العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

نحو استراتيجية شاملة لدعم صمود الشعب الفلسطيني

بقلم: د. مصطفى البرغوثي {

الأربعاء ٢٦ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

يُمثل‭ ‬صمود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬وطنه،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬نكبة‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬أهم‭ ‬إنجاز‭ ‬فلسطيني،‭ ‬وأهم‭ ‬فشل‭ ‬للحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬رؤيتها‭ ‬على‭ ‬ركنين‭: ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬بالقوة‭ ‬المسلحة،‭ ‬وتهجير‭ ‬أهلها‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬احتلال‭ ‬كل‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬بالعدوان‭ ‬والقوة‭ ‬العسكرية،‭ ‬فإنها‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬إجبار‭ ‬أهلها‭ ‬على‭ ‬الرحيل،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬عددهم‭ ‬يفوق‭ ‬عدد‭ ‬اليهود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭. ‬ولذلك‭ ‬بالتحديد،‭ ‬طوّر‭ ‬الفاشي‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬نظريته‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ترحيل‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬أو‭ ‬قتلهم‭ ‬كما‭ ‬قال،‭ ‬أو‭ ‬إخضاع‭ ‬من‭ ‬يبقون‭ ‬للسيطرة‭ ‬الفاشية‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

تعزيز‭ ‬صمود‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أرجاء‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أركان‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الجديدة‭ ‬المطلوبة،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬ينفِ‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬عنواناً‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬الوطني‭ ‬بعد‭ ‬احتلال‭ ‬إسرائيل‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭. ‬فبقاء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬وطنه،‭ ‬وتعزيز‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬العناصر‭ ‬المقرّرة‭ ‬لمستقبل‭ ‬فلسطين‭ ‬وشعبها‭. ‬وكي‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬تعزيز‭ ‬الصمود‭ ‬مجرّد‭ ‬شعار‭ ‬يرفع،‭ ‬فإنه‭ ‬يحتاج‭ ‬مناقشة‭ ‬تفصيلية‭ ‬للخطوات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬اتّخاذها‭. ‬وأولاها‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬المناطق‭ ‬المهددة‭ ‬مباشرة‭ ‬بالترحيل‭ ‬والضم‭ ‬والتهويد‭ ‬وإسنادها،‭ ‬وفي‭ ‬المقدمة‭ ‬منها‭ ‬القدس،‭ ‬والبلدة‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬الخليل،‭ ‬والتجمّعات‭ ‬السكانية‭ ‬الواقعة‭ ‬فيما‭ ‬تسميها‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ (‬مناطق‭ ‬ج‭) ‬وجميعها‭ ‬مناطق‭ ‬تشهد‭ ‬نشاطاً‭ ‬استعمارياً‭ ‬استيطانياً‭ ‬مكثفاً،‭ ‬وضغوطاً‭ ‬لا‭ ‬تتوقّف‭ ‬لدفع‭ ‬سكانها‭ ‬إلى‭ ‬الرحيل‭ ‬والهجرة‭.‬

يواجه‭ ‬سكّان‭ ‬القدس‭ ‬صعوبة‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تراخيص‭ ‬البناء،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التكاليف‭ ‬الباهظة‭ ‬للتراخيص‭ ‬النادرة‭ ‬التي‭ ‬يُسمح‭ ‬بها،‭ ‬ويضطرّون‭ ‬إلى‭ ‬البناء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬موافقة‭ ‬أو‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ويمارسون‭ ‬بذلك‭ ‬شكلاً‭ ‬نبيلاً‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية‭ ‬للظلم‭ ‬الذي‭ ‬يتعرّضون‭ ‬له،‭ ‬وهناك‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقلّ‭ ‬عن‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬بيتٍ‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬مهدّدة‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬بالهدم‭.‬

ويرمي‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬سكان‭ ‬القدس‭ ‬كذلك‭ ‬ضرائب‭ ‬باهظة‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة،‭ ‬وتحرمهم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬منظومة‭ ‬تمييز‭ ‬عنصري‭ ‬بغيضة،‭ ‬ويكافح‭ ‬تجّار‭ ‬القدس‭ ‬في‭ ‬البلدة‭ ‬القديمة‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ضغوط‭ ‬اقتصادية‭ ‬يصعب‭ ‬وصفها‭. ‬ويضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬قرار‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬اعتبار‭ ‬380‭ ‬ألف‭ ‬مقدسي‭ ‬مجرّد‭ ‬مقيمين‭ ‬مؤقتين‭ ‬عليهم‭ ‬إثبات‭ ‬وجودهم‭ ‬باستمرار،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يخسروا‭ ‬هوياتهم‭ ‬وحقهم‭ ‬في‭ ‬الإقامة‭ ‬في‭ ‬مدينتهم‭. ‬ويستطيع‭ ‬اليهودي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أن‭ ‬يسافر‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬ويقيم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬لأي‭ ‬فترة‭ ‬يريد،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يُهدد‭ ‬وجوده‭ ‬أو‭ ‬يفقد‭ ‬هويته،‭ ‬ولكن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬مشرّداً‭ ‬إن‭ ‬غاب‭ ‬بسبب‭ ‬الدراسة‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬لبضع‭ ‬سنوات‭. ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬المقدسي‭ ‬أو‭ ‬المقدسية‭ ‬الزواج‭ ‬بشخص‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أو‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يخاطر‭ ‬بفقدان‭ ‬هويته‭.‬

ومثل‭ ‬القدس،‭ ‬تواجه‭ ‬البلدة‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬الخليل‭ ‬مؤامرة‭ ‬تهويد‭ ‬استيطاني‭ ‬استعماري‭ ‬وهجمة‭ ‬استيطانية‭ ‬شرسة،‭ ‬وإنّ‭ ‬من‭ ‬يزورها‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬حجم‭ ‬الجهد‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬يبذله‭ ‬سكّانها‭ ‬وأصحاب‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬فيها‭ ‬للبقاء‭ ‬فيها‭ ‬ومقاومة‭ ‬إغراءاتٍ‭ ‬تركها‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الخليل‭. ‬كذلك‭ ‬حوّل‭ ‬الاحتلال‭ ‬أحياءً‭ ‬بكاملها،‭ ‬مثل‭ ‬تل‭ ‬الرميدة‭ ‬في‭ ‬الخليل،‭ ‬إلى‭ ‬جيتوهات‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬سكّانها‭ ‬الدخول‭ ‬إليها‭ ‬أو‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬بإذن‭ ‬إسرائيلي،‭ ‬ويمنعون‭ ‬من‭ ‬استقبال‭ ‬أي‭ ‬زوار‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬أقرب‭ ‬أقاربهم،‭ ‬وتحيط‭ ‬بمنازلهم‭ ‬ثكنات‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬ولا‭ ‬تتوقف‭ ‬اعتداءات‭ ‬المستوطنين‭ ‬عليهم‭.‬

أمّا‭ ‬التجمّعات‭ ‬السكانية‭ ‬التي‭ ‬يتجاوز‭ ‬عددها‭ ‬400‭ ‬تجمّع‭ ‬فيما‭ ‬يسمى‭ ‬مناطق‭ (‬ج‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬تشكّل‭ ‬60%‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬فتعيش‭ ‬اجتياحاً‭ ‬استيطانياً‭ ‬استعمارياً‭ ‬شرساً،‭ ‬من‭ ‬750‭ ‬ألف‭ ‬مستوطن،‭ ‬يحاولون‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬فيها‭ ‬بالمستوطنات‭ ‬والبؤر‭ ‬الاستيطانية،‭ ‬والطرق‭ ‬العنصرية‭ ‬المحرّمة‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والمناطق‭ ‬المغلقة‭ ‬وجدار‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬الذي‭ ‬يقتطع‭ ‬وحده‭ ‬ويعزل‭ ‬18%‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭. ‬ويجزئ‭ ‬الاستيطان،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬644‭ ‬حاجزاً‭ ‬إسرائيلياً،‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬224‭ ‬جزيرة‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بالبانتوستانات‭ ‬الصغيرة‭ ‬أو‭ ‬الجيتوستانات،‭ ‬ما‭ ‬يؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬تحطيم‭ ‬منهجي‭ ‬لاقتصادها،‭ ‬وبنيتها‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليمية‭. ‬ويفرض‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬حصاراً‭ ‬خانفاً‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬برّاً‭ ‬وبحراً‭ ‬وجواً،‭ ‬ويحرمه‭ ‬الكهرباء‭ ‬والمياه‭ ‬وفرص‭ ‬العمل‭ ‬والتطوّر‭ ‬الاقتصادي‭.‬

ديموغرافياً،‭ ‬يمثل‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬الشباب‭ ‬المتعلم،‭ ‬أكثر‭ ‬الفئات‭ ‬استهدافاً،‭ ‬لدفعه‭ ‬إلى‭ ‬الرحيل‭ ‬عن‭ ‬وطنه،‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬فرص‭ ‬عمل،‭ ‬ومصادر‭ ‬دخل،‭ ‬ومعيشة‭ ‬أفضل،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬المتعلم‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬45%‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬و80%‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

دفعتنا‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬دراسات‭ ‬تفصيلية‭ ‬لاحتياجات‭ ‬دعم‭ ‬صمود‭ ‬المناطق‭ ‬المهدّدة،‭ ‬وبقائها،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ (‬ج‭). ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬فهم‭ (‬أو‭ ‬وصف‭) ‬الاستراتيجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لتهويد‭ ‬القدس‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وضمهما،‭ ‬وتكريس‭ ‬فصل‭ ‬كامل‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬يوجد‭ ‬تصوّر‭ ‬واضح‭ ‬للخطوات‭ ‬والإجراءات‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬اتباعها‭ ‬لإفشال‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وضمان‭ ‬صمود‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وبقائهم،‭ ‬وتواصل‭ ‬أغلبيتهم‭ ‬الديموغرافية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭.‬

الأمر‭ ‬الغائب،‭ ‬خطّة‭ ‬جماعية‭ ‬وقيادة‭ ‬موحّدة‭ ‬لإدارة‭ ‬معركة‭ ‬الصمود‭ ‬وتجنيد‭ ‬المقدّرات‭ ‬لإسناد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وبقائه‭. ‬ولا‭ ‬تعطي‭ ‬ميزانية‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬تتلقّى‭ ‬معظم‭ ‬المساعدات‭ ‬الخارجية،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ظاهر،‭ ‬أولوية‭ ‬لمقدّرات‭ ‬دعم‭ ‬الصمود‭ ‬والبقاء‭. ‬وتفيد‭ ‬التقديرات‭ ‬بتخصيص‭ ‬38%‭ ‬من‭ ‬الميزانية‭ ‬للمؤسّسة‭ ‬الأمنية،‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬ميزانية‭ ‬الزراعة‭ ‬1‭.‬5%،‭ ‬وتقف‭ ‬ميزانية‭ ‬الصحة‭ ‬عند‭ ‬11‭.‬5%‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬ميزانية‭ ‬التعليم‭ ‬18%،‭ ‬وكان‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬إضراب‭ ‬المعلمين‭ ‬نموذجاً‭ ‬لتخبّط‭ ‬السياسة‭ ‬الحكومية‭ ‬وتضاربها‭. ‬وتفتقر‭ ‬القدس‭ ‬إلى‭ ‬مرجعية‭ ‬موحّدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬صمود‭ ‬أهلها،‭ ‬ويتواصل‭ ‬التضارب‭ ‬والصراعات‭ ‬الداخلية‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تشرف‭ ‬على‭ ‬دعمها‭.‬

ويتعرّض‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بدور‭ ‬حيوي‭ ‬لدعم‭ ‬الصمود،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المهدّدة،‭ ‬لهجمات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬متواصلة‭ ‬عبر‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬المؤسّسات‭ ‬التي‭ ‬تشرف‭ ‬عليها‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬مثـل‭ ‬NGO‭ ‬Monitor‭ ‬وUK‭ ‬Lawyers‭ ‬وUN‭ ‬Watch،‭ ‬بهدف‭ ‬تجفيف‭ ‬موارده‭ ‬وملاحقة‭ ‬مؤسّساته‭ ‬وشيطنتها‭. ‬وذلك‭ ‬فيما‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحدها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬منظمة‭ ‬صهيونية،‭ ‬هدفها‭ ‬الوحيد‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وتجنّد‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬سنوياً‭ ‬لمختلف‭ ‬المؤسّسات‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والبحثية،‭ ‬وحتى‭ ‬الأمنية‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬ولا‭ ‬يخلو‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬أوروبي‭ ‬أو‭ ‬أمريكي‭ ‬من‭ ‬مؤسّسات‭ ‬مشابهة‭ ‬في‭ ‬الأهداف‭ ‬والنشاط،‭ ‬ولكنها‭ ‬منصبّة‭ ‬نحو‭ ‬هدف‭ ‬واحد،‭ ‬وتشجّعها‭ ‬الثقة‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يجنّدونه‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬يستخدم‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬وفعّال‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الفساد‭.‬

ومن‭ ‬دون‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬الوطني‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تبذله‭ ‬مختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬والخارج‭ ‬لدعم‭ ‬صمود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المهمّة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬شاملة،‭ ‬وحوار‭ ‬بنّاء‭ ‬صادق‭ ‬النيات،‭ ‬لبلورة‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬مشتركة‭ ‬وموحّدة،‭ ‬عنوانها‭ ‬الرئيس‭ ‬تعزيز‭ ‬صمود‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وبقاؤهم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬وطنهم،‭ ‬وإيجاد‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬المنتج‭ ‬لأجيال‭ ‬الشباب،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يُتركوا‭ ‬أمام‭ ‬خيار‭ ‬الهجرة،‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المستوطنات‭ ‬والمؤسّسات‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

هناك‭ ‬طاقات‭ ‬فلسطينية‭ ‬وعربية‭ ‬ودولية‭ ‬كبيرة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُجند‭ ‬كذلك‭ ‬لتعزيز‭ ‬الصمود،‭ ‬وإفشال‭ ‬المخطّطات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬توافرت‭ ‬الإرادة‭ ‬الصادقة،‭ ‬والاستعداد‭ ‬للتخطيط‭ ‬العلمي‭ ‬الوطني‭ ‬المنزّه‭ ‬عن‭ ‬الدوافع‭ ‬الفئوية‭ ‬والشخصية،‭ ‬والثقة‭ ‬المتبادلة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬موضوع‭ ‬حوار‭ ‬سريع‭ ‬وجدّي‭.‬

{‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للمبادرة‭ ‬

الوطنية‭ ‬الفلسطينية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا