العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

تاريخ إسرائيل.. دماء ودموع وأكاذيب

بقلم‭: ‬ملفين‭ ‬جودمان‭ ‬{

الاثنين ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

 

 

‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين،‭ ‬وخاصة‭ ‬خلال‭ ‬الحروب‭ ‬المتتالية‭ ‬التي‭ ‬نشبت‭ ‬في‭ ‬أعوام‭ ‬1948‭ ‬و1956‭ ‬و1967‭ ‬و1973‭ ‬و1982،‭ ‬كذب‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬بشأن‭ ‬حملاتهم‭ ‬العسكرية،‭ ‬وحاولوا‭ ‬خداع‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬بشأن‭ ‬أفعالهم‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1954،‭ ‬قصف‭ ‬عملاء‭ ‬المخابرات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬مكتبة‭ ‬وكالة‭ ‬المعلومات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬حاولوا‭ ‬جعل‭ ‬الأمر‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬المصرية‭. ‬كان‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬يحاولون‭ ‬تعريض‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المصرية‭ ‬للخطر،‭ ‬وخاصة‭ ‬جهود‭ ‬إدارة‭ ‬أيزنهاور‭ ‬لتمويل‭ ‬سد‭ ‬أسوان‭.‬

وفي‭ ‬فترة‭ ‬الثمانينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬الماضي،‭ ‬نفى‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جوناثان‭ ‬بولارد‭ ‬يتجسس‭ ‬لصالح‭ ‬المخابرات‭ ‬الإسرائيلية؛‭ ‬واستمروا‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬سجن‭ ‬بولارد‭ ‬البالغة‭ ‬ثلاثين‭ ‬عامًا‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬رحب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬شخصيا‭ ‬ببولارد‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحه‭ ‬من‭ ‬السجن‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بتحية‭ ‬‮«‬أنت‭ ‬في‭ ‬بيتك‮»‬‭.‬

بدأت‭ ‬الازدواجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بقضايا‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الرئيسية‭ ‬فيما‭ ‬يسمى‭ ‬حرب‭ ‬الاستقلال‭ ‬قبل‭ ‬75‭ ‬عاماً،‭ ‬عندما‭ ‬كذبت‭ ‬بشأن‭ ‬النكبة‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬لنحو‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬من‭ ‬قراهم‭.‬

زعمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬اتخذوا‭ ‬قرارهم‭ ‬بالمغادرة،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬خطة‭ ‬إسرائيلية‭ (‬خطة‭ ‬دالت‭) ‬تنص‭ ‬على‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للأراضي‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تطوير‭ ‬الخطة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القادة‭ ‬السياسيين‭ ‬والعسكريين‭ ‬الصهاينة،‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ديفيد‭ ‬بن‭ ‬غوريون‭.‬

وتضمنت‭ ‬الأوامر‭ ‬العسكرية‭ ‬العملياتية‭ ‬التي‭ ‬حددت‭ ‬المراكز‭ ‬السكانية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬استهدافها،‭ ‬وفصلت‭ ‬مخططًا‭ ‬لإزالتها‭ ‬بالقوة‭ ‬وتدميرها‭. ‬ونادرا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬الاستشهاد‭ ‬بالخطة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المؤرخين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬استخدموا‭ ‬الوثائق‭ ‬الأرشيفية‭ ‬لتتبع‭ ‬سياسة‭ ‬التهجير‭ ‬الرسمية‭.‬

وكان‭ ‬الخداع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬حاضرا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حروبها‭ ‬اللاحقة‭. ‬ولم‭ ‬ينشر‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬قط‭ ‬وثائق‭ ‬حساسة‭ ‬تثبت‭ ‬تعاملاتهم‭ ‬السرية‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬لاستعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬والإطاحة‭ ‬بالرئيس‭ ‬المصري‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬عام‭ ‬1956‭.‬

دعت‭ ‬الخطة‭ ‬السرية‭ ‬إلى‭ ‬غزو‭ ‬إسرائيلي‭ ‬لغزة‭ ‬وشبه‭ ‬جزيرة‭ ‬سيناء‭ ‬المصرية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تبرير‭ ‬الغزو‭ ‬البريطاني‭ ‬والفرنسي‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭.‬

أدى‭ ‬الضغط‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬البريطانية‭ ‬والفرنسية‭ ‬والإسرائيلية‭. ‬وقد‭ ‬عززت‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬موقف‭ ‬ومكانة‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭. ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬إذلال‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا؛‭ ‬وأنهى‭ ‬دور‭ ‬بريطانيا‭ ‬كقوة‭ ‬عالمية؛‭ ‬واقتنعت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬كذب‭ ‬المسؤولون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭ ‬على‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بشأن‭ ‬بداية‭ ‬حرب‭ ‬الأيام‭ ‬الستة‭. ‬وأكد‭ ‬السفير‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لإدارة‭ ‬جونسون‭ ‬أن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لن‭ ‬يهاجموا‭ ‬أولاً‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف‭ ‬من‭ ‬الظروف،‭ ‬مستبعداً‭ ‬حتى‭ ‬الهجوم‭ ‬الوقائي‭.‬

ثم‭ ‬هاجمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬وزعمت‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تشن‭ ‬حربا‭ ‬وقائية‭. ‬لقد‭ ‬خدمت‭ ‬في‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬وكالة‭ ‬المخابرات‭ ‬المركزية‭ ‬للحرب،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬خطة‭ ‬مصرية‭ ‬للحرب‭ ‬تبرر‭ ‬الضربة‭ ‬الاستباقية‭.‬

في‭ ‬الظاهر،‭ ‬كان‭ ‬نصف‭ ‬الجيش‭ ‬المصري‭ ‬يقاتل‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭. ‬كان‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬المصرية‭ ‬ناجحا‭ ‬للغاية‭ ‬لأن‭ ‬الطائرات‭ ‬المقاتلة‭ ‬المصرية‭ ‬كانت‭ ‬متوقفة‭ ‬في‭ ‬المطارات‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬توحي‭ ‬بعدم‭ ‬وجود‭ ‬خطة‭ ‬لدى‭ ‬مصر‭ ‬لمهاجمة‭ ‬إسرائيل‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أخبر‭ ‬المسؤولون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬آنذاك‭ ‬ليندون‭ ‬جونسون‭ ‬أن‭ ‬المصريين‭ ‬بدأوا‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وأنه‭ ‬تمت‭ ‬ملاحظة‭ ‬سرب‭ ‬طائرات‭ ‬مصري‭ ‬يتجه‭ ‬نحو‭ ‬إسرائيل‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬البيانين‭ ‬صحيحا‭. ‬لقد‭ ‬بذل‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬موشيه‭ ‬ديان‭ ‬قصارى‭ ‬جهده‭ ‬لإقناع‭ ‬حكومته‭ ‬بعدم‭ ‬الكذب‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الكذب‭ ‬بشأن‭ ‬بداية‭ ‬حرب‭ ‬الأيام‭ ‬الستة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬1967،‭ ‬كان‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أكثر‭ ‬خداعاً‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬عندما‭ ‬نسبوا‭ ‬هجومهم‭ ‬الخبيث‭ ‬على‭ ‬السفينة‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬ليبرتي‭ ‬إلى‭ ‬حادث‭ ‬عشوائي‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬الحادث‮»‬‭ ‬مخططًا‭ ‬له‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭. ‬وكانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بسفينة‭ ‬استخباراتية‭ ‬أمريكية‭ ‬تبحر‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الدولية،‭ ‬وكانت‭ ‬بطيئة‭ ‬الحركة‭ ‬ومزودة‭ ‬بأسلحة‭ ‬خفيفة‭.‬

كانت‭ ‬السفينة‭ ‬تحمل‭ ‬علمًا‭ ‬يبلغ‭ ‬طوله‭ ‬خمسة‭ ‬أقدام‭ ‬في‭ ‬ثمانية‭ ‬أقدام،‭ ‬ولا‭ ‬تشبه‭ ‬أي‭ ‬سفينة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بحرية‭ ‬أخرى،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬سفينة‭ ‬في‭ ‬ترسانة‭ ‬أحد‭ ‬أعداء‭ ‬إسرائيل‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬زعم‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬يهاجمون‭ ‬سفينة‭ ‬مصرية‭.‬

لقد‭ ‬تأكد‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬أي‭ ‬مجال‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قد‭ ‬وقع‭ ‬بعد‭ ‬ست‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬الاستطلاع‭ ‬المكثف‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬منخفض،‭ ‬والذي‭ ‬أعقبه‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬ساعتين‭ ‬بطائرات‭ ‬ميراج‭ ‬غير‭ ‬مميزة‭ ‬باستخدام‭ ‬المدافع‭ ‬والصواريخ‭.‬

أطلقت‭ ‬القوارب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬نيران‭ ‬مدافعها‭ ‬الرشاشة‭ ‬من‭ ‬مسافة‭ ‬قريبة‭ ‬على‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يساعدون‭ ‬الجرحى،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬سفينة‭ ‬حربية‭ ‬سوفيتية،‭ ‬ثم‭ ‬أطلقت‭ ‬نيران‭ ‬الرشاشات‭ ‬على‭ ‬قوارب‭ ‬النجاة‭ ‬التي‭ ‬أسقطها‭ ‬الناجون‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬مغادرة‭ ‬السفينة‭. ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬تحقيق‭ ‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬الكارثة‭ ‬سريا‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬ستة‭ ‬وخمسين‭ ‬عاما‭.‬

لعبت‭ ‬الازدواجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬1973‭. ‬فقد‭ ‬استخدم‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬هنري‭ ‬كيسنجر‭ ‬المعلومات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المضللة‭ ‬حول‭ ‬التدخل‭ ‬السوفييتي‭ ‬المحتمل‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬لتبرير‭ ‬إعلان‭ ‬حالة‭ ‬التأهب‭ ‬النووي،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الحرب‭ ‬العربية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وإشعال‭ ‬فتيل‭ ‬مواجهة‭ ‬سوفيتية‭ ‬أمريكية‭.‬

لقد‭ ‬كذب‭ ‬هنري‭ ‬كيسنجر‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬حلفائنا‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬الناتو‭) ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬بشأن‭ ‬الإنذار‭ ‬السوفييتي‭ ‬لأقسامهم‭ ‬المحمولة‭ ‬جواً‭ ‬للاستعداد‭ ‬للتدخل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

‭(‬لم‭ ‬يُدخل‭ ‬السوفييت‭ ‬قط‭ ‬قواتهم‭ ‬المحمولة‭ ‬جواً‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متاخمة‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفييتي‭). ‬كما‭ ‬انتهك‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬ترتيبه‭ ‬بعناية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كيسنجر‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السوفييتي‭ ‬أليكسي‭ ‬كوسيجين؛‭ ‬لقد‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬تهديد‭ ‬كيسنجر‭ ‬لوزير‭ ‬الدفاع‭ ‬دايان‭ ‬لوقف‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1982،‭ ‬كذب‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬بشأن‭ ‬دورهم‭ ‬في‭ ‬السماح‭ ‬للكتائب‭ ‬المسيحية‭ ‬اللبنانية‭ ‬بدخول‭ ‬مخيمي‭ ‬صبرا‭ ‬وشتيلا‭ ‬للاجئين،‭ ‬حيث‭ ‬ارتكبوا‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬مروعة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬العزل‭.‬

ولم‭ ‬يعترف‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬قط‭ ‬بأن‭ ‬مليشيا‭ ‬الكتائب‭ ‬كانت‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬لدولة‭ ‬إسرائيل‭. ‬وأكد‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أرييل‭ ‬شارون‭ ‬أن‭ ‬قوات‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬يحدث‮»‬‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬شارون‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬شجع‭ ‬المليشيات‭ ‬اللبنانية‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭.‬

وهذه‭ ‬المرة،‭ ‬فإن‭ ‬قوات‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬مروعة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬قُتل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬قتله‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬القتال‭.‬

إن‭ ‬استخدام‭ ‬إسرائيل‭ ‬لقنابل‭ ‬زنة‭ ‬2000‭ ‬رطل‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مدنية‭ ‬كثيفة‭ ‬السكان‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تستمر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬الاستشهاد‭ ‬بالمسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬يؤكدون‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أصغر‭ ‬الذخائر‭ ‬المتاحة‮»‬‭ ‬تستخدم‭ ‬لإحداث‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬على‭ ‬المدنيين‮»‬‭.‬

ويؤكد‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التركيز‭ ‬ينصب‭ ‬على‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ذبحوا‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬يفوق‭ ‬ما‭ ‬قتلتهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭.‬

ليس‭ ‬هناك‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وزعيم‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬الذي‭ ‬يتزعم‭ ‬حكومة‭ ‬موغلة‭ ‬في‭ ‬التطرف،‭ ‬فإنه‭ ‬يستخدم‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الساحقة‭ ‬لترويع‭ ‬2,3‭ ‬مليون‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬باسم‭ ‬هزيمة‭ ‬قوات‭ ‬حماس‭ ‬العسكرية‭.‬

وهذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متسقاً‭ ‬مع‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬لاستخدام‭ ‬كل‭ ‬اشتباك‭ ‬عسكري‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لتهجير‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬منازلهم،‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬أبداً‭ ‬بحق‭ ‬العودة‭ ‬للاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ولم‭ ‬تقم‭ ‬أي‭ ‬إدارة‭ ‬أمريكية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬للسماح‭ ‬بعودة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬منازلهم‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬تدعم‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬ادعاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأن‭ ‬الحرب‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجاهل‭ ‬معاقبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الأعوام‭ ‬الستة‭ ‬عشر‭ ‬الماضية‭.‬

وقد‭ ‬أدت‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬مما‭ ‬خلق‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إلقاء‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬المياه‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للشرب‭.‬

وتسبب‭ ‬نقص‭ ‬الوقود‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬إغلاق‭ ‬محطات‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭. ‬إن‭ ‬نتنياهو،‭ ‬الذي‭ ‬تفاخر‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬بأنني‭ ‬‮«‬أوقفت‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يبد‭ ‬قط‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬بتخفيف‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬دبلوماسي‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬للمأساة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ومن‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬قد‭ ‬دافعت‭ ‬كلاميًا‭ ‬في‭ ‬خطابها‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تضغط‭ ‬أبدًا‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للتحرك‭ ‬نحو‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بفلسطين‭ ‬كدولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬محادثات‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بشأن‭ ‬الحدود‭ ‬والقدس‭ ‬والأمن‭ ‬ووقف‭ ‬اعتداءات‭ ‬المستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

 

{ كبير‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬وأكاديمي‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬جون‭ ‬هوبكينز

دبلوب‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا