العدد : ١٧٠٩١ - الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩١ - الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ رجب ١٤٤٦هـ

الاسلامي

لماذا كان الحوار أحد الركائز الجوهرية في الإسلام؟

بقلم: حسن عزوزي*

الجمعة ٠٣ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

يعتبر‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬مبدأ‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬فالقرآن‭ ‬الكريم‭ ‬يعتبر‭ ‬الحوار‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن‭ ‬أسلوبا‭ ‬حقا‭ ‬يتعامل‭ ‬به‭ ‬المسلم‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يخالفه‭ ‬الرأي‭ ‬والاعتقاد،‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬درجة‭ ‬الاختلاف‭ ‬والتباين‭.‬

ويراد‭ ‬بالحوار‭ ‬والجدال‭ ‬في‭ ‬مصطلح‭ ‬الناس‭ ‬مناقشة‭ ‬بين‭ ‬طرفين‭ ‬أو‭ ‬أطراف‭ ‬يقصد‭ ‬بها‭ ‬تصحيح‭ ‬كلام‭ ‬وإظهار‭ ‬حجة،‭ ‬وإثبات‭ ‬حق‭ ‬ودفع‭ ‬شبهة،‭ ‬ورد‭ ‬الفاسد‭ ‬من‭ ‬القول‭ ‬والرأي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬معرفة‭ ‬الحقيقة‭ ‬والتوصل‭ ‬إليها،‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬وسط‭ ‬يرضي‭ ‬الأطراف‭.‬

لقد‭ ‬اقتضت‭ ‬حكمة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬الناس‭ ‬مختلفين‭ ‬متباينين‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬والفهم‭ ‬والتفكير‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاختلاف‭ ‬هو‭ ‬مظهر‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬التجدد‭ ‬وتلاقح‭ ‬الأفكار‭ ‬مادام‭ ‬منضبطا‭ ‬بضوابط‭ ‬الاختلاف‭ ‬المشروع،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬علماؤنا‭ ‬الأسلاف‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬كامل‭ ‬بفقه‭ ‬الاختلاف‭ ‬وأسسه،‭ ‬ولذلك‭ ‬أجروا‭ ‬عليه‭ ‬الأحكام‭ ‬الشرعية‭ ‬تبعا‭ ‬لما‭ ‬يؤدي‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬نفع‭ ‬أو‭ ‬ضرر،‭ ‬وهذا‭ ‬الاختلاف‭ ‬الظاهري‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬الآراء‭ ‬والاتجاهات‭ ‬والأغراض،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكده‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ولو‭ ‬شاء‭ ‬ربك‭ ‬لجعل‭ ‬الناس‭ ‬أمة‭ ‬واحدة،‭ ‬ولا‭ ‬يزالون‭ ‬مختلفين‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربك،‭ ‬ولذلك‭ ‬خلقهم‮»‬‭.‬

يقول‭ ‬الفخر‭ ‬الرازي‭: ‬‮«‬والمراد‭ ‬اختلاف‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الأديان‭ ‬والأخلاق‭ ‬والأفعال‮»‬‭. ‬فالله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬قد‭ ‬خلق‭ ‬الناس‭ ‬بمقتضى‭ ‬حكمته‭ ‬كاسبين‭ ‬للعلم‭ ‬لا‭ ‬ملهمين،‭ ‬وعاملين‭ ‬بالاختيار‭ ‬وترجيح‭ ‬بعض‭ ‬الممكنات‭ ‬المتعارضات‭ ‬على‭ ‬بعض،‭ ‬لا‭ ‬مجبورين‭ ‬ولا‭ ‬مضطرين،‭ ‬وجعلهم‭ ‬متفاوتين‭ ‬في‭ ‬الاستعداد‭ ‬وكسب‭ ‬العلم‭ ‬واختلاف‭ ‬الاختيار‭.‬

ومما‭ ‬يشهد‭ ‬لحق‭ ‬الاختلاف‭ ‬ومشروعيته‭ ‬بعض‭ ‬الإشارات‭ ‬القرآنية‭ ‬واللمحات‭ ‬اللطيفة‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬النبوية‭. ‬مثال‭ ‬اختلاف‭ ‬أفهام‭ ‬داود‭ ‬وسليمان‭ ‬عليهما‭ ‬السلام‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ففهمناها‭ ‬سليمان،‭ ‬وكلا‭ ‬آتينا‭ ‬حكما‭ ‬وعلما‮»‬‭. ‬ومثال‭ ‬اختلاف‭ ‬الصحابة‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬التوجيه‭ ‬النبوي‭ ‬بشأن‭ ‬صلاة‭ ‬العصر‭ ‬في‭ ‬بني‭ ‬قريظة‭). ‬والاختلاف‭ ‬المشروع‭ ‬يكون‭ ‬مصدر‭ ‬دائما‭ ‬اختلاف‭ ‬تنوع‭ ‬لا‭ ‬اختلاف‭ ‬تضاد،‭ ‬والتنوع‭ ‬يكون‭ ‬مصدر‭ ‬إثراء‭ ‬وخصوبة،‭ ‬وهو‭ ‬آية‭ ‬من‭ ‬آيات‭ ‬الله،‭ ‬الدالة‭ ‬على‭ ‬عظيم‭ ‬قدرته‭ ‬وبديع‭ ‬حكمته‭ ‬‮«‬ومن‭ ‬آياته‭ ‬خلق‭ ‬السماوات‭ ‬والأرض‭ ‬واختلاف‭ ‬ألسنتكم‭ ‬وألوانكم‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لآيات‭ ‬للعالمين‮»‬‭.‬

والاختلاف‭ ‬مع‭ ‬كونه‭ ‬ضرورة‭ ‬هو‭ ‬كذلك‭ ‬رحمة‭ ‬بالأمة‭ ‬وتوسعة‭ ‬عليها،‭ ‬وقد‭ ‬روي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حديث‭ ‬اشتهر‭ ‬على‭ ‬الألسنة‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬له‭ ‬سند‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬صحيح‭ ‬المعنى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬السيوطي‭ ‬في‭ ‬جامعه‭ ‬الصغير‭ ‬‮«‬اختلاف‭ ‬أمتي‭ ‬رحمة‮»‬

وهكذا‭ ‬حينما‭ ‬تسلم‭ ‬إذن،‭ ‬حق‭ ‬الاختلاف‭ ‬ومشروعيته،‭ ‬فإن‭ ‬أمر‭ ‬الجدال‭ ‬والنقاش‭ ‬بين‭ ‬المختلفين‭ ‬يبقى‭ ‬واردا،‭ ‬فكل‭ ‬واحد‭ ‬يريد‭ ‬تبرير‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬وتدعيم‭ ‬رأيه‭ ‬بالحجة‭ ‬والبرهان،‭ ‬مقابل‭ ‬الرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬وهنا‭ ‬نجد‭ ‬الإسلام‭ ‬يأمرنا‭ ‬بالتزام‭ ‬مبدأ‭ ‬الحوار‭ ‬والمجادلة‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن،‭ ‬فهو‭ ‬دين‭ ‬‮«‬هاتوا‭ ‬برهانكم‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬كلمة‭ ‬ضبطت‭ ‬أسس‭ ‬الحوار‭ ‬وسيرته‭ ‬على‭ ‬منهج‭ ‬سليم،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬أم‭ ‬اتخذوا‭ ‬من‭ ‬دونه‭ ‬آلهة،‭ ‬قل‭ ‬هاتوا‭ ‬برهانكم،‭ ‬هذا‭ ‬ذكر‭ ‬من‭ ‬معي‭ ‬وذكر‭ ‬من‭ ‬قبلي‮»‬‭ ‬أي‭ ‬ليس‭ ‬لكم‭ ‬دليل‭ ‬عقلي‭ ‬ولا‭ ‬نقلي‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬إله‭ ‬آخر‭. ‬

إن‭ ‬خالق‭ ‬الكل‭ ‬وضابط‭ ‬الكل‭ ‬هو‭ ‬الله‭ ‬الواحد،‭ ‬ويزداد‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬وضوحا‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬أمن‭ ‬يبدأ‭ ‬الخلق‭ ‬ثم‭ ‬يعيده‭ ‬ومن‭ ‬يرزقكم‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬والأرض،‭ ‬أإله‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬قل‭ ‬هاتوا‭ ‬برهانكم‭ ‬إن‭ ‬كنتم‭ ‬صادقين‮»‬‭. ‬فنحن‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬ديننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتبع‭ ‬هذا‭ ‬المنهج‭ ‬القرآني‭ ‬الخالد،‭ ‬فنحرر‭ ‬القضايا‭ ‬ونضبط‭ ‬المفاهيم،‭ ‬ونزن‭ ‬الحجج،‭ ‬وننصف‭ ‬الخصوم‭ ‬من‭ ‬أنفسنا‭ ‬وأنفسهم‭.‬

وفيما‭ ‬يلي‭ ‬نص‭ ‬قرآني‭ ‬رائع‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬نماذج‭ ‬حوار‭ ‬القرآن‭ ‬مع‭ ‬المخالفين،‭ ‬وكيف‭ ‬يتنزل‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬الكلام‭ ‬ويرخي‭ ‬لهم‭ ‬العنان‭ ‬ليستميلهم‭ ‬إليه،‭ ‬ويقربهم‭ ‬إلى‭ ‬ساحته،‭ ‬ولا‭ ‬يستشير‭ ‬دوافع‭ ‬الخصومة‭ ‬وحب‭ ‬الجدال‭ ‬في‭ ‬نفوسهم‭. ‬يقول‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬سبأ‭: ‬‮«‬قل‭ ‬من‭ ‬يرزقكم‭ ‬من‭ ‬السماوات‭ ‬والأرض‭ ‬قل‭ ‬الله،‭ ‬وإنا‭ ‬أو‭ ‬إياكم‭ ‬لعلى‭ ‬هدى‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬ضلال‭ ‬مبين،‭ ‬قل‭ ‬لا‭ ‬تسألون‭ ‬عما‭ ‬أجرمنا‭ ‬ولا‭ ‬نسأل‭ ‬عما‭ ‬تعملون،‭ ‬قل‭ ‬يجمع‭ ‬بيننا‭ ‬ربنا‭ ‬ثم‭ ‬يفتح‭ ‬بيننا‭ ‬بالحق،‭ ‬وهو‭ ‬الفتاح‭ ‬العليم‮»‬‭.‬

يقول‭ ‬الفخر‭ ‬الرازي‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬هذه‭ ‬الآيات‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬إرشاد‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬لرسوله‭ ‬إلى‭ ‬المناظرات‭ ‬الجارية‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬وغيرها،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬أحد‭ ‬المتناظرين‭ ‬إذا‭ ‬قال‭ ‬للآخر‭: ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬تقوله‭ ‬خطأ‭ ‬وأنت‭ ‬فيه‭ ‬مخطئ‭ ‬يغضبه،‭ ‬وعند‭ ‬الغضب‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬سداد‭ ‬الفكر،‭ ‬وعند‭ ‬اختلاله‭ ‬لا‭ ‬مطمع‭ ‬في‭ ‬الفهم،‭ ‬فيفوت‭ ‬الغرض،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬إن‭ ‬أحدنا‭ ‬لا‭ ‬يشك‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬مخطئ،‭ ‬والتمادي‭ ‬في‭ ‬الباطل‭ ‬قبيح،‭ ‬والرجوع‭ ‬إلى‭ ‬الحق‭ ‬أحسن‭ ‬الأخلاق،‭ ‬فنجتهد‭ ‬ويبصر‭ ‬أينا‭ ‬الآخر‭ ‬ليحترز،‭ ‬فإنه‭ ‬يجتهد‭ ‬ذلك‭ ‬الخصم‭ ‬في‭ ‬النظر،‭ ‬ويترك‭ ‬التعصب‭ ‬وذلك‭ ‬لا‭ ‬يوجب‭ ‬نقصا‭ ‬في‭ ‬المنزلة‮»‬‭.‬

أسس‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭:‬

يكتسي‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬ضابطا‭ ‬خاصا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أهميته‭ ‬في‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬والآراء‭ ‬والمواقف‭ ‬والخيارات،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الحوار‮»‬‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬بهذا‭ ‬اللفظ‭ ‬في‭ ‬الاستعمال‭ ‬القرآني‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الدلالات‭ ‬والأسس‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬عليها،‭ ‬قد‭ ‬نص‭ ‬عليها‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬آيات‭ ‬عدة‭. ‬وأشارت‭ ‬إليه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحاديث‭ ‬النبوية،‭ ‬ويمكن‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الأسس‭ ‬كما‭ ‬يلي‭:‬

أولا‭: ‬النهي‭ ‬عن‭ ‬الجدال‭ ‬المذموم،‭ ‬إذ‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صحيح‭ ‬وحق،‭ ‬ومنه‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬باطل،‭ ‬وقد‭ ‬أمر‭ ‬الله‭ ‬بالجدل‭ ‬المحمود‭ ‬في‭ ‬مواضع‭ ‬من‭ ‬القرآن،‭ ‬مثل‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وجادلهم‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن‮»‬‭ ‬وقوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ولا‭ ‬تجادل‭ ‬أهل‭ ‬الكتاب‭ ‬إلا‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬الجدل‭ ‬المذموم‭ ‬فهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الباطل،‭ ‬وهو‭ ‬المراء‭ ‬واللدد‭ ‬في‭ ‬الخصومة،‭ ‬حيث‭ ‬يسعى‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬إلى‭ ‬الغلبة‭ ‬على‭ ‬الخصم‭ ‬بأي‭ ‬وجه‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬التزام‭ ‬بقواعد‭ ‬المنطق‭ ‬السليم‭.‬

وفي‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وجادلهم‭ ‬بالباطل‭ ‬ليدحضوا‭ ‬به‭ ‬الحق‮»‬،‭ ‬ومنه‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عن‭ ‬أهل‭ ‬الباطل‭ ‬كقوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ولا‭ ‬تجادل‭ ‬عن‭ ‬الذين‭ ‬يختانون‭ ‬أنفسهم‮»‬‭ ‬ومنه‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬بينة‭ ‬كقوله‭ ‬سبحانه‭: ‬‮«‬ومن‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬يجادل‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬بغير‭ ‬علم‭ ‬ولا‭ ‬هدى‭ ‬ولا‭ ‬كتاب‭ ‬منير‮»‬،‭ ‬ومنه‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬مقرونا‭ ‬بالاستكبار،‭ ‬وفي‭ ‬مثله‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الذين‭ ‬يجادلون‭ ‬في‭ ‬آيات‭ ‬الله‭ ‬بغير‭ ‬سلطان‭ ‬أتاهم‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬صدورهم‭ ‬إلا‭ ‬كبر‭ ‬ما‭ ‬هم‭ ‬ببالغيه‮»‬،‭ ‬وبهذا‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الجدل‭ ‬المحمود‭ ‬والجدل‭ ‬المذموم‭ ‬يزول‭ ‬التعارض‭ ‬في‭ ‬الظاهر‭ ‬بين‭ ‬النصوص‭.‬

ولما‭ ‬كان‭ ‬الحوار‭ ‬وتبادل‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬النصيحة‭ ‬المأمور‭ ‬بها،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬للتهرب‭ ‬منه،‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬البعض،‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬المذموم،‭ ‬مستدلين‭ ‬بمثل‭ ‬قوله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬ما‭ ‬ضل‭ ‬قوم‭ ‬بعد‭ ‬هدي‭ ‬كانوا‭ ‬عليه‭ ‬إلا‭ ‬أوتوا‭ ‬الجدل‮»‬‭. ‬ثم‭ ‬قرأ‭: ‬‮«‬ما‭ ‬ضربوه‭ ‬لك‭ ‬إلا‭ ‬جدلا‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬قوم‭ ‬خصمون‮»‬،‭ ‬وبمثل‭ ‬قوله‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭: ‬‮«‬أبغض‭ ‬الرجال‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬الألد‭ ‬الخصم‮»‬‭.‬

والألد‭: ‬الشديد‭ ‬الخصومة،‭ ‬مأخوذ‭ ‬من‭ ‬لديدي‭ ‬الوادي‭ ‬أي‭ ‬جانبيه،‭ ‬لأنه‭ ‬كلما‭ ‬احتج‭ ‬عليه‭ ‬بحجة،‭ ‬أخذ‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬والخصم‭: ‬الحاذق‭ ‬بالخصومة‭. ‬وقد‭ ‬جاء‭ ‬اللفظ‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬الاستعمال‭ ‬القرآني‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬ذم‭ ‬المشركين‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬فإنما‭ ‬يسرناه‭ ‬بلسانك‭ ‬لتبشر‭ ‬به‭ ‬المتقين‭ ‬وتنذر‭ ‬به‭ ‬قوما‭ ‬لدا‮»‬‭ (‬18‭)‬،‭ ‬أما‭ ‬اللفظ‭ ‬الثاني‭ ‬فجاء‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ومن‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬يعجبك‭ ‬قوله‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا‭ ‬ويشهد‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬وهو‭ ‬ألد‭ ‬الخصام‮»‬‭.‬

ثانيا‭: ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬التعارف‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬ويدل‭ ‬عليه‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الناس‭ ‬إنا‭ ‬خلقناكم‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬وأنثى‭ ‬وجعلناكم‭ ‬شعوبا‭ ‬وقبائل‭ ‬لتعارفوا‮»‬‭.‬

ثالثا‭: ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬البر‭ ‬بغير‭ ‬المسلمين،‭ ‬المسالمين،‭ ‬وحسن‭ ‬معاملتهم،‭ ‬ويشهد‭ ‬له‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬لا‭ ‬ينهاكم‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يقاتلوكم‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬ولم‭ ‬يخرجوكم‭ ‬من‭ ‬دياركم‭ ‬أن‭ ‬تبروهم‭ ‬وتقسطوا‭ ‬إليهم،‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬يحب‭ ‬المقسطين‮»‬‭. ‬أما‭ ‬الذين‭ ‬يقاتلون‭ ‬ولا‭ ‬يسالمون‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المسلمين‭ ‬فيقول‭ ‬عنهم‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬في‭ ‬الآية‭ ‬التي‭ ‬بعدها‭: ‬‮«‬إنما‭ ‬ينهاكم‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬الذين‭ ‬قاتلوكم‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬وأخرجوكم‭ ‬من‭ ‬دياركم‭ ‬وظاهروا‭ ‬على‭ ‬إخراجكم‭ ‬أن‭ ‬تولوهم‭ ‬ومن‭ ‬يتولهم‭ ‬فأولئك‭ ‬هم‭ ‬الظالمون‮»‬‭.‬

رابعا‭: ‬النهي‭ ‬عن‭ ‬الإكراه‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬‮«‬لا‭ ‬إكراه‭ ‬في‭ ‬الدين‮»‬‭.‬

ولما‭ ‬كان‭ ‬الإسلام‭ ‬الدين‭ ‬الكامل‭ ‬والنعمة‭ ‬التي‭ ‬أتمها‭ ‬الله‭ ‬لعباده،‭ ‬ولم‭ ‬يشأ‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإيمان‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬قسر‭ ‬وإكراه‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬وصول‭ ‬العبد‭ ‬إلى‭ ‬خالقه‭ ‬بكامل‭ ‬إرادته‭ ‬واختياره‭. ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬تأت‭ ‬مشروعية‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬إلا‭ ‬تأكيدا‭ ‬لمبدأ‭ ‬حرية‭ ‬العقيدة‭ ‬وحماية‭ ‬الدين،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فقد‭ ‬شرع‭ ‬الإسلام‭ ‬الجهاد‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬ممن‭ ‬يلاحقون‭ ‬أتباعه‭ ‬بالأذى‭ ‬ويجاهرون‭ ‬دعوته‭ ‬بالحرب،‭ ‬ردا‭ ‬للفتنة،‭ ‬وقطعا‭ ‬لدابر‭ ‬الشر،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وقاتلوا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬الذين‭ ‬يقاتلونكم‭ ‬ولا‭ ‬تعتدوا‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬يحب‭ ‬المعتدين‮»‬‭. ‬فهو‭ ‬إذن‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وسيلة‭ ‬حوار‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬ما‭ ‬يتحاور‭ ‬به‭ ‬الأعداء،‭ ‬فقد‭ ‬جعل‭ ‬الله‭ ‬سبب‭ ‬الجهاد‭ ‬دفع‭ ‬الأذى‭ ‬ورد‭ ‬الفتنة،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬مقاصده‭ ‬إرغام‭ ‬الناس‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬دين‭ ‬الله،‭ ‬فذلك‭ ‬فضل‭ ‬الله،‭ ‬يهدي‭ ‬الله‭ ‬لنوره‭ ‬من‭ ‬يشاء‭. ‬

ولم‭ ‬يجعل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬هداية‭ ‬القلوب‭ ‬في‭ ‬مقدور‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬خلقه‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬رسولا‭: ‬‮«‬إنك‭ ‬لا‭ ‬تهدي‭ ‬من‭ ‬أحببت،‭ ‬ولكن‭ ‬الله‭ ‬يهدي‭ ‬من‭ ‬يشاء،‭ ‬وهو‭ ‬أعلم‭ ‬بالمهتدين‮»‬‭. ‬فالله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬يوجب‭ ‬على‭ ‬عباده‭ ‬التزام‭ ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬والتعاطف‭ ‬والمودة‭ ‬والمحبة،‭ ‬وان‭ ‬يتركوا‭ ‬أمور‭ ‬الهداية‭ ‬إلى‭ ‬الهادي‭ ‬القدير،‭ ‬وأن‭ ‬يبتعدوا‭ ‬عن‭ ‬التطرف‭ ‬وأساليب‭ ‬الغلظة‭ ‬والفظاظة‭ ‬والإكراه،‭ ‬فالمسلمون‭ ‬مكلفون‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬دينهم‭ ‬بالحكمة‭ ‬والموعظة‭ ‬الحسنة‭ ‬والحوار‭ ‬بالحجة‭ ‬والعقل‭ ‬والبرهان‭.‬

خامسا‭: ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬التسامح‭: ‬فالإسلام‭ ‬دين‭ ‬يدين‭ ‬التعصب‭ ‬والتطرف،‭ ‬ويدعو‭ ‬بالمقابل‭ ‬إلى‭ ‬الحوار‭ ‬والجدال‭ ‬والمتسامح‭ ‬الذي‭ ‬يقبل‭ ‬الرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬ويناقشه‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن،‭ ‬فاحترام‭ ‬الرأي‭ ‬الآخر‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الدعائم‭ ‬القوية‭ ‬لتقريب‭ ‬الشقة‭ ‬بين‭ ‬المتحاورين،‭ ‬وتقليل‭ ‬حدة‭ ‬الخلاف‭ ‬بينهما،‭ ‬وهذا‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬أصل‭ ‬مهم،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قطعيا‭ ‬من‭ ‬الأحكام،‭ ‬فهو‭ ‬محل‭ ‬الاجتهاد‭ ‬فهو‭ ‬يقبل‭ ‬الاختلاف‭.‬

فالموقف‭ ‬المتسامح‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬دوما‭ ‬حوار‭ ‬هادئ‭ ‬وفعال،‭ ‬والتسامح‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الحرب‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬الصلح‭ ‬والسلم،‭ ‬وقد‭ ‬دعا‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬إلى‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬آيات‭ ‬عدة،‭ ‬منها‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الذين‭ ‬آمنوا‭ ‬ادخلوا‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬كافة،‭ ‬ولا‭ ‬تتبعوا‭ ‬خطوات‭ ‬الشيطان،‭ ‬إنه‭ ‬لكم‭ ‬عدو‭ ‬مبين‮»‬،‭ ‬وقوله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭: ‬‮«‬وإن‭ ‬جنحوا‭ ‬للسلم‭ ‬فاجنح‭ ‬لها‭ ‬وتوكل‭ ‬على‭ ‬الله‮»‬‭.‬

فالإسلام‭ -‬إذن‭- ‬دين‭ ‬السماحة‭ ‬والتسامح‭ ‬ليس‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬فحسب،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬حيال‭ ‬أصحاب‭ ‬الديانات‭ ‬السماوية‭ ‬الأخرى،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬بين‭ ‬ظهراني‭ ‬المسلمين،‭ ‬وهم‭ ‬أهل‭ ‬الذمة،‭ ‬أو‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى‭ ‬مخالفة،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لهؤلاء‭ ‬نهى‭ ‬الإسلام‭ ‬عن‭ ‬مجادلتهم‭ ‬إلا‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن،‭ ‬فقال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ادع‭ ‬إلى‭ ‬سبيل‭ ‬ربك‭ ‬بالحكمة‭ ‬والموعظة‭ ‬الحسنة‭ ‬وجادلهم‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن‮»‬‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬التسامح‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬مميزات‭ ‬الإسلام،‭ ‬الدالة‭ ‬على‭ ‬النظرة‭ ‬الانفتاحية‭ ‬التي‭ ‬تجسدها‭ ‬الديانة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬فإن‭ ‬فتح‭ ‬أبواب‭ ‬الحوار‭ ‬معه،‭ ‬وتأسيس‭ ‬سبل‭ ‬التفاهم‭ ‬والتعايش،‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الضروريات‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تتطلبها‭ ‬المتغيرات‭ ‬الحديثة،‭ ‬ويبقى‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الإسلام‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الديانات‭ ‬السماوية‭ ‬مفتوحا‭ ‬وشاملا‭ ‬لا‭ ‬يستبعد‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬الشرك‭ ‬الذي‭ ‬ليس‭ ‬موضوع‭ ‬نقاش‭ ‬أو‭ ‬جدال‭.‬

‭ ‬يقول‭ ‬عز‭ ‬من‭ ‬قائل‭: ‬‮«‬قل‭ ‬يا‭ ‬أهل‭ ‬الكتاب‭ ‬تعالوا‭ ‬إلى‭ ‬كلمة‭ ‬سواء‭ ‬بيننا‭ ‬وبينكم‭ ‬ألا‭ ‬نعبد‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬ولا‭ ‬نشرك‭ ‬به‭ ‬شيئا‭ ‬ولا‭ ‬يتخذ‭ ‬بعضنا‭ ‬بعضا‭ ‬أربابا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الله‮»‬‭.‬

*باحث‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا