وقت مستقطع
علي ميرزا
اعرف عدوك
الكلمة التي صدرنا بها مقالتنا هذه تعودنا أن نسمعها في المواقف الحربية أو العسكرية، غير أن هذه الكلمة يمكننا أن نخرجها من سياقها الأصلي، ونستثمرها في أي جانب من الجوانب الحياتية، ومنها الجانب الرياضي، رغم أن هذا الأخير يفترض فيه أنه لا يعرف العداوة، ولا يوجد فيه أعداء، وإنما هناك منافسة شريفة ومنافسون، وليتنافس المتنافسون.
ومن اللفتات الجميلة والإيجابية التي صاحبت افتتاح موسم دوري عيسى بن راشد العام للكرة الطائرة 2024-2025 مبادرة أكثر من مدرب وفني إلى حضور المباريات حاملا معه عدته وأدواته سواء كانت أوراقا أو «لابتوبا» أو آلة تسجيل وتصوير لمتابعة الفرق المنافسة خلال مبارياتها، لرصد كل ما يتعلق بحركاتها وسكناتها، وتسجيل الملاحظات حيالها، وهذا الفعل من هذا المدرب أو ذاك الفني ليس شكليا، وإنما ينم – وهكذا ينبغي – عن مسؤولية ومتطلبات المهمة، وفهم لما هو ملقى على عاتقه.
وعندما يقوم المدرب أو من ينوب عنه في الجهاز الفني بفعل المتابعة والرصد للمنافسين، فهذا يعني بديهيا أن هذا المدرب يسعى إلى بناء خطته القادمة عندما يقابل هذا المنافس أو ذاك على ما لديه من معلومات وما رأى، إذ من المغالطة بمكان أن نقارن أو نساوي بين من رأى بمن سمع، وهل يستوي هنا الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟
والفني الذي يكلف نفسه، أو أحد مساعديه بالحضور لرصد المنافس هو فعل يترجم الاحترام للذات واحتراما للمنافس وتقديره في آن واحد، فالتنافس لا يعرف صغيرا أو كبيرا، فالصغير أو الكبير هما منافسان، وينبغي الاستعداد لهما استعدادا يناسب كلاهما، والمنطق يفرض أن نعد لهما ما استطعنا من قوة، وهذا هو صلب العمل المهني والاحترافي، الذي يبني عمله على ما يعرفه، ومن الجهالة بمكان أن نبني أي خطة على ما نجهل أو نتخيل.
وكان الكابتن محمد المرباطي متعه الله تعالى بالصحة وطول العمر مدرب طائرة المحرق السابق مثالا وقدوة في هذا المجال، فكانت حقيبته التي لا تفارقه بمثابة «صندوقا أسود» تحتوي على أوراق ملأى بالمعلومات والرسومات والأسرار الفنية، ورأيته في عديد المناسبات حاضرا ومتابعا لفرق هي أقل مستوى وإمكانات مقارنة بفريقه، ولكن هذا الرجل يحترم المنافسين ويقدر عملهم، وهو من صميم احترامه لنفسه وتقدير لعمله، فاحرصوا أيها الفنيون على معرفة عدوكم «منافسكم» لعل وعسى تتسهل لكم مأموريتكم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك