العدد : ١٧٠٩٢ - الأربعاء ٠٨ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٢ - الأربعاء ٠٨ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ستون عاما على انطلاقة حركة «فتح»

بقلم: عاطف أبو سيف {

الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

‭ ‬تمر‭ ‬ذكرى‭ ‬انطلاقة‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬فيما‭ ‬يواصل‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬حربه‭ ‬المسعورة‭ ‬ضد‭ ‬شعبنا‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وفيما‭ ‬قناعة‭ ‬الناس،‭ ‬بأن‭ ‬مسؤوليات‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬تتعاظم‭ ‬مع‭ ‬الوقت،‭ ‬لأن‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كما‭ ‬دائماً‭ ‬أمام‭ ‬ثقة‭ ‬الجمهور‭ ‬بها‭ ‬وتوقعهم‭ ‬منها‭.‬

ستون‭ ‬عاماً‭ ‬وفتح‭ ‬التنظيم‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وربما‭ ‬هي‭ ‬التنظيم‭ ‬السياسي‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬حافظ‭ ‬على‭ ‬قيادته‭ ‬لدولة‭ ‬عربية‭ ‬طوال‭ ‬تلك‭ ‬المدة‭ ‬دون‭ ‬تراجع‭. ‬فقد‭ ‬انتهى‭ ‬البعض‭ ‬وفشل‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬وتراجع‭ ‬البعض‭ ‬الثالث‭ ‬وظلت‭ ‬فتح‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬خطاب‭ ‬التحرر‭ ‬لشعبها‭.‬

وكما‭ ‬يطيب‭ ‬للفتحاويين‭ ‬أن‭ ‬يقولوا‭ ‬فإن‭ ‬فتح‭ ‬فيها‭ ‬شيء‭ ‬لله‭ ‬بالعبارة‭ ‬الشعبية،‭ ‬إنها‭ ‬دماء‭ ‬شهدائها‭ ‬الزكية‭ ‬التي‭ ‬روت‭ ‬تراب‭ ‬فلسطين‭ ‬وكل‭ ‬تراب‭ ‬معركة‭ ‬خاضها‭ ‬شعبنا‭. ‬إن‭ ‬فتح‭ ‬فيها‭ ‬شيء‭ ‬لله‭ ‬لأنها‭ ‬التنظيم‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يقيس‭ ‬الأشياء‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬فلسطيني‭ ‬بحت‭.‬

يمكن‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬متدينا‭ ‬أو‭ ‬اشتراكيا‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬لكن‭ ‬خذ‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬وطنيتها‭ ‬وامضِ‭ ‬وواصل‭ ‬نضالك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحرير‭ ‬البلاد‭.‬

لذلك‭ ‬ليس‭ ‬عجباً‭ ‬أن‭ ‬فتح‭ ‬التنظيم‭ ‬الوحيد‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬وطن‮»‬‭ ‬في‭ ‬اسمه‭ ‬فهي‭ ‬حركة‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭ ‬وليس‭ ‬الإسلامي‭ ‬وليس‭ ‬الاشتراكي‭ ‬وليس‭ ‬القومي‭ ‬ولا‭ ‬الشعبي،‭ ‬فهي‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬طريق‭ ‬الحرية‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬للوطن‭ ‬لا‭ ‬يمر‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭.‬

لذلك‭ ‬ظلت‭ ‬فتح‭ ‬تنظيم‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الأول‭. ‬حتى‭ ‬حين‭ ‬تخسر‭ ‬فتح‭ ‬الانتخابات‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تخسر‭ ‬الجماهير،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬نسبتها‭ ‬في‭ ‬الصناديق‭ ‬كانت‭ ‬توازي‭ ‬قوة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬النسبية،‭ ‬وفتح‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬الجماهير‭ ‬تعاقبها‭ ‬بعدم‭ ‬التصويت‭ ‬لأنها‭ ‬تريد‭ ‬لفتح‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬ولأنها‭ ‬تتوقع‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.‬

لذلك‭ ‬خسرت‭ ‬فتح‭ ‬الانتخابات‭ ‬ولم‭ ‬تخسر‭ ‬الجماهير‭ ‬وربما‭ ‬ذكرى‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬الأولى‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬خرج‭ ‬الناس‭ ‬بمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬يهتفون‭ ‬لتنظيم‭ ‬الجماهير‭ ‬الذي‭ ‬يريدون‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬قيادتهم‭ ‬رغم‭ ‬خسارة‭ ‬فتح‭ ‬الموقع،‭ ‬أي‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

أيضاً‭ ‬في‭ ‬ذكرى‭ ‬انطلاقة‭ ‬فتح‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2013،‭ ‬خرج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬للاحتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬فتح‭ ‬في‭ ‬الكتيبة،‭ ‬وكنت‭ ‬وقتها‭ ‬مسؤول‭ ‬العلاقات‭ ‬الوطنية‭ ‬للحركة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬وأتذكر‭ ‬الحوارات‭ ‬التي‭ ‬دارت‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬الشهيد‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬بحضور‭ ‬ممثلي‭ ‬الفصائل‭.‬

لم‭ ‬يتوقع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬الناس‭ ‬بهذه‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فتح‭. ‬ليلتها‭ ‬سألني‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نقبل‭ ‬أن‭ ‬نقيم‭ ‬حفل‭ ‬الانطلاقة‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬مغلقة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬ملعب‭ ‬اليرموك‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭.‬

قلت‭ ‬ببساطة‭ ‬لأن‭ ‬حجم‭ ‬فتح‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬وبعد‭ ‬تنظيم‭ ‬الفعالية‭ ‬التي‭ ‬أشرف‭ ‬عليها‭ ‬مفوض‭ ‬التعبئة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬الدكتور‭ ‬نبيل‭ ‬شعث‭ ‬أتذكر‭ ‬مسؤولاً‭ ‬مصرياً‭ ‬سألني‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أعرف‭ ‬لماذا‭ ‬خرجت‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬انطلاقة‭ ‬فتح‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬ينتظر‭ ‬جوابي‭ ‬إذ‭ ‬واصل‭ ‬القول‭ ‬لأن‭ ‬الناس‭ ‬تؤمن‭ ‬وتثق‭ ‬بفتح‭. ‬ووقتها‭ ‬سألني‭ ‬الآتي‭: ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬فتح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬توقعات‭ ‬الناس‭ ‬منها؟‭ ‬خضنا‭ ‬في‭ ‬نقاش‭ ‬طويل‭ ‬معه‭ ‬وقتها‭ ‬أنا‭ ‬وإخوتي‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬الحركة‭ ‬وقلنا‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬لكنني‭ ‬أعرف‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬نفسي‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬إجابات‭ ‬أكبر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬السؤال‭ ‬حيث‭ ‬يظل‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬قائماً‭ ‬دائماً‭.‬

تمر‭ ‬ذكرى‭ ‬فتح‭ ‬الستون‭ ‬وشعبنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يذبح‭ ‬ويقتل‭ ‬وفتح‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬أخذ‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬لحماية‭ ‬شعبنا‭.‬

وطالما‭ ‬فتح‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬خطاباً‭ ‬مختلفاً‭ ‬ومشتبكاً‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الفهم‭ ‬فإنها‭ ‬تخون‭ ‬الجماهير‭ ‬التي‭ ‬تثق‭ ‬بها،‭ ‬وتريدها‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬مستقبلهم‭. ‬يجب‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬أن‭ ‬تمتلك‭ ‬الجرأة‭ ‬لتقود‭ ‬مرحلة‭ ‬جدية‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬والنضالي‭.‬

وحدها‭ ‬فتح‭ ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭. ‬

لماذا‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬المسؤولية‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬وحدها؟‭ ‬ببساطة‭ ‬لأن‭ ‬فتح‭ ‬وحدها‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ولأن‭ ‬شعبنا‭ ‬يتوقع‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬وحدها‭ ‬ذلك،‭ ‬والأهم‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬ومهمة‭ ‬عمل‭ ‬التنظيم‭ ‬الطليعي‭ ‬وتنظيم‭ ‬الجماهير‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬فتح‭.‬

على‭ ‬فتح‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تنقذ‭ ‬شعبنا‭ ‬وتقدم‭ ‬حلولاً‭ ‬عملية‭ ‬لأزماته‭ ‬أما‭ ‬أن‭ ‬تجلس‭ ‬وتفكر‭ ‬وتصدر‭ ‬عنها‭ ‬مواقف‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬جملاً‭ ‬سياسية‭ ‬ووطنية‭ ‬صلبة‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يفيد‭ ‬فتح‭.‬

فتح‭ ‬وهي‭ ‬تدخل‭ ‬عامها‭ ‬الحادي‭ ‬والستين‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬ملياً‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تريد‭ ‬فعلاً‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬تنظيم‭ ‬الجماهير‭ ‬والمعبرة‭ ‬عنه،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬تريد‭ ‬ذلك‭ ‬فعليها‭ ‬أن‭ ‬تصوغ‭ ‬خطاباً‭ ‬إعلامياً‭ ‬حقيقياً‭ ‬يعبر‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬يقدر‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وأظن‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬الإعلامية‭ ‬برمتها‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬وتصويب‭.‬

أول‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حماية‭ ‬شعبنا‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وعلى‭ ‬فتح‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬التصورات‭ ‬حول‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬منطق‭ ‬فتح‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يلقى‭ ‬آذانا‭ ‬ووقعا‭ ‬عند‭ ‬الناس‭ ‬وليس‭ ‬خطابات‭ ‬البلاغة‭ ‬المفرغة‭ ‬والمقعرة‭ ‬التي‭ ‬يقولها‭ ‬الآخرون‭.‬

 

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا