العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

نحو معالجة مشكلة هدر وفقدان الغذاء

بقلم: علي فقيه {

السبت ٢٩ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

تناولت‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬مسألة‭ ‬هدر‭ ‬الطعام‭ ‬وفقدانه‭ ‬بجدية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬تعتبرها‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المسائل‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬ومرتبطة‭ ‬بالهدف‭ ‬12‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭. ‬فوفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ (‬الفاو‭)‬،‭ ‬تخرج‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬حوالي‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬نفايات‭ ‬الطعام‭ ‬سنويا‭.‬

ويعد‭ ‬ذلك‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬كبير‭ ‬لأصحاب‭ ‬المصلحة،‭ ‬حيث‭ ‬يؤدي‭ ‬إهدار‭ ‬الطعام‭ ‬إلى‭ ‬استنفاد‭ ‬الموارد‭ ‬وتدهور‭ ‬البيئة‭ ‬وانعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الغذائية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬

تركز‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬مسائل‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والحلول‭ ‬لمعالجة‭ ‬هدر‭ ‬وفقدان‭ ‬الغذاء،‭ ‬وأهمها‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬القمة‭ ‬العالمية‭ ‬للحكومات‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬فقدان‭ ‬الأغذية‭ ‬وهدرها‭: ‬حلول‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحدي‭ ‬العالمي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬هدر‭ ‬الغذاء‭ ‬ونفايات‭ ‬الطعام،‭ ‬وتسريع‭ ‬التقدم‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬12‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭. ‬

ويركز‭ ‬التقرير‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لأنها‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬لمشاكل‭ ‬هدر‭ ‬الطعام‭ ‬وفقدانه،‭ ‬بسبب‭ ‬مناخها‭ ‬الحار‭ ‬والجاف‭ ‬واعتمادها‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الغذائية،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬عوامل‭ ‬أخرى‭. ‬ويؤكد‭ ‬التقرير‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬إستراتيجيات‭ ‬واضحة‭ ‬ومنهجيات‭ ‬قياس‭ ‬مناسبة‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬وأصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬وفقًا‭ ‬للبروتوكول‭ ‬العالمي‭ ‬لفقدان‭ ‬الأغذية‭ ‬وهدرها‭ ‬لتحديد‭ ‬حجم‭ ‬المشكلة‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭. ‬كما‭ ‬يوصى‭ ‬باتباع‭ ‬نهج‭ ‬متعدد‭ ‬الأوجه‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬فقد‭ ‬الأغذية‭ ‬وهدرها،‭ ‬مثل‭ ‬إدخال‭ ‬لوائح‭ ‬وقوانين‭ ‬جديدة،‭ ‬ومضاعفة‭ ‬الجهود‭ ‬لزيادة‭ ‬الوعي،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬التقنيات‭ ‬والحلول‭ ‬المبتكرة‭.‬

وفقًا‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‭ (‬الفاو‭)‬،‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬الحرمان‭ ‬الغذائي‭ ‬المزمن‭ ‬828‭ ‬مليونًا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يزداد‭ ‬الوضع‭ ‬سوءًا‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬فبحلول‭ ‬عام‭ ‬2050،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬9.77‭ ‬مليارات‭ ‬نسمة،‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬ضغطًا‭ ‬إضافيا‭ ‬على‭ ‬سلاسل‭ ‬القيمة‭ ‬الغذائية‭ ‬العالمية‭. ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأغذية‭ ‬من‭ ‬الفقدان‭ ‬والهدر‭ ‬يعد‭ ‬مكونًا‭ ‬رئيسيا‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭.‬

قدرت‭ ‬منظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‭ ‬أن‭ ‬ثلث‭ ‬الإنتاج‭ ‬الغذائي‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يُهدر‭ ‬أو‭ ‬يُفقد‭ ‬سنويا‭. ‬ويعتقد‭ ‬الخبراء‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الجوع‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحقيق‭ ‬صفر‭ ‬من‭ ‬الفاقد‭ ‬والمهدر‭ ‬من‭ ‬الأغذية‭ ‬ما‭ ‬سيحول‭ ‬دون‭ ‬مشاكل‭ ‬انعدام‭ ‬وسوء‭ ‬التغذية‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

كما‭ ‬سلط‭ ‬التقرير‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالغذاء‭ ‬والنفايات،‭ ‬ودور‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬الذي‭ ‬ينمو‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬محدودًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحكومات‭.‬

من‭ ‬الممكن‭ ‬تسهيل‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إطلاق‭ ‬المبادرات‭ ‬وتسريعها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التشريعات،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والأفراد‭ ‬الحوافز‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬الخارجية‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬يسببها‭ ‬هدر‭ ‬وفقدان‭ ‬الغذاء،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالبيئة‭ ‬والموارد‭ ‬الطبيعية‭.‬

ولكن،‭ ‬تمتلك‭ ‬الحكومات‭ ‬الوسائل‭ ‬للتأثير‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والأفراد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحوافز‭ ‬أو‭ ‬العقوبات،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تطبيقها‭ ‬ونجحت‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬ونتج‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬هدر‭ ‬الطعام‭ ‬وفقدانه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعاون‭ ‬جميع‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.‬

كما‭ ‬يمثل‭ ‬اكتشاف‭ ‬الحلول‭ ‬المبتكرة‭ ‬والمستدامة‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬العالمي‭ ‬بين‭ ‬الحكومات‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬خطوة‭ ‬جديدة‭ ‬نحو‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬لضمان‭ ‬أنماط‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والإنتاج‭ ‬المستدامة،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬تعامل‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬سيعود‭ ‬بالفائدة‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬تعاوني‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬أكاديميين‭ ‬ومبتكرين‭ ‬ورواد‭ ‬أعمال‭ ‬وغيرهم‭ ‬لإيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬وتنفيذها‭ ‬اليوم‭ ‬أمر‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬لرفع‭ ‬معدل‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬انعدامه‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.‬

 

{ مركز‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسات‭ ‬

الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬والطاقة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا