بعد سلسلة من التدابير الكبيرة والسياسات الداعمة التي اعتمدتها الحكومة الصينية لتحفيز القطاع العقاري الذي يشهد منذ مدة ازمة متواصلة، أشارت دراسة حديثة نشرتها أكاديمية مؤشر الصين المعنية بالقطاع العقاري إلى أن أسعار المساكن الجديدة في الصين ارتفعت بوتيرة أسرع في نوفمبر الماضي، حيث ارتفع متوسط السعر في 100 مدينة بنسبة 0,36% مقارنة بـ0,29% في أكتوبر.
وأمام الأزمة الكبيرة التي يشهدها القطاع منذ عام 2020 وانهيار مجموعات عقارية عملاقة، دأب صناع القرار في الصين على اعتماد اجراءات تهدف لتعزيز التفاؤل بين المستهلكين وتحسين القدرة على تحمل التكاليف وتخفيف قيود شراء المساكن وتحفيز القطاع العقاري الذي يعتبر حيويا لاقتصادها، وخاصة ان قطاع البناء والإسكان يمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وبالتالي بدأت تظهر علامات على تعافي سوق العقارات بعد أكثر من ثلاث سنوات من الأزمة، وانتعشت المبيعات في أكتوبر للمرة الأولى هذا العام بعد أطلاق أكبر حزمة تحفيز نقدي منذ الجائحة. وبدأ المشترون الذين شجعتهم إشارات الإنفاق الحكومي، في العودة إلى السوق.
ولكن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أصدرت تقريرا حول ازمة العقارات في الصين وصف بأنه صادم، حيث توقعت التقرير أن تستمر أزمة?العقارات في الصين العام المقبل، وذلك في ظل ضعف الأسعار والمبيعات على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية لتحفيز الطلب.
وأضافت الوكالة في تقريرها أن أسعار المنازل الجديدة ستنخفض بنسبة 5% إضافية في العام المقبل، مشيرة إلى أن نقطة التحول في سوق العقارات الصينية لم تأت بعد. فيما قال المدير الإداري لتصنيفات الشركات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في فيتش، ينغ وانغ، أن حزمة سياسات العقارات التي صدرت قبل أشهر أظهرت علامات تحسن في سوق الإسكان الجديدة والقديمة ولكنه تحسن هامشي، إذ ان استدامة هذا التحسن غير مؤكدة إلى حد كبير، ومن المرجح أن تستمر أسعار المساكن في الانخفاض حتى تتحسن أرباح الشركات في الاقتصاد الحقيقي، وبالتالي زيادة فرص العمل وتحسن الدخل القومي.
وفي تصريحا سابقة للمدير الأكاديمي لمركز جامعة أوهايو للعقارات زاهي دافيد، فإن ازمة العقارات في الصين قد يكون لها تأثيرها المباشر على المستوى العالمي، فمثلا قد يؤدي انهيار سوق العقارات في الصين إلى انخفاض الطلب العالمي على السلع الأساسية مثل خام الحديد والصلب بشكل كبير، وهو ما من شأنه أن يؤثر على الأسواق والاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على الاستهلاك الصيني كما أن شركات العقارات الصينية استخدمت أسواق رأس المال العالمية على نطاق واسع لتمويل ديونها، وبالتالي فإن التخلف عن السداد بهذا الحجم قد يؤدي إلى إعادة تسعير المخاطر وأزمة سيولة محتملة، مع الشعور بالهزات الارتدادية في الأسواق المالية في مختلف أنحاء العالم. أضف الى ذلك أنه يمكن أن تتأثر معنويات المستثمرين على نطاق واسع، ما يؤدي إلى زيادة التقلبات في الأسواق المالية العالمية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك