العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

ردًا على مقال: ما بين رائحة الكتاب الورقي والرقمي.. علي الستراوي

بقلم: أحمد المؤذن

السبت ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

عـبر‭ ‬ملحق‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬الثقافي‮»‬،‭ ‬العدد‭ ‬16948‭ ‬الموافق‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬17‭ ‬أغسطس‭ ‬2024‭ ‬كتب‭ ‬الأخ‭ ‬علي‭ ‬الستراوي‭ ‬مقالته‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬ما‭ ‬بين‭ ‬رائحة‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬والرقمي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬ضمن‭ ‬مقارنة‭ ‬سريعة‭ ‬ذات‭ ‬بُعد‭ ‬عـاطفي‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬العالمين‭ ‬وضمنها‭ ‬دراسة‭ ‬أجنبية‭ ‬وضعت‭ ‬عالم‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬بمواجهة‭ ‬الكتاب‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬ومن‭ ‬صلب‭ ‬اهتمامي‭ ‬الشخصي‭ ‬بعالم‭ ‬الكتاب،‭ ‬أجدني‭ ‬منجذبًا‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تفضل‭ ‬به‭ ‬كاتب‭ ‬المقال‭ ‬رغـبة‭ ‬مني‭ ‬في‭ ‬مداخلة‭ ‬سريعة،‭ ‬عـلها‭ ‬تعطي‭ ‬القراء‭ ‬الفائدة‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬فأقول‭:‬

أتذكر‭ ‬هنا‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬الشاعـر‭ ‬والإعـلامي‭ ‬زاهي‭ ‬وهبي‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حلقة‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ (‬بيت‭ ‬القصيد‭) ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬فضائية‭ ‬الميادين‭.. ‬أنه‭ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬يتذوق‭ ‬الكتاب‭ ‬بحواسه‭ ‬الخمس‭.‬

أعـتقد‭ ‬أننا‭ ‬معشر‭ ‬المثقفين‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬في‭ ‬عقده‭ ‬الخامس‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬الستين‭ ‬عـامًـا‭ ‬فأكثر،‭ ‬كلنا‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬تلك‭ ‬الأجيال‭ ‬التي‭ ‬ربطتها‭ ‬عـلاقة‭ ‬حميمة‭ ‬مع‭ ‬الشكل‭ ‬والوعـاء‭ ‬التقليدي‭ ‬للمعرفة‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي،‭ ‬ارتباط‭ ‬قوي‭ ‬راسخ‭ ‬في‭ ‬المخيلة‭ ‬والوجدان‭ ‬وبأسلوب‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬مراحلنا‭ ‬الدراسية‭ ‬حتى‭ ‬بلوغـنا‭ ‬الحياة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬الحياة،‭ ‬بقي‭ ‬الكتاب‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تعارفنا‭ ‬عليه‭ ‬وألفناه‭ ‬حاملا‭ ‬للمعرفة‭ ‬والأدب‭ ‬ومتعـة‭ ‬القراءة‭ ‬والتلقي‭ ‬والتفاعـل‭ ‬مع‭ ‬كتابنا‭ ‬المفضلين‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الساحة‭ ‬المحلية‭ ‬والعربية‭ ‬على‭ ‬حـدٍ‭ ‬سواء‭ ‬ولكـن‭.‬

لنتوقف‭ ‬عـند‭ ‬هذه‭ ‬الجزئية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتذوق‭ ‬الكتاب‭ ‬والاقبال‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬شكله‭ ‬الورقي،‭ ‬هـل‭ ‬هي‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬أجيال‭ ‬أخرى‭ ‬أصغر‭ ‬سنًا؟‭ ‬لنأخذ‭ ‬هؤلاء‭ ‬ممن‭ ‬ولـد‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬الألفية‭ ‬الجديدة‭ ‬كعينـة‭ ‬ونقيس‭ ‬مستوى‭ ‬شغفهم‭ ‬بالكتاب‭ ‬الورقي،‭ ‬سنجد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬متعلق‭ ‬بجهاز‭ ‬‮«‬الكندل‭ ‬أو‭ ‬الجهاز‭ ‬اللوحي‭ ‬الذكي‭ ‬أو‭ ‬كومبيوتره‭ ‬المحمول‮»‬‭ ‬يحمل‭ ‬عبر‭ ‬ذاكرته‭ ‬الإلكترونية‭ ‬آلاف‭ ‬الكتب‭ ‬ويقرأ‭ ‬ويتفاعـل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬بحيوية‭ ‬ونشاط‭ ‬تضاهي‭ ‬تلك‭ ‬الأجيال‭ ‬الأكبر‭ ‬سنًا‭ ‬بحيث‭ ‬تجاوزتنا‭ ‬بمراحل‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬تعاطيـها‭ ‬مع‭ ‬أدوات‭ ‬عصرنا‭ ‬الراهـن‭ ‬وثورته‭ ‬التكنولوجية‭ ‬وسرعـتها‭ ‬الخرافية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬مواكبة‭ ‬تطوراتها‭ ‬والقفزات‭ ‬التي‭ ‬تحققها‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الصعـد‭. ‬

نتفق‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬الأخ‭ ‬‮«‬الستراوي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬للكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬صحوة‭ ‬ظلت‭ ‬تحمينا‭ ‬من‭ ‬وهـج‭ ‬الحاسوب‭ ‬الضار،‭ ‬فلا‭ ‬أشعـة‭ ‬تغـزو‭ ‬العيون‭ ‬وتسبب‭ ‬العمى،‭ ‬وأن‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬رف‭ ‬المكتبـة‭ ‬ينتظرك‭ ‬ليكون‭ ‬طـوع‭ ‬يديك‭ ‬وأن‭ ‬الكتب‭ ‬عـبر‭ ‬ميلادها‭ ‬التاريخي‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬عـمر‭ ‬إلى‭ ‬آخَـر‭ ‬وهي‭ ‬الأكثر‭ ‬بقاءً‭ ‬على‭ ‬تقلبات‭ ‬الزمن‭. ‬كـل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬مع‭ ‬احترامي‭ ‬‮«‬للستراوي‮»‬‭ ‬يمكن‭ ‬إدراجـه‭ ‬في‭ ‬إطـار‭ ‬محبـة‭ ‬خالصة‭ ‬وعـلاقة‭ ‬أصيلة‭ ‬مع‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬لكنها‭ ‬عـالقة‭ ‬في‭ ‬نطـاق‭ ‬محدوديـة‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬الشكـل‭ ‬التقليدي‭ ‬لتلقي‭ ‬المعرفـة‭.. ‬فإنسان‭ ‬هذا‭ ‬العصـر‭ ‬شرع‭ ‬يتفحص‭ ‬المضمون‭ ‬ويسعى‭ ‬إليـه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الموضوعـية‭ ‬البحتة‭ ‬غـير‭ ‬آبـه‭ ‬أو‭ ‬ملتفت‭ ‬إلى‭ ‬طبيعـة‭ ‬الوعـاء‭ ‬الذي‭ ‬يحفـظ‭ ‬المعلومة،‭ ‬ولا‭ ‬يتذوق‭ ‬وفـق‭ ‬مبدأ‭ ‬القارئ‭ ‬التقليدي‭ ‬‮«‬يقرأ‭ ‬بالحواس‭ ‬الخمس‮»‬‭ ‬أو‭ ‬يستنكـف‭ ‬عـن‭ ‬فعل‭ ‬التحصيل‭ ‬المعرفي‭.‬

فالكتاب‭ ‬الإلكتروني‭ ‬بالذات‭ ‬المقرصن‭ ‬وغـيره‭ ‬أصبح‭ ‬متوافرًا‭ ‬عـبر‭ ‬الشبكـة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬ميادين‭ ‬المعرفة‭ ‬وبكبسـة‭ ‬زر‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إليه‭ ‬وربما‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬جعـل‭ ‬معارض‭ ‬الكتاب‭ ‬العربية‭ ‬لدينا‭ ‬اليوم‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬تكدس‭ ‬المعروض‭ ‬كـل‭ ‬عـام‭ ‬وتشهد‭ ‬قلة‭ ‬إقبال‭ ‬جمهور‭ ‬القراء‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬الداخلة‭ ‬في‭ ‬صناعـة‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬بورصاتها‭ ‬لكوننا‭ ‬لا‭ ‬ننتج‭ ‬موادها‭ ‬الخام‭.‬

الحقيقـة‭ ‬المرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإقـرار‭ ‬بها‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬وجهـة‭ ‬نظـري‭ ‬وكم‭ ‬يؤلمني‭ ‬ذلك‭.. ‬أن‭ ‬عصر‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬آخـذ‭ ‬في‭ ‬الأفول‭ ‬بالرغـم‭ ‬من‭ ‬مكابرتنا‭ ‬وإصرارنا‭ ‬كمثقفين‭ ‬وكتاب‭ ‬على‭ ‬تجاهل‭ ‬حقائق‭ ‬الواقع،‭ ‬فالطفرات‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬نشهدها‭ ‬تفرض‭ ‬تحديات‭ ‬جمة‭ ‬على‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي،‭ ‬حتى‭ ‬سلوك‭ ‬القراء‭ ‬اليوم‭ ‬أضحت‭ ‬تسيطر‭ ‬عليه‭ ‬ثقافـة‭ ‬‮«‬الدليفري‮»‬‭ ‬وما‭ ‬عـاد‭ ‬يتعب‭ ‬نفسه‭ ‬كيما‭ ‬يدخل‭ ‬إلى‭ ‬مكتبة‭ ‬فيشتري‭ ‬كتابه‭ ‬المفضل‭. ‬نتمنى‭ ‬واقع‭ ‬أفضل‭ ‬للكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬في‭ ‬ظـل‭ ‬ما‭ ‬يعانيه‭ ‬أصلا‭ ‬من‭ ‬عـقبات‭ ‬تقليدية‭ ‬صارت‭ ‬قديمة‭ ‬وتحاصر‭ ‬انتشاره‭ ‬مثل‭ ‬صرامة‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬المضمون‭ ‬الفكري‭ ‬وتعقيد‭ ‬خدمات‭ ‬الشحن‭ ‬والتفريغ‭ ‬وغلاء‭ ‬أسعار‭ ‬الشحن‭ ‬الجوي‭ ‬وارتفاع‭ ‬سقف‭ ‬الضرائب‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬انتقال‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬إلى‭ ‬آخَـر‭ ‬وكلها‭ ‬مصائب‭ ‬جمة‭ ‬تشعل‭ ‬الرأس‭ ‬شيبًا‭ ‬تثبت‭ ‬بأن‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬صناعـة‭ ‬كاسدة‭ ‬تترك‭ ‬الكاتب‭ ‬العربي‭ ‬محاصرًا‭ ‬بفواتير‭ ‬خسائره‭ ‬وحينما‭ ‬يرحل‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا،‭ ‬توزع‭ ‬إصداراته‭ ‬مجانًـا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬تعزيـة‭ ‬ذويـه،‭ ‬‮«‬فتعسًـا‭ ‬لرزق‭ ‬الـكـتَـبة‭ ‬ما‭ ‬أتعـبه‮»‬‭! ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا