إن العز بن عبدالسلام لم يفضل أقرانه العلماء بزيادة علم أو فقه فحسب، بل سبقهم بكلمة حق وقلب لا يخشى في الله لومة لائم، وهكذا يجب أن يكون العالم الرباني. وأحسب أن فضيلة الدكتور عكرمة صبري على الدرب، ولا أزكيه على الله تعالى.
إنه ذلك العالم الأزهري الذي يقترب عمره من الـ90 ولسانه لسان حق مازال في العشرين من عمره، ينغص على المتصهينين أفكارهم ومواقفهم المخزية، يصدح بكلمة الحق في وجه الظالمين في عقر دارهم، ولا يخشى في الله لومة لائم، حتى اجتمعوا عليه بقوانين مرتعشة لإسكات صوته، ولن يصلوا إلى ذلك بإذن الله.
والدكتور عكرمة صبري أزهري ابن أزهري، والده القاضي الأزهري الشيخ سعيد صبري، رحمه الله، قاضي بيت المقدس وعضو محكمة الاستئناف الشرعية، وهو عضو مؤسس للهيئة الإسلامية العليا في القدس.
وسار الابن على نهج أبيه، فالشيخ عكرمة خطيب المسجد الأقصى رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، مفتي القدس والديار الفلسطينية من سنة 1994 حتى إحالته إلى التقاعد في عام 2006 لمواقفه الصارمة القوية.
ورغم الدور الميداني الواضح والبارز للشيخ عكرمة، فإن اهتمامه بتحصيل العلم لا يخفى على أحد. فقد حصل الشيخ عكرمة على شهادته الثانوية من المدرسة الصلاحية بمدينة نابلس، حيث كان والده يعمل قاضياً في المدينة حينها.
ثم حصل على درجة البكالوريوس في الدين واللغة العربية من جامعة بغداد عام 1963م، ثم أتم دراسته ليحصل على شهادة الماجستير في الشريعة من جامعة النجاح الوطنية في نابلس.
وبعدها حصل على شهادة الدكتوراه (العالمية) في الفقه العام من كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر بمصر وموضوع الرسالة (الوقف الإسلامي بين النظرية والتطبيق).
تتلمذ الشيخ عكرمة على يد علماء أجلاء إضافة إلى والده المرحوم الشيخ سعيد صبري منهم: الشيخ العلامة مصطفى الزرقا ومعروف الدواليبي، ومحمد المبارك والدكتور محمد حسين الذهبي والشيخ ياسين الشاذلي والدكتور عبدالعزيز الدوري ورشيد العبيدي والدكتور بدر متولي عبدالباسط رحمهم الله. ومن هوايات الشيخ عكرمة الخطابة والقراءة.
وعمل الشيخ عكرمة بدايةً مدرساً في ثانوية الأقصى الشرعية بمدينة القدس (المعهد العلمي الإسلامي سابقاً).
وبعد هزيمة 1967م تولّى الشيخ عكرمة إدارة المدرسة التي انتقلت من مقرها الرئيس بعد أن استولت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى بناية دار الأيتام الإسلامية في البلدة القديمة بالقدس، قبل أن تنتقل إلى أروقة المسجد الأقصى المبارك في باب الأسباط.
ولد الشيخ عكرمة صبري في مدينة قلقيلية عام 1938م لعائلة عرفت بالتدين وحب العلم فوالده المرحوم الشيخ سعيد صبري كان قاضياً شرعياً لعدة مراكز كان آخرها قاضي بيت المقدس وعضو محكمة الاستئناف الشرعية وهو عضو مؤسس للهيئة الإسلامية العليا في القدس، كما تولى الخطابة في المسجد الأقصى المبارك. والشيخ عكرمة متزوج وله خمسة من الأبناء: ثلاثة ذكور وبنتان.
بدأ الشيخ عكرمة حياته العملية مدرسا في ثانوية الأقصى الشرعية (المعهد العلمي الإسلامي سابقاً) وبعد حرب يونيو عام 1967م تولى الشيخ عكرمة إدارة مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية التي اضطرت إلى الانتقال من بناية المدرسة التنكزية بعد أن استولت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى بناية دار الأيتام الإسلامية في البلدة القديمة قبل أن يستقر بها المقام في أروقة المسجد الأقصى المبارك في باب الأسباط.
أظهر الشيخ عكرمة وجوداً مميزاً خلال عمله في ثانوية الأقصى الشرعية حيث برزت أنشطة المدرسة وأصبحت رادفاً لدور القرآن الكريم في القدس وضواحيها، وكانت اول دار للقرآن الكريم، قام بتأسيسها عام 1972م.
تولى الشيخ عكرمة صبري عدداً من المناصب منها مديراً للوعظ والإرشاد في الضفة الغربية ومديراً لكلية العلوم الإسلامية أبو ديس ومفتياً عاماً للقدس وضواحيها والديار الفلسطينية.
للشيخ عكرمة نشاط ملحوظ في الفعاليات العلمية والاجتماعية فهو مؤسس هيئة العلماء والدعاة في فلسطين عام 1992م ورئيسها ورئيس مجلس الفتوى الأعلى في فلسطين وخطيب المسجد الأقصى المبارك وهو عضو مؤسس في رابطة مؤتمر المساجد الإسلامي العالمي بمكة المكرمة وعضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهو عضو مؤسس لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا. انتخب رئيساً للهيئة الإسلامية العليا في القدس عام 1998م.
للشيخ عكرمة كتابات منها مذكرات في الحديث ثلاثة أجزاء وكانت مقررة لسنوات طويلة على طلبة المدارس الشرعية في الضفة الغربية، وأضواء على إعجاز القرآن الكريم، والإسلام والتحديث، والتربية في الإسلام، والاسلام ورعايته للبيئة، وارحموا أهل الأرض، والمنتقى من أحاديث المصطفى واليمين في القضاء الإسلامي وهو عبارة عن رسالة نال بها درجة الماجستير في الشريعة الإسلامية، وكتاب الوقف الإسلامي بين النظرية والتطبيق والذي كان عبارة عن أطروحة الدكتوراه، وكتاب فتاوى مقدسية، وغيرها من المؤلفات، وله أربعون بحثاً في موضوعات متنوعة سبق أن قدمت من خلال المؤتمرات والندوات. من أبرزها:
- الحوار مع الآخر _ نحو رؤية إسلامية موحدة _ باللغتين العربية والإنجليزية (طرابلس/ ليبيا) بدعوة من منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة.
- معاملة المسلمين مع غيرهم (المبادئ والتطبيق)/ المؤتمر الإسلامي الدولي المنعقد في عمان بدعوة من مؤسسة آل البيت في الأردن.
- الحفاظ على هوية الأمة وشخصيتها _ الملتقى الأول لعلماء المسلمين في مكة المكرمة _ رابطة العالم الإسلامي.
- موقف الإسلام من الغلو والتطرف والإرهاب (المجمع الفقهي الإسلامي بجدة في الدورة السابعة عشرة، المنعقدة في عمان/ الأردن) سنة 2006م.
- التجديد والتحديث (المؤتمر التاسع عشر للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة) سنة 2007م.
- إنسانية الحضارة الإسلامية (الملتقى العالمي الثاني لخريجي جامعة الأزهر) سنة 2007م.
- فلسطين القضية (المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) الرياض- المملكة العربية السعودية) سنة 2008م.
- موقف الإسلام من التسامح مع المسلمين ومع غيرهم (المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار - رابطة العالم الإسلامي - مكة المكرمة) سنة 2008م.
* كاتب إسلامي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك