العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

استسهال الطلاق وتأهيل الجيل الجديد

قرأتُ‭ ‬مؤخرا‭ ‬تحليلا‭ ‬لكاتبٍ‭ ‬مصري‭ ‬لزيادة‭ ‬حالات‭ ‬الطلاق‭ ‬وخاصة‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬مستشهدا‭ ‬بما‭ ‬كتبه‭ ‬البعض‭ ‬ساخرا‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬خمسين‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬طلاق‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ (‬2022‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يؤذن‭ ‬عليها‭ ‬المغرب‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬زوجها‭ ‬تحمد‭ ‬ربنا‭ ‬وتشكره‭!‬

وتساءل‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬عرضه‭ ‬لأسباب‭ ‬استسهال‭ ‬الطلاق‭ ‬بين‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬قائلا‭: ‬هل‭ ‬الأجيال‭ ‬الحالية‭ ‬باتت‭ ‬غير‭ ‬مؤهلة‭ ‬للزواج؟

والإجابة‭ ‬جاءت‭ ‬بنعم،‭ ‬حيث‭ ‬يري‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬اليوم‭ ‬قد‭ ‬خرج‭  ‬ووجد‭ ‬جزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الاحتياجات‭ ‬المطلوبة‭ ‬له‭ ‬متوفرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬بذل‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬أو‭ ‬عناء‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الزيجات‭ ‬العصرية‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬تجاري‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬صفقة،‭ ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬أصبحت‭ ‬مؤهلات‭ ‬الزواج‭ ‬مجرد‭ ‬تقديم‭ ‬شهادة‭ ‬صحية‭ ‬للمأذون‭ ‬ضمن‭ ‬أوراق‭ ‬عقد‭ ‬القران‭. ‬

مؤخرا‭ ‬نظمت‭ ‬مراكز‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الأولية‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مركز‭ ‬عائشة‭ ‬يتيم‭ ‬للإرشاد‭ ‬الأسري‭ ‬التابع‭ ‬لجمعية‭ ‬نهضة‭ ‬فتاة‭ ‬البحرين‭ ‬حفل‭ ‬تدشين‭ ‬برنامج‭ ‬الإرشاد‭ ‬الجمعي‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬التوافق‭ ‬الزواجي‭ ‬للمتزوجين‭ ‬حديثا‭ ‬والمقبلين‭ ‬على‭ ‬الزواج‮»‬‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬تأهيل‭ ‬الفئة‭ ‬المستهدفة‭ ‬للحياة‭ ‬الزوجية‭ ‬وتعزيز‭ ‬التوافق‭ ‬الزواجي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬ورش‭ ‬عمل‭ ‬ستعزز‭ ‬الجوانب‭ ‬المعرفية،‭ ‬وتمكن‭ ‬المشاركين‭ ‬من‭ ‬اكتساب‭ ‬المهارات‭ ‬المعززة‭ ‬لهذا‭ ‬التوافق،‭ ‬وتعزز‭ ‬الجانب‭ ‬الوقائي‭ ‬المرتبط‭ ‬باستقرار‭ ‬ودعم‭ ‬الأسر‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬وذلك‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬الاحتياجات‭ ‬المتنامية‭ ‬لدى‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬لاكتساب‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬الذي‭ ‬يتضمن‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأسس‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وتطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وما‭ ‬تمنحه‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬للتماسك‭ ‬الأسري‭.‬

ونحن‭ ‬بدورنا‭ ‬إذ‭ ‬نثني‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬المهمة،‭ ‬والتي‭ ‬تؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬توفر‭ ‬ما‭ ‬يسمي‭ ‬بالتوافق‭ ‬الزوجي،‭ ‬والذي‭ ‬يعني‭ ‬وجود‭ ‬حالة‭ ‬وجدانية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬مدي‭ ‬تقبل‭ ‬العلاقة‭ ‬الزواجية،‭ ‬وأهمية‭ ‬توفر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التآلف‭ ‬والتقارب‭ ‬كأحد‭ ‬مؤشرات‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬في‭ ‬الأسرة‭.‬

تشير‭ ‬الدراسات‭ ‬الميدانية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬التوافق‭ ‬الزواجي‭ ‬هي‭ ‬تدخل‭ ‬الأهل‭ ‬أثناء‭ ‬الخلافات‭ ‬الزوجية،‭ ‬وانعدام‭ ‬التوافق‭ ‬الجنسي،‭ ‬وإهمال‭ ‬بعض‭ ‬الأدوار‭ ‬الأسرية،‭ ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬افتقاد‭ ‬مهارة‭ ‬الإصغاء‭ ‬للآخر‭ ‬وغياب‭ ‬لغة‭ ‬الحوار‭ ‬عند‭ ‬حل‭ ‬أي‭ ‬مشكلة،‭ ‬وعدم‭ ‬احترام‭ ‬الحقوق‭ ‬الزوجية،‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بالدور‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬طرف‭. ‬

لذلك‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬توفير‭ ‬قاعدة‭ ‬معلوماتية‭ ‬لدى‭ ‬المقبلين‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬تؤسس‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬للعلاقة‭ ‬الزواجية،‭ ‬وتؤكد‭ ‬قدسيتها،‭ ‬والسعي‭ ‬نحو‭ ‬إبقائها‭ ‬مهما‭ ‬واجهت‭ ‬من‭ ‬تحديات،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬عدم‭ ‬استسهال‭ ‬الطلاق‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حادث‭ ‬اليوم،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬القناعة‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬ثمة‭ ‬سعادة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الأسرة‮»‬‭ ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬الكاتبة‭ ‬الفرنسية‭ ‬دلفين‭ ‬دي‭ ‬جيراردين‭!!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا