العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

خبايا عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها «حماس» يوم 7 أكتوبر

الأحد ١٦ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

بقلم‭: ‬د‭. ‬رمزي‭ ‬بارود‭ ‬{‭  ‬

 

لقد‭ ‬فاجأت‭ ‬الأحداث‭ ‬الدراماتيكية‭ ‬والمزلزلة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬فلسطين،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2003،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المراقبين‭ ‬اليقظين‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬ممن‭ ‬فوجئوا‭ ‬بتلك‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬هزت‭ ‬المنطقة‭ ‬وترددت‭ ‬أصداؤها‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬

لم‭ ‬يتوقع‭ ‬سوى‭ ‬قليلين‭ ‬أن‭ ‬ينزل‭ ‬المقاتلون‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬بالمظلات‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر؛‭ ‬وأنه‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أسر‭ ‬جندي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬واحد‭ -‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2006‭- ‬فإن‭ ‬مئات‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬والمدنيين،‭ ‬سيجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أسرى‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬المحاصرة‭.‬

لكن‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬‮«‬المفاجأة‮»‬‭ ‬هو‭ ‬نفس‭ ‬السبب‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ ‬جماعية،‭ ‬وهو‭ ‬الميل‭ ‬إلى‭ ‬إيلاء‭ ‬اهتمام‭ ‬وثيق‭ ‬للخطابات‭ ‬السياسية‭ ‬والتحليلات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ومؤيديها،‭ ‬مع‭ ‬إهمال‭ ‬الخطاب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬فهم‭ ‬أفضل‭ ‬لهذه‭ ‬الأحداث،‭ ‬دعونا‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬البداية‭.‬

 

الشرارة

لقد‭ ‬دخلنا‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬ببعض‭ ‬المعطيات‭ ‬المحبطة‭ ‬والتوقعات‭ ‬القاتمة‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬ينتظر‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭.‬

قبل‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬مباشرة،‭ ‬قال‭ ‬مبعوث‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تور‭ ‬وينيسلاند،‭ ‬إن‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬كان‭ ‬العام‭ ‬الأكثر‭ ‬عنفاً‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2005‭. ‬وقال‭ ‬وينيسلاند‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬قُتل‭ ‬وجُرح‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬للغاية‭ ‬من‭ ‬الأشخاص،‭ ‬وأغلبهم‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‮»‬‭.‬

وهذا‭ ‬الرقم‭ ‬‭ ‬171‭ ‬قتيلاً‭ ‬ومئات‭ ‬الجرحى‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وحدها‭ ‬‭ ‬لم‭ ‬يحظ‭ ‬بتغطية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية،‭ ‬لكن‭ ‬الضحايا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المتزايدين‭ ‬سجلوا‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وحركات‭ ‬المقاومة‭ ‬التابعة‭ ‬لهم‭.‬

ومع‭ ‬تزايد‭ ‬الغضب‭ ‬والدعوات‭ ‬للانتقام‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬العاديين،‭ ‬واصلت‭ ‬قيادتهم‭ ‬لعب‭ ‬دورها‭ ‬التقليدي‭ ‬نفسه‭ -‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬تهدئة‭ ‬الدعوات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬للمقاومة،‭ ‬مع‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬‮«‬التنسيق‭ ‬الأمني‮»‬‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭.‬

واصل‭ ‬رئيس‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ (‬88‭ ‬عاما‭) ‬تكرار‭ ‬اللغة‭ ‬القديمة‭ ‬بشأن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬و«عملية‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬قام‭ ‬بقمع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬تجرأوا‭ ‬على‭ ‬الاحتجاج‭ ‬على‭ ‬قيادته‭ ‬غير‭ ‬الفعالة‭.‬

وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬يمينية‭ ‬متطرفة‭ ‬ذات‭ ‬أجندة‭ ‬مفتوحة‭ ‬لسحق‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتوسيع‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬ومنع‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬اضطر‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬استراتيجياتهم‭ ‬الدفاعية‭ ‬الخاصة‭.‬

ازدادت‭ ‬قوة‭ ‬‮«‬عرين‭ ‬الأسود‮»‬‭ -‬وهي‭ ‬مجموعة‭ ‬مقاومة‭ ‬متعددة‭ ‬الفصائل‭ ‬ظهرت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نابلس‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2022‭. ‬وظهرت‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬مجموعات‭ ‬أخرى،‭ ‬قديمة‭ ‬وجديدة،‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬شمال‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وكان‭ ‬هدفها‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬توحيد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حول‭ ‬أجندة‭ ‬غير‭ ‬فئوية،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬إنتاج‭ ‬قيادة‭ ‬فلسطينية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

وقد‭ ‬دقت‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬أجراس‭ ‬الإنذار‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭. ‬تحرك‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بسرعة‭ ‬لسحق‭ ‬التمرد‭ ‬المسلح‭ ‬الجديد،‭ ‬حيث‭ ‬داهم‭ ‬المدن‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬الواحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬الوليدة‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬فاشلة‭ ‬أخرى‭ ‬لتحدي‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭.‬

وقد‭ ‬سمح‭ ‬بالغزوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬نابلس‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬فبراير،‭ ‬وفي‭ ‬أريحا‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬أغسطس،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬جنين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

كان‭ ‬الغزو‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لجنين‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬يذكرنا،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬ودرجة‭ ‬الدمار،‭ ‬بالغزو‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لذلك‭ ‬المخيم‭ ‬ذاته‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2002‭.‬

لكن‭ ‬النتيجة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭. ‬ففي‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬اجتاحت‭ ‬مخيم‭ ‬جنين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بلدات‭ ‬فلسطينية‭ ‬أخرى‭ ‬ومخيمات‭ ‬اللاجئين،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬سحق‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة‭ ‬سنوات‭ ‬تالية‭.‬

وهذه‭ ‬المرة،‭ ‬لم‭ ‬يسفر‭ ‬الغزو‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬إشعال‭ ‬تمرد‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقا‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الانقسام‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬المتدهورة‭ ‬بالفعل‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وعباس‭ ‬وسلطته‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭.‬

وبالفعل،‭ ‬فبعد‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬هجومها‭ ‬على‭ ‬المخيم،‭ ‬ظهر‭ ‬عباس‭ ‬مع‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬قواته‭ ‬لتحذير‭ ‬اللاجئين‭ ‬الثكالى‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬اليد‭ ‬التي‭ ‬ستكسر‭ ‬وحدة‭ ‬الشعب‭.. ‬سوف‭ ‬تُقطع‭ ‬من‭ ‬ذراعها‮»‬‭.‬

ولكن‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬زخم‭ ‬التحركات‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بدأت‭ ‬تقارير‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬وضعها‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬الراحل‭ ‬لحماس،‭ ‬صالح‭ ‬العاروري،‭ ‬لإشعال‭ ‬فتيل‭ ‬انتفاضة‭ ‬مسلحة‭ ‬واسعة‭.‬

وكان‭ ‬الحل،‭ ‬بحسب‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬يديعوت‭ ‬أحرونوت‮»‬‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬رسمية‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬هو‭ ‬قتل‭ ‬صالح‭ ‬العاروري‭.‬

والواقع‭ ‬أن‭ ‬اهتمام‭ ‬إسرائيل‭ ‬واستراتيجيتها‭ ‬المضادة‭ ‬كان‭ ‬يتركز‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬حيث‭ ‬بدت‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬إسرائيل،‭ ‬غير‭ ‬مهتمة‭ ‬بمواجهة‭ ‬شاملة‭.‬

ولكن‭ ‬لماذا‭ ‬توصلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاستنتاج؟

 

الحسابات‭ ‬الخاطئة

لقد‭ ‬وقعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬الكبرى،‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬إلى‭ ‬الرد،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬مسلح‭ ‬جدي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

وفي‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬أدت‭ ‬إسرائيل‭ ‬اليمين‭ ‬الدستورية‭ ‬لأكثر‭ ‬حكوماتها‭ ‬اليمينية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭. ‬وصل‭ ‬الوزراء‭ ‬اليمينيون‭ ‬المتطرفون،‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬وبتسلئيل‭ ‬سموتريش‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬بأهداف‭ ‬معلنة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬ضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وفرض‭ ‬السيطرة‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭ ‬المقدسة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمسيحية،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬سموتريتش،‭ ‬وإنكار‭ ‬وجود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تُرجمت‭ ‬تعهداتهم‭ ‬إلى‭ ‬أفعال‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭. ‬وحرص‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬دائرته‭ ‬الانتخابية‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬استيلاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬أصبح‭ ‬وشيكًا‭.‬

وقام‭ ‬نفس‭ ‬الوزير‭ ‬المتطرف‭ ‬مرارا‭ ‬بمداهمة‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬أو‭ ‬أمر‭ ‬بمداهمته‭ ‬بوتيرة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭. ‬وكانت‭ ‬أعنف‭ ‬هذه‭ ‬المداهمات‭ ‬وأكثرها‭ ‬إذلالاً‭ ‬قد‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬4‭ ‬أبريل،‭ ‬عندما‭ ‬تعرض‭ ‬المصلون‭ ‬للضرب‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الجنود‭ ‬أثناء‭ ‬الصلاة‭ ‬داخل‭ ‬المسجد‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭.‬

وهددت‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بالانتقام‭. ‬وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬باتجاه‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬سوى‭ ‬بمثابة‭ ‬تذكير‭ ‬رمزي‭ ‬بأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬متحدون،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬موقعهم‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬الجغرافية‭ ‬لفلسطين‭ ‬التاريخية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تجاهلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الرسالة،‭ ‬واستخدمت‭ ‬التهديدات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالانتقام،‭ ‬و«هجمات‭ ‬الذئاب‭ ‬المنفردة‮»‬‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬لآخر‭ -‬مثل‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬نفذه‭ ‬مهند‭ ‬المزارعة‭ ‬في‭ ‬مستوطنة‭ ‬معاليه‭ ‬أدوميم‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ - ‬كرأس‭ ‬مال‭ ‬سياسي‭ ‬لإشعال‭ ‬الحماسة‭ ‬الدينية‭ ‬للإسرائيليين‭. ‬

ولا‭ ‬يبدو‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬وفاة‭ ‬السجين‭ ‬السياسي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬خضر‭ ‬عدنان‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬قد‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬موقف‭ ‬حماس‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البعض‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خلافا‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬والجهاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬عدنان‭ ‬نتيجة‭ ‬إضرابه‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬الرملة‭.‬

وفي‭ ‬اليوم‭ ‬نفسه،‭ ‬أطلق‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬صواريخ‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬عدنان‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬أعضائه‭. ‬وردت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بمهاجمة‭ ‬مئات‭ ‬الأهداف‭ ‬داخل‭ ‬غزة،‭ ‬معظمها‭ ‬منازل‭ ‬مدنية‭ ‬وبنية‭ ‬تحتية،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬33‭ ‬فلسطينيا‭ ‬وإصابة‭ ‬147‭ ‬آخرين‭.‬

تم‭ ‬إعلان‭ ‬الهدنة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬13‭ ‬مايو‭ ‬2023،‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬دون‭ ‬مشاركة‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬حماس،‭ ‬ما‭ ‬أعطى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الطمأنينة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بأن‭ ‬هجومها‭ ‬الدموي‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬قد‭ ‬حقق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬هدف‭ ‬عسكري‭ -‬يشار‭ ‬إليه‭ ‬غالبًا‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬قص‭ ‬العشب‮»‬‭ -‬ولكنه‭ ‬هدف‭ ‬سياسي،‭ ‬أيضًا‭.‬

ولكن‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬التقدير‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬كان‭ ‬خاطئاً،‭ ‬كما‭ ‬تشهد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الهجمات‭ ‬المنسقة‭ ‬جيداً‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭    ‬2023‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والتي‭ ‬استهدفت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬والمستوطنات‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

ولكن‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬حماس‭ ‬خادعة‭ ‬بإخفاء‭ ‬أهدافها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الفعلية‭ ‬تحسبا‭ ‬لذلك‭ ‬الحدث‭ ‬الكبير‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م؟

 

طوفان‭ ‬هادر

إن‭ ‬التمعن‭ ‬السريع‭ ‬لتصريحات‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬وخطابها‭ ‬السياسي‭ ‬يظهر‭ ‬أن‭ ‬الحركة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تتكتم‭ ‬كثيراً‭ ‬بشأن‭ ‬تحركاتها‭ ‬المستقبلية‭.‬

قبل‭ ‬أسبوعين‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وفي‭ ‬اجتماع‭ ‬حاشد‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يوم‭ ‬14‭ ‬ديسمبر،‭ ‬وجه‭ ‬زعيم‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬يحيى‭ ‬السنوار،‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭: ‬‮«‬سوف‭ ‬نأتي‭ ‬إليكم‭ ‬في‭ ‬الطوفان‭ ‬المتلاطم‭. ‬سنأتي‭ ‬إليكم‭ ‬بصواريخ‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها؛‭ ‬سنأتي‭ ‬إليك‭ ‬في‭ ‬طوفان‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الجنود‮…‬‭ ‬مثل‭ ‬المد‭ ‬المتكرر‮»‬‭.‬

كان‭ ‬الرد‭ ‬الفوري‭ ‬على‭ ‬هجوم‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬هو‭ ‬التضامن‭ ‬الأمريكي‭ ‬الغربي‭ ‬المتوقع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والدعوات‭ ‬للانتقام،‭ ‬والتدمير‭ ‬الكامل‭ ‬والإبادة‭ ‬لغزة،‭ ‬وإعادة‭ ‬إحياء‭ ‬خطط‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ -‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وكذلك‭ ‬إلى‭ ‬الأردن‭.‬

وأسفرت‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬عن‭ ‬خسائر‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬مقارنة‭ ‬بجميع‭ ‬الحروب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭.‬

وسرعان‭ ‬ما‭ ‬بدأ‭ ‬استخدام‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المثقفين‭ ‬والناشطين،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬خبراء‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

كتب‭ ‬راز‭ ‬سيغال،‭ ‬الأستاذ‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬دراسات‭ ‬المحرقة‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ستوكتون،‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬أكتوبر،‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬‭: ‬‮«‬إن‭ ‬هجوم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬واضح‭ ‬تمامًا،‭ ‬ومفتوح‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬فعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭. ‬قال‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬أنطونيو‭ ‬غوتيريش‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬8‭ ‬نوفمبر‭ ‬إن‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭: ‬‮«‬لا‭ ‬تملك‭ ‬المال‭ ‬ولا‭ ‬القوة‮»‬‭ ‬لمنع‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬محتملة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

وفي‭ ‬جوهر‭ ‬الأمر،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬فعلياً‭ ‬تعطيل‭ ‬الأنظمة‭ ‬القانونية‭ ‬والسياسية‭ ‬الدولية،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬عرقلة‭ ‬كل‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬للمطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬فوري‭ ‬ودائم‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحلفاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬الغربيين‭ ‬الآخرين‭.‬

ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬الذين‭ ‬يتضورون‭ ‬جوعاً‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ -‬وكلهم‭ ‬محرومون‭ ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقديرات‭ ‬برنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‭ ‬الصادرة‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬نوفمبر‭ -‬قاوم‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬مقاومتهم‭ ‬على‭ ‬مهاجمة‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الغزاة‭ ‬أو‭ ‬نصب‭ ‬كمين‭ ‬لهم‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬الأسطوري‭ ‬للسكان‭ ‬الذين‭ ‬رفضوا‭ ‬الضعف‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬للتهجير‭.‬

 

صمود

واستمر‭ ‬هذا‭ ‬الصمود،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬مهاجمة‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬وكل‭ ‬مكان‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬أماكن‭ ‬آمنة‮»‬‭ ‬للسكان‭ ‬المدنيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬استهدافهم‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية‭. ‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬3‭ ‬ديسمبر،‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فولكر‭ ‬تورك،‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مكان‭ ‬آمن‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬تكررت‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬كثيرًا‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬مسؤولين‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عبارات‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬غزة‭ ‬أصبحت‭ ‬مقبرة‭ ‬للأطفال‮»‬‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬اليونيسف‭ ‬جيمس‭ ‬إلدر‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬31‭ ‬أكتوبر‭.‬

ولم‭ ‬يترك‭ ‬هذا‭ ‬أمام‭ ‬غوتيريس‭ ‬أي‭ ‬خيار‭ ‬آخر‭ ‬سوى‭ ‬تفعيل‭ ‬المادة‭ ‬99،‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬6‭ ‬ديسمبر،‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬‮«‬بلفت‭ ‬انتباه‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مسألة‭ ‬يرى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تهدد‭ ‬صون‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الدوليين‮»‬‭.‬

كما‭ ‬امتد‭ ‬العنف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والصمود‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أيضًا‭. ‬وإدراكاً‭ ‬منه‭ ‬لاحتمال‭ ‬قيام‭ ‬مقاومة‭ ‬مسلحة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬سارع‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إلى‭ ‬شن‭ ‬غارات‭ ‬كبيرة‭ ‬ومميتة‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬البلدات‭ ‬والقرى‭ ‬ومخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬المئات‭ ‬وجرح‭ ‬الآلاف‭ ‬واعتقال‭ ‬آلاف‭ ‬آخرين‭.‬

لكن‭ ‬غزة‭ ‬ظلت‭ ‬مركزاً‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬الهدنة‭ ‬الإنسانية‭ ‬القصيرة‭ ‬التي‭ ‬امتدت‭ ‬من‭ ‬الرابع‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬إلى‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬ديسمبر،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬تبادل‭ ‬قليلة‭ ‬للأسرى،‭ ‬فإن‭ ‬المعركة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬غزة‭ ‬ـ‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مستقبل‭ ‬فلسطين‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ـ‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مستمرة،‭ ‬وبثمن‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬والدمار‭.‬

ويدرك‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬تمام‭ ‬الإدراك‭ ‬أن‭ ‬المعركة‭ ‬الحالية‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تعني‭ ‬نكبة‭ ‬جديدة،‭ ‬مثل‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬أو‭ ‬بداية‭ ‬عكس‭ ‬تلك‭ ‬النكبة‭ ‬ذاتها‭ -‬كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تحرير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬نير‭ ‬الاستعمار‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعبر‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬عزمها‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬وإلى‭ ‬الأبد،‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬تصميم‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬نيل‭ ‬حريته‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭.‬

 

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬كاتب‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا