عالم يتغير
فوزية رشيد
سوريا بين فرحة التغيير وهواجس القادم!
{ الأحداث المتسارعة في سوريا خلال أيام معدودة أثارت استغراب العالم، بل وحتى المعارضة المسلحة نفسها! يراها البعض تشي بكثير من الاحتمالات وخاصة بما شابها من غرابة في سرعة حركتها التي وقعت خلالها في غضون أيام، أكبر المدن السورية مثل حلب وإدلب وحماة وبعدها حمص حتى إذا اقتربت من دمشق تسارعت الأحداث أكثر وخلال ساعات دخلت قوات هيئة تحرير الشام داخل دمشق إعلانا بسقوط نظام عائلة الأسد الذي دام 54 عاما فيما دام نظام بشار 24 عاما من 2000 إلى 2024 لتتضح أن إشاعات هروبه أصبحت مؤكدة بإعلان روسيا أنه تم قبول لجوئه هو وعائلته في موسكو!
{ تحولات سريعة لكأنه مخاض طويل لثورة الشعب السوري التي دامت منذ 2011 وأوشك النظام على السقوط في 2015 لولا التدخلات الإيرانية وحزب الله وروسيا! فإذا بالمشهد يتغير فجأة بعد إبرام اتفاق الهدنة بين لبنان والكيان الصهيوني فيبزغ فجأة في الإعلام العالمي اسم الجولاني الذي يقود هيئة تحرير الشام فيدخل المدن السورية بعنوان التحرير فيما الجيش السوري يترك مساحات وجوده فارغة حتى في دمشق وضواحيها ولكأن دخول الجولاني كان متفقا عليه! ومر بسلاسة دون مقاومة حقيقية أو حتى شبه حقيقية من الجيش السوري!
{ بهجة الشعب السوري عمت الشوارع والمدن كلها وتحولت ساحة الأمويين إلى إعلان البهجة العارمة، فيما كانت السجون والمعتقلات وأهمها سجن صيدنايا التي تكاثرت الحكايات المأساوية فيه وحوله وما شابه من ظلام التعذيب والأسر والإعدامات واغتصاب حرائر سوريا! بل إن الكاميرات كشفت عن معتقلات أخرى كثيرة منها سجن أسفل السفارة الإيرانية! وسجن أسفل مكتب ماهر الأسد أخ الرئيس السابق بشار! ولكأن تلك السجون في أقببتها وظلامية ما دار فيها اختزلت الكثير من عذابات ومكابدات الشعب السوري الذي تحول أغلبه بين لاجئ ونازح ومهاجر ومن بقي عاش مرارة الجوع والحصار وحياة الخيام والأمكنة المدمرة دون سقف يأويه!
{ لذلك كانت فرحة الشعب السوري بسقوط نظام الأسد فرحة استثنائية طال أمد انتظارها، وشاركت كل الشعوب العربية تلك الفرحة لبزوغ فجر جديد لسوريا التي كانت مرتهنة لنظام دموي ولجرائم إيران وأذرعها خاصة حزب اللات ولمصالح إقليمية ودولية عاثت إرهابا وفسادا وإفسادا على حساب حياة الشعب السوري الذي يستحق بجدارة صبره وتاريخه وحضارته ما ينتظره في وطنه! وما وعدت به المعارضة بعد إسقاط النظام من التغيير الإيجابي في هيكلية الدستور وعودة السيادة والاستقلال ووحدة الشعب والأراضي السورية.
{ وفي ظل نشوة الشعب السوري الذي لا يملك إلا التفاؤل بصناعة مستقبله الجديد وبدعم سعودي خليجي منتظر إلى حين اكتمال عودته إلى الحضن العربي، وانكشاف الغموض حول القادم ومدى قدرة المعارضة «هيئة تحرير الشام» على تنفيذ الوعود بعد دخولها السلطة بعيدا عن صراعات المليشيات وفوضى المشهد بتدخلات مرشحة من أمريكا والكيان الصهيوني وتركيا! بما يضع القاطرة السورية على خط التقسيم!
{ والهواجس الأخرى التي تثير القلق تطل برأسها اليوم خوفا من تحول سوريا إلى بؤرة إرهاب جديد تعج بالفصائل والمليشيات! وتهدد ليس فقط استقراره ووحدة سوريا وإنما الدول المجاورة! أو أن يصل صراعها المستقبلي إلى نشوب حرب أهلية! وخاصة أن اليد التركية من جهة واليد الأمريكية من جهة أخرى واليد الصهيونية للكيان متشابكة مع العديد من فصائل هيئة تحرير الشام والمخاوف من عودة داعش فزاعة للتدخلات الدولية بحجة محاربة الإرهاب وحيث الجولاني تاريخيا كان من عناصر القاعدة مرة وداعش مرة أخرى ثم تنظيم النصرة الذي انشق عنها جميعا الجولاني ليشكل جبهة تحرير الشام ثم هيئة تحرير الشام التي تضم 27 تنظيما مليشياويا! كل ذلك وغيره إلى جانب الصراع الدولي بين روسيا وأمريكا والأطماع التركية وأطماع الكيان الصهيوني الذي سارع بدخول أرض سوريا بحجة أمنها! إلى جانب تحركات إيرانية من خلال وكلائها بعد أن خسرت سوريا، كل ذلك يثير هواجس القلق من القادم ولنا حولها وقفة أخرى! ودون التقليل من الفرح المستحق الذي يعيشه الشعب السوري حاليا!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك