العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الأزمات بين الحلول الإقليمية والتدويل

بقلم: د. أشرف محمد كشك {

الاثنين ٢٤ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

أثار‭ ‬الصراع‭ ‬المسلح‭  ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬السودان‭ ‬الشقيق‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬جذور‭ ‬ومآلات‭ ‬الصراع‭ ‬وتأثيره‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬السودان‭ ‬أو‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬المصالح‭ ‬الدولية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الموقع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للسودان،‭ ‬وتعددت‭ ‬الرؤى‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬جميعها‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الاجتهادات‭ ‬وخاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬استوقفني‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬وهو‭ ‬صراع‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬جهود‭ ‬إقليمية‭ ‬لتسوية‭ ‬الأزمة‭ ‬وأخرى‭ ‬دولية،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عمن‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬الغلبة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬فإن‭ ‬الحلول‭ ‬الإقليمية‭- ‬حال‭ ‬نجاحها‭- ‬تبقى‭ ‬ضرورة‭ ‬استراتيجية‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬جل‭ ‬المقال‭.‬

بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬التاريخ‭ ‬قليلا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬تنظيمات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والتي‭ ‬تعبر‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬قد‭ ‬لعبت‭ ‬دور‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬النزاعات،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬النجاح‭ ‬أحياناً‭ ‬والتعثر‭ ‬أحايين‭ ‬أخرى‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬خلال‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬عندما‭ ‬حدث‭ ‬انقسام‭ ‬عربي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الغزو‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬الثابت‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬اضطلاع‭ ‬تلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬بدور‭ ‬الوساطة‭ ‬كآلية‭ ‬لحل‭ ‬النزاعات‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬اختصاصاتها‭ ‬ودورها‭ ‬تجاه‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين‭ ‬تكاملاً‭ ‬مع‭ ‬دور‭ ‬المنظمة‭ ‬الأممية‭ ‬وفقاً‭ ‬لما‭ ‬تضمنه‭ ‬الفصل‭ ‬الثامن‭ ‬من‭ ‬الميثاق‭ ‬بشأن‭ ‬عمل‭ ‬تنظيمات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬المنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬الصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬فإن‭ ‬قراراتها‭ ‬تمثل‭ ‬دعماً‭ ‬مهماً‭ ‬للأمن‭ ‬العالمي‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬خلال‭ ‬الأزمة‭ ‬الليبية‭ ‬عام‭ ‬2011‭  ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قرار‭ ‬للجامعة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬طالب‭ ‬فيه‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤولياته‭ ‬إزاء‭ ‬تدهور‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بفرض‭ ‬حظر‭ ‬جوي‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الطيران‭ ‬العسكري‭ ‬وإقامة‭ ‬مناطق‭ ‬آمنة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬للقصف،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أجهزته‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بتسوية‭ ‬النزاعات‭ ‬داخل‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬وأهمها‭ ‬مجلس‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الإفريقي‭ ‬وقوات‭ ‬التدخل‭ ‬السريع‭ ‬لفض‭ ‬النزاعات‭ ‬الدموية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تواضع‭ ‬الأدوار‭ ‬الإقليمية‭ ‬تجاه‭ ‬تسوية‭ ‬بعض‭ ‬الصراعات‭ ‬فإنها‭ ‬برأيي‭ ‬تبقى‭ ‬هي‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬يتعين‭ ‬الانطلاق‭ ‬منه‭ ‬لتسوية‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الصراعات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬ربما‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تدخل‭ ‬دولي‭ ‬بما‭ ‬يتضمنه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إلزام‭ ‬لأطراف‭ ‬النزاع‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬المنظمة‭ ‬الأممية‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬إلزامية‭ ‬تنفيذ‭ ‬قراراتها‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬في‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬المتصارعة،‭ ‬ولكن‭ ‬خبرة‭ ‬الصراعات‭ ‬أكدت‭ ‬وخاصة‭ ‬داخل‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬الحلول‭ ‬الإقليمية‭ ‬هي‭ ‬الناجعة‭ ‬وذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬ثلاثة‭ ‬أولها‭: ‬باستقراء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬المحلية‭ ‬هو‭ ‬المنشئ‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمات‭ ‬فإن‭ ‬تباين‭ ‬المصالح‭ ‬الدولية‭ ‬وتضاربها‭ ‬هي‭ ‬أسباب‭ ‬محركة‭ ‬لتلك‭ ‬الأزمات‭ ‬وتقدم‭ ‬الأزمتان‭ ‬السورية‭ ‬والليبية‭ ‬مثالين‭ ‬لذلك‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هاتين‭ ‬الأزمتين‭ ‬ترتبطان‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬وثيق‭ ‬بثلاث‭ ‬دوائر‭ ‬بالغة‭ ‬التعقيد‭ ‬داخلية‭ ‬وإقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬ما‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬وشيكة‭ ‬لهما،‭ ‬وثانيها‭: ‬أن‭ ‬كل‭ ‬تجارب‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬أكدت‭ ‬وبما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالاً‭ ‬لأدنى‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الأمن‭ ‬يعد‭ ‬وليداً‭ ‬لبيئته‭ ‬الإقليمية‭ ‬وأن‭ ‬أي‭ ‬صيغ‭ ‬أخرى‭ ‬مفروضة‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬لن‭ ‬يحالفها‭ ‬النجاح،‭ ‬وثالثها‭: ‬الخبرات‭ ‬التاريخية‭ ‬لتنظيمات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والتي‭ ‬نجحت‭ ‬أحياناً‭ ‬في‭ ‬تسوية‭ ‬بعض‭ ‬النزاعات‭ ‬تجعل‭ ‬لها‭ ‬مصداقية‭ ‬وقبولا‭ ‬لدى‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭.‬

ومع‭ ‬التسليم‭ ‬بأهمية‭ ‬الحلول‭ ‬الإقليمية‭ ‬للأزمات‭ ‬فإن‭ ‬تدويل‭ ‬الأزمات‭ ‬يرتب‭ ‬نتائج‭ ‬بالغة‭ ‬الخطورة‭ ‬أولها‭: ‬تجريد‭ ‬الأزمات‭ ‬من‭ ‬خصوصيتها‭ ‬الإقليمية،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬فإن‭ ‬توصيف‭ ‬الأزمة‭ ‬كمتطلب‭ ‬رئيسي‭ ‬لحلها‭ ‬لن‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬بحث‭ ‬مسبباتها‭ ‬الحقيقية‭ ‬وثمة‭ ‬أمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬خلال‭ ‬مناقشة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬لقضية‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬كانت‭ ‬بيانات‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬تتسم‭ ‬بالعمومية‭ ‬وحتمية‭ ‬التعاون‭ ‬بشأن‭ ‬استغلال‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬اتفاقيات‭ ‬دولية‭ ‬محددة‭ ‬بشأن‭ ‬تقاسم‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬وملزمة‭ ‬لأطرافها‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬التنصل‭ ‬منها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مناقشة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬للاعتداءات‭ ‬على‭ ‬ناقلات‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬إذ‭ ‬تحولت‭ ‬المناقشات‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬لخلافات‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقاً‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بشأن‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري،‭ ‬وثانيها‭: ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الصراعات،‭ ‬وذلك‭ ‬نتيجة‭ ‬نشوء‭ ‬اتجاه‭ ‬إقصائي‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬تجاه‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭ ‬ظناً‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬معادلة‭ ‬صفرية‭ ‬أي‭ ‬مكاسب‭ ‬كاملة‭ ‬تمثل‭ ‬خسائر‭ ‬كاملة‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر‭ ‬وهو‭ ‬السيناريو‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬صراع،‭ ‬وثالثها‭: ‬تسييس‭ ‬القرارات‭ ‬الأممية،‭ ‬صحيح‭ ‬إنها‭ ‬تبقى‭ ‬المرجعية‭ ‬الدولية‭ ‬ولكن‭ ‬بعضها‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬دوراً‭ ‬لقوى‭ ‬بعينها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الصراعات‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬القرارات‭ ‬الأممية‭ ‬لمواجهة‭ ‬القرصنة‭ ‬قبالة‭ ‬سواحل‭ ‬الصومال‭ ‬والقرن‭ ‬الإفريقي‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬والتي‭ ‬نصت‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬المنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬ما‭ ‬أتاح‭ ‬الفرصة‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬أن‭ ‬يضطلع‭ ‬بدور‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مخاطر‭ ‬تلك‭ ‬القرصنة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬رآه‭ ‬فرصة‭ ‬للحلف‭ ‬لتعزيز‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭: ‬هل‭ ‬تتضمن‭ ‬تنظيمات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬الراهنة‭ ‬آليات‭ ‬فعالة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراعات‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬الدول‭ ‬أو‭ ‬فيما‭ ‬بينها؟‭ ‬في‭ ‬تصوري‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬تساؤلين‭ ‬الأول‭: ‬هل‭ ‬تطورت‭ ‬تلك‭ ‬المواثيق‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لاستحداث‭ ‬آليات‭ ‬عملية‭ ‬ذات‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬حسم‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬والثاني‭: ‬مدى‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬بتلك‭ ‬المواثيق،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬هل‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬يجبر‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬قرارات‭ ‬تلك‭ ‬التنظيمات؟‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظهور‭ ‬حديث‭ ‬نمطي‭ ‬يعد‭ ‬باكورة‭ ‬التصريحات‭ ‬الإعلامية‭ ‬عند‭ ‬اندلاع‭ ‬صراع‭ ‬مسلح‭ ‬داخلي‭ ‬‮«‬بأن‭ ‬الأمر‭ ‬شأن‭ ‬داخلي‮»‬،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬ميثاق‭ ‬المنظمة‭ ‬الأممية‭ ‬قد‭ ‬كفل‭ ‬للدول‭ ‬كل‭ ‬احترام‭ ‬سيادتها‭ ‬واستقلالها‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬يتقاطع‭ ‬مع‭ ‬سلطة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفصل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬الميثاق،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬تظل‭ ‬الصراعات‭ ‬داخلية‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬المصالح‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬تحظى‭ ‬بموقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬وحدود‭ ‬مطولة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬والفارين‭ ‬من‭ ‬أتون‭ ‬الحرب‭ ‬حال‭ ‬إطالة‭ ‬أمدها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬تسلل‭ ‬عناصر‭ ‬إرهابية‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬اللاجئين‭.‬

‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬والتي‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬الأزمات‭ ‬العربية‭ ‬بتعقيداتها‭ ‬تفرض‭ ‬تحدياً‭ ‬هائلاً‭ ‬على‭ ‬تنظيمات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬آليات‭ ‬حل‭ ‬الصراعات‭ ‬وتسويتها‭ ‬وتطوير‭ ‬آليات‭ ‬عملية‭ ‬بإمكانها‭ ‬حسم‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬خطورة‭ ‬بالغة‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬حيث‭ ‬يبقى‭ ‬ذلك‭ ‬الأمن‭ ‬حاصل‭ ‬جمع‭ ‬وحداته،‭ ‬وبقدر‭ ‬قوتها‭ ‬يكون‭ ‬تماسك‭ ‬وقوة‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬التدويل‭ ‬الكارثية‭.‬

 

{‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬بمركز‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا