العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

قاموس مفيد ولذيذ جدا

لصديقي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الراحل‭ ‬أحمد‭ ‬الشولي‭ ‬إسهامات‭ ‬مقدرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإعلام،‭ ‬وتوطدت‭ ‬علاقتي‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬عملنا‭ ‬سويا‭ ‬في‭ ‬تلفزيون‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬وقد‭ ‬أتحفنا‭ ‬الشولي‭ ‬بعمل‭ ‬لغوي‭ ‬ضخم‭ ‬يعد‭ ‬أهم‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬فقد‭ ‬أصدر‭ ‬قاموس‭ ‬‮«‬المعجم‭ ‬المفيد‭ ‬منشان‭ ‬نفر‭ ‬جديد‮»‬‭ ‬ويقول‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬القاموس‭ ‬إنه‭ ‬فوجئ‭ ‬عند‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬إعلامية‭ ‬تضم‭ ‬خليطا‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬وبنات‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية،‭ ‬بأن‭ ‬الزملاء‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬يجدون‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬التفاهم‭ ‬مع‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬إلا‭ ‬بطريقة‭: ‬عم‭ ‬صباحا‭ ‬يا‭ ‬فتى‭ ‬المغرب،‭ ‬هيا‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬حانوت‭ ‬الطعام‭ ‬لنقتات‭ ‬بعض‭ ‬البقول‭ (‬فول‭ ‬وفلافل‭).‬

صديقي‭ ‬منذ‭ ‬الحقبة‭ ‬اللندنية،‭ ‬التونسي‭ ‬محمد‭ ‬كريشان‭ ‬أراد‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬أن‭ ‬يعرب‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬عرفانه‭ ‬لي‭ ‬بالجميل‭ ‬لأنني‭ ‬صنعت‭ ‬منه‭ ‬نجما،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬شرف‭ ‬اكتشاف‭ ‬مواهبه‭ ‬وتقديمه‭ ‬للجمهور،‭ ‬حتى‭ ‬استحق‭ ‬لقب‭ ‬كريشان‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬اسمه‭ ‬قبل‭ ‬اكتشافي‭ ‬له‭ ‬وإكسابه‭ ‬للشهرة‭ ‬كان‭ ‬محمد‭ ‬كريش‭!! ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬كريشان‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬سيدعوني‭ ‬إلى‭ ‬بيته‭ ‬ليقدم‭ ‬لي‭ ‬‮«‬حليب‭ ‬الدجاج‮»‬‭ ‬فانفجرت‭ ‬في‭ ‬وجهه‭ ‬مستنكرًا‭ ‬استخفافه‭ ‬بي،‭ ‬وحسبت‭ ‬أنه‭ ‬ربما‭ ‬صدق‭ ‬الافتراءات‭ ‬بأنني‭ ‬أصلا‭ ‬من‭ ‬رواندا‭ ‬وأن‭ ‬اسمي‭ ‬الأصلي‭ ‬هو‭ ‬جفافا‭ ‬أباشي،‭ ‬المهم‭ ‬قطعت‭ ‬صلتي‭ ‬بالسيد‭ ‬كريشان‭ ‬وانعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬السودانية‭ ‬–‭ ‬التونسية‭ ‬عمومًا‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬قاموس‭ ‬الشولي‭ ‬ليزيل‭ ‬سوء‭ ‬الفهم،‭ ‬لأن‭ ‬قاموس‭ ‬الشولي‭ ‬شرح‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬التسمية‭ ‬العجيبة‭ ‬مترجمة‭ ‬عن‭ ‬الفرنسية‭ ‬لمشروب‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬عناصره‭ ‬البيض‭ ‬والحليب‭.‬

يحوي‭ ‬قاموس‭ ‬‮«‬المعجم‭ ‬المفيد‭ ‬منشان‭ ‬نفر‭ ‬جديد‮»‬،‭ ‬دررا‭ ‬لغوية،‭ ‬تقرأها‭ ‬وتفهم‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬مشاريع‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية‭: ‬تخيل‭ ‬أن‭ ‬خليجيا‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬مطعم‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬وطلب‭ ‬‮«‬دياية‮»‬‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬سيتبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهن‭ ‬صاحب‭ ‬المطعم‭ ‬الجزائري‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الزبون‭ ‬إرهابي‭ ‬يتحدث‭ ‬بلغة‭ ‬مشفرة،‭ ‬وإذا‭ ‬سألك‭ ‬عراقي‭: ‬شكو‭ ‬ماكو؟‭ ‬فلا‭ ‬تفقد‭ ‬أعصابك‭ ‬وتحسب‭ ‬أنه‭ ‬يتهمك‭ ‬بالتهريج‭ ‬إذ‭ ‬شبهك‭ ‬بشكوكو،‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬العبارة‭ ‬تعني‭ ‬نفس‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬العبارة‭ ‬السورية‭ ‬‮«‬شو‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬في؟‮»‬‭ ‬وتعني‭: ‬ما‭ ‬الأخبار؟‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجري؟‭ ‬ويقول‭ ‬الشولي،‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الحماقة‭ ‬تفويت‭ ‬دعوة‭ ‬مقدمة‭ ‬من‭ ‬عراقي‭ ‬لأكل‭ ‬الباتشا‭ ‬فرغم‭ ‬أن‭ ‬اسمها‭ ‬غير‭ ‬سياحي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الباتشا‭ ‬فيما‭ ‬يقول‭ ‬المعجم‭ ‬وجبة‭ ‬دسمة‭ ‬تغنيك‭ ‬واحدة‭ ‬منها‭ ‬عن‭ ‬الأكل‭ ‬طوال‭ ‬أسبوع،‭ ‬مما‭ ‬يفسر‭ ‬محافظة‭ ‬العراقيين‭ ‬على‭ ‬بنيانهم‭ ‬الجسماني‭ ‬الضخم‭ ‬رغم‭ ‬سرقة‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬لثروات‭ ‬البلاد‭.‬

إنني‭ ‬أهيب‭ ‬بالقراء‭ ‬شراء‭ ‬نسخ‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعجم‭ ‬المفيد‭ ‬منشان‭ ‬نفر‭ ‬جديد‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬المفكر‭ ‬الراحل‭ ‬أحمد‭ ‬الشولي‭ ‬لأن‭ ‬ريعه‭ ‬سيذهب‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬الفقراء‭ ‬في‭ ‬السويد،‭ ‬ولأنه‭ ‬سيعينك‭ ‬على‭ ‬التخاطب‭ ‬مع‭ ‬أخوتك‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬البلدان،‭ ‬فمثلا‭ ‬إذا‭ ‬جاءك‭ ‬فلاح‭ ‬سوداني‭ ‬أو‭ ‬فلسطيني‭ ‬وقال‭ ‬لك‭: ‬عندي‭ ‬سعال‭!! ‬فلا‭ ‬تنصحه‭ ‬بالذهاب‭ ‬إلى‭ ‬الدكتور‭ ‬أو‭ ‬تنصحه‭ ‬بشرب‭ ‬لبن‭ ‬الحمير‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬أمي‭ ‬معي‭ ‬عندما‭ ‬أصبت‭ ‬بالسعال‭ ‬الديكي‭!! ‬السعال‭ ‬في‭ ‬الريفين‭ ‬السوداني‭ ‬والفلسطيني‭ ‬هو‭ ‬‮«‬السؤال‮»‬‭ ‬ويقال‭: ‬ممكن‭ ‬اسعلك‭ ‬سعال‭ ‬فلا‭ ‬تحسب‭ ‬أنه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكح‭ ‬أو‭ ‬يبصق‭ ‬في‭ ‬وجهك،‭ ‬وإذا‭ ‬أراد‭ ‬أحدهم‭ ‬أن‭ ‬يحدثك‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المسعلة‮»‬‭ ‬فاستمع‭ ‬له‭ ‬لتعرف‭ ‬ما‭ ‬‮«‬المسألة‮»‬‭.‬

وإذا‭ ‬سألك‭ ‬سوري‭: ‬هل‭ ‬تأكل‭ ‬‮«‬يهودي‭ ‬مسافر‮»‬‭ ‬فلا‭ ‬تنفعل‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬معي‭ ‬حيث‭ ‬صحت‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬محدثي‭: ‬أنت‭ ‬أيضًا‭ ‬تصدق‭ ‬الدعايات‭ ‬الأوروبية‭ ‬بأن‭ ‬الأفارقة‭ ‬يأكلون‭ ‬لحم‭ ‬البشر؟‭ ‬نكاية‭ ‬بك‭ ‬سأعترف‭ ‬بالدولة‭ ‬اليهودية‭!! ‬هنا‭ ‬قال‭ ‬صديقي‭ ‬السوري‭ ‬بكل‭ ‬هدوء‭: ‬بلا‭ ‬ش‭ ‬يا‭ ‬صاحبي،‭ ‬هل‭ ‬تأكل‭ ‬‮«‬حراق‭ ‬أصبعه‮»‬‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أضربه‭ ‬بمسطرة‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬يدي‭ ‬شرح‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬اليهودي‭ ‬المسافر‭ ‬وحراق‭ ‬أصبعه‭ ‬طبقان‭ ‬شهيان،‭ ‬فقررت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬عدم‭ ‬أكل‭ ‬أي‭ ‬طبخة‭ ‬سورية‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬سيرتها‭ ‬الذاتية‭ ‬وأوراقها‭ ‬الثبوتية‭.‬

وإذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تختبر‭ ‬مدى‭ ‬إلمامك‭ ‬بالعامية‭ ‬الخليجية‭ ‬ترجم‭ ‬القطعة‭ ‬التالية‭ ‬وسأساعدك‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬معينة‭: ‬صرفت‭ ‬العورتيم‭ (‬أوفرتايم‭) ‬ورحت‭ ‬الستوديو‭ ‬منشان‭ ‬آخذ‭ ‬عكوس‭ (‬صورة‭) ‬وكشخت‭ ‬بالكشمة‭ (‬النظارة‭) ‬والجوتي‭ ‬الجديد،‭ ‬لكن‭ ‬دعمت‭ ‬سيارة‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬عندي‭ ‬بيمه‭ (‬تأمين‭) ‬وسويت‭ ‬جنجال‭ ‬مع‭ ‬الدريول‭ ‬الثاني‭ ‬وضربته‭ ‬بالجيك‭ ‬على‭ ‬رأسه،‭ ‬جاء‭ ‬الشرطي‭ ‬سندرني‭ ‬وكتفني‭ ‬بالوير‭ ‬لما‭ ‬رفضت‭ ‬أروح‭ ‬وياه،‭ ‬وحاولت‭ ‬أهرب‭ ‬ضربت‭ ‬رأسي‭ ‬على‭ ‬الجامة‭ ‬وبعدها‭ ‬ما‭ ‬دريت‭ ‬أيش‭ ‬يرمس‭.‬

والجوتي‭ ‬هو‭ ‬الكندرة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الصرمة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الشوز‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الجزمة،‭ ‬والجيك‭ ‬هو‭ ‬الجاك‭ ‬jack الأداة‭ ‬المستخدمة‭ ‬لرفع‭ ‬هيكل‭ ‬السيارة‭ ‬عند‭ ‬تغيير‭ ‬إطار‭ ‬مبنشر‭ (‬أي‭ ‬فرّغ‭ ‬من‭ ‬الهواء‭)‬،‭ ‬ونسميه‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬‮«‬العفريتة‮»‬،‭ ‬ربما‭ ‬لأنها‭ ‬قطعة‭ ‬صغيرة‭ ‬وتستطيع‭ ‬حمل‭ ‬سيارة‭ ‬وزنها‭ ‬آلاف‭ ‬الكيلوجرامات‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا