العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

مسؤولية الولايات المتحدة عن معاناة الشعب الفلسطيني

الاثنين ١٥ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

بقلم‭: ‬مارك‭ ‬لينش‭ ‬وشبلي‭ ‬تلحمي

 

لقد‭ ‬أدى‭ ‬الرد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المدمر‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬معقدة‭ ‬ومتداخلة‭ ‬الأبعاد‭.‬

فخلال‭ ‬الأيام‭ ‬المئة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬وحدها،‭ ‬ألقت‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬ثلاث‭ ‬قنابل‭ ‬نووية،‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬29‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬طفل؛‭ ‬وجرح‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬الآخرين؛‭ ‬وتدمير‭ ‬أو‭ ‬إتلاف‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬منازل‭ ‬غزة؛‭ ‬وتشريد‭ ‬1.9‭ ‬مليون‭ ‬شخص،‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬85%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭.‬

وبحلول‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬400‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬معرضين‭ ‬لخطر‭ ‬المجاعة،‭ ‬وفقاً‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وكانت‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬تنتشر‭ ‬بسرعة‭.‬

وخلال‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬قُتل‭ ‬مئات‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أو‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وتم‭ ‬اعتقال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3000‭ ‬فلسطيني،‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توجيه‭ ‬تهم‭ ‬إليهم‭.‬

منذ‭ ‬البداية‭ ‬تقريبا،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬خطة‭ ‬نهائية‭ ‬لحربها‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬صيغة‭ ‬مألوفة‭. ‬في‭ ‬29‭ ‬أكتوبر،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬الغزو‭ ‬البري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬جاريًا،‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭: ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬رؤية‭ ‬لما‭ ‬سيأتي‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭. ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظرنا،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭.‬

وبعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬وبعد‭ ‬الدمار‭ ‬العارم‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بشمال‭ ‬غزة،‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭: ‬‮«‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬سينتهي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تكريس‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬9‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬وبعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬كرر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬قائلاً‭ ‬للحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إن‭ ‬الحل‭ ‬الدائم‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نهج‭ ‬إقليمي‭ ‬يتضمن‭ ‬مسارًا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‮»‬‭. ‬

هذه‭ ‬الدعوات‭ ‬إلى‭ ‬إحياء‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬قد‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬نوايا‭ ‬حسنة‭. ‬لسنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬كان‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬المعلن‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬باعتباره‭ ‬الترتيب‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلبي‭ ‬بشكل‭ ‬معقول‭ ‬التطلعات‭ ‬الوطنية‭ ‬لشعبين‭ ‬يعيشان‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬واحدة‭.‬

إن‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل‭ ‬يشكل‭ ‬أيضاً‭ ‬المطلب‭ ‬الرئيسي‭ ‬لأغلب‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬والغربية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬الدولية‭.‬

ولذلك،‭ ‬لجأ‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬إلى‭ ‬خطاب‭ ‬ومفاهيم‭ ‬العقود‭ ‬السابقة‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬التبريرات‭ ‬لهذه‭ ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬

ومع‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬توصف‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬والتي‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للاستمرار،‭ ‬فإنهم‭ ‬يزعمون‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الآن‭ ‬فرصة‭ ‬لتحقيق‭ ‬تسوية‭ ‬أكبر‭.‬

يمكن‭ ‬لواشنطن‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬الهدف‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬دولتين‭ ‬تتعايشان‭ ‬بسلام‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ - ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬التطبيع‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭.‬

لكن‭ ‬فكرة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الناشئة‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬أنقاض‭ ‬غزة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬أساس‭ ‬في‭ ‬الواقع‭. ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬العناصر‭ ‬الأساسية‭ ‬اللازمة‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬موجودة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

لقد‭ ‬انتخبت‭ ‬إسرائيل‭ ‬حكومة‭ ‬يمينية‭ ‬ضمت‭ ‬مسؤولين‭ ‬يعارضون‭ ‬علنًا‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬كما‭ ‬نمت‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬معه‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬متصلة‭ ‬وقابلة‭ ‬للحياة‭ ‬أمراً‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‭. ‬مدة‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬تقريباً،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬مفاوضات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬فلسطينية‭ ‬جادة،‭ ‬ولم‭ ‬يؤيد‭ ‬أي‭ ‬جمهور‭ ‬انتخابي‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬استئنافها‭.‬

وكان‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬حماس‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وما‭ ‬تلا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬إسرائيل‭ ‬لغزة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أشهر،‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬هذه‭ ‬الاتجاهات‭ ‬وتسريعها‭.‬

إن‭ ‬التأثير‭ ‬الرئيسي‭ ‬للحديث‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬إخفاء‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬الذي‭ ‬يكاد‭ ‬يصبح‭ ‬أكثر‭ ‬رسوخًا‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭.‬

سيكون‭ ‬من‭ ‬الجيد‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬والفلسطينيون‭ ‬من‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬التقسيم‭ ‬السلمي‭ ‬للأرض‭ ‬والشعب‭ ‬إلى‭ ‬دولتين‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭. ‬لكنهم‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭.‬

وفي‭ ‬تصريحات‭ ‬علنية‭ ‬متكررة‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي،‭ ‬أوضح‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬أنه‭ ‬يعارض‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬أنه‭ ‬ستظل‭ ‬هناك،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيره،‭ ‬‮«‬سيطرة‭ ‬أمنية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬كاملة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأراضي‭ ‬الواقعة‭ ‬غرب‭ ‬نهر‭ ‬الأردن‮»‬‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬ستشمل‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغزة‭.‬

وبعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬غير‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هيكل‭ ‬حكم‭ ‬يشبه‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬حيث‭ ‬يُحرم‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬من‭ ‬حقوقهم‭ ‬الكاملة‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.‬

ويتحمل‭ ‬السياسيون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬القسم‭ ‬الأعظم‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المرير‭ ‬الذي‭ ‬تطور‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬بمساعدة‭ ‬القادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الضعفاء‭ ‬والحكومات‭ ‬العربية‭ ‬غير‭ ‬المبالية‭. ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬طرف‭ ‬خارجي‭ ‬يتحمل‭ ‬اللوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬مكنت‭ ‬ودافعت‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأكثر‭ ‬يمينية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬إسرائيل‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬السلام‭ ‬بمجرد‭ ‬الدعوة‭ ‬إليه‭. ‬ولكن‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬خطابها‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬الدولتين‭ ‬قد‭ ‬فشل،‭ ‬فتتحول‭ ‬نحو‭ ‬نهج‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬كما‭ ‬هو‭.‬

وهذا‭ ‬يستلزم‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬التزام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والمعايير‭ ‬الليبرالية‭ ‬لجميع‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الخاضعة‭ ‬لسيطرتها،‭ ‬والوفاء‭ ‬بتعهد‭ ‬بايدن‭ ‬بتعزيز‭ ‬‮«‬تدابير‭ ‬متساوية‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬والعدالة‭ ‬والأمن‭ ‬والرخاء‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‮»‬‭.‬

إن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أكثر‭ ‬انسجاما‭ ‬مع‭ ‬تطلعاتها‭ ‬المعلنة،‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬الأرجح‭ ‬أن‭ ‬يحمي‭ ‬ويخدم‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭ - ‬ويدعم‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬العالمية‭.‬

في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬وُصف‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الأول‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غزو‮»‬‭ ‬اخترق‭ ‬فيه‭ ‬المسلحون‭ ‬‮«‬الحدود‮»‬‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وغزة‭.‬

لكن‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬حدود‭ ‬بين‭ ‬المنطقة‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬مثلما‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬حدود‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭. ‬الحدود‭ ‬ترسم‭ ‬خطوط‭ ‬السيادة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬‭ ‬والفلسطينيون‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬دولة‭.‬

ظلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬تسيطر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الصغير‭ ‬المكتظ‭ ‬بالسكان،‭ ‬وأقامت‭ ‬المستوطنات‭ ‬اليهودية‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬استولت‭ ‬عليها‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1993،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬اتفاقات‭ ‬أوسلو،‭ ‬سلمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعض‭ ‬الإدارة‭ ‬اليومية‭ ‬لغزة‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لكنها‭ ‬احتفظت‭ ‬بالهيمنة‭ ‬الفعلية‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬عسكري‭ ‬دائم،‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬محيط‭ ‬أراضيها‭ ‬ومجالها‭ ‬الجوي،‭ ‬والإشراف‭ ‬على‭ ‬مواردها‭ ‬المالية‭ ‬وعائدات‭ ‬الضرائب‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2005،‭ ‬قرر‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أرييل‭ ‬شارون‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬بشكل‭ ‬أحادي‭ ‬وتفكيك‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬هناك‭. ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يغير‭ ‬الحقائق‭ ‬الأساسية‭ ‬للاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تُركوا‭ ‬ليحددوا‭ ‬الحكم‭ ‬الداخلي‭ ‬للقطاع،‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬احتفظت‭ ‬بالسلطة‭ ‬المطلقة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬المشتركة‭ ‬والشواطئ‭ ‬والمجال‭ ‬الجوي‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬سيطرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يدخل‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬يخرج‭ ‬منها‭ ‬‭ ‬الغذاء،‭ ‬ولوازم‭ ‬البناء،‭ ‬والأدوية،‭ ‬والناس‭.‬

فرضت‭ ‬إسرائيل‭ ‬حصارًا‭ ‬جائرا‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬عقب‭ ‬فوز‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬2007،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬عزلها‭ ‬فعليًّا‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬قامت‭ ‬حماس‭ ‬بتوسيع‭ ‬نظام‭ ‬الأنفاق‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬الذي‭ ‬ورثته‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬لكسر‭ ‬الحصار‭.‬

وقد‭ ‬أتاحت‭ ‬الانفجارات‭ ‬العرضية‭ ‬للصراع‭ - ‬والتي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬صواريخ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حماس‭ ‬تليها‭ ‬هجمات‭ ‬انتقامية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ - ‬لحماس‭ ‬إظهار‭ ‬أوراق‭ ‬اعتمادها‭ ‬في‭ ‬المقاومة‭ ‬ولإسرائيل‭ ‬لإظهار‭ ‬أنها‭ ‬تعتمد‭ ‬استراتيجية‭ ‬‮«‬جز‭ ‬العشب‮»‬‭.‬

أما‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬ظلت‭ ‬تجري‭ ‬وراءه‭ ‬إسرائيل‭ ‬فهو‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬إضعاف‭ ‬قدرات‭ ‬حماس‭ ‬العسكرية‭ ‬وبنيتها‭ ‬التحتية،‭ ‬وغالباً‭ ‬ظلت‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬مئات‭ ‬المدنيين‭ ‬دون‭ ‬إضعاف‭ ‬السيطرة‭ ‬الداخلية‭ ‬لحركة‭ ‬حماس‭. ‬لقد‭ ‬عانى‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬الحصار‭ ‬والعنف‭ ‬المتقطع،‭ ‬لكن‭ ‬حماس‭ ‬حافظت‭ ‬على‭ ‬إحكام‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬السلطة‭.‬

في‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ (‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭)‬،‭ ‬بدا‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬غزة‭ - ‬والإدارة‭ ‬الموازية‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬أضعفتها‭ ‬إسرائيل‭ - ‬مؤسفًا‭ ‬ولكنه‭ ‬مستدام‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والغرب‭.‬

وبالتالي،‭ ‬يمكن‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يتشاحن‭ ‬السياسيون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬حول‭ ‬الإصلاحات‭ ‬القضائية‭ ‬غير‭ ‬الديمقراطية‭ ‬واستيلاء‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬السلطة،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتجاهل‭ ‬فيه‭ ‬حركة‭ ‬الاحتجاج‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬ضم‭ ‬الحكومة‭ ‬الزاحف‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭.‬

وكانت‭ ‬الصدمة‭ ‬والغضب‭ ‬الناجمان‭ ‬عن‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬حماس‭ ‬والانتقام‭ ‬غير‭ ‬العادي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬تحطيم‭ ‬هذا‭ ‬الوهم،‭ ‬مما‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬تجاهل‭ ‬الوضع‭ ‬الظالم‭ ‬الواضح‭ ‬ليس‭ ‬أمراً‭ ‬غير‭ ‬مستدام‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬للغاية،‭ ‬وأن‭ ‬النظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيله‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الاعتراف‭ ‬بمحنة‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

لا‭ ‬دولتين‭ ‬ولا‭ ‬دولة‭ ‬واحدة

ومع‭ ‬تطور‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬زعم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن،‭ ‬والذي‭ ‬يقصدون‭ ‬به‭ ‬عدم‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬دون‭ ‬‮«‬التدمير‮»‬‭ ‬الكامل‭ ‬لحماس‭.‬

ولكن‭ ‬البدائل‭ ‬لحكم‭ ‬حماس‭ ‬التي‭ ‬اقترحها‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬تشكل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬استمراراً‭ ‬للوضع‭ ‬القائم‭. ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تغزو‭ ‬غزة‭ ‬فجأة‭: ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬قط‭ ‬عن‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها،‭ ‬وهي‭ ‬الحقيقة‭ ‬الحاضرة‭ ‬تماماً‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬الذين‭ ‬عانوا‭ ‬طوال‭ ‬17‭ ‬عاماً‭ ‬تحت‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

ومن‭ ‬الأدق‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬قوة‭ ‬الاحتلال‭ ‬السيادية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مدة‭ ‬56‭ ‬عاماً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تشكيلات‭ ‬سياسية‭ ‬متنوعة،‭ ‬تحاول‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إعادة‭ ‬كتابة‭ ‬قواعد‭ ‬هيمنتها‭. ‬وكما‭ ‬أوضحت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تنوي‭ ‬متابعة‭ ‬السعي‭ ‬المتجدد‭ ‬لإقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭.‬

كان‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬قد‭ ‬أبدوا‭ ‬توترهم‭ ‬بشأن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تكريس‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭. ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬العقد‭ ‬الماضي،‭ ‬انحدر‭ ‬معسكر‭ ‬السلام‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬حزب‭ ‬ميريتز،‭ ‬انتخابيا‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬شبه‭ ‬الاندثار،‭ ‬حيث‭ ‬فشل‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬العتبة‭ ‬الانتخابية‭ ‬للتمثيل‭ ‬في‭ ‬الكنيست‭.‬

لقد‭ ‬تنكرت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحالية‭ ‬تقريبًا‭ ‬لمبدأ‭ ‬تكريس‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وتضمنت‭ ‬أعضاء‭ ‬يمينيين‭ ‬يتطلعون‭ ‬علنًا‭ ‬إلى‭ ‬الضم‭ ‬الكامل‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭.‬

أدى‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬إلى‭ ‬تسريع‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭. ‬لقد‭ ‬فقد‭ ‬الجمهور‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بأغلبية‭ ‬ساحقة‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬من‭ ‬إيمان‭ ‬ضئيل‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬مع‭ ‬صعود‭ ‬حركة‭ ‬المستوطنين‭ ‬العازمة‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأراضي‭ ‬الواقعة‭ ‬بين‭ ‬نهر‭ ‬الأردن‭ ‬والبحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬​​إلى‭ ‬السلطة‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭.‬

وقد‭ ‬يجادل‭ ‬البعض‭ ‬بأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستوطنين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬النفوذ‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬نتنياهو‭ ‬يعتمد‭ ‬عليهم‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة‭. ‬لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.‬

وبالمثل،‭ ‬فإن‭ ‬معظم‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬اليوم‭ ‬غير‭ ‬مهتمين‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‭ ‬أو‭ ‬حل‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المساواة‭ ‬لجميع‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الخاضعة‭ ‬للسيطرة‭ ‬الإسرائيلية؛‭ ‬ويشعر‭ ‬الكثيرون‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬هجوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬أكد‭ ‬أسوأ‭ ‬مخاوفهم‭ ‬بشأن‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

سواء‭ ‬تم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بذلك‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬فإن‭ ‬رفض‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬والدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المساواة‭ ‬للجميع‭ ‬يترك‭ ‬احتمالين‭: ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬ترسيخ‭ ‬التفوق‭ ‬اليهودي‭ ‬والضوابط‭ ‬الشبيهة‭ ‬بالفصل‭ ‬العنصري‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬غير‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬سيفوق‭ ‬عددهم‭ ‬عدد‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬اليهود‭ ‬قريبًا‭. ‬أو‭ ‬نقل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬علناً‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬السياسية‭ ‬الصارخة‭ ‬التي‭ ‬سيواجهها‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يدفعون‭ ‬باتجاه‭ ‬إطار‭ ‬تفاوضي‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭. ‬لا‭ ‬القيادة‭ ‬ولا‭ ‬الجمهور‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬يدعمان‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭.‬

إن‭ ‬الحقائق‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬ــ‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الأمنية‭ ‬والطرقية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الواسعة‭ ‬والمتنامية‭ ‬والمصممة‭ ‬لربط‭ ‬وحماية‭ ‬المستوطنات‭ ‬اليهودية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التدمير‭ ‬شبه‭ ‬الكامل‭ ‬لغزة‭ ‬ــ‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬قابلة‭ ‬للحياة‭ ‬أمراً‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصوره‭ ‬تقريباً‭. ‬ولم‭ ‬تبد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬القوة‭ ‬اللازمة‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬العقبات‭.‬

ويشعر‭ ‬البعض‭ ‬الآن‭ ‬بالأسى‭ ‬لأن‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬قد‭ ‬وجه‭ ‬ضربات‭ ‬قاتلة‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭ ‬وبديل‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬العادل‭ ‬والسلمي‭. ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أي‭ ‬منهما‭ ‬معروضًا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬افتراضات‭.‬

كان‭ ‬التأثير‭ ‬الرئيسي‭ ‬للحرب‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬المظالم‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬لها‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭ ‬وزيادة‭ ‬حجمها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬القهر‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والقانوني‭ ‬والعسكري‭ ‬لمجموعة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ - ‬وهو‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬ينتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ويسيء‭ ‬إلى‭ ‬القيم‭ ‬الليبرالية‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬مواجهته‭ ‬قبل‭ ‬طرح‭ ‬مسألة‭ ‬الدولتين‭. ‬وهنا‭ ‬تستطيع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬فرقاً‭ ‬كبيراً‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬أمل‭ ‬تقريباً‭ ‬في‭ ‬تحقيقه،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالواقع‭ ‬الحالي‭ ‬واستخدام‭ ‬نفوذها‭ ‬لفرض‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقوانين‭ ‬والأعراف‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭.‬

لقد‭ ‬تجنبت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬إلزام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بهذه‭ ‬المعايير؛‭ ‬وذهبت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬بحماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬قوانين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭.‬

في‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬2024م،‭ ‬توصل‭ ‬تحقيق‭ ‬أجرته‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬استخدمت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬آليات‭ ‬خاصة‮»‬‭ ‬لمواصلة‭ ‬توفير‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يحظر‭ ‬مساعدة‭ ‬الوحدات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأجنبية‭ ‬المتورطة‭ ‬في‭ ‬انتهاكات‭ ‬جسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

هذا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التغيير‭. ‬وببساطة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الليبرالي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬القواعد،‭ ‬يمكن‭ ‬لواشنطن‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬الكثير‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬أحلك‭ ‬المظالم‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬المدمر‭.‬

إن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬حول‭ ‬قيام‭ ‬واشنطن‭ ‬بإملاء‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬فعله‭. ‬بل‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بإنهاء‭ ‬الممارسة‭ ‬استخدام‭ ‬موارد‭ ‬أمريكية‭ ‬كبيرة‭ ‬لتمكين‭ ‬النهج‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬تجده‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مرفوضًا‭ ‬والذي‭ ‬يتعارض‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

إن‭ ‬النهج‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬لإدارة‭ ‬وضع‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬سوف‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إشراك‭ ‬عدة‭ ‬مكونات‭. ‬أولاً،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬رفضها‭ (‬على‭ ‬الأقل‭ ‬حتى‭ ‬كتابة‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭) ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وإعادة‭ ‬الرهائن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭.‬

ومن‭ ‬شأن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬أن‭ ‬يوقف‭ ‬القتل‭ ‬اليومي‭ ‬لمئات‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ويسمح‭ ‬للمساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بدخول‭ ‬الأراضي،‭ ‬ويمنع‭ ‬الانتشار‭ ‬السريع‭ ‬للمجاعة‭ ‬والأمراض‭ ‬المعدية‭.‬

ونظرا‭ ‬إلى‭ ‬فشلها‭ ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬طوال‭ ‬خريف‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬لم‭ ‬تتسبب‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬توسع‭ ‬الحرب‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬شجعت‭ ‬أيضًا‭ ‬حكومة‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬قمعها‭ ‬وتدميرها‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬بايدن‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬المطالبة‭ ‬بإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يوجد‭ ‬فيه‭ ‬إجماع‭ ‬شبه‭ ‬عالمي‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وتؤيد‭ ‬أغلبية‭ ‬واضحة‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ - ‬حوالي‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خمسة‭ ‬وفقًا‭ ‬لاستطلاع‭ ‬حديث‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ - ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬فإنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بتوفير‭ ‬قيادة‭ ‬جريئة‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬باليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

لكن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬لإنهاء‭ ‬النهج‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬تجاوزات‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬همجية‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬الدوليين‭ ‬يتركون‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬يرثى‭ ‬لها‭.‬

وكانت‭ ‬إحدى‭ ‬النتائج‭ ‬هي‭ ‬عزل‭ ‬واشنطن‭ ‬وتقويض‭ ‬ادعائها‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأعراف‭ ‬الدولية‭ ‬والنظام‭ ‬الدولي‭ ‬الليبرالي‭. ‬إن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬إحدى‭ ‬زعماء‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي،‭ ‬اتهمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتهمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الاستثنائية‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬فيه‭ ‬أجزاء‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفائها‭ ‬الغربيين،‭ ‬مما‭ ‬يقوض‭ ‬قيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭.‬

وفي‭ ‬حكم‭ ‬أولي‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬يناير2024‭ ‬قررت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المزعومة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬تشكل‭ ‬انتهاكًا‭ ‬واضحًا‭ ‬لاتفاقية‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬منع‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬لم‭ ‬تطالب‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أمرت‭ ‬بمجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬اتخاذها‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الأذى‭ ‬الذي‭ ‬يلحق‭ ‬بالمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

وإذا‭ ‬واصلت‭ ‬واشنطن‭ ‬دعمها‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬دون‭ ‬المطالبة‭ ‬بالالتزام‭ ‬بهذه‭ ‬التدابير،‭ ‬فقد‭ ‬تبدو‭ ‬أكثر‭ ‬تواطؤاً‭ ‬في‭ ‬الحرب‭. ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬المزعومة‭ ‬المرتكبة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭.‬

وبعد‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬مسارها‭. ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬قوبلت‭ ‬جهود‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لوضع‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬لخطة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بالرفض‭ ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬وقد‭ ‬رفضت‭ ‬إسرائيل‭ ‬فكرة‭ ‬إعادة‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يتحدث‭ ‬السياسيون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬علناً‭ ‬عن‭ ‬استعادة‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬وإنشاء‭ ‬منطقة‭ ‬عازلة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنهم‭ ‬عازمون‭ ‬على‭ ‬إجبار‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ - ‬وهي‭ ‬مفاهيم‭ ‬تنتهك‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬الصريحة‭ ‬الأمريكية‭.‬

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تجاهلت‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‭ ‬حتى‭ ‬أكثر‭ ‬المطالب‭ ‬تهدئةً‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬المدنيين،‭ ‬والسماح‭ ‬بتسليم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والتخطيط‭ ‬لغزة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب،‭ ‬والمساعدة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وقد‭ ‬عارضت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الخيار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الترحيل‭ ‬القسري‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬المنكوب،‭ ‬وذلك‭ ‬تماشياً‭ ‬مع‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬أعربت‭ ‬عنها‭ ‬حلفاؤها‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬ومصر‭ ‬بقوة،‭ ‬وسوف‭ ‬يزداد‭ ‬الوضع‭ ‬سوءاً‭ ‬كلما‭ ‬طال‭ ‬أمد‭ ‬بقاء‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬‭ ‬لكن‭ ‬إدارة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬رفضت‭ ‬فرض‭ ‬أي‭ ‬عواقب‭ ‬لمحاولة‭ ‬إجبار‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬تلك‭ ‬المطالب‭.‬

وللتغلب‭ ‬على‭ ‬التعنت‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والأعراف‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬نقاش‭ ‬سياسي‭ ‬أساسي‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬وبين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يفتح‭ ‬إمكانيات‭ ‬جديدة‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬أن‭ ‬يربط‭ ‬تقديم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بالالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الأمريكي‭ ‬والمعايير‭ ‬الدولية،‭ ‬ويجب‭ ‬عليه‭ ‬تشجيع‭ ‬الجهود‭ ‬المماثلة‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬معارضتها‭.‬

وينبغي‭ ‬لها‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬تأمر‭ ‬الوكالات‭ ‬الحكومية‭ ‬الأمريكية‭ ‬باتباع‭ ‬القانون‭ ‬والقواعد‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬مبتكرة‭ ‬لتخريبها‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬فإن‭ ‬إحجام‭ ‬بايدن‭ ‬عن‭ ‬ربط‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بالقانون‭ ‬الأمريكي‭ ‬أدى‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬تحركات‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أعضاء‭ ‬حزبه‭. ‬لننظر‭ ‬إلى‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬اقترحه‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023‭ ‬السيناتور‭ ‬الديمقراطي‭ ‬كريس‭ ‬فان‭ ‬هولين،‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬ماريلاند،‭ ‬و12‭ ‬من‭ ‬زملائه‭ ‬لربط‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإضافية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬بشرط‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الأمريكي‭ ‬والقانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭. ‬وقانون‭ ‬الصراع‭ ‬المسلح‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬اقترح‭ ‬بيرني‭ ‬ساندرز،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬عن‭ ‬ولاية‭ ‬فيرمونت،‭ ‬وهو‭ ‬مستقل،‭ ‬قرارًا‭ ‬يجعل‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬مشروطة‭ ‬بمراجعة‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لانتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬المحتملة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭.‬

ولكن‭ ‬كما‭ ‬تبين‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬إفشال‭ ‬اقتراح‭ ‬ساندرز‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬القيادة‭ ‬الرئاسية،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬الانتخابات‭ ‬حيث‭ ‬يتردد‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬في‭ ‬تقويض‭ ‬الآفاق‭ ‬الانتخابية‭ ‬لرئيسهم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحظى‭ ‬بشعبية‭ ‬بالفعل،‭ ‬والبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وحده‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬القيادة‭ ‬بنجاح‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭.‬

ومن‭ ‬عجيب‭ ‬المفارقات‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الصدمات‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬والإسرائيليون‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬أظهرت‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬إلى‭ ‬تكريس‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وعدم‭ ‬احتمالية‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭.‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬بإمكان‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬أن‭ ‬يحاول،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لاستخدام‭ ‬القوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإعادة‭ ‬فتح‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭. ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬نهجها‭ ‬الحالي‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬ستفعل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬التشدق‭ ‬الكلامي‭ ‬حول‭ ‬الهدف‭ ‬بينما‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬الواقع‭ ‬المروع‭.... ‬لقد‭ ‬وصلت‭ ‬مصداقية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬ستحتاج‭ ‬أي‭ ‬مبادرة‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬ملموسة‭ ‬ومقدمة‭ ‬حتى‭ ‬تحظى‭ ‬بفرصة‭ ‬النجاح‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬ترجيح‭ ‬هذه‭ ‬الفوائد‭ ‬الملموسة‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬لصالح‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬قسوة‭ ‬ظروفهم‭.‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يمكن‭ ‬لجو‭ ‬بايدن‭ ‬أن‭ ‬يعترف‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغزة،‭ ‬وأن‭ ‬يلتزم‭ ‬بعدم‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأن‭ ‬يجعل‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬مشروطة‭ ‬بالتزام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والامتناع‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬أعمال‭ ‬تقوض‭ ‬السلام‭.‬

ويمكن‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تتعهد‭ ‬بضمان‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬إسرائيل‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭ ‬دوليًّا‭. ‬لكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬أيًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشروط،‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬الضغط‭ ‬اللازم‭ ‬لتنفيذها‭.‬

سوف‭ ‬يزعم‭ ‬المنادون‭ ‬بالدفع‭ ‬المتجدد‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭ ‬أنه‭ ‬الخيار‭ ‬الأكثر‭ ‬واقعية‭. ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬كذلك‭. ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬تنتهي‭ ‬بها‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬ــ‭ ‬أو‭ ‬حل‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬العادل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬ــ‭ ‬مطروحا‭.‬

والواقع‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مسار‭ ‬فوري‭ ‬للمضي‭ ‬قدماً‭ ‬دون‭ ‬التصالح‭ ‬أولاً‭ ‬مع‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬الأكثر‭ ‬قتامة‭ ‬الذي‭ ‬نجحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ترسيخه‭. ‬ولذلك،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لسياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬غير‭ ‬المعقولة‭ ‬لإحياء‭ ‬المحادثات‭ ‬حول‭ ‬نتائج‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتحقيق،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬التوضيح‭ ‬بقوة‭ ‬للمعايير‭ ‬القانونية‭ ‬ومعايير‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬تتوقع‭ ‬الوفاء‭ ‬بها‭.‬

يمكن‭ ‬لسلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬قوتها‭ ‬لمعارضة‭ ‬الشروط‭ ‬والسياسات‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تدعمها،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬أو‭ ‬استمرار‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬أو‭ ‬استمرار‭ ‬وتعميق‭ ‬نظام‭ ‬الإدارة‭ ‬العسكرية‭ ‬الشبيه‭ ‬بالفصل‭ ‬العنصري‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

يجب‭ ‬توضيح‭ ‬هذه‭ ‬الحدود،‭ ‬ويجب‭ ‬إنفاذها‭. ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دعم‭ ‬آليات‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭ ‬والمساءلة‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭.‬

وينبغي‭ ‬أن‭ ‬تطالب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أيضا‭ ‬بالالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والمعايير‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬معاملة‭ ‬جميع‭ ‬الأشخاص‭ ‬الخاضعين‭ ‬للسيطرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الفعلية،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬مواطنين‭ ‬إسرائيليين‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬حدود‭ ‬قانونية‭ ‬ملموسة‭ ‬للوضع‭ ‬الحالي،‭ ‬تستعيد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بعض‭ ‬مصداقيتها‭ ‬التي‭ ‬فقدتها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والجنوب‭ ‬العالمي‭.‬

لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لحكومة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬النهج‭ ‬الفاشل‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المدمرة‭.‬

إن‭ ‬عقودا‭ ‬من‭ ‬إعفاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬واصلت‭ ‬الحديث‭ ‬الفارغ‭ ‬العقيم‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬الدولتين‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه،‭ ‬قوضت‭ ‬بشدة‭ ‬مكانة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬يجب‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬قوتها‭ ‬للتغطية‭ ‬على‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الصارخة‭ ‬للحقوق‭ ‬والأعراف‭ ‬الدولية‭.‬

وإلى‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الوضع‭ ‬المأساوي‭ ‬الراهن‭ ‬الذي‭ ‬تنتفي‭ ‬فيه‭ ‬معايير‭ ‬العدالة‭ ‬سوف‭ ‬يستمر،‭ ‬وسوف‭ ‬تظل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬إدامة‭ ‬المشكلة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬حلها‭.‬

فورين‭ ‬أفيرز‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا