بيروت (لبنان) - (أ ف ب): انسحبت القوات الحكومية السورية أمس الجمعة من مناطق سيطرتها في محافظة دير الزور، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ما أتاح للقوات الكردية التي تسيطر على مساحات واسعة من المحافظة التقدّم الى المناطق المخلاة. وبذلك، تكون محافظة دير الزور (شرق) أصبحت خارج سيطرة القوات الحكومية بالكامل. وفي نقس الوقت، تقدمت هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة نحو مدينة حمص، وباتت على بعد خمسة كيلومترات منها. وأعلن زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني أن هدف المعارضة «إسقاط النظام» السوري، في وقت تتقدّم قواته والفصائل المتحالفة معها نحو حمص، ثالث أكبر المدن في البلاد، بعد أن سيطرت خلال الأيام الماضية على حلب وحماه.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس: «انسحبت قوات النظام والمجموعات الموالية لطهران من مناطق سيطرتها الواقعة غرب نهر الفرات» الذي يقسم المحافظة إلى شطرين. وإثر ذلك «تقدمت» إلى تلك المناطق قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي تسيطر على المناطق الواقعة عند ضفاف الفرات الشرقية في المحافظة ذاتها. وكان المرصد أفاد في وقت سابق عن بدء انسحاب القوات الحكومية من مدينة دير الزور «بشكل مفاجئ»، في خطوة أعقبت خسائر ميدانية كبرى منيت بها دمشق في الأيام الأخيرة.
في محافظة درعا في الجنوب، التي تعد مهد الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عام 2011 ضد حكم بشار الأسد، أخلت القوات الحكومية حواجز في ثلاث بلدات على الأقل، بعد هجوم لمقاتلين محليين على مقرّات أمنية في المنطقة، وفق المرصد وناشط معارض. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: «انسحبت قوات النظام مع قادة مجموعات موالية لطهران بشكل مفاجئ من مدينة دير الزور وريفها». وأوضح أن «أرتال الجنود توجهت باتجاه منطقة تدمر» الواقعة شرق مدينة حمص. وتضمّ مدينة دير الزور مقرّات لمستشارين إيرانيين ومؤسسات ومراكز ثقافية.
ومحافظة دير الزور الغنية بحقول النفط مقسمة بين أطراف عدة، إذ تسيطر القوات الحكومية ومقاتلون إيرانيون ومجموعات موالية لهم على المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات الذي يقسم المحافظة إلى شطرين، فيما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، وهي فصائل كردية وعربية مدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، على المناطق الواقعة عند ضفافه الشرقية.
ومنذ اندلاع النزاع في سوريا في عام 2011، شكّلت إيران أحد أبرز داعمي الرئيس بشار الأسد، ووفرت له مساندة عسكرية واقتصادية ودبلوماسية. وساهم دورها في الميدان الى جانب حلفاء آخرين أبرزهم روسيا، في ترجيح الكفة لصالح قواته على جبهات عدة. في درعا جنوبا، سيطر مقاتلون من فصائل محلية معارضة على حواجز لقوات النظام في ثلاث بلدات تقع شمال وشرق مدينة درعا، بعد انسحاب عناصرها منها، وفق المرصد.
وجاء ذلك بعد هجوم شنّه مقاتلون محليون على مقرات أمنية رسمية في بلدة نوى الواقعة شمال درعا، ردّت عليه قوات النظام بقصف مدفعي طال الأحياء السكنية، بحسب المرصد. وقال ناشط معارض من المدينة لفرانس برس من دون الكشف عن هويته، إن مقاتلي الفصائل يعدّون لإطلاق غرفة عمليات عسكرية في الساعات المقبلة. وتُعدّ محافظة درعا التي شكّلت مهد الاحتجاجات الشعبية ضد السلطات في دمشق عام 2011، المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها جميع مقاتلي الفصائل المعارضة بعد استعادة قوات النظام السيطرة عليها في يوليو 2018، إذ وضع اتفاق تسوية رعته موسكو حدّا للعمليات العسكرية وأبقى على وجود مقاتلين معارضين احتفظوا بأسلحة خفيفة.
وقال الجولاني الذي بدأ يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع بدلا من لقبه العسكري، في حوار مع شبكة «سي إن إن» الأمريكية، «عندما نتحدث عن الأهداف، يبقى هدف الثورة إسقاط هذا النظام»، معتبرا أن الأخير «مات». وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة أن الجيش يحاول إبطاء تقدّم الفصائل السريع على الطريق الاستراتيجي الرابط بين حماة وحمص.
وفي حال سيطرت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها على حمص، فلن تبقى بين المناطق الاستراتيجية سوى العاصمة دمشق ومنطقة الساحل المطلة على البحر الأبيض المتوسط في أيدي حكومة الرئيس بشار الأسد. وقال المرصد إن فصائل المعارضة المسلحة باتت في الساعات الأخيرة على «بعد خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص بعد سيطرتها على الرستن وتلبيسة» الواقعتين على الطريق الواصل بين المدينتين. وأوضح أن «من شأن سيطرة الفصائل على مدينة حمص أن تقطع الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري»، معقل الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الرئيس بشار الأسد والتي تحكم سوريا منذ خمسة عقود.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك