العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

الجمال الصناعي

في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أغرب‭ ‬أسباب‭ ‬الطلاق‭ ‬أقدم‭ ‬زوج‭ ‬على‭ ‬تطليق‭ ‬زوجته‭ ‬وهي‭ ‬طالبة‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الحقوق‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬‮«‬الصباحية‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فوجئ‭ ‬بلون‭ ‬عينيها‭ ‬الأخضر‭ ‬قد‭ ‬اختفي‭ ‬مكتشفا‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬ترتدى‭ ‬عدسات،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يتمالك‭ ‬نفسه‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬وقام‭ ‬بتطليقها‭ ‬معربا‭ ‬عن‭ ‬تمسكه‭ ‬بلون‭ ‬العينين‭ ‬بغية‭ ‬تحسين‭ ‬النسل‭.‬

هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬الزوج‭ ‬العنيف‭ ‬الذي‭ ‬رآه‭ ‬البعض‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحماقة‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تداوله‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬من‭ ‬تعليقات،‭ ‬إنما‭ ‬تدعونا‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬إلى‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬باتت‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬الجمال‭ ‬الصناعي،‭ ‬التي‭ ‬تشغل‭ ‬بال‭ ‬الجميع‭ ‬نساء‭ ‬ورجالا‭ ‬حتى‭ ‬صغار‭ ‬السن‭ ‬بعد‭ ‬التطور‭ ‬الطبي‭ ‬والجراحي‭ ‬والتقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬التجميل‭ ‬والترويج‭ ‬للجمال‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬واتخاذه‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وسائل‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭.‬

اليوم‭ ‬نرى‭ ‬الشعر‭ ‬والرموش‭ ‬ولون‭ ‬العينين‭ ‬والأظافر‭ ‬والأنف‭ ‬والشفاه‭ ‬والوجنتين‭ ‬وحتى‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬الجسم‭ ‬كلها‭ ‬باتت‭ ‬مرممة،‭ ‬زائفة،‭ ‬وهمية،‭ ‬صناعية،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أتيحت‭ ‬الفرصة‭ ‬لكل‭ ‬امرأة‭ ‬أن‭ ‬ترسم‭ ‬لنفسها‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬تحلم‭ ‬بها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تسعى‭ ‬لتحقيقها‭ ‬مهما‭ ‬كلفها‭ ‬الأمر،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬جمالها‭ ‬نفسه،‭ ‬الذي‭ ‬تشوهه‭ ‬بتلك‭ ‬العمليات‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬وينافسها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الرجال‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬أحد‭ ‬الأطباء‭ ‬إلى‭ ‬افتتاح‭ ‬أول‭ ‬عيادة‭ ‬تجميل‭ ‬للرجال‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬مصر‭.‬

هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الجمال‭ ‬جمال‭ ‬الروح‭ ‬وهو‭ ‬رأي‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬الاحترام،‭ ‬ولكني‭ ‬شخصيا‭ ‬لست‭ ‬ضد‭ ‬التجمل‭ ‬البسيط،‭ ‬المعقول،‭ ‬أو‭ ‬لعلاج‭ ‬العيوب‭ ‬الخلقية‭ ‬أو‭ ‬المنفرة،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أرفض‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬خلقة‭ ‬الله‭ ‬والتي‭ ‬تحول‭ ‬الكثيرين‭ ‬إلى‭ ‬نسخ‭ ‬مطبوعة‭ ‬ومكررة‭ ‬من‭ ‬غيرهم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أصبح‭ ‬يمثل‭ ‬ظاهرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬بات‭ ‬معها‭ ‬التجميل‭ ‬وسيلة‭ ‬للتشويه‭ ‬والاسترزاق‭ ‬والخداع،‭ ‬وأحيانا‭ ‬طريقا‭ ‬إلى‭ ‬الموت‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬اللاتي‭ ‬خضعن‭ ‬لجراحات‭ ‬تجميلية‭ ‬أودت‭ ‬بحياتهن‭. ‬

وهذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أعرب‭ ‬عنه‭ ‬الفيلسوف‭ ‬أفلاطون‭ ‬ببراعة‭ ‬حين‭ ‬قال‭:‬

‮«‬إن‭ ‬جمال‭ ‬الإنسان‭ ‬ليس‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬الروح‭ ‬وحدها‭.. ‬أو‭ ‬الجسد‭ ‬وحده‭.. ‬بل‭ ‬على‭ ‬الانسجام‭ ‬بين‭ ‬الاثنين‭ ‬بشكل‭ ‬نسبي‮»‬‭!‬

لذلك‭ ‬يبقى‭ ‬الإنسان‭ ‬الجميل‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يعتني‭ ‬بروحه‭ ‬وجسده‭.. ‬كليهما‭!!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا