العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

التريندات وأعلى المشاهدات

من‭ ‬أجمل‭ ‬وأروع‭ ‬وأقوى‭ ‬مسلسلات‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ (‬أعلى‭ ‬نسبة‭ ‬مشاهدة‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لتناوله‭ ‬قضية‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬الاستخدام‭ ‬السيء‭ ‬لوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬خرب‭ ‬حياة‭ ‬كثيرين‭ ‬وبخاصة‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭.‬

موضوع‭ ‬المسلسل‭ ‬يتناول‭ ‬قضية‭ ‬الساعة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التطرق‭ ‬إليها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬الحقيقي‭ ‬المأساوي،‭ ‬لذلك‭ ‬حقق‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬أعلى‭ ‬نسبة‭ ‬مشاهدة‮»‬‭ ‬وعن‭ ‬جدارة‭ ‬أعلى‭ ‬نسبة‭ ‬مشاهدة‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬لكونه‭ ‬يدق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر،‭ ‬والأهم‭ ‬أنه‭ ‬مستوحى‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬واقعية‭ ‬أشهرها‭ ‬قصة‭ ‬فتاة‭ ‬التيك‭ ‬توك‭ ‬‮«‬حنين‭ ‬حسام‮»‬‭ ‬التي‭ ‬حكم‭ ‬عليها‭ ‬بالسجن‭ ‬لاستغلالها‭ ‬الخاطئ‭ ‬لتلك‭ ‬الوسائل‭ ‬عبر‭ ‬حسابات‭ ‬مختلفة‭ ‬نشرت‭ ‬عليها‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬تضمنت‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬الأسرية‭ ‬بغرض‭ ‬زيادة‭ ‬نسبة‭ ‬المشاهدة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬جني‭ ‬مبالغ‭ ‬طائلة‭.‬

لقد‭ ‬عكس‭ ‬المسلسل‭ ‬واقعا‭ ‬فاسدا‭ ‬وقاسيا‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬فعليا‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬يتعلق‭ ‬بفضائح‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬يتكسب‭ ‬من‭ ‬ورائها‭ ‬كثيرون‭ ‬ثروات‭ ‬هائلة‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬التريندات‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬يوجه‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬الصغير‭ ‬عبرا‭ ‬ودروسا‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬حساباته‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لخصته‭ ‬ببراعة‭ ‬أغنية‭ ‬تتر‭ ‬المسلسل‭ ‬حين‭ ‬قالت‭: ‬‮«‬الدنيا‭ ‬خلاص‭ ‬ماشية‭ ‬تريندات‭.. ‬فضايحنا‭ ‬تجيب‭ ‬إلى‭ ‬مشاهدات‭!‬‮»‬

نعم‭ ‬فضائح‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬اليوم‭ ‬باب‭ ‬رزق‭ ‬واسعا‭ ‬للبعض،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لفتت‭ ‬إليه‭ ‬جدة‭ ‬الفتاة‭ ‬بطلة‭ ‬المسلسل‭ ‬التي‭ ‬لاقت‭ ‬مصيرا‭ ‬مؤسفا‭ ‬بسبب‭ ‬انجرارها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬المفسد‭ ‬المظلم‭ ‬وسقوطها‭ ‬في‭ ‬براثنه‭ ‬حين‭ ‬قالت‭ ‬متسائلة‭: ‬ما‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬لأبنائنا؟‭!‬

هو‭ ‬الغلط‭ ‬علينا‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬الدنيا؟‭  ‬

ثم‭ ‬أردفت‭ ‬مناشدة‭: ‬‮«‬الحكومة‭ ‬لازم‭ ‬تقطع‭ ‬النت‮»‬‭!!‬

ذلك‭ ‬الكلام‭ ‬العفوي‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الجدة‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل‭ ‬والقيم‭ ‬الأجمل،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتأمل‭ ‬ونبحث‭ ‬فيه،‭ ‬لنعرف‭ ‬بالفعل‭ ‬أين‭ ‬الخطأ،‭ ‬ومن‭ ‬المسؤول‭ ‬عنه،‭ ‬وهل‭ ‬الحل‭ ‬في‭ ‬التقييد‭ ‬والمنع‭ ‬والتقنين،‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬ماذا؟‭!‬

يقول‭ ‬والد‭ ‬تلك‭ ‬الفتاة‭ ‬المصدوم‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬المسلسل‭ ‬والذي‭ ‬أبكى‭ ‬الكثيرين‭: ‬‮«‬اسجني‭ ‬أنا‭ ‬يا‭ ‬سيادة‭ ‬القاضي‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ابنتي،‭ ‬بس‭ ‬قبل‭ ‬ما‭ ‬تحاكمني‭ ‬حاكم‭ ‬الظروف‭ ‬والمجتمع‭ ‬اللي‭ ‬اتغير‭.. ‬الحرب‭ ‬دلوقتي‭ ‬مبقتش‭ ‬طيارات‭ ‬ودبابات‭.. ‬بقت‭ ‬ضرب‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬شبابه‭ ‬وثوابت‭ ‬دينه‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬رموزه‭ ‬والتخوين‭ ‬في‭ ‬شرفاء‭ ‬البلد‮»‬‭!‬

لقد‭ ‬لخص‭ ‬هذا‭ ‬الأب‭ ‬مكلوم‭ ‬الفؤاد‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬معبرة‭ ‬رائعة،‭ ‬جسدت‭ ‬ذلك‭ ‬الانحدار‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬لقيمنا‭ ‬وعاداتنا‭ ‬الأصيلة،‭ ‬واستهداف‭ ‬شبابنا‭ ‬وضربه‭ ‬في‭ ‬مقتل،‭ ‬ليؤكد‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬حضارة‭ ‬أو‭ ‬بقاء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أخلاق،‭ ‬وعلى‭ ‬أنه‭ ‬مهما‭ ‬اشتدت‭ ‬صرامة‭ ‬القانون‭ ‬لتأييدها‭ ‬لا‭ ‬يعد‭ ‬ذلك‭ ‬غلوا‭!‬

إن‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬ذهب‭ ‬معظمها‭ ‬أدراج‭ ‬الرياح‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬اليوم‭ ‬‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬شيئا‭ ‬مسطورا‭ ‬ميتا‭ ‬يرقد‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬النظريات‭ ‬والمدونات،‭ ‬ولكنها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حية‭ ‬تسكن‭ ‬نفس‭ ‬وروح‭ ‬أبنائنا،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬علينا‭ ‬إعادتها‭ ‬وإحيائها،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬بقوة‭ ‬القانون،‭ ‬وذلك‭ ‬عملا‭ ‬بمقولة‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الشهير‭ ‬توماس‭ ‬جفرسون‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬طريقة‭ ‬العيش‭.. ‬فاسبح‭ ‬مع‭ ‬التيار‭.. ‬وعندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬المبادئ‭ ‬قف‭ ‬كالصخرة‮»‬‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا