«كيف تحدد القيمة الحقيقية للعقار الذي تنوي أن تستثمر فيه؟»، وهل بيع العقار بعد عشر سنوات مثلا بسعر يمثل أضعاف ما دفعته فيه يعني أنك قد حققت أرباحا مجزية؟.
تساؤلات يناقشها الخبير الاقتصادي محمد أبوريا، مشيرا إلى أن الاستثمار العقاري بالنسبة الى الكثيرين يمثل الطريقة الأكثر امانا والانسب لاستثمار المدخرات. بل يعتبر هذا الاستثمار هو حجر الأساس بالنسبة الى الكثير من الافراد الذين جمعوا مبلغا من المال من خلال مدخراتهم عبر سنوات. وهنا أول ما يخطر في بال الشخص هو الاستثمار العقاري، لأسباب منها أن أغلب الافراد لا يمتلكون المعرفة المالية الكافية للخوض في الأدوات المالية الاستثمارية المعقدة. كما لا يملكون الخبرة او الوقت الكافي لخوض مغامرة الشروع بمشروع خاص. وهنا قد يمثل الاستثمار العقاري ملجأ جيدا للعديدين بحكم أنه يتعامل مع أصول ملموسة ويمكن تحقيق أرباح سريعة من خلال الايجار او الحصول على أرباح مجزية عند البيع.
ولكن هناك العديد من العوامل التي يجب ان نلم بها قبل أن نخطو أي خطوة في هذا الجانب، خاصة وأن الاستثمار العقاري غالبا ما يمثل أكبر استثمار مالي للأفراد في حياتهم. ولا ننكر هنا ان هناك حالات حدثت فيها انخفاضات في أسعار العقارات، ولكن الصورة الغالبة هي الارتفاع. كما ان العقار كما هو معروف عنه يمرض ولا يموت. ومهما انخفضت قيمة السوق فإنه يبقى أصلا له قيمة، وبالتالي لا يمكن ان يخسر الفرد رأس المال بالكامل.
والسؤال الهام هنا كيف يمكن ان تعرف القيمة الحقيقية لأي عقار تريد التعامل به.
قد يعتقد البعض ان الإجابة مباشرة وسهلة في عصر الانترنت، خاصة مع وجود المنصات العقارية المتعددة التي توفر معلومات كثير وتوفر خدمات تقييم العقار طبقا لمواصفاته. ولكن في الواقع هذه الأسعار التي تحصل عليها ليس بالضرورة ان تكون السعر العادل للعقار، لأنها ببساطة تمثل سعر العرض.
لذلك لابد ان تمر بعدة خطوات عندما يعجبك عقار معين وتقرر المواصلة، حيث تبدأ بزيارة العقار ومقابلة صاحبه. وأول ما يجب ان تركز عليه بعد معاينته هو طرح السعر الذي تريده أنت كنوع من التفاوض. أي لا تطلب منه التخفيض فقط وانما اعرض سعرك ثم تفاوض عليه حتى تصل معه الى سعر مشترك.
وحتى هذا السعر لا يمثل بالضرورة السعر العادل أو الحقيقي للعقار، لان تحديد القيمة العادلة ليس مهمة سهلة ومباشرة، وليس هناك طريقة حسابية او معادلة واضحة للوصول الى القيمة الحقيقية للعقار، حيث يعتمد الامر على عدة عوامل، منها الخطط المستقبلية للخدمات في المنطقة، مثل انشاء مدرسة او ملعب او طريق جديد. فكل هذا يساهم في رفع سعر العقار مستقبلا، وهذا ما يزيد قيمته الحالية.
كذلك طبيعة المنطقة والجيران والازعاج وتاريخ الحي والأمان وجودة البناء وعمره والخامات المستخدمة، وغيرها من العوامل التي تختلف باختلاف المناطق. لذلك من الضروري التروي والبحث عن إجابات لكل هذه الأسئلة التي تؤثر على السعر مستقبلا.
وهنا نعود الى التساؤل عما إذا كانت هنالك طريقة تساعد في الحصول على تقييم أكثر واقعية للاستثمار الذي اضع فيه مدخرات العمر.
نعم هناك طريقة مالية قد تكون هي الأكثر قربا للواقع. وهي مبنية على سؤال أساسي يتعلق بالهدف من هذا الاستثمار.
في الغالب يكون المراد من العقار أحد امرين، الأول هو ايراد جيد، والثاني تحقيق ربح جيد عند البيع. وهنا نبدأ بجمع المعلومات عن العقار والمنطقة والاسعار المطروحة في الحي وأسعار الإيجارات الحالية وتاريخها مما يوفر صورة عن الايراد الايجاري المتوقع. وبنفس الوقت نجمع معلومات عن أسعار البيع في المنطقة خلال السنوات السابقة وتطورها او تراجعها. مما يوفر صورة عن حجم الربح خلال السنوات القادمة.
وهذا ليس كل شيء. فبيع العقار بعد سنوات بمبلغ أكبر مما اشتريته به لا يعني بالضرورة تحقيق أرباح. لان هناك مسألة يجب الالتفات اليها وهي التضخم. فقد تشير معدلات الأسعار الى نمو الإيجارات والاسعار بشكل مطرد. ولكن التضخم في السنوات السابق لا يعكس التضخم المتوقع في المستقبل. وما يوفره مبلغ ألف دينار مثلا يختلف عما يوفره بعد عشر سنوات.
والمعادلة الذكية هنا هي انه يجب ان يكون إجمالي ما نحصل عليه من عائد ايجاري خلال الفترة التي تسبق بيع العقار، وقيمة البيع بعد عشر سنوات مثلا أعلى من قيمة الاستثمار اليوم مضافا اليه نسب التضخم. والا لا نكون قد حققنا أرباحا. بمعنى ان نجمع معدل الإيجارات السنوية ونضيف عليه سعر البيع المتوقع بعد سنوات طبقا للدراسات وتاريخ السوق، ثم نقوم بمقارنتها للقيمة الشرائية للعقار اليوم. وهذا ما يحدد إذا ما كان الاستثمار مجديا ام لا. مع الأخذ بالاعتبار سعر الفائدة الذي يحدده البنك المركزي والذي يجب ان يكون أعلى من نسب التضخم.
ولحساب ذلك نلجأ الى معادلة اقتصادية تأخذ بالاعتبار القيمة الشرائية للنقود مستقبلا ومقارنتها باليوم. وتتلخص المعادلة في جمع قيمة الإيجارات خلال عشر سنوات. بأن نأخذ ايجار السنة الأولى ويقسم على واحد+ سعر الفائدة الرسمي أس1، ويجمع مع ايجار السنة الثانية مقسما على واحد+ سعر الفائدة الرسمي أس2، وهكذا وصولا الى السنة العاشرة. وتكون النتيجة هي رقم يمثل أقرب قيمة حقيقية للعقار.
لذلك قد تشتري عقارا بقيمة 50 ألف دولار، وتبيعه بعد عشر سنوات بقيمة 80 ألف دولار، ولا تكون قد حققت أي ربح حتى لو كنت قد أجرت العقار خلال هذه المدة. وما تكون قد جنيته هو أنك حافظت على القيمة الشرائية للمبلغ الذي دفعته. أضف الى ذلك مدى ثبات سعر صرف العملة في الدولة التي تستثمر فيها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك