الكثير من المستثمرين يرغبون في الاستثمار العقاري بدبي ولكنهم يترددون كثيرا خوفا من تكرر الفقاعة بعد أن شهدت السوق العقاري في الامارة فقاعتين سابقتين.
هل من المتوقع أن يتكرر المشهد؟ وهل ما حدث كان تصحيحا أم فقاعة؟ وما الفرق بين الأمرين؟ ثم ماذا يجب أن يفعل المستثمر في حال حدوث التصحيح أو الفقاعة؟
تساؤلات يجيب عنها الخبير العقاري أشرف علام، لافتا إلى أن هناك عوامل وأسبابا تجعل سوقا مثل دبي معرضا للفقاعة، ومن هذه العوامل وجود طلب مرتفع جدا وبشكل غير مسبوق، مما يجعل الأسعار ترتفع بشكل جنوني من دون حتى وجود تضخم، حيث تتميز دبي بتضخم بطيء جدا، ولكن أسعار العقارات سواء البيع او الايجار ترتفع بشكل كبير.
ويعود هذا الطلب المرتفع الى أسباب منها رغبة الكثيرين بالاستثمار في دبي نتيجة العائد الاستثماري العالي سواء في البيع أو التأجير، حيث يبلغ في المتوسط 7%، ويصل إلى 10% في بعض المناطق، وهي نسبة عالية عالميا.
والسبب الآخر عدم وجود الضرائب على الدخل وعلى العوائد، وهو أمر مهمّ لأي مستثمر، وهذه ميزة غير موجودة في أغلب دول العالم.
أضف إلى ذلك أن الإيجار يتم دفعه بشكل مقدم سواء ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو حتى سنة كاملة، فيما يتم الدفع في أغلب دول العالم بشكل شهري.
هذا إلى جانب ما يسمى حساب الضمان الذي يجعل الدولة طرفا ثالثا في أي معاملة خاصة في المشاريع تحت الإنشاء، وهذا ما يخلق نوعا من الضمان والتأمين من أي عملية نصب أو توقف المشروع مثلا. وكل هذه الأسباب تجعل الطلب على العقارات مرتفعا في دبي.
وهنا نعود الى السؤال الأول: لماذا تحدث الفقاعة العقارية كما حدث في 2008 و2009 حيث انخفضت الأسعار من 50% إلى 60%. أما ما حدث في 2017 و2018 والذي اعتبره البعض فقاعة أخرى فهو في الواقع كان تصحيحا للسوق، لأن ما فقد من القيمة كان في حدود 15% إلى 20%، وهو تصحيح يحدث في أي سوق عقاري في العالم يتعرض لضغط مستمر كما هو الحال في دبي.
كما أنه للدورة العقارية، يحصل التصحيح كل 10 سنوات تقريبا. وبالتالي من المتوقع ان يحدث التصحيح في 2027 أو 2028، ولكن هذا التصحيح سيكون أقل وطأة وتأثيرا لأسباب، منها أن الحكومة المسؤولين عن الملف العقاري في دبي باتوا يمتلكون خبرة تراكمية، وبالتالي في أي ظرف يحدث للسوق تعمد الدولة إلى تحليل الأسباب وتضع المبادرات والقوانين التي تحدّ من آثار أي ظرف أو تصحيح أو فقاعة، وهي قوانين في صالح السوق سواء البيع أو الإيجار. لذلك نجد الدولة تضع قوانين منظمة حتى لأسعار الايجارات والزيادة السنوية، والتنظيم يشمل حتى أداء الوسطاء العقاريين، وبالتالي النظم والقوانين الموجودة تنظم السوق وتجعل من الصعب أن يحدث فيه تلاعب.
أضف إلى ذلك أن المعلومات العقارية في دبي متاحة بغزارة، وأي متعامل في الشأن العقاري قادر على الحصول على كافة المعلومات حول العقار الذي يريد شراءه أو بيعه أو استئجاره، وكذلك المعلومات حول المنطقة وأسعار البيع الحقيقية.
والسؤال هنا: ما هو المطلوب عمله في حالة حدوث مثل هذا التصحيح؟
أول خطوة هي الامتناع عن المضاربات العقارية، مثل الشراء بهدف البيع بعد عدة أشهر.
والأمر الآخر أن تضع في الاعتبار أن أساس الاستثمار العقاري هو الإيجار لعدة سنوات قبل التفكير في البيع. بل بات التأجير القصير الأمد هو الاتجاه العالمي، ودبي من أكثر مدن العالم السياحية التي تواجه طلبا كبيرا على التأجير قصير الأمد. ومثل هذا النوع من الإيجار أقل تأثرا من باقي المعاملات العقارية حتى في حالة التصحيح العقاري، لأن السياحة لا تتوقف، وأسعار التأجير القصير الامد لا تنخفض مع انخفاض الأسعار الأخرى. نعم قد تتأثر بالمواسم مثل الصيف والشتاء، ولكن لا تتأثر كثيرا بالعوامل الأخرى. فضلا عن أن دبي بدأت تشهد تزايدا في شركات إدارة العقارات خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهذا ما يعني أن مالك العقار يتخلص من مسؤولية إدارة العقار والتأجير والمتابعة والصيانة وغيرها، ويعهد بالأمر الى شركة متخصصة. كما أن بعض المطورين باتوا يقدمون هذه الخدمات نتيجة الطلب المتزايد. وأمام كل ذلك يمكن القول إن المستثمر العقاري لا يجب أن يقلق كثيرا من حدوث تصحيح أو فقاعة، بل حتى انتظار انخفاض أسعار المطورين العقاريين أمر غير مجد، لأن هذا لا يحدث في أي سوق بالعالم. فالمطور غالبا لا يخفض سعره في حالة حدوث تصحيح أو فقاعة لأنه لا يمكن أن يخفض عن الأسعار التي باع بها للعملاء الآخرين قبل حدوث التصحيح. وبالتالي إذا كنت ترغب في الشراء من مطور فلا تتردد حتى مع توقع حدوث تصحيح للأسعار، فضلا عن أن حدوث تصحيح لا يعني انخفاض أسعار مواد البناء، ولا يعني أن تخفض الدولة الرسوم او أسعار الأراضي، فلماذا يخفض المطور أسعاره طالما أن التكلفة لم تنخفض؟ نعم أسعار إعادة البيع هي ما ستنخفض، ولكن حتى هذه قد تمثل تحديا لأنه من الصعب في هذه الظروف أن تحصل على العقار الجيد الذي تبحث عنه، وخاصة ان الكثير من أصحاب العقارات المميزة يمتنعون عن البيع في فترة انخفاض الأسعار.
ختاما.. أيا كانت الظروف، لا بد أن تمتلك استراتيجية وخطة واضحة لما تريد أن تفعله، مع الأخذ بالاعتبار أن ما حدث من فقاعة عام 2008 لن يحدث مرة أخرى في دبي، وإلا كان قد حدث عام 2018. وهذا ما يؤكد أن السوق العقاري في دبي صحي ويتميز بالديناميكية وعدم التوقف.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك