العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مغزى ما جرى لإسرائيل في القمة الإفريقية

بقلم: عمر حلمي

الأحد ٢٦ فبراير ٢٠٢٣ - 14:13

القمة‭ ‬الـ36‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬في‭ ‬أديس‭ ‬ابابا‭ ‬التي‭ ‬انعقدت‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الموافق‭ ‬18‭ ‬فبراير‭ ‬الجاري‭ ‬انتصرت‭ ‬لفلسطين‭ ‬بطرد‭ ‬الوفد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بطريقة‭ ‬مذلة،‭ ‬ذلك‭ ‬الوفد‭ ‬الذي‭ ‬تسلل‭ ‬لأروقة‭ ‬الجلسة‭ ‬الافتتاحية‭ ‬للقمة‭ ‬بانتحال‭ ‬شارة‭ ‬مراقبين‭. ‬وصوبت‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬مسارا‭ ‬كاد‭ ‬يتم‭ ‬تكريسه‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يونيو‭ ‬2021،‭ ‬عندما‭ ‬تجاوز‭ ‬رئيس‭ ‬المفوضية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬موسى‭ ‬فكي‭ ‬منح‭ ‬إسرائيل‭ ‬صفة‭ ‬مراقب‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬الشقيقة‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ومعهما‭ ‬نيجيريا‭ ‬الصديقتين‭ ‬تصدت‭ ‬جميعها‭ ‬لتك‭ ‬الخطوة‭ ‬بشدة،‭ ‬واعتبر‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬الجزائر،‭ ‬رمضان‭ ‬لعمامرة‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬‮«‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬24‮»‬‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬فكي‭ ‬يمثل‭ ‬خطأً‭ ‬مزدوجا،‭ ‬‮«‬الأول‭ ‬هو‭ ‬منح‭ ‬صفة‭ ‬مراقب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إجراء‭ ‬مشاورات‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الجزائر‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬الثاني‭ ‬‮«‬فهو‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬انقساما‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬المسألة،‭ ‬وتركها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تصحيح‮»‬‭.‬

وجرى‭ ‬تصويب‭ ‬التجاوز‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬عندما‭ ‬تقرر‭ ‬تعليق‭ ‬عضوية‭ ‬دولة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬كمراقب‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الافريقي،‭ ‬مع‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬رؤساء‭ ‬دول‭ ‬إفريقية‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الجزائر‭ ‬لتقديم‭ ‬توصيات‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬لقمة‭ ‬الاتحاد‭. ‬وذكر‭ ‬بيان‭ ‬الخارجية‭ ‬الجزائرية،‭ ‬إن‭ ‬قرار‭ ‬تعليق‭ ‬عضوية‭ ‬إسرائيل‭ ‬تقرر‭ ‬بإجماع‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬والحكومات‭ ‬الإفريقية،‭ ‬التي‭ ‬رأس‭ ‬الرئيس‭ ‬السنغالي،‭ ‬ماكي‭ ‬سال‭ ‬اللجنة‭ ‬بصفته‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭. ‬وتتكون‭ ‬اللجنة‭ ‬من‭ ‬سال‭ ‬نفسه،‭ ‬والرئيس‭ ‬الجزائري،‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون،‭ ‬ورئيس‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬سيريل‭ ‬رامافوزا،‭ ‬والرئيس‭ ‬الرواندي،‭ ‬بول‭ ‬كاجامي،‭ ‬ورئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬فيليكس‭ ‬تشيسكيدي،‭ ‬والرئيس‭ ‬النيجيري،‭ ‬محمد‭ ‬بوهاري،‭ ‬والرئيس‭ ‬الكاميروني،‭ ‬بول‭ ‬بيا‭.‬

وبفضل‭ ‬الضغوط‭ ‬الجزائرية‭ ‬والجنوب‭ ‬أفريقية‭ ‬والنيجيرية‭ ‬المتواصلة‭ ‬مع‭ ‬القادة‭ ‬الأفارقة‭ ‬تم‭ ‬عرقلة‭ ‬مشاركة‭ ‬ممثلي‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬المنظمة‭ ‬لحين‭ ‬حسم‭ ‬الملف‭ ‬بإلغاء‭ ‬عضوية‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬كليا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬منحت‭ ‬صفة‭ ‬مراقب‭ ‬خلسة،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬إجماع‭ ‬الأعضاء‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حسمته‭ ‬اللجنة‭ ‬القيادية‭ ‬السباعية‭. ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬غضبا‭ ‬إسرائيليا،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الدولة‭ ‬المطرودة‭ ‬والمارقة‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬الضغوط‭ ‬على‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬لإعادة‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬بعد‭ ‬طردها‭. ‬لكن‭ ‬محاولاتها‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل‭. ‬حسب‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬واينت‮»‬‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وفي‭ ‬رد‭ ‬فعلها،‭ ‬اتهمت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الجزائر‭ ‬وجنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬بالتحرك‭ ‬بدافع‭ ‬الكراهية‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وأضافت‭ ‬في‭ ‬بيانها‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬نأخذ‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد‭. ‬لدى‭ ‬شارون‭ ‬بارلي‭ ‬مكانة‭ ‬مراقب‭ ‬معتمدة،‭ ‬وتمتلك‭ ‬شارة‭ ‬الدخول‭. ‬يؤسفنا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬رهينة‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المتطرفة‭ ‬مثل‭ ‬الجزائر‭ ‬وجنوب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬التي‭ ‬تتحرك‭ ‬بدافع‭ ‬الكراهية‭. ‬نحن‭ ‬نطالب‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬بالوقوف‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬التي‭ ‬تمس‭ ‬منظمة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬نفسها‭ ‬وفي‭ ‬القارة‭ ‬كلها‮»‬‭.‬

وتجاهل‭ ‬بيان‭ ‬الخارجية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬وزعماء‭ ‬الدول‭ ‬والحكومات‭ ‬السبع‭ ‬اتخذوا‭ ‬القرار‭ ‬بالإجماع،‭ ‬وهي‭ ‬دول‭ ‬مستقلة‭ ‬وذات‭ ‬سيادة،‭ ‬ولا‭ ‬تأتمر‭ ‬بأوامر‭ ‬من‭ ‬أحد،‭ ‬وإنما‭ ‬حكمتها‭ ‬أولا‭ ‬مصالحها،‭ ‬وثانيا‭ ‬مصالح‭ ‬القارة‭ ‬عموما‭ ‬والاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬خصوصا،‭ ‬وثالثا‭ ‬رفضها‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬اليومية‭ ‬ضد‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬التي‭ ‬تصاعدت‭ ‬بشكل‭ ‬همجي‭ ‬مع‭ ‬تولي‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬السادسة‭ ‬الحالية،‭ ‬رابعا‭ ‬تنبه‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬لمخاطر‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬الذي‭ ‬اكتوت‭ ‬به‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬ومازالت‭ ‬بعضها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬آثاره‭ ‬الخطيرة،‭ ‬خامسا‭ ‬خروج‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وضرب‭ ‬خيار‭ ‬السلام‭ ‬وحل‭ ‬الدولتين‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬حزيران‭- ‬يونيو‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬ومواصلة‭ ‬الاستيطان‭ ‬الاستعماري‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وازع‭ ‬قانوني‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬أو‭ ‬أخلاقي‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الخطوة‭ ‬الإفريقية‭ ‬الشجاعة‭ ‬وجهت‭ ‬لطمة‭ ‬قوية‭ ‬لمحاولات‭ ‬تسويق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬دولة‭ ‬‮«‬صديقة‮»‬‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬قضية‭ ‬العرب‭ ‬المركزية،‭ ‬قضية‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭.‬

شكرا‭ ‬إفريقيا‭ ‬عموما‭ ‬ولكل‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬الشقيقة‭ ‬وجنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬ونيجيريا‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬وللقادة‭ ‬السبعة‭ ‬الذين‭ ‬اجمعوا‭ ‬باسم‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬قبول‭ ‬إسرائيل‭ ‬كدولة‭ ‬مراقب‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬وشكرا‭ ‬على‭ ‬الحفاوة‭ ‬التي‭ ‬استقبلوا‭ ‬بها‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة،‭ ‬محمد‭ ‬اشتية‭ ‬بحفاوة‭ ‬بالغة‭ ‬تليق‭ ‬بفلسطين‭ ‬ومكانتها‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬التاريخية‭ ‬بدول‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا