عندما ننعت د. مريم ميرزا صاحبة حساب (كفّ مريم) بأنها مجموعة من الطاقات والكفاءات الوطنية، فنحن لم نأت بأيّ جديد، ونعتقد في قرارة النفس بأنّ كل من عرفها أو عمل معها أو عايشها عن قرب قد لامس منها ذلك، وعندما قررنا في الملحق الرياضي في «أخبار الخليج» أن نسجل معها هذا الحوار، وضعنا في عين اعتبارنا أن تكون أسئلتنا متنوعة المداخل، لأنّنا نعرف كلّ المعرفة بأنّ محدثتنا متعددة الاهتمامات والميول والانشغالات والذكاءات ، وهذا التنوّع نراه من جانبنا الشخصي قد سهّل مأموريتنا، وجعل حوارنا معها ينساب انسيابا.
1 -ابتداء.. نريد من د. مريم ميرزا أن تقدم نفسها للقراء بصفة عامة والوسط الرياضي على وجه الخصوص.
يمكنني تعريف نفسي بإيجاز بحسب المحطات المهمة في مسيرتي، محطتي العلمية وشملت حصولي على شهادة الدكتوراه في التخطيط الاستراتيجي الرياضي التربوي، ومشاركاتي في المؤتمرات العلمية... وعضوية اللجان المختلفة داخل وخارج البحرين، وأشرفت على عدة رسائل ماجستير في الجامعات الخاصة .
أما بشأن محطاتي المهنية فكانت ممتدة في وزارة التربية والتعليم بين المدارس وإدارة التربية الرياضية والمجلس الثقافي البريطاني، وأمتلك خبرات طويلة أعتز بها في مجال رياضة المرأة، إذ مثلت البحرين كمديرة للبعثات الرياضية للمرأة في البحرين وخارجها.
أما محطتي الأخرى فهي تتعلق باهتماماتي خلال هذه الفترة وتتمثل في الكتابة الأدبية، بالإضافة إلى أمور أخرى لها صلة بالتوثيق المجتمعي.
2 - مدرسة أم الحصم الابتدائية للبنات مرحلة من مراحل دراستك الأولى، ماذا تمثل لك هذه المدرسة من ذكرى؟
مدرسة أم الحصم الابتدائية للبنات أراها الآن ماثلة أمامي كما كنت طفلة بمبناها المتميز، ورفيقات طفولتي ومعلماتي وأخصّ المعلمات شيخة وفاطمة الهاشمي ومديرتنا الأستاذة القديرة شيخة القوز.
واليوم وأنا أكتب قصصي، فأول قصة قصيرة كتبتها كانت من وحي ذكرياتي كتلميذة في مدرسة أم الحصم الابتدائية للبنات.
3 - يمكن أن نتوقف عند إجازتك الجامعية »الدكتوراه« وتعطينا ملخصا مبسطا عنها، وعن المجال الذي تخدمه.
رسالتي كانت بناء استراتيجية وطنية للنمو المهني لمعلمي التربية الرياضية تمتد لخمس وعشرين سنة، وتتبنى المعلم منذ تعيينه كمعلم متدرب ويستمر في انخراطه في مجموعة الحزم للبرامج التي اقترحتها في الاستراتيجية حتى يصل بعد اجتيازه جميع المتطلبات إلى معلم خبير ومرجع في تخصصه، ويتطلب انتقال المعلم من مستوى إلى مستوى أعلى عدة متطلبات عملية ونظرية لترقيته، وفي المقابل يكون ذلك مرتبطا باكتسابه درجات وظيفية.
4 - لو رجعنا معك إلى الوراء خلال مراحل الدراسة الأولى ما قبل الجامعية، ما اللعبة الرياضية التي كانت تستهويك؟ ولماذا؟
الحقيقة أنني تربيت مثل أقراني، كل مساحة مفتوحة كانت تمثل ملعبا لنا، فالأرض ملعب، والبحر ملعب، وذهابنا وعودتنا من المدرسة الابتدائية مشيا على الأقدام، فالنشاط الحركي أسلوب حياة في طفولتنا، كنت أحب لعبة الجمباز وتميزت فيها، وما زلت أذكر أني قدمت عرضا لحركات الجمباز في حفل العيد الوطني في مدرسة حليمة السعدية الابتدائية الإعدادية، وكانت الملاعب مكشوفة وغير مهيأة، ووضعت بعض
- 5 من الطبيعي أن هناك معلمات فاضلات للتربية الرياضية قد تركن بصماتهن على د. مريم ميرزا عبر مراحل الدراسة، نترك لك المجال لتحدثينا عن هذا الجانب.
تبقى الأستاذة الفاضلة سلامة عتيق وكانت من معلماتي في مدرسة حليمة السعدية، وهي من رشحتني وأشرفت على تدريبي لعرض الجمباز.
6 -الجذر المشترك لأفراد أسرتك الأولى هي الرياضة، ما السر في ذلك من وجهة نظرك؟
قد يكون للعامل الجيني تأثير في ذلك، زد على ذلك الموهبة الرياضية والميول والقدرات والمهارات التي تميز بها كل فرد في الأسرة هي التي حسمت الأمر في نهاية الطواف .
7 - هل تطور الرياضة ينبع من المدرسة أم من النادي أم من كليهما؟ وكيف؟
المدرسة هي الحاضنة الأولى، واكتشاف المواهب ينبع من ملاعب المدارس، ومن خلال الفرق الرياضية، والمنافسات المدرسية يتم انتقاء النخب الرياضية، والتي من خلالها يمكن رفد وتغذية فرق الأندية والمنتخبات الوطنية، فالمدرسة تكتشف وتوجه الموهوب، والنادي يتبناه ويصقله، فالأدوار متكاملة ومتداخلة بين الطرفين، وأيّ خلل في أحدهما يخل بالآخر.
8 - من خلال تجربتك الأكاديمية المتخصصة في المجال الرياضي، ماذا نحتاج حتى نأخذ الرياضة النسوية إلى الأمام؟
بشكل عام فإن رياضة المرأة لا تختلف في احتياجاتها عن رياضة الرجل، ولاشك أن رياضة المرأة في البحرين حظيت بدعم مستمر، وشهدت تطورا مع مرور السنوات، غير أنها تحتاج إلى توفير عدة أمور، منها وجود مسابقات منتظمة للألعاب الجماعية، فضلا عن توفير مدربين بمستوى ما يتوافر للفرق الرجالية، إضافة إلى الملاعب للتدريب في أوقات كافية لتطوير مستواها كما تتوافر للرجال، ومعسكرات تدريبية تأهلها للمنافسة في المشاركات الخارجية، وبشكل عام.. بشكل عام رياضة المرأة تحتاج إلى تكافؤ الفرص فيما يتوافر من إمكانات بشرية ومادية، وقد أثبتت الفتاة الرياضية البحرينية تميزها الرياضي.
9 - نعرف أن لدى د. مريم ميرزا حضورا ومشاركة في مؤتمرات أكاديمية علمية، هل لديك بعض الأوراق أو الدراسات أو المؤلفات العلمية؟
شاركت في العديد من المؤتمرات العلمية التي تناقش قضايا الرياضة في البحرين وخارجها، وقدمت عدّة أوراق بحثية، أذكر منها على سبيل المثال مؤتمرا في المغرب وفي مدينة جدة السعودية وغيرها، وقد أسهمت في تأليف المناهج الرياضية في المدارس، منها منهج مقرر الجمباز للمرحلة الثانوية.
10 - قال السير والعالم مجدي يعقوب جراح القلب العالمي: أحاول أن أمشي كل يوم عشرة آلاف خطوة، كيف تفهم د. مريم هذا الكلام؟
لاشك أن الرياضة هي الوجبة الرابعة للإنسان، والمشي رياضة خفيفة ومناسبة للجميع، واليوم مع «الموبايلات» والساعات الذكية أصبح متاحا للجميع حساب خطواته ما يشجع على الحركة.
11 - نعرف أن لديك توجها وشغفا لكتابة الرواية، حدثينا عن هذه التجربة الإبداعية.
الحقيقة أن تعلقي باللغة العربية لازمني منذ طفولتي، واستمر معي حتى تخرجي من المرحلة الثانوي، وأود هنا أن أقدم امتناني وتقديري للأستاذة صديقة خلف معلمة اللغة العربية في مدرسة المنامة الثانوية للبنات التي كان لها السبق في اكتشاف تميزي في التعبير اللغوي، وكانت ترصد درجات كاملة لي في هذه المهارة الكتابية، وهو أمر نادر جدا كما كنا نعرف، بل شجعتني على الانضمام الى مجموعة الصحافة المدرسية، وأذكر أول لقاءاتنا الصحفية كانت مع السيد وفا نبهان ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في البحرين وقتها، وهو حدث شكل فارقا في علاقتي باللغة العربية ومجالاتها الواسعة، واليوم أجد نفسي قريبة جدا من هذا الشغف الذي أصقله كل يوم بالقراءة التي أعشقها وحضور الفعاليات الأدبية والثقافية، وبدأت منذ أربع سنوات أكتب قصصي القصيرة، ودشنت حسابا على الأنستغرام كف مريم kaf.maryam أقدم فيه بعض ما أكتب، وانتهيت من كتابة روايتين ستصدر أحداهما في المستقبل القريب بإذن الله .
12 - د. مريم ميرزا كانت لها أكثر من تجربة عملية مع أكثر من اتحاد رياضي محلي.. يمكن أن تحدثينا عنها؟
كنت عضو مجلس إدارة في الاتحاد البحريني للسباحة، ورشحت عن طريقه لعضوية لجنة المرأة في الاتحاد العربي للسباحة، وتعاونت مع الاتحاد البحريني للكرة الطائرة عبر اللجان التي تشكل للبطولات الرياضية الخليجية والآسيوية التي احتضنتها المملكة، وبحكم حبي وممارستي للعبة التنس الأرضي في نادي البحرين للتنس، شكل النادي لجنة للمرأة برئاستي ومعي مجموعة من الأخوات، كانت لنا مجموعة من الأنشطة بدعم من إدارة النادي.
13 - تعكف د. مريم ميرزا والمهندس جعفر القيم على توثيق «سيرة الجفير»، من يقف وراء الفكرة؟ وماذا تحمل من مضمون؟
الفكرة ولدت لدي منذ سنوات.. انشغالي الدائم بعملي والأعمال التطوعية أجّل ظهورها للنور، وهنا أود أن أشكر زوجي د. الفنان عصام الجودر الذي كان يلح علي، ويحرص على أهمية أن أقوم بتنفيذ الفكرة لإيمانه بأن توثيق سيرة الأرض وأهلها واجب وطني يحفظ المنجزات، ويوثقها للتأريخ.
قبل حوالي سنة من اليوم اتخذت قرار البدء بالعمل في توثيق سيرة الجفير وأهلها، وطرحت الفكرة على الأخ العزيز المهندس جعفر القيم بحكم تجربة عمل سابقة معه في تحضير فيلم وثائقي لسيرة التعليم في الجفير تم عرضه في الحفل الأول لتكريم المعلمين والمعلمات من أبناء الجفير الذي نظمته جمعية الجفير الخيرية، ومن خلال ذلك العمل عرفت تميزه في التصوير والمونتاج بفكر وذائقة عاليين، وقد رحّب بالفكرة أي ترحيب، واليوم بفضل الله مر عام على توثيق «سيرة الجفيرjuffair Biography@ » ومستمرون في التوثيق على لسان أهلها، آملين في التوسع في هذا المشروع الذي نتمنى له كل الدعم من المهتمين، ولا يفوتني هنا أن أشكر كل ضيوف السيرة على مشاركتهم الفعالة، ووعيهم بالفكرة وأهميتها، وهو ما يمثل مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لنا كفريق عمل قائم على سيرة الجفير .
وقد نبعت الفكرة لدي من واقع التغييرات المتسارعة حولنا، والتي تدفعنا الى حفظ تراثنا و تأريخنا، وإيماني العميق أن سيرة الشخوص تشكل في مجملها سيرة الأرض، كما أن فقد الكثير من الشخصيات المهمة من كبار السن خاصة بعد جائحة كرونا وهم يمتلكون مخزونا هائلا من المعلومات التي تؤرخ لسيرة المكان وأهله دفعني الى تسريع العمل بالفكرة، وبدأنا يدفعنا الطموح، وبإذن الله نستمر ونتوسع في تحقيق أهداف المشروع.. ونؤكد أن توثيق سيرة الجفير هو جزء يسير من توثيق سيرة هذا الوطن الحبيب البحرين الذي يعمل الكثير من أبنائه وبناته في توثيق وترسيخ هويته كل بطريقته وبأدواته متمنين للجميع التوفيق.
14 - كلمة ختامية ماذا تقولين فيها؟ ولمن توجهينها؟
الشغف هو سر النجاح، فلا تفقد شغفك، كلمة أوجهها لكل من يملك حلما ينوي تحقيقه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك