العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

على مسرح البحرين الوطني:
ألحان وحيد الخان.. وعودة الحياة إلى روح الموروث الشعبي البحريني

السبت ١٧ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

مثلما‭ ‬تمسُّ‭ ‬عصا‭ ‬الساحِر‭ ‬المُحترِف‭ ‬في‭ ‬الحكايات‭ ‬الأسطوريَّة‭ ‬الأشياء‭ ‬فتحوِّلها‭ ‬إلى‭ ‬كائنات‭ ‬تنبض‭ ‬فيها‭ ‬الحياة‭ ‬بجمالٍ‭ ‬يأسر‭ ‬الألباب؛‭ ‬مسَّت‭ ‬عصا‭ ‬القائد‭ ‬الموسيقي‭ ‬البحريني‭ ‬وحيد‭ ‬الخان‭ ‬مشاعر‭ ‬جمهوره‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬البحرين‭ ‬الوطني‭ ‬خلال‭ ‬حفل‭ ‬العودة‭ ‬للحياة،‭ ‬فانطلقَ‭ ‬الطفلُ‭ ‬السعيدُ‭ ‬من‭ ‬أعماقهم‭ ‬لتُراقص‭ ‬روحهُ‭ ‬تلك‭ ‬الألحان،‭ ‬وتزداد‭ ‬حماستهُ‭ ‬مع‭ ‬المقطوعات‭ ‬التي‭ ‬تطرق‭ ‬أبواب‭ ‬الحنين‭ ‬لموروثه‭ ‬الشعبي‭ ‬البحريني‭ ‬فيُكافئ‭ ‬الفرقة‭ ‬الموسيقية‭ ‬وقائدها‭ ‬بتصفيقٍ‭ ‬حارٍ‭ ‬يؤكد‭ ‬استحسانَه‭ ‬وانتعاش‭ ‬مزاجه‭ ‬الفني‭.‬

برفقة‭ ‬المايسترو‭ ‬الروسيَّة‭ ‬فيكتوريا‭ ‬دوبروفاسكايا،‭ ‬وأوركسترا‭ ‬سنت‭ ‬بيترز‭ ‬بيرغ‭ ‬الكلاسيكي‭ ‬الروسي،‭ ‬وفرقة‭ ‬ليكويد‭ ‬البحرينيَّة،‭ ‬ونُخبة‭ ‬من‭ ‬فرقة‭ ‬البحرين‭ ‬الموسيقيَّة‭ ‬التابعة‭ ‬لهيئة‭ ‬الثقافة‭ ‬والآثار،‭ ‬قدَّم‭ ‬المايسترو‭ ‬وحيد‭ ‬الخان‭ ‬باقة‭ ‬من‭ ‬مقطوعاته‭ ‬الموسيقية‭ ‬التي‭ ‬تمزج‭ ‬بين‭ ‬روح‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬بأسلوبٍ‭ ‬بديع‭ ‬ضمن‭ ‬فعاليات‭ ‬ربيع‭ ‬الثقافة‭ ‬2024م،‭ ‬كان‭ ‬منها‭ ‬مقطوعات‭: ‬العودة‭ ‬للحياة،‭ ‬صباحك‭ ‬الصبَّاحي،‭ ‬سعادة،‭ ‬متى؟‭ ‬آها‭! ‬دربك‭ ‬خضَر،‭ ‬البوشيَّة،‭ ‬الهبَّان‭ ‬وأُخرى،‭ ‬مُعلنًا‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬المقطوعات‭ ‬الباعثة‭ ‬على‭ ‬السعادة‭ ‬النائية‭ ‬عن‭ ‬الأحزان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحفل‭ ‬بوجهٍ‭ ‬خاص،‭ ‬ومُشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬مبادئه‭ ‬الفنيَّة‭ ‬بقوله‭: ‬إنني‭ ‬مؤمن‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أدوار‭ ‬الموسيقى‭ ‬والفنون‭ ‬بث‭ ‬الأمل‭ ‬والبهجة‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬الناس،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬البهجة‭ ‬التي‭ ‬نواها‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬أعماقه‭ ‬لجمهوره‭ ‬امتد‭ ‬تأثيرها‭ ‬من‭ ‬التفاعُل‭ ‬الودي‭ ‬المُباشر‭ ‬والمُتبادل‭ ‬بينهُ‭ ‬وبين‭ ‬الجمهور‭ ‬لتستولي‭ ‬على‭ ‬كيانه‭ ‬بصورةٍ‭ ‬مُضاعفة‭ ‬تجلَّت‭ ‬في‭ ‬قيادته‭ ‬الفرقة‭ ‬بروحٍ‭ ‬سعيدةٍ‭ ‬متوثبة‭ ‬فوق‭ ‬غيوم‭ ‬النجاح،‭ ‬لتذكرنا‭ ‬برأي‭ ‬الفنان‭ ‬عيسى‭ ‬هجرس‭ ‬الذي‭ ‬أفصح‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬سماع‭ ‬ألبومه‭ ‬الأوَّل‭ ‬بقوله‭: ‬موسيقاه‭ ‬وألحانه‭ ‬زرعت‭ ‬في‭ ‬أعماقي‭ ‬الإحساس‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬فرَاشا‭ ‬يعزف‭ ‬على‭ ‬أوتار‭ ‬النُّور،‭ ‬وأنغام‭ ‬انفلتت‭ ‬من‭ ‬قبضة‭ ‬السُّطور،‭ ‬شعرتُ‭ ‬بجمال‭ ‬الصَّباح‭ ‬ونشوة‭ ‬الأفراح،‭ ‬هناك‭ ‬تنوُّع‭ ‬للأنماط‭ ‬والقوالب‭ ‬الموسيقيَّة‭ ‬جرَّ‭ ‬التقليد‭ ‬فيها‭ ‬الحديث،‭ ‬وتحاورت‭ ‬الآلات‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬بألحانٍ‭ ‬رشيقة‭ ‬التعابير‭ ‬والتصوير،‭ ‬وكل‭ ‬جُملة‭ ‬موسيقية‭ ‬تُنادي‭ ‬الأخرى‭ ‬للرقص‭ ‬على‭ ‬سلالم‭ ‬النَّغم‭.‬

لم‭ ‬يكُن‭ ‬نجاح‭ ‬الحفل‭ ‬غريبًا‭ ‬على‭ ‬خريج‭ ‬المعهد‭ ‬العالي‭ ‬للموسيقى‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬مُتخصصًا‭ ‬بالعزف‭ ‬على‭ ‬آلتَي‭ ‬الأبوا‭ ‬والبيانو،‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬دُفعتهُ‭ ‬تُلقَّب‭ ‬بـ‭ ‬الدفعة‭ ‬الناريَّة‭ ‬باعتبارها‭ ‬أكبر‭ ‬دفعات‭ ‬الكونسرفتوار‭ ‬كمًا‭ ‬حماسةً‭ ‬وموهبة،‭ ‬زميل‭ ‬نُخبة‭ ‬نجوم‭ ‬الموسيقى‭ ‬العرب‭ ‬ومنهم‭ ‬د‭. ‬مجدي‭ ‬بغدادي،‭ ‬يحيى‭ ‬الموجي،‭ ‬نادري‭ ‬العباسي،‭ ‬بسمة‭ ‬عبد‭ ‬الرحيم،‭ ‬ومعالي‭ ‬زيرة‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬السابقة‭ ‬د‭. ‬إيناس‭ ‬عبد‭ ‬الدايم‭ ‬التي‭ ‬شجَّعتهُ‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬ألبومه‭ ‬الأوَّل‭ ‬بقولها‭: ‬اعمل‭ ‬الألبوم‭ ‬بتاعك‭ ‬يا‭ ‬وحيد‭ ‬وحتكون‭ ‬أوّل‭ ‬حفلة‭ ‬ليك‭ ‬في‭ ‬القاهِرة،‭ ‬ولم‭ ‬يكُن‭ ‬النجاح‭ ‬غريبًا‭ ‬على‭ ‬فنان‭ ‬نال‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬تخصص‭ ‬علوم‭ ‬موسيقى‭ ‬الشعوب،‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬المعهد‭ ‬الكلاسيكي‭ ‬للموسيقى‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬عام‭ ‬1986م،‭ ‬وأسس‭ ‬مجموعة‭ ‬مدار‭ ‬وستوديو‭ ‬مدار‭ ‬للصوتيَّات‭ ‬عام‭ ‬1989م‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنال‭ ‬دراسته‭ ‬الموسيقية‭ ‬التحليلية‭ ‬بعنوان‭: ‬أغاني‭ ‬الغوص‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬جائزة‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية‭ ‬عام‭ ‬1990م‭ ‬لتكون‭ ‬ثمرة‭ ‬ثمانية‭ ‬أعوام‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬والجمع‭ ‬والتوثيق،‭ ‬والذي‭ ‬رافقت‭ ‬موسيقاه‭ ‬التصويرية‭ ‬باقة‭ ‬من‭ ‬المسرحيات‭ ‬والمسلسلات‭ ‬الخالدة‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬المُشاهدين‭ ‬مثل‭: ‬سوالف‭ ‬أم‭ ‬هلال،‭ ‬فتاة‭ ‬أُخرى،‭ ‬وبث‭ ‬غير‭ ‬مُباشر،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يكُن‭ ‬التهاب‭ ‬أكُف‭ ‬الجمهور‭ ‬البحريني‭ ‬بالتصفيق‭ ‬المتواصل‭ ‬غريبًا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قوبلت‭ ‬موسيقاه‭ ‬بالتصفيق‭ ‬والاستحسان‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬المجر‭ ‬حيث‭ ‬جمهور‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬المؤلف‭ ‬الموسيقي‭ ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬بلد‭ ‬المؤلِّف‭ ‬خلال‭ ‬أوَّل‭ ‬حفلٍ‭ ‬أقامه‭ ‬بعد‭ ‬انقطاعٍ‭ ‬دام‭ ‬15‭ ‬عامًا‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

لعل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬نجوميَّة‭ ‬المؤلف‭ ‬الموسيقي‭ ‬وقائد‭ ‬الأوركسترا‭ ‬البحريني‭ ‬وحيد‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬حسن‭ ‬الخان‭ ‬حرصه‭ ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬الامتزاج‭ ‬ببيئته‭ ‬البحرينية‭ ‬وجمهوره‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الشخصي‭ ‬والفني،‭ ‬فهو‭ ‬ابن‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬البُلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬تستقطِب‭ ‬الموسيقيين‭ ‬منه‭ ‬كما‭ ‬تستورد‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬اكتشاف‭ ‬النفط،‭ ‬وهو‭ ‬ابن‭ ‬البحرين‭ ‬الذي‭ ‬يفخر‭ ‬بكون‭ ‬الموسيقى‭ ‬البحرينية‭ ‬ثريَّة‭ ‬بالإيقاع‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الإيقاعات‭ ‬المُصاحبة‭ ‬لأغاني‭ ‬الغوص‭ ‬لأن‭ ‬منبعها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجزيرة‭ ‬ذات‭ ‬الأجواء‭ ‬السَّاحليَّة‭ ‬المُحرِّضة‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭ ‬والتبادُل‭ ‬الثقافي‭ ‬والمعرفي‭ ‬في‭ ‬مُختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬وُلد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬أبو‭ ‬ماهر‭ ‬من‭ ‬المحرَّق‭ ‬حيث‭ ‬انطلق‭ ‬فنانون‭ ‬كُثر،‭ ‬وأثَّر‭ ‬في‭ ‬تركيبته‭ ‬النفسية‭ ‬خلال‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬ذاك‭ ‬النسيج‭ ‬المُتآلف‭ ‬من‭ ‬سُكان‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬أطيافهم‭ ‬وتنوعها،‭ ‬فرأى‭ ‬في‭ ‬الموسيقى‭ ‬انعكاسًا‭ ‬لهذا‭ ‬التنوع‭ ‬والتآلُف‭ ‬بطريقةٍ‭ ‬ما؛‭ ‬لأنها‭ ‬لًغةٌ‭ ‬عالميَّة‭ ‬تؤلّف‭ ‬بين‭ ‬الأمم،‭ ‬وقوَّة‭ ‬ناعمة‭ ‬تُخاطب‭ ‬قلوب‭ ‬الشعوب‭ ‬الأخرى‭ ‬مُباشرة‭ ‬دون‭ ‬وسيطٍ‭ ‬أو‭ ‬ترجمان،‭ ‬وبهذا‭ ‬تؤدي‭ ‬دورًا‭ ‬قيّمًا‭ ‬للعيش‭ ‬والتعايُش‭ ‬بسلام،‭ ‬وهو‭ ‬المولود‭ ‬بجينات‭ ‬ورثت‭ ‬الإبداع‭ ‬عن‭ ‬جده‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬شاعرًا‭ ‬وملحنًا‭ ‬وجدته‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تهوى‭ ‬العزف،‭ ‬وهو‭ ‬الطفل‭ ‬المأسور‭ ‬بأدق‭ ‬تفاصيل‭ ‬بيئته‭ ‬المحليَّة‭ ‬كنخلة‭ ‬منزل‭ ‬أُسرته‭ ‬ومشهد‭ ‬عودة‭ ‬السفُن‭ ‬إلى‭ ‬مرافئها‭ ‬وتساؤلات‭ ‬الناس‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬مُجتمعه‭ ‬لينسج‭ ‬من‭ ‬كُل‭ ‬لقطة‭ ‬حكاية‭ ‬تتحول‭ ‬مخزون‭ ‬يتنامى‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬وجدانه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتجلَّى‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬مقطوعة‭ ‬موسيقية،‭ ‬وهو‭ ‬الصبي‭ ‬الغارق‭ ‬في‭ ‬غرام‭ ‬الموسيقى‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتسلل‭ ‬إلى‭ ‬آلة‭ ‬الأكورديون‭ ‬التي‭ ‬يملكها‭ ‬خاله‭ ‬ليختلس‭ ‬لحظات‭ ‬العزف‭ ‬عليها‭ ‬بشغَف‭ ‬فيضبطهُ‭ ‬الخالُ‭ ‬الفنان‭ ‬مُتلبسًا‭ ‬ولا‭ ‬يطلب‭ ‬منه‭ ‬غير‭ ‬الاستئذان‭ ‬قبل‭ ‬العزف‭! ‬وهو‭ ‬الفتى‭ ‬المفتون‭ ‬بالموسيقى‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬قضائِه‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يُمكنه‭ ‬من‭ ‬وقتٍ‭ ‬معها‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الإعدادية‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬ويدوِّن‭ ‬كلمات‭ ‬أغاني‭ ‬فريق‭ ‬البيتلز‭ ‬ثم‭ ‬يُحاول‭ ‬عزف‭ ‬ألحانها،‭ ‬وهو‭ ‬الشاب‭ ‬المُكافِح‭ ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬دراسة‭ ‬هندسة‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬لإرضاء‭ ‬أسرته‭ ‬ودراسة‭ ‬الموسيقى‭ ‬في‭ ‬معهدها‭ ‬العالي‭ ‬لإرضاء‭ ‬قلبه،‭ ‬وهو‭ ‬الفنان‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬رُغم‭ ‬غرَق‭ ‬مشاعِره‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬الموسيقى‭ ‬الخياليَّة‭ ‬الجارِفة‭ ‬إلا‭ ‬أنهُ‭ ‬يُحافظ‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الحكيم‭ ‬من‭ ‬عقله‭ ‬ليُبحر‭ ‬في‭ ‬قارب‭ ‬النظرة‭ ‬الواقعيَّة‭ ‬لظروف‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬واحتياجاته‭ ‬ومُتطلباته‭ ‬كي‭ ‬يصل‭ ‬بفنّه‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬الصحيح،‭ ‬وهو‭ ‬صاحب‭ ‬الروح‭ ‬المُبدِعة‭ ‬التي‭ ‬ترتوي‭ ‬من‭ ‬الدفء‭ ‬المعنوي‭ ‬وتقدير‭ ‬المُجتمع‭ ‬لما‭ ‬تُقدمه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الاحتواء‭ ‬المادي‭ ‬لأنه‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬كيان‭ ‬الفنَّان‭ ‬أسمى‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يُخاطَب‭ ‬باعتباره‭ ‬مُجرد‭ ‬سِلعة‭.‬

لطالما‭ ‬كانت‭ ‬أرض‭ ‬البحرين‭ ‬موطنًا‭ ‬للإبداع‭ ‬الموسيقي‭ ‬الراقي‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬انسان‭ ‬الحضارة‭ ‬الدلمونيَّة‭ ‬العريقة‭ ‬يستعين‭ ‬بها‭ ‬لإقامة‭ ‬بعض‭ ‬الطقوس‭ ‬الدينيَّة‭ ‬في‭ ‬المعابِد‭ ‬كما‭ ‬تشهد‭ ‬الأختام‭ ‬العتيقة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحُقبة‭ ‬الزمنيَّة‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬كتاب‭ ‬قيثارة‭ ‬دِلمون‭ ‬الوتريَّة‭ ‬لمؤلفه‭ ‬محمود‭ ‬عبدالصاحب‭ ‬حسن،‭ ‬ومازال‭ ‬إبداع‭ ‬الماضي‭ ‬مُتصلاً‭ ‬بإبداع‭ ‬الحاضِر‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬توارُث‭ ‬المواهب‭ ‬جيلاً‭ ‬بعد‭ ‬جيل،‭ ‬والفنان‭ ‬وحيد‭ ‬الخان‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬اللآلئ‭ ‬البشريَّة‭ ‬التي‭ ‬وصلَت‭ ‬بالموسيقى‭ ‬البحرينية‭ ‬إلى‭ ‬العالميَّة،‭ ‬وأبدعَت‭ ‬بما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬موهبة‭ ‬ومهارةٍ‭ ‬وإتقان‭ ‬خطًا‭ ‬موسيقيًا‭ ‬فريدًا‭ ‬يصل‭ ‬بين‭ ‬الحاضِر‭ ‬والموروث‭ ‬من‭ ‬ماضي‭ ‬الزمان‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا