عالم يتغير
فوزية رشيد
أمن الخليج العربي واستقراره والمنطقة العربية!
{ قمة مجلس التعاون في الكويت جاءت والتحديات السياسية والأمنية تزداد صعوبة مع دخول سوريا مجددا إلى خط الأزمة أو الفوضى بما يعيد المشهد إلى الأجواء الساخنة في 2011! والتي أدت في النهاية إلى تدمير كبير في بنيتها التحتية ونزوح الملايين من شعبها وخروج ملايين أخرى إلى بلدان اللجوء! ولعل الدرس القاسي الذي أخذته دول المنطقة العربية من فوضى أحداث ما سمي بالربيع العربي والذي أدى إلى ترسيخ الفوضى والمتغيرات الجيوسياسية ودمار عديد من الدول العربية وخروجها من دائرة الأمن والاستقرار هو ما يجعل اليوم دول الخليج العربي حريصة على التصدي لكل التحديات السياسية والأمنية وتحقيق الاستقرار لأنها وحدها اليوم وبعد إعادة مخططات التدمير التي نالت غزة منها النصيب الأكبر، ثم لبنان واليوم سوريا تقف وحدها متماسكة حتى الآن فيما دول المنطقة تتدحرج مجددا نحو ساحة الأزمات الكبرى التي لا يعرف أحد من سيكون عليه الدور بعد فلسطين ولبنان وسوريا واستهداف البنية التحتية فيها بشكل متعمد وإحداث التدمير الكامل وقتل المدنيين بما لا يتناسب مع حجة مواجهة إيران ومليشياتها!
{ من المهم بذل كل المساعي الخليجية والعربية لوضع الحلول السلمية العادلة سواء بما يخص فلسطين والشعب الفلسطيني أو بما يخص وحدة الأراضي في لبنان وسوريا وضمان السيادة على كامل الأراضي في البلدين وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية لأن الخليج القوي لا يمكن أن يحافظ على قوته إلا باستقرار المنطقة وفك الأزمات في الدول العربية المحيطة به! والمنطق يقول إن الحلقات المتراصة إن ضعفت أو تدمرت فلن يبقى للحلقة القوية قدرتها على البقاء بشكل قوي في ظل الضعف والإضعاف المتعمد من جانب المصالح الدولية المتضاربة التي ما إن تفكك الحلقات العربية الأضعف حتى تلتفت إلى استهداف الخليج العربي نفسه! وهذا يؤكد أن الأمن العربي مترابط رغم كل المقولات التي تضع الأمن القومي العربي على رف التهميش والنسيان! ومن لا يصدِّق فليراجع خطابات الصهاينة!
{ لكي يبقى الخليج العربي آمنا ومستقرا فإن دوره تجاه نفسه يرتبط بدوره العربي والإقليمي والدولي! وحيث كما جاء في إعلان الكويت أول شهر ديسمبر وهو يعطي القيمة الحقيقية لتعزيز وتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والحفاظ على الهوية والموروث الخليجي والثقافة العربية الأصيلة ومنظومة القيم الإسلامية وتعزيز التكامل في مجالات الذكاء الاصطناعي والابتكار والاقتصاد الرقمي وإعطاء الأهمية لدور الجامعات ومراكز الأبحاث والمفكرين وقادة الرأي فإن كل ذلك يحتاج اليوم وبناء على المنجزات الخليجية السابقة إلى الانتقال من التعاون إلى الاتحاد والتكامل الحقيقي وخاصة أن الخليج العربي في ظل ضعف وانهيار الوسط العربي المحيط وحده الصامد حتى الآن كما قلنا، ووحده الذي لا يمكن رغم كل الصعوبات والثغرات إلا أن يبقي مجلس التعاون قائما وناجحا ككيان عربي وحدوي!
{ مع تجربة الفوضى الأولى التي أطلقتها كوندليزا رايس، وخرجت دول عربية بسببها من قائمة الاستقرار إلى قائمة الدول الضعيفة والمنهارة فإن تجربة الفوضى الثانية التي أطلقها الكيان الصهيوني في غزة قبل أكثر من عام وصلت اليوم إلى المحطة السورية وقطار التدمير سائر في طريقه بقوة نحو تنفيذ خارطة نتنياهو وتصريحات متطرفي حكومته للوصول إلى جغرافيا الخليج العربي! وخاصة مع وصول ترامب بنسخته الثانية وقد صرح بدعم الكيان الصهيوني في كل تطلعاته حتى لو أدى إلى تدمير ليس غزة وحدها بما لم يشهده التاريخ سابقا، وإنما بدفع الشرق الأوسط أو المنطقة العربية ثمن الجحيم!
{ من هنا تنبع الأهمية في أن يبقى مجلس التعاون قويا ومتماسكا ومتوحدا في رؤيته الاستراتيجية تجاه التحديات القادمة والتحرك الجماعي خليجيا وعربيا وإسلاميا للضغط الحقيقي لتحقيق السلام في فلسطين ولبنان وسوريا، بل وفي السودان وليبيا وبقية حلقات الدول العربية التي دخلت ساحة التدمير الممنهج لإمكانياتها وسيادتها واستقلالها! وفي ظل المعرفة المؤكدة أن الخليج العربي لكي يبقى آمنا ومستقرا لابد من تحقيق الأمن العربي واستقراره دوله! ولابد من رؤية خليجية موحدة وتوحيد المواقف من الإدارة الأمريكية القادمة، ومن نسخة ترامب الجديدة! الذي يبدو أنه قادم بموقف أمريكي منحاز تماما للتطرف الصهيوني ومخططات كيانه في المنطقة! وحتى لا تنفرط حبات المسبحة فتتدحرج في القادم من الأيام دولا عربية أخرى بعد سوريا وحيث حجج التدمير الصهيونية تبتكر كل مرة أسبابا جديدة لاستهداف دولنا! وهي ذاتها التي تصنع الإرهاب وتدعم المليشيات ثم تأتي لتدمر دولنا بحجة محاربتها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك