في ظل تواتر التحقيقات والتقارير الصحفية الاستقصائية التي أجريت مؤخراً من قبل عدة وسائل إعلام عربية وعالمية حول تورط المملكة المتحدة بشكل مباشر وكبير في حرب الإبادة على غزة عقدت في العاصمة لندن ندوة حوار سياسي وحقوقي برعاية المنتدى الفلسطيني في بريطانيا من أجل كشف المزيد من المعلومات والحقائق عن الدور المحوري الذي لعبته الحكومة البريطانية في تمكين جيش الاحتلال من مواصلة شن حملته العدوانية والدموية على قطاع غزة وما خلفته من قتل مروع بين صفوف المدنيين وتدمير هائل طال معظم المباني السكنية والبنية التحتية. وضمن النقاشات التي تخللت الندوة جرى فضح المواقف والسياسات غير القانونية والبعيدة عن أي مبادئ إنسانية أو أخلاقية التي انتهجتها الحكومة البريطانية طوال خمسة عشر شهرا من بدء الحرب، وسط جهود مستمرة بذلتها على كافة المستويات والأصعدة في سبيل دعم حكومة نتنياهو الفاشية، سواء في عهد حزب المحافظين أيام ريتشي سوناك أو بعد فوز حزب العمال وتولي كير ستارمر رئاسة الوزراء في يوليو الفائت، حيث سرد ضيوف الندوة بصورة معمقة طبيعة العلاقات والسياسات الاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية التي تربط بريطانيا مع دولة الاحتلال منذ أمد طويل باعتبارها المسؤول الرسمي عن ولادة ما يسمى «إسرائيل» عام 1948 وكونها من أوائل الدول التي تبنت مشروع الحركة الصهيونية، واحتضنت أبرز شخصياتها الدينية والسياسية المتطرفة، وقدمت التسهيلات والامتيازات لهم.
وركزت الندوة أيضاً على بحث ماهية الوسائل والإجراءات القانونية التي من شأنها إثبات دور الحكومات البريطانية بشكل قاطع في أفعال الإبادة الجماعية المرتكبة ضد المدنيين العزل، وكيفية توحيد العمل وتكثيف الجهود من قبل الخبراء والمختصين في القانون المحلي والدولي بهدف تقديم جميع الأدلة والوثائق ووضعها بين يدي المحاكم والهيئات القضائية الدولية بالطريقة التي تسهم في مساءلة ومعاقبة المتورطين في جرائم الحرب وجلب العدالة للضحايا المدنيين في فلسطين وضمان عدم تكرار تلك الأفعال في المستقبل.
وفي السياق ذاته حمّل المشاركون في الندوة وسائل الإعلام البريطانية، بما فيها تلك المحسوبة على تيار اليسار مثل صحيفة «الغارديان» الشهيرة وغيرها، مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بخطورة التعتيم الممنهج الذي اتبعته خلال تغطيتها مجريات حرب غزة ودورها في حجب حقيقة ما يجري على الأرض أمام الرأي العام البريطاني، ولا سيما فيما يتعلق بمشاركة حكومة بلادهم الفعلية في الإبادة الجماعية هناك، عبر إصرارها على إرسال الفرق والمعدات الاستخباراتية والتكنولوجية وطائرات الاستطلاع للتجسس، وتصديرها أكثر أنواع الأسلحة والعتاد العسكري تطورا لجيش الاحتلال تحت ذريعة المساهمة في عملية البحث عن «الرهائن الإسرائيليين» لدى حركة حماس.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك