا‭ ‬وثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكبريت،‭ ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬الأشجار‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬توازن‭ ‬في‭ ‬نسبة الأوزون،‭ ‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬مشكلة الاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التشجير‭ ‬مظهر‭ ‬حضاري‭ ‬وإرث‭ ‬تاريخي‭ ‬ارتبط‭ ‬بتاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬منذ‭ ‬قديم‭ ‬الزمان‭ ‬ويُحافظ‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬والتربة‭ ‬وينعكس‭ ‬أثره‭ ‬على‭ ‬المناخ‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬الحديثة‭ ‬والمهمة‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬دولي‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬حماية‭ ‬البيئة،‭ ‬وهو‭ ‬نموذج‭ ‬جديد‭ ‬يعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخضراء‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬العلاقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬للبيئة‭ ‬واستغلال‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬المجتمع‭ ‬ويحقق‭ ‬الرفاه‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الاثار‭ ‬العكسية‭ ‬للنشاطات‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والاحتباس‭ ‬الحرارى،‭ ‬وهذه‭ ‬المبادرات‭ ‬ما‭ ‬جاءت‭ ‬بمحض‭ ‬الصدفة‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬عمل‭ ‬دؤوب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للبيئة‭ ‬برئاسة‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وذلك‭ ‬بفضل‭ ‬التوجيهات‭ ‬السامية‭ ‬من‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬والدعم‭ ‬والمتابعة‭ ‬المتواصلة‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬سخَّر‭ ‬كل‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬لإنجاح‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات،‭ ‬وبجهود‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬البلديات‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭.‬‮ ‬

مبادرة‭ ‬التشجير‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬الإشادة‭ ‬والثناء‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬عودة‭ ‬الرقعة‭ ‬الخضراء‭ ‬إلى‭ ‬البيئة‭ ‬البحرينية،‭ ‬والأجمل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2018م‭ ‬قامت‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للفضاء‭ ‬بتوظيف‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬برصد‭ ‬آلي‭ ‬لجميع‭ ‬أشجار‭ ‬النخيل‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وكان‭ ‬عددها‭ ‬قرابة‭ ‬257‭ ‬ألف‭ ‬نخلة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المناطق،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬ربما‭ ‬حدثت‭ ‬عمليات‭ ‬إزالة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬مزارع‭ ‬النخيل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬زادت‭ ‬عملية‭ ‬التشجير‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التوازن،‭ ‬فجاءت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للتشجير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مضاعفة‭ ‬أعداد‭ ‬الأشجار‭ ‬وفقاً‭ ‬لتوجيهات‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬ومضاعفة‭ ‬عدد‭ ‬الأشجار‭ ‬من‭ ‬1‭.‬8‭ ‬مليون‭ ‬شجرة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬3‭.‬6‭ ‬ملايين‭ ‬شجرة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2035،‭ ‬وذلك‭ ‬تماشياً‭ ‬مع‭ ‬التزامات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬باتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإطارية‭ ‬بشأن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬ويتمثل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الأشجار‭ ‬بالمشاريع‭ ‬الحكومية،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية‭ ‬لزيادة‭ ‬الرقعة‭ ‬الخضراء‭.‬

في‭ ‬يونيو‭ ‬2024‮ ‬صرحت‭ ‬وزارة‭ ‬البلديات‭ ‬بأن‭ ‬أعداد‭ ‬أشجار‭ ‬النخيل‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬قرابة‭ ‬261‭ ‬ألف‭ ‬نخلة‭ ‬وهذا‭ ‬يُدلل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النخيل‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬عما‭ ‬تم‭ ‬إحصاؤه‭ ‬في‭ ‬2018م،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬الهدف‭ ‬المرسوم‭ ‬يتضمن‭ ‬زراعة‭ ‬140‭ ‬ألف‭ ‬شجرة‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬ولكن‭ ‬إجمالي‭ ‬أعداد‭ ‬الأشجار‭ ‬تجاوز‭ ‬حاجز‭ ‬المليوني‭ ‬شجرة،‭ ‬وهذا‭ ‬إنجاز‭ ‬كبير‭ ‬وله‭ ‬أثر‭ ‬إيجابي‭ ‬كبير‭ ‬جداً،‭ ‬فالبيئة‭ ‬الجميلة‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬مظاهر‭ ‬التطور‭ ‬والحداثة‭ ‬وأحد‭ ‬عوامل‭ ‬الجذب‭ ‬السياحي‭ ‬لأي‭ ‬بلد‭.‬

قرار‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭ ‬بنقل‭ ‬أشجار‭ ‬النخيل‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬أو‭ ‬قطعها‭ ‬يتطلب‭ ‬ترخيصا‭ ‬خاصا‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬شـؤون‭ ‬الزراعة،‭ ‬ومخالفة‭ ‬ذلـك‭ ‬تعرض‭ ‬الشخص‭ ‬لغرامة‭ ‬تصل‭ ‬إلـى‭ ‬50‭ ‬دينارا،‭ ‬قرار‭ ‬حكيم‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬أعداد‭ ‬النخيل‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬قطعها،‭ ‬والجميل‭ ‬لو‭ ‬يتم‭ ‬توظيف‭ ‬الذكاء‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬المراقبة‭ ‬أسوة‭ ‬بما‭ ‬تم‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬مخالفات‭ ‬البناء‭ ‬الذي‭ ‬يُطبقه‭ ‬جهاز‭ ‬المساحة‭ ‬والتسجيل‭ ‬العقاري‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬البلديات‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا